وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

الأول : إذا كان أصل الشيخ عند القراءة عليه بيد غيره وهو موثوق به مراع لما يقرأ أهل لذلك : فإن كان الشيخ يحفظ ما يقرأ عليه فهو كما لو كان أصله بيد نفسه بل أولى لتعاضد ذهني شخصين عليه . وإن كان الشيخ لا يحفظ ما يقرأ عليه فهذا مما اختلفوا فيه : فرأى بعض أئمة الأصول أن هذا سماع غير صحيح . والمختار : أن ذلك صحيح وبه عمل معظم الشيوخ وأهل الحديث .
وإذا كان الأصل بيد القارئ وهو موثوق به دينا ومعرفة فكذلك الحكم فيه وأولى بالتصحيح .
وأما إذا كان أصله بيد من لا يوثق بإمساكه له ولا يؤمن إهماله لما يقرأ فسواء كان بيد القارئ أو بيد غيره في أنه سماع غير معتد به إذا كان الشيخ غير حافظ للمقروء عليه والله أعلم .
( 81 ) الثاني : إذا قرأ القارئ على الشيخ قائلا ( أخبرك فلان أو : قلت أخبرنا فلان ) أو نحو ذلك والشيخ ساكت مصغ إليه فاهم لذلك غير منكر له فهذا كاف في ذلك .
واشترط بعض الظاهرية وغيرهم إقرار الشيخ نطقا وبه قطع الشيخ ( أبو إسحاق الشيرازي ) و ( أبو الفتح سليم الرازي ) و ( أبو نصر بن الصباغ ) من الفقهاء الشافعيين . قال أبو نصر : ليس له أن يقول ( حدثني ) أو ( أخبرني ) وله أن يعمل بما قرئ عليه وإذا أراد روايته عنه قال ( قرأت عليه أو : قرئ عليه وهو يسمع ) .
وفي حكاية بعض المصنفين للخلاف في ذلك : أن بعض الظاهرية شرط إقرار الشيخ عند تمام السماع : بأن يقول القارئ للشيخ ( وهو كما قرأته عليك ؟ ) فيقول : نعم .
والصحيح أن ذلك غير لازم وأن سكوت الشيخ على الوجه المذكور نازل منزلة تصريحه بتصديق القارئ اكتفاء بالقرائن الظاهرة . وهذا مذهب الجماهير من المحدثين والفقهاء وغيرهم والله أعلم .
الثالث : فيما نرويه عن ( الحاكم أبي عبد الله الحافظ ) C قال : الذي أختاره في الرواية وعهدت عليه أكثر مشايخه وأئمة عصري : أن يقول في الذي يأخذه من المحدث لفظا وليس معه أحد ( حدثني فلان ) وما يأخذه من المحدث لفظا ومعه غيره ( حدثنا فلان ) وما قرأ على المحدث بنفسه ( أخبرني فلان ) وما قرئ على المحدث وهو حاضر ( أخبرنا فلان ) .
وقد روينا نحو ما ذكره عن ( عبد الله بن وهب ) صاحب ( مالك ) Bهما . وهو حسن رائق .
فإن شك في شيء عنده أنه من قبيل ( حدثنا أو : أخبرنا ) أو من قبيل ( حدثني أو : أخبرني ) لتردده في أنه كان عند التحمل والسماع وحده أو مع غيره فيحتمل أن نقول : ليقل ( حدثني أو : أخبرني ) لأن عدم غيره هو الأصل . ولكن ذكر ( علي بن عبد الله المديني الإمام ) عن شيخه ( يحيى بن سعيد القطان الإمام ) فيما إذا شك أن الشيخ قال : ( حدثني فلان ) أو قال ( حدثنا فلان ) أنه يقول ( حدثنا ) .
( 82 ) وهذا يقتضي فيما إذا شك في سماع نفسه في مثل ذلك أن يقول ( حدثنا ) . وهو عندي يتوجه بأن ( حدثني ) أكمل مرتبة و ( حدثنا ) أنقص مرتبة فليقتصر إذا شك على الناقص لأن عدم الزائد هو الأصل وهذا لطيف . ثم وجدت الحافظ أحمد البيهقي C قد اختار بعد حكايته قول القطان ما قدمته .
ثم إن هذا التفصيل من أصله مستحب وليس بواجب حكاه ( الخطيب الحافظ ) عن أهل العلم كافة . فجائز إذا سمع وحده أن يقول ( حدثنا ) أو نحوه لجواز ذلك للواحد في كلام العرب . وجائز إذا سمع في جماعة أن يقول ( حدثني ) لأن المحدث حدثه وحدث غيره والله أعلم .
الرابع : روينا عن أبي عبد الله أحمد بن حنبل Bه أنه قال : اتبع لفظ الشيخ في قوله ( حدثنا وحدثني وسمعت وأخبرنا ) ولا تعدوه .
