وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

@ 457 @ .
وقال الزمخشري : فإ قلت : كيف جاز انتصاب أنثى حالاً من الضمير في وضعتها ؛ وهو كقولك : وضعت الأنثى أنثى ؟ . .
قلت : الأصل وضعته أنثى ، وإنما أنث لتأنيث الحال لأن الحال ، وذا الحال شيء واحد ، كما أنث الأسم في من كانت أمّك لتأنيث الخبر ، ونظيره قوله تعالى : { فَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ } . إنتهى . وآل قوله إلى أن : أنثى ، تكون حالاً مؤكدة ، لا يخرجه تأنيثه لتأنيث الحال من أن يكون الحال مؤكدة . وأما تشبيهه ذلك بقوله : من كانت أمّك ، حيث عاد الضمير على معنى : من ، فليس ذلك نظير : وضعتها أنثى ، لأن ذلك حمل على معنى : من ، إذ المعنى : أية امرأة ، كانت امّك ، أي : كانت هي أيّ المرأة أمّك ، فالتأنيث ليس لتأنيث الخبر ، وإنما هو من باب الحمل على معنى : من ، ولو فرضنا أنه تأنيث للأسم لتأنيث الخبر لم يكن نظير : وضعتها أنثى ، لأن الخبر مخصص بالإضافة إلى الضمير ، فقد استفيد من الخبر ما لا يستفاد من الاسم بخلاف أنثى ، فإنه لمجرد التأكيد . .
وأما تنظيره بقوله : { فَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ } فيعنى أنه ثنى بالأسم لتثنية الخبر ، والكلام عليه يأتي في مكانه ، فإنه من المشكلات ، فالأحسن أن يجعل الضمير في : وضعتها أنثى ، عائداً على النسمة ، أو النفس ، فتكون الحال مبنية لا مؤكدة . .
وقيل : خاطبت الله تعالى بذلك على سبيل الاعتذار ، والتنصل من نذر ما لا يصلح لسدانة البيت ، إذ كانت الأنثى لا تصلح لذلك في شريعتهم . .
وقيل : كانت مريم أجمل نساء زمانها وأكملهنّ . .
{ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ } قرأ ابن عامر ، وأبو بكر ، ويعقوب : بضم التاء ، ويكون ذلك وما بعده من كلام أمّ مريم ، وكأنها خاطبت نفسها بقولها : والله أعلم . ولم تأت على لفظ : رب ، إذ لو أتت على لفظه لقالت : وأنت أعلم بما وضعت . ولكن خاطبت نفسها على سبيل التسلية عن الذكر ، وأن علم الله وسابق قدرته وحكمته يحمل ذلك على عدم التحسر والتحذر على ما فاتنى من المقصد ، إذ مراده ينبغي أن يكون المراد ، وليس الذكر الذي طلبته ورجوته مثل الأنثى التي علمها وأرادها وقضى بها . ولعل هذه الأنثى تكون خيراً من الذكر ، إذ أرادهنا الله ، سلت بذلك نفسها . .
وتكون : الألف واللام في : الذكر ، للعهد فيكون مقصودها ترجيح هذه الأنثى التي هي موهوبة الله على ما كان قد رجت من أنه يكون ذكراً ، ويحتمل أن يكون مقصودها أنه ليس كالأنثى في الفضل والدرجة والمزية ، لأن الذكر يصلح للتحرير ، والاستمرار على خدمة موضع العبادة ، ولأنه أقوى على الخدمة ، ولا يلحقه عيب في الخدمة والاختلاط بالناس ولا تهمة . .
قال ابن عطية : كالانثى ، في امتناع نذره إذا الأنثى تحيض ولا تصلح لصحبة الرهبان ؟ قاله قتادة ، والربيع ، والسدّي ، وعكرمة ، وغيرهم . وبدأت بذكر الأهمّ في نفسها ، وإلاَّ فسياق الكلام أن تقول : وليست الانثى كالذكر ، فتضع حرف النفي مع الشيء الذي عندها ، وانتفت عنه صفات الكمال للغرض المراد . إنتهى . وعلى هذا الاحتمال تكون الألف واللام في : الذكر ، للجنس . .
وقرأ باقي السبعة : بما وضعت ، بتاء التأنيث الساكنة على أنه إخبار من الله بأنه أعلم بالذي وضعته . أي : بحاله ، وما يؤول إليه أمر هذه الأنثى ، فإن قولها : وضعتها أنثى ، يدل على أنها لم تعلم من حالها إلاَّ على هذا القدر من كون هذه النسمة جاءت أنثى لا تصلح للتحرير ، فأخبر تعالى أنه أعلم بهذه الموضوعة ، فأتى بصيغة التفضيل المقتضية للعلم بتفاصيل الأحوال ، وذلك على سبيل التعظيم لهذه الموضوعة ، والإعلام بما علق بها وبابنها من عظيم الأمور ، إذ جعلها وابنها آية للعالمين . ووالدتها جاهلة بذلك لا تعلم منه شيئاً . وقرأ ابن عباس : بما وضعت ، بكسر تاء الخطاب ، خاطبها الله بذلك أي : إنك لا تعلمين قدر هذه الموهوبة ، وما علمه الله تعالى من عظم شأنها وعلوّ قدرها . .
و : ما ، موصولة بمعنى : الذي ، أو : التي ، وأتى بلفظ : ما ، كما في قوله : { نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي } والعائد عليها محذوف على كل قراءة . .
{ وَإِنّى سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ } مريم في لغتهم معناه : العابدة ، أرادت بهذه التسمية التفاؤل لها بالخير ، والتقرب إلى الله تعالى ، والتضرّع إليه بأن يكون فعلها مطابقاً