وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

عن غيره .
فإن قدر عبد على أن يجعل همه مستغرقا بالله D فلا يقدر على أن يموت على تلك الحالة إلا في صف القتال .
فإنه قطع الطمع عن مهجته وأهله وماله وولده بل من الدنيا كلها فإنه يريدها لحياته وقد هون على قلبه حياته في حب الله D وطلب مرضاته فلا تجرد لله أعظم من ذلك ولذلك عظم أمر الشهادة وورد فيه من الفضائل ما لا يحصى .
فمن ذلك أنه لما استشهد عبد الله بن عمرو الأنصاري يوم أحد قال رسول الله A لجابر ألا أبشرك يا جابر قال بلى بشرك الله بالخير قال إن الله D أحيا أباك فأقعده بين يديه وليس بينه وبينه ستر فقال تعالى تمن علي يا عبدي ما شئت أعطيكه فقال يا رب أن تردني إلى الدنيا حتى أقتل فيك وفي نبيك مرة أخرى فقال D سبق القضاء مني بأنهم إليها لا يرجعون // حديث ألا أبشرك يا جابر قال بلى بشرك الله بالخير قال إن الله أحيا أباك وأقعده بين يديه وليس بينه وبينه ستر فقال تعالى تمن علي الحديث أخرجه الترمذي وقال حسن وابن ماجه والحاكم وصحح إسناده من حديث جابر // ثم القتل سبب الخاتمة على مثل هذه الحالة فإنه لو لم يقتل وبقي مدة ربما عادت شهوات الدنيا إليه وغلبت على ما استولى على قلبه من ذكر الله D .
ولهذا عظم خوف أهل المعرفة من الخاتمة فإن القلب وإن ألزم ذكر الله D فهو متقلب لا يخلو عن الالتفات إلى شهوات الدنيا ولا ينفك عن فترة تعتريه .
فإذا تمثل في آخر الحال في قلبه أمر من الدنيا واستولى عليه وارتحل عن الدنيا والحالة هذه فيوشك أن يبقى استيلاؤه عليه فيحن بعد الموت إليه ويتمنى الرجوع إلى الدنيا .
وذلك لقلة حظه في الآخرة إذ يموت المرء على ما عاش عليه ويحشر على ما مات عليه .
فأسلم الأحوال عن هذا الخطر خاتمة الشهادة إذ لم يكن قصد الشهيد نيل مال أو أن يقال شجاع أو غير ذلك // حديث الرجل يقاتل لنيل مال أو أن يقال شجاع أو غير ذلك متفق عليه من حديث أبي موسى قال جاء رجل إلى النبي A فقال الرجل يقاتل للذكر والرجل يقاتل للمغنم والرجل يقاتل ليرى مكانه فمن في سبيل الله قال من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله // كما ورد به الخبر بل حب الله D وإعلاء كلمته فهذه الحالة هي التي عبر عنها إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم واموالهم بأن لهم الجنة ومثل هذا الشخص هو البائع للدنيا بالآخرة .
وحالة الشهيد توافق معنى قولك لا إله إلا الله فإنه لا مقصود له سوى الله D وكل مقصود معبود وكل معبود إله فهذا الشهيد قائل بلسان حاله لا إله إلا الله إذ لا مقصود له سواه .
ومن يقول ذلك بلسانه ولم يساعده حاله فأمره في مشيئة الله D ولا يؤمن في حقه الخطر .
ولذلك فضل رسول الله A قول لا إله إلا الله على سائر الأذكار // حديث تفضيل لا إله إلا الله على سائر الأذكار أخرجه الترمذي وقال حسن والنسائي في اليوم والليلة وابن ماجه من حديث جابر // وذكر ذلك مطلقا في مواضع الترغيب ثم ذكر في بعض المواضع الترغيب .
ثم ذكر في بعض المواضع الصدق والإخلاص فقال مرة من قال لا إله إلا الله مخلصا ومعنى الإخلاص مساعدة الحال للمقال .
فنسأل الله تعالى أن يجعلنا في الخاتمة من أهل لا إله إلا الله حالا ومقالا ظاهرا وباطنا حتى نودع الدنيا غير متلفتين إليها بل متبرمين بها ومحبين للقاء الله فإن من أحب لقاء الله تعالى أحب الله لقاءه ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه فهذه مرامز إلى معاني الذكر التي لا يمكن الزيادة عليها في علم المعاملة .
الباب الثاني في آداب الدعاء وفضله وفضل بعض الأدعية المأثورة .
وفضيلة الاستغفار والصلاة على رسول الله A فضيلة الدعاء .
قال الله تعالى وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وقال تعالى