وقد بدأناك من العطاء بما يكون ببسم الله في صدر الكتاب وجعلناه كالغمامة التي تأتي أولا بالقطار ثم تأخذ في الإنسكاب وخير العطاء ما رب بعد ميلاده وأينع ثمره بعد جداده وإن صادف ذلك وسائل خدم مستأنفة كان لها قرانا وصادف الإحسان منه إحسانا وقد ضمن الله تعالى للشاكر من عباده مزيدا ولم يرض له بأن يكون مبدئا حتى يكون معيدا وكذلك دأبه فيمن عرف مواقع نعمه وعلم أن صحتها لا تفارقه ما لم يعدها بسقمه .
ونحن أولى من أخذ بهذا الأدب الكريم وألزم نفسه أن تتحلى بخلقه وإنه للخلق العظيم وعطاؤنا المنعم به عليك لم يذكر في هذا التوقيع على حكم الامتنان بل إثباتا لحساب الجند الذين هم أعوان الدولة ولا بد من إحصاء الأعوان وهو كذا وكذا .
فامدد له يدا تجمع مع الشكر مواظبة ومع الطاعة مراقبة وكن في التأهب للخدمة كالسهم الموضوع في وتره وأصخ بسمعك وبصرك إلى ما تؤمر به فلا ائتمار لمن لم يصخ بسمعه وبصره .
وملاك ذلك كله أن تتكثر من فرسان الغوار وحماة الذمار والذين هم زينة سلم ومفزع حذار ومثل هؤلاء لا يضمهم جيش إلا تقدمه جيش من الرعب ودارت منه الحرب على قطبها ولا تدور رحى إلا على قطب وإذا ساروا خلف رايتك نشرت ذوائبها على غاية من الآساد وخفقت على بحر من الحديد يسير به طود من الجياد .
ومن أهم الوصايا إليك أن تضيف إلى غنائهم غنى يبرزهم في زهرة من اللباس ويعينهم على إعداد القوة ليوم الباس ويقصر لديهم شقة الأسفار التي تذهب بنزقات الشماس وينقطع دون قطعها طول الأنفاس وأي فائدة في عسكر يأخذ بعد المسرى في حوره ولا يزيد صبره بزيادة سفره ويكون حافره وخفه سواء في انتساب كل منهما إلى شدة حجره