قلت : ليس لك فيما تجده في الكتب المؤلفة من روايات من تقدمك أن تبدل في نفس الكتاب ما قيل فيه : أخبرنا ب حدثنا ونحو ذلك وإن كان في إقامة أحدهما مقام الآخر خلاف وتفصيل سبق لاحتمال أن يكون من قال ذلك ممن لا يرى التسوية بينهما . ولو وجدت من ذلك إسنادا عرفت من مذهب رجاله التسوية بينهما فإقامتك أحدهما مقام الآخر من باب تجويز الرواية بالمعنى . وذلك وإن كان فيه خلاف معروف فالذي نراه الامتناع من إجراء مثله في إبدال ما وضع في الكتب المصنفة والمجامع المجموعة على ما سنذكره إن شاء الله تعالى . وما ذكره ( الخطيب أبو بكر ) في ( كفايته ) من إجراء ذلك الخلاف في هذا فمحمول عندنا على ما يسمعه الطالب من لفظ المحدث غير موضوع في كتاب مؤلف والله أعلم .
الخامس : اختلف أهل العلم في صحة سماع من ينسخ وقت القراءة فورد عن ( الإمام إبراهيم الحربي ) و ( أبي أحمد بن عدي الحافظ ) والأستاذ ( أبي إسحاق الإسفرائيني الفقيه الأصولي ) وغيرهم نفي ذلك .
وروينا عن ( أبي بكر أحمد بن إسحاق الصبغي ) أحد أئمة الشافعيين بخراسان : أنه سئل عمن يكتب في السماع ؟ فقال : يقول ( حضرت ) ولا يقل ( حدثنا ولا أخبرنا ) .
( 83 ) وورد عن ( موسى بن هارون الحمال ) تجويز ذلك . وعن ( أبي حاتم الرازي ) قال : كتبت عند عارم وهو يقرأ وكتبت عند عمرو بن مرزوق وهو يقرأ . وعن عبد الله بن المبارك : أنه قرئ عليه وهو ينسخ شيئا آخر غير ما يقرأ .
ولا فرق بين النسخ من السامع والنسخ من المسمع .
قلت : وخير من هذا الإطلاق التفصيل . فنقول : .
لا يصح السماع إذا كان النسخ بحيث يمتنع معه فهم الناسخ لما يقرأ حتى يكون الواصل إلى سمعه كأنه صوت غفل .
ويصح إذا كان بحيث لا يمتنع معه الفهم . كمثل ما رويناه عن ( الحافظ العالم أبي الحسن الدارقطني ) : أنه حضر في حداثته مجلس إسماعيل الصفار فجلس بنسخ جزءا كان معه وإسماعيل يملي فقال له بعض الحاضرين : لا يصح سماعك وأنت تنسخ . فقال : فهمي للإملاء خلاف فهمك . ثم قال : تحفظ كم أملى الشيخ من حديث إلى الآن ؟ فقال : لا . فقال ( الدارقطني ) : أملى ثمانية عشر حديثا فعدت الأحاديث فوجدت كما قال . ثم قال ( أبو الحسن ) : الحديث الأول منها عن فلان عن فلان ومتنه كذا . والحديث الثاني عن فلان عن فلان ومتنه كذا . ولم يزل يذكر أسانيد الأحاديث ومتونها على ترتيبها في الإملاء حتى أتى على آخرها فتعجب الناس منه والله أعلم .
السادس : ما ذكرناه في النسخ من التفصيل يجري مثله فيما إذا كان الشيخ أو السامع يتحدث أو كان القارئ خفيف القراءة يفرط في الإسراع . أو كان يهينم بحيث يخفي بعض الكلم أو كان السامع بعيدا عن القارئ وما أشبه ذلك .
ثم الظاهر : أن يعفى في كل ذلك عن القدر اليسير نحو الكلمة والكلمتين .
( 84 ) ويستحب للشيخ أن يجيز لجميع السامعين رواية جميع الحزء أو الكتاب الذي سمعوه وإن جرى على كله اسم السماع . وإذا بذل لأحد منهم خطه بذلك كتب له : سمع مني هذا الكتاب وأجزت له روايته عني . أو نحو هذا كما كان بعض الشيوخ يفعل . وفيما نرويه عن الفقيه ( أبي محمد بن أبي عبد الله بن عتاب الفقيه الأندلسي ) عن أبيه رحمهما الله أنه قال : لا غنى في السماع عن الإجازة لأنه قد يغلط القارئ ويغفل الشيخ أو يغلط الشيخ إن كان القارئ ويغفل السامع فينجبر له ما فاته بالإجازة .
هذا الذي ذكرناه تحقيق حسن .
