غناء أطربه أكثر مما يطربه غيره مما لا يحفظ شعره فإذا غنيته فأطربته وأمر لك بجائزة فقم على رجليك قائما وقبل الأرض بين يديه وقل له لي حاجة غير هذه الجائزة أريد أن أسألها أمير المؤمنين وهي حاجة تقوم عندي مقام كل فائدة ولا تضره ولا ترزؤه فإنه سيقول لك أي شيء حاجتك فقل قطيعة تقطعنيها سهلة عليك لا قيمة لها ولا منفعة فيها لأحد فإذا أجابك إلى ذلك فقل له تقطعني شعر ذي الرمة أغني فيه ما أختاره وتحظر على المغنين جميعا أن يداخلوني فيه فإني أحب شعره وأستحسنه فلا أحب أن ينغصه علي أحد منهم وتوثق منه في ذلك فقبلت ذلك القول منه وما انصرفت من عنده بعد ذلك إلا بجائزة وتوخيت وقت الكلام في هذا المعنى حتى وجدته فقمت فسألت كما قال لي وتبينت السرور في وجهه وقال ما سألت شططا قد أقطعتك سؤلتك فجعلوا يتضاحكون من قولي ويقولون لقد استضخمت القطيعة وهو ساكت فقلت يا أمير المؤمنين أتأذن لي في التوثق قال توثق كيف شئت فقلت بالله وبحق رسوله وبتربة أمير المؤمنين المهدي إلا جعلتني على ثقة من ذلك بأنك تحلف لي أنك لا تعطي أحدا من المغنين جائزة على شيء يغنيه في شعر ذي الرمة فإن ذلك وثيقتي فحلف مجتهدا لهم لئن غناه أحد منهم في شعر ذي الرمة لا أثابه بشيء ولا بره ولا سمع غناءه فشكرت فعله وقبلت الأرض بين يديه وانصرفنا .
فغنيت مائة صوت وزيادة في شعر ذي الرمة فكان إذا سمع منها صوتا طرب وزاد طربه ووصلني فأجزل ولم ينتفع به أحد منهم غيري فأخذت منه والله بها ألف ألف درهم وألف ألف درهم .
أخبرني جعفر بن قدامة بن زياد الكاتب قال حدثني هارون بن محمد بن عبد الملك الزيات قال حدثني أبو خالد الأسلمي قال حدثني محمد بن عمر الجرجاني قال