وقال تعالى ( أو من ينشؤ في الحلية وهو في الخصام غير مبين ) ولذلك قال النمر بن تولب .
( وكل خليل عليه الرعاث ... والحبلات ضعيف ملق ) .
وليس حفظك الله مضرة سلاطة اللسان عند المنازعة وسقطات الخطل يوم اطالة الخطبة بأعظم مما يحدث عن العي من اختلال الحجة وعن الحصر من فوت درك الحاجة والناس لا يعيرون الخرس ولا يلومون من استولى على بيانه العجز وهم يذمون الحصر ويؤنيون العي فان تكلفا مع ذلك مقامات الخطباء وتعاطيا مناظرة البلغاء تضاعف عليهما الذم وترادف عليهما التأنيب ومماتنة العي الحصر للبليغ المصقع في سبيل مماتنة المنقطع المفحم للشاعر المفلق وأحدهما ألوم من صاحبة والالسنة اليه أسرع وليس اللجلاج والتمتام الالثغ والفأفاء وذو الحبسة والحكلة والرتة وذو اللفف والعجلة في سبيل الحصر في خطبته والعي في مناضلة خصومه كما ان سبيل المفحم عند الشعراء والبكىء عند الخطباء خلاف سبيل المسهب الثرثار والخطل المكثار .
ثم اعلم ابقاك الله ان صاحب التشديق والتقعير والتقعيب من الخطباء والبلغاء مع سماحة التكلف وشنعة التزيد أعذر من عي يتكلف الخطابة ومن حصر يتعرض لاهل الاعتياد والدربة ومدار اللائمة ومستقر المذمة حيث رأيت بلاغة يخالطها التكلف وبيانا يمازحه التزيد الا ان تعاطي الحصر المنقوص مقام الدرب التام اقبح من تعاطي البليغ الخطيب ومن تشادق الاعرابي القح وانتحال المعروف ببعض الغزارة في المعاني والالفاظ وفي التحبير والارتجال انه البحر الذي لا ينزح والغمر الذي لا يسبر أيسر من انتحال الحصر المنخوب أنه في مسلاخ التام الموفر والجامع المحكك وان كان رسول الله قد قال ( أياي والتشادق ) وقال ( أبغضكم الي الثرثارون المتفيهقون ) وقال ( من بدا جفا ) وعاب الفدادين والمتزيدين في جهارة الصوت وانتحال سعة الاشداق ورحب الغلاصم وهدل الشفاه وأعلمنا ان ذلك في أهل الوبر أكثر وفي اهل المدر أقل فاذا عاب المدري بأكثر مما عاب به الوبري فما ظنك بالمولد القروي والمتكلف البلدي فالحصر المتكلف والعي المتزيد ألوم