وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

@ 74 @ فعل { الَّذِينَ كَفَرُواْ } لأن المعنى : أن خلقه { السَّمَاوَاتِ وَالاْرْضَ } وغيرها قد تقرر وآياته قد سطعت وإنعامه بذلك قد تبين ، ثم بعد هذا كله قد عدلوا بربهم فهذا كما تقول : يا فلان أعطيتك وأكرمتك وأحسنت إليك ، ثم تشتمني أي : بعد وضوح هذا كله ولو وقع العطف في هذا ونحوه بالواو ، لم يلزم التوبيخ كلزومه ب { ثُمَّ } انتهى . .
وقال الزمخشري : ( فإن قلت ) : فما معنى ثم ( قلت ) : استبعاد أن يعدلوا به بعد وضوح آيات قدرته وكذلك { ثُمَّ أَنتُمْ تَمْتَرُونَ } استبعاد لأن تمتروا فيه بعد ما ثبت أنه محييهم ومميهم وباعثهم ؛ انتهى . وهذا الذي ذهب إليه ابن عطية من أن { ثُمَّ } للتوبيخ ، والزمخشري من أن { ثُمَّ } للاستبعاد ليس بصحيح لأن { ثُمَّ } لم توضع لذلك ، وإنما التوبيخ أو الاستبعاد مفهوم من سياق الكلام لا من مدلول ، ثم ولا أعلم أحداً من النحويين ذكر ذلك بل { ثُمَّ } هنا للمهلة في الزمان وهي عاطفة جملة اسمية على جملة اسمية ، أخبر تعالى بأن الحمد له ونبه على لعلة المقتضية للحمد من جميع الناس وهي خلق السموات والأرض والظلمات والنور ثم أخبر أن الكافرين به { يَعْدِلُونَ } فلا يحمدونه . .
وقال الزمخشري ( فإن قلت ) : علام عطف قوله : { ثْمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ } . .
( قلت ) : إما على قوله : { الْحَمْدُ للَّهِ } على معنى أن الله حقيق بالحمد على ما خلق ، لأنه ما خلقه إلا نعمة { ثْمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبّهِمْ يَعْدِلُونَ } فيكفرون نعمه وإما على قوله { خُلِقَ * السَّمَاوَاتِ وَالاْرْضَ } على معنى أنه خلق ما خلق ، مما لا يقدر عليه أحد سواه ثم هم يعدلون به ما لا يقدر على شيء منه ؛ انتهى . وهذا الوجه الثاني الذي جوزه لا يجوز ، لأنه إذ ذاك يكون معطوفاً على الصلة والمعطوف على الصلة صلة ، فلو جعلت الجملة من قوله : { ثْمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ } صلة لم يصح هذا التركيب لأنه ليس فيها رابط يربط الصلة بالموصول ، إلا إن خرج على قولهم أبو سعيد الذي رويت عن الخدري يريد رويت عنه فيكون الظاهر قد وقع موقع المضمر ، فكأنه قيل : { ثْمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ * بِهِ * يَعْدِلُونَ } وهذا من الندور ، بحيث لا يقاس عليه ولا يجمل كتاب الله عليه مع ترجيح حمله على التركيب الصحيح الفصيح ، { وَالَّذِينَ كَفَرُواْ } الظاهر فيه العموم فيندرج فيه عبدة الأصنام وأهل الكتاب ، عبدت النصارى المسيح واليهود عزيراً واتخذوا أحبارهم أرباباً من دون الله والمجوس عبدوا النار والمانوية عبدوا النور ، ومن خصص الذين كفروا بالمانوية كقتادة أو بعبدة الأصنام أو بالمجوس حيث قالوا : الموت من أهرمن والحياة من الله ، أو بأهل الكتاب كابن أبي أبزى فلا يظهر له دليل على التخصيص والباء في { بِرَبّهِمْ } يحتمل أن تتعلق ب { يَعْدِلُونَ } وتكون الباء بمعنى عن أي : يعدلون عنه إلى غيره مما لا يخلق ولا يقدر ، أو يكون المعنى يعدلون به غيره أي : يسوون به غيره في اتخاذه رباً وإلهاً وفي الخلق والإيجاد وعدل الشيء بالشيء التسوية به ، وفي الآية رد على القدرية في قولهم : الخير من الله والشر من الإنسان فعدلوا به غيره في الخلق والإيجاد . .
{ هُوَ الَّذِى خَلَقَكُمْ مّن طِينٍ } ظاهره أنا مخلوقون من طين ، وذكر ذلك المهدوي ومكي والزهراوي عن فرقة فالنطفة التي يخلق منها الإنسان أصلها { مِن طِينٍ } ثم يقلبها الله نطفة . قال ابن عطية : وهذا يترتب على قول من يقول : يرجع بعد التولد والاستحالات الكثيرة نطفة وذلك مردود عند الأصوليين ؛ انتهى .