وكثيره يشفع لا يغلبه الغاصب ولا يسلبه العدو المناصب ولا يبتزه الدهر إذا مال ولا يستأثر به البحر إذا هال من لم ينله فهو ذليل وإن كثرت آماله وقليل وإن جم ماله وإن كان وقته قد فات اكتسابكم وتخطى حسابكم فالتمسوه لبنيكم واستدركوا منه ما خرج عن أيديكم واحملوهم علىجمعه ودرسه واجعلوا طباعهم ثرى لغرسه واستسهلوا ما ينالهم من تعب من جراه وسهريهجر له الجفن كراه تعقدوا لهم ولاية عز لا تعزل وتحلوهم مثابة رفعة لا يحط فارعها ولا يستنزل واختاروا من العلوم التي ينفقها الوقت ما لا يناله في غيره المقت .
وخير العلوم علوم الشريعة وما نجم بمنابتها المريعة من علوم لسان لا تستغرق الأعمار فصولها ولا يضايق ثمرات المعاد حصولها فإنما هي آلات لغير وأسباب إلى خير منها وخير فمن كان قابلا لازدياد وألفى فهمه ذا انقياد فليخص تجويد القرآن بتقديمه ثم حفظ الحديث ومعرفة صحيحة من سقيمه ثم الشروع في أصول الفقه فهو العلم العظيم المنة المهدي كنوز الكتاب والسنة ثم المسائل المنقولة عن العلماء الجلة والتدرب في طرق النظر وتصحيح الأدلة وهذه هي الغاية القصوى في الملة ومن قصر إدراكه عن هذا المرمى وتقاعد عن التي هي أسمى فليرو الحديث بعد تجويد الكتاب وإحكامه وليقرإ المسائل الفقهية على مذهب إمامه وإياكم والعلوم القديمة والفنون المهجورة الذميمة فأكثرها لا يفيد إلا تشكيكا ورأيا ركيكا ولا يثمر في العاجلة إلا اقتحام العيون وتطريق الظنون وتطويق الاحتقار وسمة الصغار وخمول الأقدار والخسف من بعد الإبدار وجادة الشريعة أعرق في الاعتدال وأوفق من قطع العمر في الجدال هذا ابن رشد قاضي المصر