وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

واعلمْ أَنَّ في الآية الأولى شيئاً آخرَ من جنسِ النظم وهو تعريفُ الرأس بالألفِ واللام وإِفادةُ معنى الإِضافة من غيرِ إِضافة وهو أحدُ ما أوجبَ المزيَّةَ . ولو قيل : واشتعلَ رأسي . فصُرَّحَ بالإِضافة لذهبَ بعضُ الحُسْن فاعرفْه . وأنا أكتبُ لك شيئاً ممّا سبيلُ الاستعارةِ فيه هذا السبيلُ ليستحكمَ هذا البابُ في نفسِكَ ولتأنسَ به فمن عجيبِ ذلك قولُ بعض الأعراب - الرجز - : .
( اللَّيْلُ داجٍ كَنَفَا جِلْبَابِهِ ... والبَيْنُ مَحْجْورٌ على غُرَابِهِ ) .
ليس كلُّ ما ترى منَ الملاحَة لأنْ جَعَل للَّيلِ جلباباً وحَجَر على الغرابِ . ولكن في أنْ وضعَ الكلامَ الذي تَرى فجعلَ الليلَ مبتدأً وجعل " داجٍ " خبراً له وفعلاً لما بعده وهو الكنفان وأضافَ الجلبابَ إِلى ضميرِ الليل . ولأنْ جعلَ كذلك " البينُ " مبتدأً وأجرى محجوراً خبراً عليه وأنْ أخرجَ اللفظَ على مفعولٍ . يبينُ ذلك أنك لو قلتَ : وغرابُ البينِ محجورٌ عليه أو : قد حُجر على غُرابِ البين لم تَجِدْ له هذه المَلاحةَ . وكذلك لو قلتَ : قد دجا كنفا جلبابِ اللَّيل لم يكنْ شيئاً .
ومن النَّادِر فيه قولُ المتنبي - الخفيف - : .
( غَصَبَ الدَّهْرَ والمُلوكَ عَلَيْها ... فَبَناها في وَجْنَةِ الدَّهرِ خَالا ) .
قد ترى في أولِ الأمرِ أنَّ حسنَه أجمعَ في أن جعلَ للدَّهرِ وجنةً وجَعَلَ البنيَّة خالاً في الوجنة . وليس الأمرُ على ذلك فإِنَّ موضعَ الأعجوبةِ في أن أخرجَ الكلام مُخرجَه الذي تَرى وأن أتى بالخالِ منصوباً على الحال من قوله " فبناها " . أفلا ترى أنّك لو قلت : وهي خالٌ في وجنةِ الدَّهر لوجدتَ الصّورة غيرَ ما ترى وشبيهٌ بذلك أنَّ ابنَ المعتزَّ قال :