وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

@ 484 @ من قضية زكريا ، لأن قضية زكريا حدث منها الولد بين رجل وامرأة ، وهنا حدث من امرأة بغير واسطة بشر ، ولذلك قالت : { وَلَمْ يَمْسَسْنِى بَشَرٌ } . .
وقيل : استفهمت عن الكيفية ، كما سأل زكريا عن الكيفية ، تقديره : هل يكون ذلك على جري العادة بتقدم وطء ؟ أَمْ بأمر من قدرة الله ؟ . .
وقال الانباري : لما خاطبها جبريل ظنته آدمياً يريد بها سوءاً ، ولهذا قالت : { إِنّى أَعُوذُ بِالرَّحْمَانِ مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيّاً } فلما بشرها لم تتيقن صحة قوله لأنها لم تعلم أنه ملك ، فقال : { رَبّ أَنَّى يَكُونُ لِى وَلَدٌ } ؟ .
ومن ذهب إلى أن قولها : رب ، وقول زكريا : رب ، إنما هو نداء لجبريل لما بشرهما ، ومعناه : يا سيدي فقد أبعد وقال الزمخشري : هو من بدع التفاسير ، و : يكون ، يحتمل أن تكون الناقصة والتامة ، كما سبق في قصة زكريا . و : لم يمسسني بشر ، جملة حالية ، والمسيس هنا كناية عن الوطء ، وهذا نفي عام أن يكون باشرها أحد بأي نوع كان من تزوّج أو غيره ، والبشر يطلق على الواحد والجمع ، والمراد هنا النفي العام ، وسمي بشراً لظهور بشرته وهو جلده ، وبشرت الأديم قشرت وجهه ، وأبشرت الأرض أخرجت نباتها ، وتباشير الصبح أول ما يبدو من نوره . .
{ قَالَ كَذالِكَ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاء } تقدم الكلام في نظيرها في قصة زكريا ، إلاَّ أن في قصته { يَفْعَلُ مَا يَشَاء } من حيث إن أمر زكريا داخل في الإمكان العادي الذي يتعارف ، وإن قل ، وفي قصة مريم : يخلق ، لأنه لا يتعارف مثله ، وهو وجود ولد من غير والد ، فهو إيجاد واختراع من غير سبب عادي ، فلذلك جاء بلفظ : يخلق ، الدال على هذا المعنى . .
وقد ألغز بعض العرب المستشهد بكلامها فقال : % ( ألا رب مولود وليس له أب % .
وذي ولد لم يلده أبوان يريد : عيسى وآدم . .
.
) % .
{ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ } تقدم الكلام على هذه الجملة في البقرة : لغةً وتفسيراً وقراءةً وإعراباً ، فأغنى ذلك عن إعادته . .
{ وَيُعَلّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ } الكتاب : هنا مصدر ، أي : يعلمه الخط باليد ، قاله ابن عباس ، وابن جريج وجماعة وقيل : الكتاب هو كتاب غير معلوم ، علمه الله عيسى مع التوراة والإنجيل وقيل : كتب الله المنزلة . والألف واللام للجنس وقيل : هو التوراة والإنجيل . .
قالوا : وتكون الواو في : والتوراة ، مقحمة ، والكتاب عبار عن المكتوب ، وتعليمه إياها قيل : بالإلهام ، وقيل : بالوحي ، وقيل : بالتوفيق والهداية للتعلم والحكمة . تقدم تفسيرها ، وفسرت هنا : بسنن الأنبياء ، وبما شرعه من الدين ، وبالنبوة ، وبالصواب في القول والعمل وبالعقل ، وبأنواع العلم . وبمجموع ما تقدم أقوال سبعة . .
روي أن عيسى كان يستظهر التوراة ، ويقال لم يحفظها عن ظهر قلب غير : موسى ، ويوشع ، وعزير ، وعيسى . .
وذكر الإنجيل لمريم وهو لم ينزل بعد لأنه كان كتاباً مذكوراً عند الأنبياء والعلماء ، وأنه سينزل . .
وقرأ نافع ، وعاصم ، ويعقوب ، وسهل : ويعلمه ، بالياء وقرأ الباقون : بالنون ، وعلى كلتا القراءتين هو معطوف على الجملة المقولة ، وذلك إن قوله : قال كذلك ، الضمير في : قال ، عائد على الرب ، والجملة بعده هي المقولة ، وسواء كان لفظ الله مبتدأ ، وخبره فيما قبله ، لزم مبتدأ وخبره يخلق على ما مر إعرابه في : { قَالَ كَذالِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاء } فيكون هذا من المقول لمريم ، أم على سبيل الاغتباط والتبشير بهذا الولد الذي يوجده الله منها ، ويجوز أن يكون معطوفاً على : يخلق ، سواء كانت خبراً عن الله أم تفسيراً لما قبلها ، إذا أعربت لفظ : الله مبتدأ وما قبله الخبر ، وهذا ظاهر كله على قراءة الياء .