إن غصب أرضا فحفر فيها بئرا .
قوله وإن غصب أرضا فحفر فيها بئرا ووضع ترابها في أرض مالكها : لم يملك طمها إذا أبرأه المالك من ضمان ما يتلف بها في أحد الوجهين .
إذا حفر بئرا أو شق نهرا ونحوه في أرض غصبها فطالبه المالك بطمها : لزمه ذلك إن كان لغرض قاله الحارثي .
وإن أراد الغاصب طمها ابتداء فلا يخلو : إما أن يكون لغرض صحيح أولا فإن كان لغرض صحيح ـ كإسقاط ضمان ما يقع فيها أو يكون قد نقل ترابها إلى ملكه أو ملك غبره أو إلى طريق يحتاج إلى تفريغه ـ فله طمها من غير إذن ربها على الصحيح من المذهب وهو ظاهر كلام المصنف هنا .
وجزم به في المغني و الشرح و المحرر .
واختاره القاضي وقدمه في الفروع و الحارثي و الخلاصة .
وقيل : لا يملك طمها إلا بإذنه وهو ظاهر ما قدمه في المستوعب و التلخيص على ما يأتي من كلامهما .
وإن لم يكن له غرض صحيح في ذلك ـ وهي مسالة المصنف مثل : أن يكون قد وضع التراب في أرض مالكها أو في موات أو أبرأه من ضمان ما يتلف بها ـ قال المصنف والشارح : أو منعه منه فهل يملك طمها ؟ فيه وجهان .
وأطلقهما في المغني و الشرح و المحرر و الفروع و الحارثي .
أحدهما : لا يملك طمها وهو الصحيح نصره المصنف والشارح وصححه في التصحيح واختاره أبو الخطاب .
والوجه الثاني : يملكه اختاره القاضي .
قال في المستوعب و التلخيص : وإن غصب دارا فحفر فيها بئرا ثم استردها مالكها فأراد الغاصب طم البئر : لم يكن له ذلك .
وقال القاضي : له ذلك من غير رضى المالك .
وقال أبو الخطاب في الهداية : ليس له ذلك إذا أبرأه المالك من ضمان ما يتلف فيها انتهيا وأطلقهن في المذهب .
قال في التلخيص : وأصل اختلاف القاضي و أبي الخطاب : هل الرضى الطارئ كالمقارن للحفر أم لا ؟ والصحيح : أنه كالمقارن انتهى .
وقال في الرعايتين و الحاوي الصغير و الفائق : وإن حفر فيها بئرا أو نحوها فله طمها مطلقا .
وإن سخط ربها فأوجه : النفي والإثبات .
والثالث : إن أبرأه من ضمان ما يتلف بها وصح في وجه : فلا .
زاد في الرعاية الكبرى وجها رابعا : وهو إن كان غرضه فيه صحيحا ـ كدفع ضرر وخطر ونحوهماـ وإلا فلا .
وخامسا : وهو إن ترك ترابها في أرض غير ربها : فلا .
وقيل : بلى مع غرض صحيح انتهى وتقدم ذلك والصحيح منه .
تنبيهان .
أحدهما : في القول المحكى عن القاضي .
قال الحارثي : إذا كان مأخوذا من غير كتاب المجرد : فنعم وإن كان من المجرد : فكلامه فيه موافق لأبي الخطاب فإنه قال ـ وذكر كلامه .
قلت : الناقل عن القاضي تلميذه أبو الخطاب في الهداية وهو أعلم بكلامه من غيره وللقاضي في مسائل كثيرة القولان والثلاثة وكتبه كثيرة .
الثاني : ظاهر كلام أبي الخطاب وجماعة : أنه إذا أبرأه المالك من ضمان ما يتلف بها : أنه يصح ويبرأ وهو أحد الوجهين .
اختاره المصنف والشارح و ابن عقيل و القاضي في المجرد قاله الحارثي لما ذكر كلامه المتقدم .
والوجه الثاني : أنه لا يبرأ وتقدم قريبا كلامه في الرعايتين في ذلك .
وأطلقهما في المحرر .
قال الحارثي : وحاصل المسألة الأولى : الخلاف في صحة الإبراء وفيه وجهان