@ 61 @ فجعلهم النبي في الإبل حتى صحوا فقتلوا الراعي واستاقوا الذَّود مرتدين فبعث النبي في آثارهم فجيء بهم فقتلهم على ذلك وقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف وسمل أعينهم كما فعلوا وقد بيّنا ذلك في سورة المائدة وشرح الحديث واستوفى الله بيان حرب الردة بأبي بكر الصديق على يديه وذلك مستوفى في كتب الحديث والفقه .
وأما قتال أهل البغي فقد نصَّه الله في كتابه حيث يقول ( ! < وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله > ! ) الحجرات 9 ثم بيَّن الله تعالى ذلك لعلّي ابن أبي طالب على ما شرحناه في موضعه من الحديث والمسائل .
وأما ولاية القضاء فقدّم النبي لها في حياته عليّ بن أبي طالب حين بعثه إلى اليمن وقال لا تقض لأحد الخصمين حتى تسمع من الآخر وشروطها مذكورة في الفقه وقدّم النبي غيره من ولاته .
وأما ولاية المظالم فهي ولاية غريبة أحدثها من تأخَّر من الولاة لفساد الولاية وفساد الناس وهي عبارة عن كل حكم يعجز عنه القاضي فينظر فيه من هو أقوى منه يداً وذلك أنّ التنازع إذا كان بين ضعيفين قوَّى أحدهما القاضي وإذا كان بين قوي وضعيف أو قويين والقوة في أحدهما بالولاية كظلم الأمراء والعمال فهذا مما نصب له الخلفاء أنفسهم وأول من جلس إليه عبد الملك بن مروان فردَّه إلى قاضيه ابن إدريس ثم جلس له عمر بن عبد العزيز فردَّ مظالم بني أمية على المظلومين إذ كانت في أيدي الولاة والعتاة الذين تعجز عنهم القضاة ثم صارت سنة فصار بنو العباس يجلسون لها وفي قصة دارسة على أنها في أصل وضعها داخلة في القضاء ولكن الولاة أضعفوا الخطة القضوية ليتمكنوا من ضعف الرعيّة ليحتاج الناس إليهم فيقعدوا عنهم فتبقى المظالم بحالها