وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

الْعَسَلُ مُحَرَّكَةً : حَبَابُ الْمَاءِ إِذا جَرَى مِنْ هُبُوبِ الرِّيحِ قالَهُ ابنُ الأَعْرابِيِّ وقَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ : " وأَنْهَارٍ مِنْ عَسَلٍ مُصَفَّى " اخْتُلِفَ في عَسَلِ الدُّنْيا فقيلَ : هو لُعَابُ النَّحْلِ تُخْرِجُهُ مِنْ أَفْواهِها وذلكَ أَنَّها تَأْكُلُ مِنَ الأَزْهَارِ والأَوْراقِ ما يَمْلأُ بُطُونَها ثُمَّ إِنَّهُ تَعالَى يَقْلِبُ تلكَ الأَجْسامَ في داخِلِ أَبْدَانِها عَسَلاً ثُمَّ تُلْقِيهِ مِنْ أَفْواهِها فتكونُ مِن في قولِهِ تعالى : " يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها " للتَّبْعِيضِ ورَجَّحَهُ الغَزْنَوِيُّ قالَ : لأنَّ اسْتِحَالَةَ الأَطْعِمَةِ لا تَكونُ إِلاَّ في البَطْنِ وقالَ آخَرُونَ : إِنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ أَدْبارِها حَكَاهُ ابنُ عَطِيَّةَ عن عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ تَعالَى عنه فَإِنَّهُ حُكِيَ عنهُ أَنَّهُ قالَ مُحْتَقِراً لِلدُّنْيا : أَشْرَفُ لِبَاسِ ابنِ آدَمَ فيها لُعابُ دُودَةٍ وأَشْرَفُ شَرابِهِ فيها رَجِيعُ نَحْلَةٍ . فظاهِرُهُ أَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ دُبُرِها وتَعَقَّبَ عليهِ الدَّمِيرِيُّ ذلكَ وقالَ : الذي يُرْوَى عنهُ : إِنَّما الدُّنْيا سِتَّةُ أَشْياء مَطْعُومٌ ومَشْرُوبٌ ومَلْبُوسٌ ومَرْكُوبٌ ومَنْكُوحٌ ومَشْمُومٌ فَأَشْرَفُ المَطْعُومِ العَسَلُ وهو مَذْقَةُ ذُبَابٍ . الحديث . قلتُ : هذا الحديثُ رُوِيَ عَن عَمَّارِ بنِ يَاسِرٍ بهذا الوَجْهِ كَما ذَكَرَه ابنُ الجَوْزِيِّ في بعضِ مُؤَلَّفاتِهِ واعْتَرَضَ بعضُ مَنْ أَلَّفَ في تَفْضِيلِ اللَّبَنِ عَلى العَسَلِ أَنَّ هذا غَيرُ وَارِدٍ فَإِنَّ المَذْقَ هو خَلْطُ الشَيْءِ فوَصَفَ العَسَلَ بأَنَّهُ مَخْلُوطٌ في بُطُونِها فَلا يُنافِى الأَوَّلَ انتهى . قلتُ : وهذا جَهْلٌ باللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ فَإِنَّ المُرَادَ بالمَذْقَةِ هنا ما تَمْذُقُهُ بِفِيهَا أي تَمُجُّهُ والمَذْقُ كالمَجِّ لا يكونُ إِلاَّ بالْفَمِ فَتَأَمَّلْ أَو طَلٌّ خَفِيٌّ يُحْدِثُهُ اللهُ في الْهَواءِ يَقَعُ عَلى الزَّهْرِ وغَيْرِهِ كَأَوْراقِ الشَّجَرِ فيَلْقُطُهُ النَّحْلُ بإِلْهامٍ مِنَ اللَّهِ تعالَى بَأَفْواهِها فَإِذا شَبِعَتْ الْتَقَطَتْ مَرَّةً أُخْرَى مِنْ تِلْكَ الأَجْزاءِ وذَهَبَتْ به إِلى بُيُوتها ووَضَعَتْهُ هناكَ فهوَ العَسَلُ وقيلَ في هذا الطَّلِّ اللَّطِيفِ الْخَفِيِّ : هو بُخَارٌ يَصْعَدُ فَيَنْضَجُ في الْجَوِّ فيَسْتَحِيلُ فيَغْلُطُ في اللَّيْلِ مِنْ بَرْدِ الهَواءِ فيَقَعُ عَسَلاً قالَ الإِمامُ الرَّازِيُّ في تَفْسِيرِهِ : وهذا أَقْرَبُ إِلى العَقْلِ وأَشَدُّ مُناسَبَةً لِلاِسْتِقْرَاءِ فَإِنَّ طَبيعَةَ التُّرُنْجُبِينِ قَرِيبَةٌ مِنَ العَسَلِ ولا شَكَّ أَنَّهُ طَلٌّ يَحْدُثُ في الهَواءِ ويَقَعُ على أَطْرافِ الأَشْجَارِ والأَزْهارِ وأيضاً نحنُ نُشاهِدُ أَنَّ النَّحْلَ يُغْتَذِي بالعَسَلِ وإِذا اسْتُخْرِجُ مِنْ بُيُوتِها تُرِكَ لها منه ما تأْكُلُهُ انتهى . قلتُ : ظاهِرُ كَلامِ الرَّازِيِّ أَنَّهُ طَلٌّ تَحْمِلُهُ بِأَفْواهِها وتَضَعُه في بُيُوتِها فَيَنْعَقِدُ عَسَلاً وظاهِرُ القُرْآنِ يُخالِفُه فَإِنَّهُ نَصَّ عَلى أنَّهُ يَخْرُج من بُطونِها والظَّاهِرُ أَنَّه بعدَ اسْتِقْرَارِهِ في بُطونِها تَقْذِفُه عَسَلاً بِقُدْرَةِ السَّمِيعِ العَلِيمِ كَما يَخْرُجُ اللَّبَنُ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ ودَمٍ إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فَتَأَمَّلْ وقد يَقَعُ الْعَسَلُ ظَاهِراً فَيَلْقُطُهُ النَّاسُ وذكَرَ الْكَوَاشِيُّ في تَفْسِيرِهِ الأَوْسَطِ أَنَّ العَسَلَ يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ عَلى هَيْئَةٍ فَيَثْبُتُ في أَمَاكِنَ فَتَأْتِي النَّحْلُ فَتَشْرَبُهُ ثُمَّ تَأْتِي الْخَلِيَّةَ فتُلْقِيهِ في الشَّمْعِ الْمُهَيَّأِ لِلْعَسَلِ لا كَما تَوَهَّمَهُ بعضُ النَّاسِ أَنَّهُ مِنْ فَضَلاتِ الْغِذَاءِ وأَنَّهُ قد اسْتَحالَ في الْمَعِدَةِ عَسَلاً . هذه عِبارَتُهُ قلتُ : وهو قرِيبٌ مِمَّا سَاقَهُ الرَّازي وكُلُّ ذلكَ فيهِ دَلالَةٌ على أَنَّهُ مَخْرَجُهُ مِنْ أَفْواهِ النَّحْلِ وهو مَذْهَبُ الجُمْهُورِ وقد أَشْكَلَ ذلكَ على المُتَقَدِّمِين حتى إِنَّ