@ 312 @ $ المسألة الثانية $ .
هو الخضوع وهو الإخبات والاستكانة وهي ألفاظ مترادفة أو متقاربة أو متلازمة وقد كان النبي يقول في دعائه خضع لك سوادي وآمن بك فؤادي .
وحقيقته السكون على حالة الإقبال التي تأهب لها واحترم بها بالسر في الضمير وبالجوارح في الظاهر فقد كان النبي لا يلتفت في صلاته خاشعاً خاضعاً وكذلك كان أبو بكر لا يلتفت وكذلك كان حفيده عبدالله بن الزبير .
قال ابن المنكدر لعروة لو رأيت قيام ابن الزبير يعني أخاه عبدالله في الصلاة لقلت غصن تصفقه الرياح وحجارة المنجنيق تقع هاهنا ورضف عن يمينه وعن يساره وهو قائم يصلي .
وقال مجاهد كان ابن الزبير إذا قام يصلي كأنه عود من الخشوع .
وقال عمرو بن دينار إن ابن الزبير كان يصلي في الحجر مرخياً ثيابه فجاء حجر الخذاف فذهب بطائفة من ثوبه فما التفت وكذلك كان عبدالله بن مسعود إذا صلى لا يتحرك منه شيء ومن هاهنا قال العلماء وهي $ المسألة الثالثة $ .
إنه يضع بصره في موضع سجوده وبه قال الشافعي والصوفية بأسرهم فإنه أحضر لقلبه وأجمع لفكره .
قال مالك إنما ينظر أمامه فإنه إن حنى رأسه ذهب بعض القيام المنقوض عليه في الرأس وهو أشرف الأعضاء منه وإن أقام رأسه وتكلف النظر ببصره إلى الأرض فتلك مشقة عظيمة وحرج يعرفون ذلك بالتجربة وما جعل علينا في الدين من حرج وإنما أمرنا أن نستقبل الجهة ببصائرنا وأبصارنا أما إنه أفضل لمن قدر عليه متى قدر وكيف قدر وإنما الممنوع أن يرفع بصره في الصلاة إلى السماء فإنه لم يؤمر أن يستقبل السماء وإنما أمر أن يستقبل الجهة الكعبية فإذا رفع بصره فهو إعراض