279 - ـ فصل : لا يغني حذر عن قدر .
ينبغي للعاقل أن يحرز غاية ما يمكنه فإذا جرى القدر مع احترازه لم يلم .
و الإحتراز ينبغي من كل شيء يمكن و وقوعه و أخذ العدة لذلك واجب وهذا يكون في كل حال فقد قص رجل ظفره فجار عليه فخبثت يده فمات .
و مر شيخنا أحمد الحربي هو راكب بمكان ضيق فتطأطأ على السرج فإنعصر فؤاده فمرض فمات .
و كان يحي بن نزار شيخا يحضر مجلسي قد طرق عليه ثقل الأذن فاستدعى طرقيا فمص أذنه فجرى شيء من مخه فمات .
و [ أنظر إلى إحتراز رسول الله صلى الله عليه و سلم حين مر على حائط مائل فأسرع ] .
و ينبغي أن يحترز بالكسب في زمن شبابه إدخارا لزمن شيبه .
و لا ينبغي أن يثق بمعامل إلا بوثيقة يبادر بالوصية مخافة أن يطرقه الموت و يحتزر من صديقه فضلا عن عدوه .
و لا يثق بمودة من قد آذاه هو فإن الحقد في القلوب قلما يزول .
و ليحترز من زوجته فربما أطلعها على سره ثم طلقها فيتأذى بما تفعل به .
و قد كان ابن أفلح الشاعر يكاتب رئيسا في زمن المسترشد فعلم بذلك بوابه و أتفق أنه صرف بوابه فنم عليه و نقضت داره .
فهذه المذكرات أمثلة تنبه على ما لم يذكر .
و أهم الكل أن يحترز بأخذ العدة و تحقيق التوبة قبل أن يهجم عليه ما لا يؤمن هجومه .
و ليحذر من لص الكسل فإنه محتال على سرقة الزمان