وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

قال : فلم أعلم من أهل العلم مخالفاً في أن سُنن النبي من ثلاثة وجوه فاجتمعوا منها على وجهين .
والوجهان يجْتَمِعان ويتفرَّعان : أحدهما : ما أنزل الله فيه نص كتاب فبَيَّنَ رسول الله مثلَ ما نصَّ الكتاب والآخر : مما أنزل الله فيه جملةَ كتاب فبيَّن عن الله معنى ما أراد وهذان الوجهان اللذان لم يختلفوا فيهما .
والوجه الثالث : ما سنَّ رسول الله فيما ليس فيه نص كتاب .
فمنهم من قال : جعل الله له بما افترض من طاعته وسبق في علمه من توفيقه لرضاه أن يَسُنَّ فيما ليس فيه نص كتاب .
ومنهم من قال : لم يسن سنة قط إلا ولها أصل في الكتاب كما كانت سُنَّته لتبيين عدد الصلاة وعملها على أصل جملة فرض الصلاة وكذلك ما سنَّ من البُيُوع وغيرها من الشرائع لأن الله قال : " لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ ( 29 ) " [ النساء ] وقال : " وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ( 275 ) [ البقرة ] فما أحلَّ وحرَّم فإنما بيَّن فيه عن الله كما بَيَّن الصلاة .
ومنهم من قال : بل جاءته به رسالةُ الله فأثبتتْ سنَّتَه .
[ ص 93 ] ومنهم من قال : أُلْقِيَ في رُوعه كلُّ ما سَنَّ وسنَّتُه الحكمةُ : الذي أُلقي في رُوعه عن الله فكان ما ألقي في روعه سنتَه .
أخبرنا " عبد العزيز " عن " عمرو بن أبي عمرو " عن " المطلب " قال : قال رسول الله : " إنَّ الرُّوحَ الأمِيَن قَدْ ألْقَى فِي رُوعِي أنَّهُ لَنْ تَمُوتَ نَفْسٌ حَتَّى تَسْتَوْفِيَ رِزُْقَهَا فَأجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ " ( 1 ) .
[ ص 103 ] فكان مما ألقَى في روعه سنَّتَه ( 2 ) وهي الحكمة التي ذكَرَ اللهُ وما نَزَل به عليه كتابٌ فهو كتاب الله وكلٌّ جاءه من نِعَمِ الله كما أراد الله وكما جاءته النِّعَم تَجْمعها النعمة وتَتَفَرَّقُ بأنها في أمورٍ بعضُها غيرُ بعض ونسأل الله العصمة والتوفيق .
[ ص 104 ] وأيُّ هذا كان فقد بيَّن الله أنه فرَضَ فيه طاعة رسوله ولم يجعل لأحد من خلقه عذراً بخلاف أمرٍ عرَفَه من أمر رسول الله وأنْ قد جعل الله بالناس الحاجةَ إليه في دينهم وأقام عليهم حجتَه بما دلَّهم عليه من سنن رسول الله مَعَاني ما أراد الله بفرائضه في كتابه ليعلم مَن عرَف منها ما وصَفْنا أن سنته - صلى الله عليه - إذا كانت سنة مبيِّنة عن الله معنى ما أراد من مَفْروضه فيما فيه كتابٌ يتْلونَه وفيما ليس فيه نصُّ كتاب أخْرَى ( 3 ) فهي كذلك أيْنَ كانت لا يختلف حكمُ الله ثم حكمُ [ ص 105 ] رسوله بل هو لازم بكلِّ حال .
وكذلك قال رسول الله في حديث " أبي رافع " الذي كتبنا قبْل هذا .
وسأذكر مما وصفنا من السنة مع كتاب الله والسنةِ فيما ليس فيه نص كتاب بعضَ ما يدل على جملة ما وصفنا منه إن شاء الله .
_________ .
( 1 ) ابن ماجه : كتاب الجارات / 2135 مسند الشافعي : 674 .
( 2 ) هكذا ضُبطت في الأصل وهو صحيح ويتوجه على أن ( من ) زائدة - وإنْ في الإثبات على مذهب من يجيز ذلك - و ( ما ) اسم كان و ( سنته ) خبرها .
( 3 ) أي سنة أخرى