وإِنْ تَخَلَّفَتْ عن الإِبِلِ هي بنَفْسها فلَمْ تَلْحَقْ فغَدُورٌ كصَبُورِ وفي بعض النُّسخ : فغَدُورَةٌ بزيادة الهاءِ والأُولى الصَّواب . وغَدَر كضَرَبَ : شَرِبَ ماءَ الغَدِيرِ وهو المُجْتَمِع من السَّيْلِ ومن ماءِ السَّمَاءِ . وكفَرِحَ : شَرِبَ ماءَ السَّمَاءِ هكذا في سائر النُّسَخ والأُصول المُصَحَّحَة وفي التَّهْذِيب : قال المُؤَرّج : غَدَرَ الرَّجُلُ يَغْدِرُ غَدْراً إِذا شَرِبَ من ماءِ الغَدِيرِ . قال الأَزهريّ : والقِيَاسُ غَدِرَ يَغْدَرُ بهَذا المَعْنَى لا غَدَر مِثْل كَرِعَ إِذا شَرِبَ الكَرَع ؛ وهكذا نقله الصاغانيّ ولكنّه زاد بعد قوله الكَرَع : وهو ماءُ السَّمَاءِ . قلتُ : فقولُه : وهو ماءُ السماءِ راجِعٌ إِلى الكَرَع لا أَنَّه معنى غَدِرَ كفَرِحَ . وظَنّ المصنّف أَنّه من جُمْلَة مَعانِي غَدِرَ وهو وَهَمٌ صَرِيحٌ . ثم إِنّه فَرَّقَ بَيْنَ ماءِ الغَدِير وماءِ السماءِ مع أَنَّ الغَدِيرَ هو مُسْتَنْقَع ماءِ السماءِ كما تَقَدَّم عن اللَّيث وهذا غَرِيبٌ مع أَنّ الأَزهريّ أَزالَ الإِشْكَالَ بقوله : بهذا المَعْنَى . فَتَأَمَّل ولا تَغْتَرّ بقول المُصَنّف فقد عَرَفْتَ مِنْ أَيْنَ أَخَذ ؟ وكيف أَخَذَ ؟ واللهُ يَعْفُو عَنّا وعَنْه . وغَدِرَ اللَّيْلُ كفَرِحَ يَغْدَرُ غَدَراً وأَغْدَرَ - ذَكَره ابنُ القَطّاع ومثلْهُ في اللسان . فالعَجَبُ من المُصَنّف كَيْفَ تَرَكَه - : أَظْلَمَ أَو اشْتَدَّ ظَلامُه كما قاله ابنُ القَطّاع فهِيَ أَي اللَّيْلَة غَدِرَة كفَرِحَةٍ يُقَال : لَيْلَةٌ غَدِرَة بَيِّنَةُ الغَدَر ومُغْدِرَة كمُحْسِنَةٍ : شَدِيدَةُ الظُّلْمَةِ تَحْبِسُ الناسَ في مَنَازِلِهم وكِنِّهم فيَغْدِرُون أَي يَتَخَلَّفُون . وفي الحديث : مَنْ صَلَّى العِشَاءَ في جَمَاعةٍ في اللَّيْلَةِ المُغْدِرَة فقد أضوْجَبَ . وقيل إِنَّمَا سُمِّيَتْ مُغْدِرَةً لِطَرْحها مَنْ يَخْرُج فيها في الغَدَرِ وهي الجِرَفَة . وفي حَدِيث كَعْبٍ : لَوْ أَنَّ امْرَأَةً من الحُورِ العِينِ اطَّلَعَتْ إِلى الأَرْضِ في لَيْلَةٍ ظَلْمَاءَ مُغْدِرَةٍ لأَضاءَتْ ما عَلَى الأَرْض . وغَدِرَتِ الناقَةُ عن الإِبِلِ غَدَراً : تَخَلَّفَتْ عن اللُّحُوق وكذا الشاةُ عن الغَنَمِ . ولو ذكره عند قَوْله : وإشنْ تَخَلَّفَتْ هي فغَدُورٌ وقال : وقد غَدِرَتْ بالكَسْرِ كان أَخْصَرَ . وغَدِرَت الغَنَمُ غَدَراً : شَبِعَتْ في المَرْتَع . وفي المحكم : في المَرْجِ في أَوَّلِ نَبْتِه . وغَدِرَتِ الأَرْضُ : كَثُر بها الغَدَرُ فهِيَ غَدْرَاءُ ؛ قاله ابنُ القَطَّاع . والغَدَرُ مُحَرَّكةً : كُلُّ ما وَارَاكَ وسَدَّ بَصَرَكَ . وقِيلَ : هُوَ كُلُّ مَوْضِع صَعْبٍ لا تَكَادُ الدَّابَّةُ تَنْفُذ فيه . وقِيلَ : الغَدَرُ : الأَرْضُ الرَّخْوَةُ ذات اللَّخاقِيقِ . وقال اللِّحْيَانِيّ : الغَدَرُ الحِجَرَةُ بكَسْرٍ ففَتْح والجِرَفَةُ واللَّخاقِيقُ وفي بعض النُّسَخ : الأَخاقيقُ من الأَرْضِ . وقولُه : المُتَعَاديِةَ ُ صِفَة اللَّخاقيقِ لا الأّرْض فلذا لو قَدّضمَه كما هُوَ في نَصّ اللّحْيَانِيّ كانَ أَصْوَبَس كما لا يَخْفَى والجَمْعُ أَغْدَارٌ كسَبَب وأَسْبَابٍ وقيل : الغَدَرُ : الحِجَارَةُ مع الشَّجَرِ وكذلك الجَرَلُ والنَّقَلُ وهو قَوْلُ أَبِي زَيْدٍ وابنِ القَطّاع . وقِيلَ : الغَدَرُ : المَوْضِعُ الظَّلِفُ الكَثِيرُ الحِجَارَةِ . وقال العَجّاج : .
سَنابِكُ الخَيْلِ يُصَدِّعْنَ الأَيَرْ ... من الصَّفَا القاسِي ويَدْعَسْنَ الغَدَرْ