وقد روينا عن ( صالح بن أحمد بن حنبل ) Bهما قال : قلت لأبي : الشيخ يدغم الحرف يعرف أنه كذا وكذا ولا يفهم عنه ترى أن يروي ذلك عنه ؟ قال : أرجو أن لا يضيق هذا .
وبلغنا عن خلف بن سالم المخرمي قال سمعت ابن عيينة يقول ( نا عمرو بن دينار ) يريد ( حدثنا عمرو بن دينار ) لكن اقتصر من ( حدثنا ) على ( النون والألف ) فإذا قيل له قل ( حدثنا عمرو ) قال : لا أقول لأني لم أسمع من قوله ( حدثنا ) ثلاثة أحرف وهي ( حدث ) لكثرة الزحام .
قلت : قد كان كثير من أكابر المحدثين يعظم الجمع في مجالسهم جدا حتى ربما بلغ ألوفا مؤلفة ويبلغهم عنهم المستملون فيكتبون عنهم بواسطة تبليغ المستملين فأجاز غير واحد لهم رواية ذلك عن المملي .
روينا عن ( الأعمش ) Bه قال : كنا نجلس إلى إبراهيم فتتسع الحلقة فربما يحدث بالحديث فلا يسمعه من تنحى عنه فيسأل بعضهم بعضا عما قال ثم يروونه وما سمعوه منه .
وعن حماد بن زيد : أنه سأله رجل في مثل ذلك فقال : يا أبا إسماعيل كيف قلت ؟ فقال : استفهم ممن يليك .
( 85 ) وعن بن عيينة : أن ( أبا مسلم المستملي ) قال له : إن الناس كثير لا يسمعون قال ألا تسمع أنت ؟ قال : نعم قال : فأسمعهم .
وأبى آخرون ذلك .
روينا عن ( خلف بن تميم ) قال : سمعت من ( سفيان الثوري ) عشرة آلاف أو نحوها فكنت أستفهم جليسي فقلت لزائدة فقال لي : لا تحدث منها إلا بما تحفظ بقلبك وسمع أذنك قال : فألقيتها .
وعن ( أبي نعيم ) : أنه كان يرى فيما سقط عنه من الحرف الواحد والاسم مما سمعه من ( سفيان ) و ( الأعمش ) واستفهمه من أصحابه : أن يرويه عن أصحابه لا يرى غير ذلك واسعا له .
قلت : الأول تساهل بعيد . وقد روينا عن ( أبي عبد الله بن منده الحافظ الأصبهاني ) أنه قال لواحد من أصحابه : يا فلان يكفيك من السماع شمه . وهذا إما متأول أو متروك على قائله . ثم وجدت عن ( عبد الغني بن سعيد الحافظ ) عن ( حمزة بن محمد الحافظ ) بإسناده عن ( عبد الرحمن بن مهدي ) أنه قال : يكفيك من الحديث شمه . قال عبد الغني : قال لنا حمزة : يعني إذا سئل عن أول شيء عرفه وليس يعني التسهيل في السماع والله أعلم .
السابع : يصح السماع ممن هو وراء حجاب إذا سمع صوته فيما إذا حدث بلفظه وإذا عرف حضوره بمسمع منه فيما إذا قرئ عليه . وينبغي أن يجوز الاعتماد في معرفة صوته وحضوره على خبر من يوثق به . وقد كانوا يسمعون من عائشة Bها وغيرها من أزواج النبي A من وراء حجاب ويروونه عنهن اعتمادا على الصوت . واحتج عبد الغني بن سعيد الحافظ في ذلك بقوله A : ( ( أن بلالا ينادي بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم ) ) . وروى ( 86 ) بإسناده عن شعبة أنه قال : إذا حدثك المحدث فلم تر وجهه فلا ترو عنه فلعله شيطان قد تصور في صورته يقول حدثنا وأخبرنا والله أعلم .
الثامن : من سمع من شيخ حديثا ثم قال له : لا تروه عني أو : لا آذن لك في روايته عني أو قال : لست أخبرك به أو : رجعت عن إخباري إياك به فلا تروه عني غير مسند ذلك إلى أنه أخطأ فيه أو شك فيه ونحو ذلك بل منعه من روايته عنه مع جزمه بأنه حديثه وروايته فذلك غير مبطل لسماعه ولا مانع له من روايته عنه .
وسأل ( الحافظ أبو سعيد بن عليك النيسابوري ) الأستاذ ( أبا إسحاق الإسفرائيني ) رحمها الله عن محدث خص بالسماع قوما فجاء غيرهم وسمع منه من غير علم المحدث به هل يجوز له رواية ذلك عنه ؟ فأجاب : بأنه يجوز . ولو قال المحدث : إني أخبركم ولا أخبر فلانا لم يضره والله أعلم