في الحديث عن ابن عباس وأبي هريرة مرفوعا أن عمره اكتتب في اللوح المحفوظ الف سنة وهذا لا يعارضه ما في التوارة من أنه عاش تسعمائة وثلاثين سنة لأن قولهم هذا مطعون فيه مردود إذا خالف الحق الذي بأيدينا مما هو المحفوظ عن المعصوم وأيضا فإن قولهم هذا يمكن الجمع بينه وبين ما في الحديث فإن ما في التوراة إن كان محفوظا محمول على مدة مقامه في الأرض بعد الاهباط وذلك تسعمائة وثلاثون سنة شمسية وهي بالقمرية تسعمائة وسبع وخمسون سنة ويضاف إلى ذلك ثلاث وأربعون سنة مدة مقامه في الجنة قبل الاهباط على ما ذكره ابن جرير وغيره فيكون الجميع الف سنة .
وقال عطاء الخراساني لما مات آدم بكت الخلائق عليه سبعة أيام رواه ابن عساكر فلما مات آدم عليه السلام قام بأعباء الأمر بعده ولده شيث عليه السلام وكان نبيا بنص الحديث الذي رواه ابن حبان في صحيحه عن أبي ذر مرفوعا أنه أنزل عليه خمسون صحيفة فلما حانت وفاته أوصى إلى ابنه أنوش فقام بالأمر بعده ثم بعده ولده قينن ثم من بعده ابنه مهلاييل وهو الذي يزعم الأعاجم من الفرس أنه ملك الأقاليم السبعة وأنه أول من قطع الأشجار وبنى المدائن والحصون الكبار وأنه هو الذي بنى مدينة بابل ومدينة السوس الأقصى وأنه قهر إبليس وجنوده وشردهم عن الأرض إلى أطرافها وشعاب جبالها وأنه قتل خلقا من مردة الجن والغيلان وكان له تاج عظيم وكان يخطب الناس ودامت دولته أربعين سنة فلما مات قام بالأمر بعده ولده يرد فلما حضرته الوفاة أوصى إلى ولده خنوخ وهو إدريس عليه السلام على المشهور .
إدريس عليه السلام .
قال الله تعالى واذكر في الكتاب إدريس أنه كان صديقا نبيا ورفعناه مكانا عليا فإدريس عليه السلام قد أثنى الله عليه ووصفه بالنبوة والصديقية وهو خنوخ هذا وهو في عمود نسب رسول الله A على ما ذكره غير واحد من علماء النسب وكان أول بني آدم أعطى النبوة بعد آدم وشيث عليهما السلام وذكر ابن إسحاق أنه أول من خط بالقلم وقد أدرك من حياة آدم ثلاثمائة سنة وثماني سنين وقد قال طائفة من الناس إنه المشار إليه في حديث معاوية بن الحكم السلمي لما سأل رسول الله A عن الخط بالرمل فقال إنه كان نبي يخط به فمن وافق خطه فذاك ويزعم كثير من علماء التفسير والأحكام أنه أول من تكلم في ذلك ويسمونه هرمس الهرامسة ويكذبون عليه أشياء كثيرة كما كذبوا على غيره من الأنبياء والعلماء والحكماء والأولياء وقوله تعالى ورفعناه مكانا عليا هو كما ثبت في الصحيحين في حديث الإسراء أن رسول الله A مر به وهو في السماء الرابعة وقد روى ابن جرير عن يونس عن عبدالأعلى عن ابن وهب عن جرير بن حازم عن الأعمش عن شمر بن عطية عن هلال بن يساف