وقال السُّهَيْلِيُّ في الرَّوضِ في تفسيرِ قَوْله تَعالى : " فاصْدَعْ بما تُؤمَر " هو من الصَّديع بمعنى الفَجر شبَّه الجهلَ بظلمَةِ الليل والقرآنُ نُورٌ فَصَدَعَ به تلكَ الظُّلمَةَ كما يَصْدَعُ الفَجرُ ظُلمَةَ الليل . وَصَدَعهُ كَمَنَعه صَدْعَاً : شَقَّه أو شَقَّه نِصفَيْن أو شقَّه ولم يَفْتَرِقْ فهي ثلاثةُ أقوالٍ . ولا يَخْفَى أنّ الثالثَ هو عَيْنُ الأوّل فهما قوْلانِ لا غير . صَدَعَ فلاناً : قَصَدَه لكَرَمِه نقله ثعلبٌ عن الأعرابيِّ الذي كان يحضرُ مجلِسَ ابْن الأَعْرابِيّ . وبه فُسِّرت الآيةُ كما تقدّم وهو مَجاز . صَدَعَ بالحقِّ : تكلَّمَ به جِهاراً مُفَرِّقاً بينه وبين الباطل وهو مَجاز وبه فُسِّرت الآية كما تقدّم وبه فسَّرَ أيضاً الخليلُ قولَ أبي ذُؤَيْبٍ السابق قال : يَصْدَعُ أي يقولُ بأعلى صَوْتِه : فازَ قِدْحُ فلان أو هذا قِدْحُ فلانٍ . صَدَعَ بالأمرِ يَصْدَعُ صَدْعَاً : أصابَ به موضِعَه وجاهَرَ به . قال أبو زيدٍ : صَدَعَ إليه صُدوعاً : مالَ . صَدَعَه عنه : صَرَفَه يقال : ما صَدَعَكَ عن هذا الأمرِ أي ما صَرَفَك كما في الصحاح وقال ابنُ فارسٍ : وناسٌ يقولون : ما صَدَغَكَ بالغَين المُعجَمة وهذا أَحْسَن وكذلك ذَكَرَه ابْن دُرَيْدٍ بالغَين المُعجَمة . قلتُ : وقد ذَكَرَه الجَوْهَرِيّ أيضاً بالغَين المُعجَمة كما سيأتي . صَدَعَ الفَلاةَ : قَطَعَها وهو مَجاز وكذلك النَّهرَ إذا شقَّه . يقال : بينهم صَدَعَاتٌ في الرأيِ والهَوى مُحرّكةً أي تفَرُّق ويقال : أَصْلِحوا ما فيكم من الصَّدَعات أي اجتمِعوا ولا تَتَفَرَّقوا . ويقال أيضاً : إنّهم على ما فيهم من الصَّدَعاتِ ألِبّاءُ كِرامٌ . وهو مَجاز . يقال : جبلٌ صادِعٌ أي ذاهِبٌ في الأرضِ طُولاً وهو مَجاز . وكذلك : سَيْلٌ صادِع كذا في النسخ وصوابُه : سَبيلٌ صادِعٌ ووادٍ صادِعٌ وهذا الطريقُ يَصْدَعُ في أرضِ كذا وكذا . قال ابْن دُرَيْدٍ : الصُّبْحُ الصّادِع : المُشرِق . قال : والمَصادِع : طرُقٌ سَهْلَةٌ في غِلَظٍ من الأرض الواحدُ مَصْدَعٌ كَمَقْعَدٍ وهو مَجاز . المَصادِع أيضاً : المَشاقِص من السِّهام وبه سُمِّيت الكِنانةُ خابِئَةَ المَصادِع الواحدُ مِصْدَعٌ كمِنبَرٍ وربما قالوا : خَطيبٌ مِصْدَعٌ كمِنبَرٍ أي بَليغٌ جَريءٌ على الكلامِ ذو بَيان كما قالوا : مِصْلَقٌ ومِسْلَقٌ ومِصقَع . والصَّدَع محرّكةً - من الأوْعالِ والظِّباءِ والحمُرِ والإبل - : الفَتِيُّ الشابُّ القويُّ وتُسَكَّنُ الدالُ ولو قال : ويُسَكَّنُ كما هو دَأْبُه في عباراتِه كان أَخْصَرَ . أو الصَّدَع بالتحريك : هو الشيءُ بينَ الشيئَيْن من أيِّ نوعٍ كان بين الطويلِ والقصير والفَتِيِّ والمُسِنِّ والسمين والمَهزول والعظيمِ والصغير وقال الجَوْهَرِيّ : الصَّدَع : الوسَطُ من الوُعولِ ليس بالعظيمِ ولا الصغير ولكنّه وَعِلٌ بين وَعِلَيْن وكذلك هو من الظِّباءِ والحُمُر لا يقال فيه إلاّ بالتحريك . قلتُ : وهو قولُ ابن السِّكِّيت وأنشدَ : .
يا رُبَّ أَبّازٍ من العُفْرِ صَدَعْ ... تقَبَّضَ الذئبُ إليه واجْتَمعْ والرّجزُ لمَنظورٍ الأسَديِّ وقال دُرَيْدُ بنُ الصِّمَّة : .
يا لَيْتَني فيها جَذَعْ ... أَخُبُّ فيها وأَضَعْ .
أقودُ وَطْفَاءَ الزَّمَعْ ... كأنَّها شاةٌ صَدَعْ وقال الأعشى : .
قد يَتْرُكُ الدهرُ في خَلْقَاءَ راسِيَةٍ ... وَهْيَاً ويُنزِلُ منها الأَعْصَمَ الصَّدَعا وقال ابنُ الرِّقاع : .
لو أَخْطَأ الموتُ شيئاً أو تخَطَّأَهُ ... لأَخْطأَ الأعْصَمَ المُستَوْعِلَ الصَّدَعا