وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

الترشيح الثالث : في أقسام المصنفين وأحوالهم .
اعلم : أن المؤلفين المعتبرة تصانيفهم فريقان .
الأول : من له في العلم ملكة تامة ودربة كافية وتجارب وثيقة وحدس صائب وفهم ثاقب فتصانيفهم : عن قوة تبصرة ونفاذ فكر وسداد رأي كالنصير والعضد والسند والسعد والجلال وأمثالهم فإن كلا منهم : يجمع إلى تحرير المعاني تهذيب الألفاظ وهؤلاء أحسنوا إلى الناس كما أحسن الله - سبحانه وتعالى - إليهم وهذه لا يستغني عنها أحد .
والثاني : من له ذهن ثاقب وعبارة طلقة طالع الكتب فاستخرج دررها وأحسن نظمها وهذه ينتفع بها المبتدئون والمتوسطون ومنهم : من جمع وصنف للاستفادة لا للإفادة فلا حجر عليه بل يرغب إليه إذا تأهل فإن العلماء قالوا : ينبغي للطالب أن يشتغل بالتخريج والتصنيف فيما فهمه منه إذا احتاج الناس إليه بتوضيح عبارته غير مائل عن المصطلح مبينا مشكله مظهرا ملتبسه كي يكتسبه جميل الذكر وتخليده إلى آخر الدهر فينبغي أن يفرغ قلبه لأجله إذا شرع ويصرف إليه كل شغله قبل أن يمنعه مانع عن نيل ذلك الشرف ثم إذا تم لا يخرج ما صنفه إلى الناس ولا يدعه عن يده إلا بعد تهذيبه وتنقيحه وتحريره وإعادة مطالعته فإنه قد قيل : الإنسان في فسحة من عقله وفي سلامة من أفواه جنسه ما لم يضع كتابا أو لم يقل شعرا .
وقد قيل : من صنف كتابا فقد استشرف للمدح والذم فإن أحسن فقد استهدف من الحسد والغيبة وإن أساء فقد تعرض للشتم والقذف .
قالت الحكماء : من أراد أن يصنف كتابا أو يقول شعرا فلا يدعوه العجب به وبنفسه إلى أن ينتحله ولكن يعرضه على أهله في عرض رسائل أو أشعار فإن رأى الأسماع تصغي إليه ورأى من يطلبه انتحله وادعاه فليأخذ في غير تلك الصناعة .
تذنيب : ومن الناس من ينكر التصنيف في هذا الزمان مطلقا ولا وجه لإنكاره من أهله وإنما يحمله عليه التنافس والحسد الجاري بين أهل الأعصار ولله در القائل في نظمه ( شعر ) .
قل لمن لا يرى المعاصر شيئا ... ويرى للأوائل التقديما .
إن ذاك القديم كان حديثا ... وسيبقى هذا الحديث قديما .
واعلم : أن نتائج الأفكار لا تقف عند حد وتصرفات الأنظار لا تنتهي إلى غاية بل لكل عالم ومتعلم منها حظ يحرزه في وقته المقدر له وليس لأحد أن يزاحمه فيه لأن العالم المعنوي واسع كالبحر الزاخر والفيض الإلهي ليس له انقطاع ولا آخر والعلوم منح إلهية ومواهب صمدانية فغير مستبعد أن يدخر لبعض المتأخرين ما لم يدخر لكثير من المتقدمين فلا تغتر بقول القائل : ما ترك الأول للآخر بل القول الصحيح الظاهر : كم ترك الأول للآخر فإنما يستجاد الشيء ويسترذل لجودته ورداءته لا لقدمه وحدوثه .
ويقال : ليس بكلمة أضر بالعلم من قولهم : ما ترك الأول شيئا لأنه يقطع الآمال عن العلم ويحمل على التقاعد عن التعلم فيقتصر الآخر على ما قدم الأول من الظواهر وهو خطر عظيم وقول سقيم فالأوائل وإن فازوا باستخراج الأصول وتمهيدها فالأواخر فازوا بتفريع الأصول وتشييدها .
كما قال - E - : ( أمتي أمة مباركة لا يدرى أولها خير أو آخرها ) .
وقال ابن عبد ربه في ( العقد ) : إني رأيت آخر كل طبقة وواضعي كل حكمة ومؤلفي كل أدب أهذب لفظا وأسهل نقة وأحكم مذاهب وأوضح طريقة من الأول لأنه نافض متعقب والأول : باد متقدم . انتهى .
وروي : أن المولى : خواجة زاده كان يقول : ما نظرت في كتاب أحد بعد تصانيف السيد الشريف : الجرجاني بنية الاستفادة .
وذكر صاحب ( الشقائق ) في ترجمة : المولى : شمس الدين الفناري : أن الطلبة إلى زمانه كانوا يعطلون يوم الجمعة ويوم الثلاثاء فأضاف المولى المذكور إليهما يوم الإثنين للاشتغال بكتابة تصانيف العلامة التفتازاني وتحصيلها . انتهى . ( 1 / 40 )