في الناس ألف ألف دينار وكان جلال الدين قد بعث جيشا إلى الكرج فكتبوا إليه أن أدركنا قبل أن نهلك عن آخرنا وبغداد ما تفوت فسار إليهم وكان من أمره ما ذكرنا .
وفيها كان غلاء شديد بالعراق والشام بسبب قلة الأمطار وإنتشار الجراد ثم أعقب ذلك فناء كثير بالعراق والشام أيضا فمات بسببه خلق كثير في البلدان فإنا لله وإنا إليه راجعون .
وفاة الخليفة الناصر لدين الله وخلافة ابنه الظاهر .
لما كان يوم الأحد آخر يوم من شهر رمضان المعظم من هذه السنة توفي الخليفة الناصر لدين الله أبو العباس أحمد بن المستضيء بامر الله أبي المظفر يوسف بن المقتفي لأمر الله أبي عبد الله محمد بن المستظهر بالله أبي عبد الله أحمد بن المقتدي بأمر الله أبي القاسم عبد الله بن الذخيرة محمد بن القائم بأمر الله أبي جعفر عبدا لله بن القادر بالله أبي العباس أحمد بن الموفق أبي أحمد بن محمد المتوكل أبي جعفر عبد الله بن القادر بالله أبي العباس أحمد بن إسحاق بن المقتدر بالله أبي الفضل جعفر بن المعتضد بالله أبي العباس أحمد بن الموفق أبي أحمد بن محمد المتوكل على الله جعفر بن المعتصم بالله أبي إسحاق محمد بن هارون الرشيد بن المهدي محمد بن عبد الله أبي جعفر المنصور بن محمد بن علي ابن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب الهاشمي العباسي أمير المؤمنين ولد ببغداد سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة وبويع له بالخلافة بعد موت أبيه سنة خمس وسبعين وخمسمائة وتوفي في هذه السنة وله من العمر تسع وستون سنة وشهران وعشرون يوما وكانت مدة خلافته سبعا وأربعين سنة إلا شهرا ولم يقم أحد من الخلفاء العباسيين قبله في الخلافة هذه المدة الطويلة ولم تطل مدة أحد من الخلفاء مطلقا أكثر من المستنصر العبيدي أقام بمصر حاكما ستين سنة وقد انتظم في نسبة أربعة عشر خليفة وولى عهد على ما رأيت وبقية الخلفاء العباسيين كلهم من أعمامه وبنى عمه وكان مرضه قد طال به وجمهوره من عسار البول مع أنه كان يجلب له الماء من مراحل عن بغداد ليكون أصفى وشق ذكره مرات بسبب ذلك ولم يغن عنه هذا الحذر شيئا وكان الذي ولى غسله محيي الدين ابن الشيخ ابي الفرج ابن الجوزي وصلى عليه ودفن في دار الخلافة ثم نقل إلى الترب من الرصافة في ثاني ذي الحجة من هذه السنة وكان يوما مشهودا قال ابن الساعي أما سيرته فقد تقدمت في الحوادث وأما ابن الاثير في كامله فإنه قال وبقي الناصر لدين الله ثلاث سنين عاطلا من الحركة بالكلية وقد ذهبت إحدى عينيه والأخرى يبصر بها إبصارا ضعيفا وآخر الأمر أصابه دوسنطارية عشرين يوما ومات وزر له عدة وزراء وقد تقدم ذكرهم ولم يطلق في أيام مرضه ما كان أحدثه من الرسوم الجائرة وكان قبيح السيرة في رعينه ظالما لهم فخرب في أيامه العراق وتفرق أهله في البلاد وأخذ أموالهم وأملاكهم وكان يفعل الشيء وضده فمن ذلك أنه عمل دورا