وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

@ 66 @ تمنعهم من القول به بما نصبت لهم من الأدلة ، وأنزلت عليهم من البينات وأرسلت إليهم الرسل ؛ انتهى وفيه دسيسة الاعتزال . .
{ إِن تُعَذّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } قال الزمخشري : { فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ } والذين عذبتهم جاحدين لآياتك ، مكذبين لأنبيائك ، وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز القوي على الثواب والعقاب الحكيم الذي لا يثيب ولا يعاقب إلا عن حكمة وصواب . .
( فإن قلت ) : المغفرة لا تكون للكفار ، فكيف قال : { وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ } ؟ ( قلت ) : ما قال : إنك تغفر لهم ولكنه بنى الكلام على أن يقال : إن عذبتهم عدلت لأنهم أحقاء بالعذاب ، وإن غفرت لهم مع كفرهم ، لم تعدم في المغفرة وجه حكمة لأن المغفرة حسنة لكل مجرم في المعقول ، بل متى كان المجرم أعظم جرماً كان العفو عنه أحسن . وهذا من الزمخشري ميل إلى مذاهب أهل السنة فإن غفران الكفر جائز عندهم وعند جمهور البصريين من المعتزلة عقلاً ، قالوا : لأن العقاب حق لله على الذنب وفي إسقاط منفعة ، وليس في إسقاطه على الله مضرة ، فوجب أن يكون حسناً ودل الدليل السمعي في شرعنا على أنه لا يقع ، فلعل هذا الدليل السمعي ما كان موجوداً في شرع عيسى عليه السلام ، انتهى كلام جمهور البصريين من المعتزلة . وقال أهل السنة : مقصود عيسى تفويض الأمور كلها إلى الله تعالى وترك الاعتراض بالكلية ، ولذلك ختم الكلام بقوله : { فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } أي : قادر على ما تريد في كل ما تفعل لا اعتراض عليك . وقيل لما قال لعيسى : { قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِى } الآية . علم أن قوماً من النصارى حكوا هذا الكلام عنه والحاكي هذا الكفر لا يكون كافراً بل ، مذنباً حيث كذب وغفران الذنب جائز فلهذا قال : { وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ } . وقيل : كان عند عيسى أنهم أحدثوا المعاصي وعملوا بعده بما لم يأمرهم به إلا أنهم على عمود دينه ، فقال : { وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ } ما أحدثوا بعدي من المعاصي وهذا يتوجه على قول من قال : إن قول الله له { قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِى } كان وقت الرفع ، لأنه قال ذلك وهم أحياء لا يدري ما يموتون عليه . وقيل : الضمير في تعذبهم عائد على من مات كافراً وفي { وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ } عائد على من تاب منهم قبل الموت . وقيل : قال ذلك على وجه الاستعطاف لهم والرأفة بهم ، مع علمه بأن الكفار لا يغفر لهم ولهذا لم يقل لأنهم عصوك ؟ انتهى وهذا فيه بعد لأن الاستعطاف لا يحسن إلا لمن يرجى له العفو والتخفيف ، والكفار لا يرجى لهم ذلك والذي أختاره من هذه الأقوال أن قوله تعالى { وَإِذْ قَالَ اللَّهُ ياعِيسَى * عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ * قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِى } قول قد صدر ، ومعنى يعطفه على ما صدر ومضى ، ومجيئه بإذ التي هي ظرف لما مضى ويقال التي هي حقيقة في الماضي فجميع ما جاء في هذه الآيات من إذ قال هو محمول على أصل وضعه ، وإذا كان كذلك فقول عيسى { وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ } فعبر بالسبب عن المسبب لأنه معلوم أن الغفران مرتب على التوبة وإذا كان هذا القول في غير وقت الآخرة ، كانوا في معرض أن يرد فيهم التعذيب أو المغفرة الناشئة عن التوبة ، وظاهر قوله { فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } إنه جواب الشرط والمعنى فإنك أنت العزيز الذي لا يمتنع عليك ما تريده ، الحكيم فيما تفعله تضل من تشاء وتهدي من تشاء ، وقرأت جماعة فإنك أنت الغفور الرحيم على ما يقتضيه قوله { وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ } قال عياض بن موسى : ليست من المصحف . وقال أبو بكر بن الأنباري : وقد طعن على القرآن من قال : إن قوله : { فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } لا يناسب قوله وإن تغفر لهم لأن المناسب فإنك أنت الغفور الرحيم . والجواب : أنه لا يحتمل إلا ما أنزله الله تعالى ومتى نقل إلى ما قال هذا الطاعن ضعف معناه ، فإنه ينفرد الغفور الرحيم