وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

@ 463 @ العظيم لمريم ، وأنها ممن اصطفاها الله ، ارتاح إلى طلب الولد واحتاج إليه لكبر سنه ، ولأن يرث منه ومن آل يعقوب ، كما قصه تعالى في سورة مريم ، ولم يمنعه من طلب كون امرأته عاقراً ، إذ رأى من حال مريم أمراً خارجاً عن العادة ، فلا يبعد أن يرزقه الله ولداً مع كون امرأته كانت عاقراً ، إذ كانت حنة قد رزقت مريم بعدما أيست من الولد . .
وانتصاب : هنالك ، بقوله : دعا ، ووقع في تفسير السجاوندي : أن هناك في المكان ، وهنالك في الزمان ، وهو وهم ، بل الأصل أن يكون للمكان سواء اتصلت به اللام والكاف أو الكاف فقط أو لم يتصلا . وقد يتجوز بها عن المكان إلى الزمان ، كما أن أصل : عند ، أن يكون للمكان ، ثم يتجوز بها للزمان ، كما تقول : آتيك عند طلوع الشمس . .
قيل : واللام في : هنالك ، دلالة على بعد المسافة بين الدعاء والإجابة ، فإنه نقل المفسرون أنه كان بين دعائه وإجابته أربعون سنة . وقيل : دخلت اللام لبعد منال هذا الأمر لكونه خارقاً للعادة ، كما أدخل اللام في قوله : { ذالِكَ الْكِتَابُ } لبعد مناله وعظم ارتفاعه وشرفه . وقال الماتريدي : كانت نفسه تحدثه بأن يهب الله له ولداً يبقى به الذكر إلى يوم القيامة ، لكنه لم يكن يدعو مراعاة للأدب ، إذ الأدب أن لا يدعو لمراد إلاَّ فيما هو معتاد الوجود وإن كان الله قادراً على كل شيء ، فلما رأى عندها ما هو ناقض للعادة حمله ذلك على الدعاء في طلب الولد غير المعتاد . انتهى . .
وقوله : كانت تحدثه نفسه بذلك ، يحتاج إلى نقل . وفي قوله : { هُنَالِكَ دَعَا } دلالة على أن يتوخى العبد بدعائه الأمكنة المباركة والأزمنة المشرفة . .
{ قَالَ رَبّ هَبْ لِى مِن لَّدُنْكَ ذُرّيَّةً طَيّبَةً } هذه الجملة شرح للدعاء وتفسير له ، وناداه بلفظ : رب ، إذ هو مربيه ومصلح حاله ، وجاء الطلب بلفظ : هب ، لأن الهبة إحسان محض ليس في مقابلتها شيء يكون عوضاً للواهب ، ولما كان ذلك يكاد يكون على سبيل ما لا تسبب فيه : لا من الوالد لكبر سنة ، ولا من الوالدة لكونها عاقراً لا تلد ، فكان وجوده كالوجود بغير سبب ، أتى هبة محضة منسوبة إلى الله تعالى بقوله : من لدنك ، أي من جهة محض قدرتك من غير توسط سبب . .
وتقدّم أن : لدن ، لما قرب ، و : عند ، لما قرب ولما بعد ، وهي أقل إبهاماً من : لدن ، ألا ترى أن : عند ، تقع جواباً لأين ، ولا تقع له جواباً : لدن ؟ . .
{ وَمِنْ * لَّدُنْكَ } متعلق : بهب ، وقيل : في موضع الحال من : ذرية ، لأنه لو تأخر لكان صفة ، فعلى هذا تتعلق بمحذوف ، والذرية جنس يقع على واحد ، فأكثر . وقال الطبري : أراد بالذرية هنا واحداً دليل ذلك طلبه : ولياً ، ولم يطلب : أولياء . قال ابن عطية : وفيما قاله الطبري تعقب ، وإنما الذرية والولي اسما جنس يقعان للواحد فما زاد ، وهكذا كان طلب زكريا . انتهى . .
وفسر : طيبة ، بأن تكون سليمة في الخلق وفي الدين تقية . وقال الراغب : صالحة ، واستعمال الصالح في الطيب كاستعمال الخبيث في ضده ، على أن في الطيب زيادة معنى على الصالح . وقيل : أراد : بطيبة ، أنها تبلغ في الدين رتبة النبوّة ، فإن كان أراد بالذرية مدلولها من كونها اسم جنس ، ولم يقيد بالوحدة ، فوصفها : بطيبة ، واضح وإن كان أراد ذكراً واحداً ، فأنث لتأنيث اللفظ ، كما قال : % ( أبوك خليفة ولدته أخرى % .
سكات إذا ما عَضّ ليس بأدْرَدَا .
) % .
وكما قال : % ( أبوك خليفة ولدته أخرى % .
وأنت خليفة ذاك الكمال .
) % .
وفي قوله : { هَبْ لِى } دلالة على طلب الولد الصالح ، والدعاء بحصوله وهي سنة المرسلين والصديقين والصالحين .