ثم لا تكونُ إحداهما في حُكْم النظيرِ للأُخرى . مثالُ ذلك أنه لا يكونُ قولهُ : جبانُ الكلب نظيراً لقوله : مهزولُ الفصيل بل كل واحدة من هاتين الكنايتين أصلٌ بنفسه وجنسٌ على حدة . وكذلك قول ابن هَرْمة - المنسرح - : .
( لا أُمْتِع العُوذَ بالفِصال ولا ... أَبْتاعُ إلاّ قَريبَةَ الأَجَلِ ) .
ليس إحدى كنايتيهِ في حُكم النظيرِ للأخرى وإن كانَ المُكنى بهما عنه واحداً فاعرفْه .
وليس لِشُعَبِ هذا الأصْلِ وفروعِه وأمثلَتِه وصُوَرِهِ وطُرِقه ومسالِكه حدٌّ ونهايةٌ . ومن لطيفِ ذلك ونَادِره قولُ أبي تمام - الوافر - : .
أَبَيِّنَ فمَا يَزُرْنَ سِوى كَريمٍ ... وحَسْبُكَ أنْ يَزُرْنَ أبا سَعِيدِ ) .
ومثلُه وإن لم يبلغْ مبلَغَه قولُ الآخَرِ - الوافر - : .
( مَتى تخلُو تميمٌ من كَريمٍ ... ومَسْلَمَةُ بنُ عَمرٍو مِنْ تَميمِ ) .
وكذلك قولُ بعض العرب - المتقارب - : .
( إذا اللهُ لم يَسْقِ إلاَّ الكِرامَ ... فَسقَّى وُجُوهَ بني حَنْبَلِ ) .
( وسَقى ديارَهُمُ باكِراً ... مِنَ الغَيْثِ في الزَّمنِ المُمْحِلِ ) .
وفنٌّ منه غريبٌ قولُ بعضهم في البرامكة - الطويل - : .
( سَألْتُ النَّدَى والجُودَ : ما لي أراكُما ... تَبدَّلتُما ذُلاَّ بِعِزٍّ مؤيَّدِ )