إن حد للقذف فأعاده لم يعد عليه الحد .
قوله وإن حد للقذف فأعاده لم يعد عليه الحد .
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب ولو بعد لعانه زوجته .
وجزم به في الوجيز و المغني و الشرح وغيرهم .
وقدمه في المحرر و النظم و الرعايتين و الحاوي الصغير و الفروع وغيرهم .
وعنه : يتعدد مطلقا .
وقيل : يحد إن كان حدا أو لاعن .
نقله حنبل واختاره أبو بكر .
فوائد : .
الأولى : متى قلنا : لا يحد هنا : فإنه يعزر وعلى كلا الروايتين لا لعان على الصحيح من المذهب .
جزم به في المحرر وغيره .
وقدمه في الفروع وغيره .
وقال في الترغيب يلاعن إلا أن يقذفها بزنى لاعن عليه مرة واعترف .
أو قامت البينة .
وقال ابن عقيل يلاعن لنفي التعزير .
الثانية : لو قذفه بزنى آخر بعد حده فعنه يحد وعنه لا يحد .
وعنه : يحد مع طول الزمن .
قلت : وهو الصواب .
وجزم به في الكافي و المغني و الشرح و شرح ابن رزين و النظم وقال : يحد مع قرب الزمان في الأولى .
وأطلق الأخيرتين في المغني و الكافي و الشرح و الرعاية .
وأطلقهن في الفروع .
وقال في الرعاية وإن قذفه بزنى آخر عقب هذا فروايتان .
إحداهما : يجب حدان .
والثانية : حد وتعزير .
وإن قذفه بعد مدة حد على الأصح .
قال ابن عقيل إن قذف أجنبية ثم نكحها قبل حده فقذفها فإن طالبت بأولهما فحد ففي الثانية روايتان .
وإن طالبت بالثاني فثبت ببينة أو لاعن لم يحد للأول .
الثالثة : من تاب من الزنى ثم قذف حد قاذفه على الصحيح من المذهب .
وقيل : يعزر فقط .
واختار في الترغيب يحد بقذفه بزنى جديد لكذبه يقينا .
الرابعة : لو قذف من أقرت بالزنى مرة ـ وفي المبهج أربعا أو شهد به اثنان أو شهد أربعة بالزنى فلا لعان ويعزر على الصحيح من المذهب .
وقال في المستوعب لا يعزر .
الخامسة : لا يشترط لصحة توبة من قذف وغيبته ونحوهما إعلامه والتحلل منه على الصحيح من المذهب .
وقال القاضي والشيخ عبد القادر يحرم إعلامه .
ونقل مهنا لا ينبغي أن يعلمه .
قال الشيخ تقي الدين C والأشبه أن يختلف .
وعنه : يشترط لصحتها إعلامه .
قلت : وهي بعيدة على إطلاقها .
وقيل : إن علم به المظلوم وإلا دعا له واستغفر ولم يعلمه .
وذكره الشيخ تقي الدين C عن أكثر العلماء قال وعلى الصحيح من الروايتين لا يجب الاعتراف لو سأله فيعرض ولو مع استحلافه لأنه مظلوم لصحة توبته ومن جوز التصريح في الكذب المباح فهنا فيه نظر ومع عدم التوبة والإحسان تعريضه كذب ويمينه غموس .
قال : واختيار أصحابنا لا يعلمه بل يدعو له في مقابلة مظلمته .
وقال الشيخ تقي الدين C أيضا وزناه بزوجة غيره كالغيبة قلت : بل أولى بكثير .
والذي لا شك فيه أنه يتعين عليه أن لا يعلمه وإن أعلمه بالغيبة فإن ذلك يفضي في الغالب إلى أمر عظيم وربما أفضى إلى القتل .
وذكر الشيخ عبد القادر في الغنية : إن تأذى بمعرفته كزناه بجاريته وأهله وغيبته بعيب خفي يعظم أذاه به ـ فهنا لا طريق إلا أن يستحله ويبقى عليه مظلمة ما فيجبره بالحسنات كما تجبر مظلمة الميت الغائب انتهى .
وذكر ابن عقيل في زناه بزوجة غيره ـ احتمالا لبعضهم لا يصح إحلاله منه لأنه مما لا يستباح بإباحته ابتداء .
قلت : وعندي أنه يبرأ وإن لم يملك إباحتها ابتداء كالذم والقذف .
قال : وينبغي استحلاله فإنه حق آدمي .
قال في الفروع فدل كلامه أنه لو أصبح فتصدق بعرضه على الناس لم يملكه ولم يبح وإسقاط الحق قبل وجود سببه لا يصح وإذنه في عرضه كإذنه في قذفه هي كإذنه في دمه وماله .
وفي طريقة بعض أصحابنا : ليس له إباحة المحرم ولهذا لو رضي بأن يشتم أو يغتاب لم يبح ذلك انتهى .
فإن أعلمه بما فعل ولم يبينه فحلله فهو كإبراء من مجهول على الصحيح من المذهب .
وقال في الغنية لا يكفي الاستحلال المبهم لجواز أنه لو عرف قدر ظلمه لم تطب نفسه بالإحلال ـ إلى أن قال : فإن تعذر فيكثر الحسنات فإن الله يحكم عليه ويلزمه قبول حسناته مقابلة لجنايته عليه كمن أتلف مالا فجاء بمثله وأبى قبوله وأبرأه حكم الحاكم عليه بقبضه