وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

ففيما وصفتُ من سنة رسول الله ثم ما أجمع المسلمون عليه منه : دلالةٌ على فرقٍ بين الشهادة والخبر والحكم .
ألا ترى أن قضاء القاضي على الرجل للرجل إنما هو خبر يخبر به عن بينة تثبت عنده أو إقرار من خصمٍ به أقر عنده [ ص 421 ] وأنفذ الحكم فيه فلما كان يلزمه بخبره أن يُنفِذَهُ بعلمه كان في معنى المخبِرِ بحلال وحرام قد لزمه أن يُحِلَّه ويحّرمه بما شهد منه .
ولو كان القاضي المخبرُ عن شهودٍ شهدوا عنده على رجل لم يُحاكَم إليه أو إقرارٍ من خصم لا يلزمه أن يحكم به لمعنى أنْ لم يُخاصَم إليه أو أنه ممن يُخاصَم إلى غيره فحكم بينه وبين خصمه ما يلزم شاهداً يشهد على رجل أن يأخذ منه ما شُهِدَ به عليه لمن شُهِدَ له به : كان في معنى شاهدٍ عند غيره فلم يقبل - قاضياً كان أو غيرَه - إلا بشاهد معه كما لو شهد عند غيره لم يقبله إلا بشاهد وطلب معه غيره ولم يكن لغيره إذا كان شاهداً أن يُنفِذَ شهادته وحده .
[ ص 422 ] أخبرنا سفيان وعبد الوهاب عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيَّب : أن عمر بن الخطاب قضى في الإبهام بخمسَ عشرة وفي التي تليها بعشر وفي الوسطى بعشر وفي التي تلي الخنصر بتسع وفي الخنصر بست .
قال " الشافعي " : لما كان معروفاً - والله أعلم - عند عمر أن النبي قضى في اليد بخمسين وكانت اليد خمسة أطراف مختلفةِ الجمال والمنافع : نزَّلها منازِلَها فحكم لكل واحد من الأطراف بقَدْره من دية الكفِّ فهذا قياس ( 1 ) على الخبر .
فلما وجدنا كتاب آل عمرو بن حزم فيه : أن رسول الله قال : وفي كل إصبع مما هنالك عشرٌ من الإبل صاروا إليه .
ولم يقبلوا كتاب آل عمرو بن حزم - والله أعلم - [ ص 423 ] حتى يثبت لهم أنه كتاب رسول الله .
وفي الحديث دلالتان : أحدهما : قبول الخبر والآخر : أن يُقبل الخبر في الوقت الذي يثبت فيه وإن لم يمضي ( 2 ) عمل من الأئمة بمثل الخبر الذي قبلوا .
[ ص 424 ] ودلالةٌ على أنه مضى أيضاً عملٌ من أحد من الأئمة ثم وَجَدَ خبراً عن النبي يخالف عملَه لترك عمله لخبر رسول الله .
ودلالةٌ على أن حديث رسول الله يثبت بنفسه لا بعمل غيره بعده .
ولم يقل المسلمون قد عَمِل فينا عمر بخلاف هذا بين المهاجرين والأنصار ولم تذكروا أنتم أن عندكم خلافَه ولا غيرُكم بل صاروا إلى ما وجب عليهم من قبول الخبر عن رسول الله وترك كل عمل خالفه .
ولو بلغ عمرَ هذا صار إليه - إن شاء الله - كما صار إلى غيره فيما بلغه عن رسول الله بتقواه لله وتأديته الواجبَ عليه في اتباع أمر رسول الله وعلمه وبأنْ ليس لأحد مع رسول الله [ ص 425 ] أمرٌ وأن طاعة الله في اتباع أمر رسول الله .
_________ .
( 1 ) أي استنباط مبني على التعليل وليس معناه القياس الاصطلاحي .
( 2 ) هكذا بإثبات الياء وقدّمنا مراراً توجيهه