تعرض الرسائل بعد ابن بابشاد وكان كثير الاطلاع عالما بهذا الشأن ومطرحا للتكيف في كلامه لايلتفت ولا يعرج على الأعراب فيه إذا خاطب الناس وله التصانيف المفيدة توفي وقد جاوز الثمانين بثلاث سنين C تعالى والله سبحانه وتعالى أعلم .
ثم دخلت سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة .
فيها كانت وقعة حطين التي كانت أمارة وتقدمة وإشارة لفتح بيت المقدس واستنفاذه من أيدي الكفرة قال ابن الأثير كان أول يوم منها يوم السبت وكان يوم النيروز وذلك أول سنة الفرس وأتفق أن ذلك كان أول سنة الروم و هو اليوم الذي نزلت فيه الشمس برج الحمل وكذلك كان القمر في برج الحمل أيضا وهذا شئ يبعد وقوع مثله وبرز السلطان من دمشق يوم السبت مستهل محرم في جيشه فسار إلى رأس الماء فنزل ولده الأفضل هناك في طائفة من الجيش وتقدم السلطان ببقية الجيش إلى بصرى فخيم على قصر أبي سلام ينتظر قدوم الحجاج وفيهم أخته ست الشام وأبنها حسام الدين محمد بن عمر بن لاشين ليسلموا من معرة برنس الكرك فلما جاز الحجيج سالمين سار السلطان فنزل على الكرك وقطع ما حوله من الاشجار ورعى الزرع وأكلوا الثمار وجاءت العساكر المصرية وتوافت الجيوش المشرقية فنزلوا عند ابن السلطان على رأس الماء وبعث الأفضل سرية نحو بلاد الفرنج فقتلت وغنمت وسلمت ورجعت فبشر بمقدمات الفتح والنصر وجاء السلطان بجحافله فإلتفت عليه جميع العساكر فرتب الجيوش وسار قاصدا بلاد الساحل وكان جملة من معه من المقاتلة أثنى عشر ألفا غير المتطوعة فتسامعت الفرنج بقدومه فاجتمعوا كلهم وتصالحوا فيما بينهم وصالح قومس طرابلس وبرنس الكرك الفاجر وجاءوا بحدهم وحديدهم وأستصحبوا معهم صليب الصلبوت يحمله منهم عباد الطاغوت وضلال الناسوت في خلق لايعلم عدتهم إلاالله D يقال كانوا خمسين ألفا وقيل ثلاثا وستين ألفا وقد خوفهم صاحب طرابلس من المسلمين فاعترض عليه البرنس صاحب الكرك فقال له لا أشك أنك تحب المسلمين وتخوفنا كثرتهم وسترى غب ما أقول لك فتقدموا نحو المسلمين وأقبل السلطان ففتح طبرية وتقوى بما فيها من الأطعمة والأمنعة وغير ذلك وتحصنت منه القلعة فلم يعبأ بها وحاز البحيرة في حوزته ومنع الله الكفرة أن يصلوا منها إلى قطرة حتى صاروا في عطش عظيم فبرز السلطان إلى سطح الجبل الغربي من طبرية عند قرية يقال لها حطين التي يقال إن فيها قبر شعيب E وجاء العدو المخذول وكان فيهم صاحب عكا وكفرنكا وصاحب الناصرة وصاحب صور وغير ذلك من جميع ملوكهم فتواجه الفريقان وتقابل الجيشان وأسفر وجه الإيمان وإغبر وأقتم وأظلم وجه الكفر والطغيان ودارت دائرة السوء على عبدة الصلبان وذلك عشية يوم