وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

يقولوا ذلك له عليه السلام وهم يريدون أن يُقِرَّ لهم بأنَّ كسرَ الأصنام قد كانَ ولكن أن يُقِرَّ بأنَّه منه كان . وقد أشاروا له إِلى الفِعل في قولهم : ( أأنتَ فعلتَ هذا ) . وقال هو عليه السلام في الجواب : ( بل فعلَهُ كبيرُهم هذا ) . ولو كان التقريرُ بالفعلِ لكان الجوابُ : فعلتُ أو لم أَفْعَلْ فإِن قلتَ : أو ليسَ إِذا قال : " أفعلتَ " فهو يريدُ أيضاً أن يقرره بأنَّ الفِعلَ كان منه لا بأنه كان على الجملة فأيُّ فرقٍ بينَ الحالين فإِنَّه إِذا قال : " أفعلتَ " فهو يقرره بالفعلِ من غيرِ أن يرددَه بينه وبين غيره وكان كلامهُ كلامَ مَن يُوهم أنه لا يدري أن ذلك الفعل كان على الحقيقةِ . وإِذا قال : أأنت فعلتَ كان قد ردَّد الفعلَ بينهُ وبين غيره ولم يكنْ منهُ في نفيِ الفعل تردُّدٌ . ولم يكنْ كلامُه كلامَ من يُوهُم أنه لا يدري أكانَ الفعلُ أم لم يكن , بدلالةِ أنّك تقولُ ذلك والفعلُ ظاهرٌ موجودٌ مشارٌ إِليهِ كما رأيتَ في الآية .
واعلمْ أنَّ الهمزةَ فيما ذكرنا تقريرٌ بفعلٍ قد كان وإِنكارٌ له لِمَ كان وتوبيخٌ لفاعلهِ عليه . ولها مذهبٌ آخَرُ وهو أن يكونَ لإِنكارِ أن يكونَ الفعلُ قد كانَ مِن أصله . ومثالُه قولُه تعالى : ( أَفأَصْفَاكُمْ رَبُّكْمْ بالبَنينَ واتَّخَذَ من المَلائِكَةِ إِناثاً إِنّكُمْ لَتَقولونَ قَوْلاً عظِيماً ) وقولُه عَزَّ وجَلَّ : ( أَصْطَفَى البَناتِ عَلى البَنِينَ مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمون ) . فهذا ردٌّ على المشركين وتكذيبٌ لهم في قولِهم ما يُؤدي إِلى هذا الجهلِ العظيم . وإِذا قُدَّم الاسمُ في هذا صار الإِنكار في الفاعل ومثالُه قولُك للرجل قد انتحلَ شعراً : أأنت قلتَ هذا الشعرَ كذبتَ لَسْتَ ممن يُحسِنُ مثلَه . أنكرتَ أن يكون القائلُ ولم تُنكر الشعرَ . وقد تكونُ إذْ يراد إِنكارُ الفعلِ من أصلِه ثم يُخْرج اللفظُ مُخرجَه إِذا كان الإِنكار في الفاعل مثالُ ذلك قولُه تعالى : ( قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ ) الإِذنُ راجعٌ إِلى قوله : ( قُلْ أَرَأَيْتُم ما أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْه حَرَاماً وحَلاَلاً ) . ومَعْلومٌ أنَّ المعنى على إِنكارِ أنْ يكونَ قد كانَ منَ الله تعالى