@ 170 @ .
والثالث : تهديد الكفار ، بأنهم سيعلمون حقيقة الأمر وصحة ما يوعد به الكافر من عذاب النار . .
وهذه الأمور الثلاثة جاءت موضحة في غير هذا الموضع : .
كقوله تعالى في الأول { وَإِنَّ السَّاعَةَ لآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ } ، وقوله تعالى { وَلاَ تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ } . .
والصفح الإعراض عن المؤاخذة بالذنب . .
قال بعضهم : وهو أبلغ من العفو . .
قالوا : لأن الصفح أصله مشتق من صفحة العنق ، فكأنه يولي المذنب بصفحة عنقه معرضاً عن عتابه فما فوقه . .
وأما الأمر الثاني ، فقد بين تعالى أنه هو شأن عباده الطيبين . .
ومعلوم أنه صلى الله عليه وسلم سيدهم كما قال تعالى { وَعِبَادُ الرَّحْمَانِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الاٌّ رْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ قَالُواْ سَلاَماً } ، وقال تعالى : { وَإِذَا سَمِعُواْ اللَّغْوَ أَعْرَضُواْ عَنْهُ وَقَالُواْ لَنَآ أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لاَ نَبْتَغِى الْجَاهِلِينَ } . وقال عن إبراهيم إنه قال له أبوه : { لَئِن لَّمْ تَنتَهِ لأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِى مَلِيّاً } قال له { سَلَامٌ عَلَيْكَ } . .
ومعنى السلام في الآيات المذكورة ، إخبارهم بسلامة الكفار من أذاهم ، ومن مجازاتهم لهم بالسوء ، أي سلمتم منا لا نسافهكم ، ولا نعاملكم بمثل ما تعاملوننا . .
وأما الأمر الثالث الذي هو تهديد الكفار بأنهم سيعلمون الحقيقة قد جاء موضحاً في آيات كتاب الله كقوله تعالى : { وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينِ } وقوله تعالى : { لِّكُلِّ نَبَإٍ مُّسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ } وقوله : { كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ } . وقوله تعالى : { كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ } . وقوله تعالى : { لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ } إلى غير ذلك من الآيات .