وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

@ 57 @ لمّا قدم ليس لك من الأمر شيء ، بيَّن أن الأمور إنما هي لمن له الملك ، والملك فجاء بهذه الجملة مؤكدة للجملة السابقة . وتقدم شرح هذه الجملة . وما : إشارة إلى جملة العالم وما هيأته ، فلذلك حسنت ما هنا . .
{ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاء وَيُعَذّبُ مَن يَشَاء } لما تقدّم قوله : أو يتوب عليهم أو يعذبهم ، أتى بهذه الجملة موضحةً أن تصرفاته تعالى على وفق مشيئته ، وناسب البداءة بالغفران ، والإرداف بالعذاب ما تقدم من قوله : أو يتوب عليهم أو يعذبهم ، ولم يشرط في الغفران هنا التوبة . إذ يغفر تعالى لمن يشاء من تائب وغير تائب ، ما عدا ما استثناه تعالى من الشرك . وقال الزمخشري ما نصه عن الحسن رحمه الله : يغفر لمن يشاء بالتوبة ، ولا يشاء أن يغفر إلا للتائبين . ويعذب من يشاء ، ولا يشاء أن يعذب إلا المستوجبين للعذاب . وعن عطاء : يغفر لمن يتوب إليه ، ويعذب من لقيه ظالماً وأتباعه قوله : أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون ، تفسير بين لمن يشاء ، فإنهم المتوب عليهم أو الظالمون . ولكن أهل الأهواء والبدع يتصامون ويتعامون عن آيات الله تعالى ، فيخبطون خبط عشواء ، ويطيبون أنفسهم بما يفترون . عن ابن عباس من قولهم : يهب الذنب الكبير لمن يشاء ، ويعذب من يشاء على الذنب الصغير . انتهى كلامه . وهو مذهب المعتزلة . وذلك أن من مات مصراً على كبيرة لا يغفر الله له . وما ذكره عن الحسن لا يصح ألبتّة . ومذهب أهل السنة ؛ أنّ الله تعالى يغفر لمن يشاء وإنّ مات مصرًّا على كبيرة غير تائب منها . .
{ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } في هذه الجملة ترجيح لجهة الإحسان والإنعام { رَّحِيمٌ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ الرّبَا أَضْعَافاً مُّضَاعَفَةً } قال ابن عطية : هذا النهي عن أكل الربا اعترض أثناء قصة أحد ، ولا أحفظ شيئاً في ذلك مروياً انتهى . .
ومناسبة هذه الآية لما قبلها ومجيئها بين أثناء القصة : أنّه لما نهى المؤمنين عن اتخاذ بطانة من غيرهم ، واستطرد لذكر قصة أحد . وكان الكفار أكثر معاملاتهم بالربا مع أمثالهم ومع المؤمنين ، وهذه المعاملة مؤدية إلى مخالطة الكفار ، نهوا عن هذه المعاملة التي هي الربا قطعاً لمخالطة الكفار ومودّتهم ، واتخاذ إخلاء منهم ، لا سيما والمؤمنون في أول حال الإسلام ذوو إعسار ، والكفار من اليهود وغيرهم ذوو يسار . وكان أيضاً أكل الحرام له مدخل عظيم في عدم قبول الأعمال الصالحة والأدعية ، كما جاء في الحديث : ( إن الله تعالى لا يستجيب لمن مطعمه حرام ومشربه حرام إذا دعا ) ( وأن آكل الحرام يقول إذا حج : لبيك وسعديك . فيقول الله له : لا لبيك ولا سعديك ، وحجك مردود عليك ) فناسب ذكر هذه الآية هنا . .
وقيل : ناسب اعتراض هذه الجملة هنا أنه تعالى وعد المؤمنين بالنصر والإمداد مقروناً بالصبر والتقوى ، فبدأ بالأهم منها وهو : ما كانوا يتعاطونه من أكل الأموال بالباطل ، وأمر بالتقوى ، ثم بالطاعة . وقيل : لما قال تعالى : { وَللَّهِ مَا فِى * السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الاْرْضِ } وبيّن أنّ ما فيهما من الموجودات ملك له ، ولا يجوز أنْ يتصرّف في شيء منها إلا بإذنه على الوجه الذي شرعه . وآكلُ الربا متصرّف في ماله بغير الوجه الذي أمر ، نبَّه تعالى على ذلك ، ونهى عما كانوا في الإسلام مستمرّين عليه من حكم الجاهلية ، وقد تقدم الربا في سورة البقرة . .
وانتصب أضعافاً ، فانهوا عن الحالة الشنعاء التي يوقعون الربا عليها ، كان الطالب يقول : أتقضي أم تربي ، وربما استغرق بالنزر اليسير مال المدين ، لأنه إذا لم يجد وفاء زاد في الدين ، وزاد في الأصل . وأشار بقوله : مضاعفة ، إلى أنهم كانوا يكررون التضعيف عاماً بعد عام . والربا محرم جميع أنواعه ، فهذه الحال لا مفهوم لها ، وليست قيداً في النهي ، إذ ما لا يقع أضعافاً مضاعفة مساوٍ في التحريم لما كان أضعافاً مضاعفة . وقد تقدم الكلام في نسبة الآكل إلى الربا في البقرة . .
وقيل : المضاعفة منصرفة إلى الأموال . فإن كان الربا في السن يرفعونها ابنة