ما يباح من الاستمتاع بها وما يحرم .
قوله ويجوز أن يستمتع من الحائض بما دون الفرج .
هذا المذهب مطلقا وعليه جمهور الأصحاب وقطع به كثير منهم وهو من المفردات وعنه لا يجوز الاستمتاع بما بين السرة والركبة وجزم به في النهاية .
فائدتان .
إحدهما : قال في النكت : وظاهر كلام إمامنا وأصحابنا : لا فرق بين أن يأمن على نفسه مواقعة المحظور أو يخاف وقطع الأزجي في نهايته : بأنه إذا لم يأمن على نفسه من ذلك حرم عليه لئلا يكون طريقا إلى مواقعة المحظور وقد يقال : يحمل كلام غيره على هذا انتهى .
قلت : وهو الصواب .
الثانية : يستحب ستر الفرج عند المباشرة ولا يجب على الصحيح من المذهب وقيل : يجب وهو قول ابن حامد .
قوله فإن وطئها في الفرج فعليه نصف دينار كفارة .
الصحيح من المذهب : أن عليه بالوطء في الحيض والنفاس كفارة وعليه جمهور الأصحاب وعنه ليس عليه إلا التوبة فقط وهو قول الأئمة الثلاثة واختاره أبو بكر في التنبيه و ابن عبدوس في تذكرته وإليه ميل المصنف و الشارح وجزم به في الوجيز وقدمه ابن تميم وأطلقهما في الجامع الصغير و الهداية و التلخيص فعلى المذهب : جزم المصنف هنا : أن عليه نصف دينار وهو إحدى الروايتين جزم به في الإفادات و المحرر وقدمه في الرعاية الصغرى و الحاويين و الفائق وعنه عليه دينار أو نصف دينار وهو المذهب نص عليه وجزم به في الفصول و المذهب و الخلاصة و البلغة ونهاية ابن رزين وقال الشارح : ظاهر المذهب في الكفارة : دينار أو نصف دينار على وجه التخيير وصححه في المغني قال المجد في شرح الهداية : يجزئ نصف دينار والكمال دينار قال في مجمع البحرين : هذا أصح الروايتين وقدمه في المستوعب و ابن تميم و الرعاية الكبرى و النظم و ابن عبيدان و تجريد العناية و الفروع وقال : نقله الجماعة عن أحمد .
قلت : ويحتمله كلام المصنف هنا فعليها لو كفر بدينار كان الكل واجبا وخرج ابن رجب في قواعده وجها : أن نصفه غير واجب انتهى وقال الشيخ تقي الدين : عليه دينار كفارة وعنه عليه نصف دينار في إدباره ودينار في إقباله وعنه عليه نصف دينار إذا وطئها في دم أصفر ودينار إن وطئها في دم أسود قال في الرعاية : والأحمر والأسود سواء وعنه عليه نصف دينار في آخره أو أوسطه ودينار في أوله ذكرها في الرعاية وذكر أبو الفرج : عليه نصف دينار لعذر وقيل إن عجز عن دينار أجزأ نصف دينار ووجوب الكفارة من المفردات .
فوائد .
الأولى : لو وطئها بعد انقطاع الدم وقبل غسلها : فلا كفارة عليه على الصحيح من المذهب وعليه الجمهور وقيل : هو كالوطء في حال جريان الدم ويأتي آخر الباب : إذا وطئ المستحاضة من غير خوف العنت ويأتي في عشرة النساء : إذا امتنعت الذمية من غسل الحيض هل يباح وطؤها أم لا ؟ .
الثانية : يلزمه المرأة كفارة كالرجل إن طاوعته على الصحيح من المذهب وهو من المفردات وعنه : لا كفارة عليها وأطلقهما في المستوعب و التلخيص و الحاوي وقيل : عليهما كفارة واحدة يشتركان فيها قال ابن عبيدان : ذكره شيخنا في شرح العمدة وأما إذا أكرهت : فإنه لا كفارة عليها .
الثالثة : الصحيح من المذهب : أن الجاهل بالحيض أو بالتحريم أو بهما والناسى : كالعامد نص عليه وكذا لو أكره الرجل وعنه لا كفارة عليه .
واختار ابن أبي موسى : أنه لا كفارة مع العذر وقدمه في المستوعب وأطلقهما في المغني و التلخيص وقال في القواعد الأصولية : إذا أوجبنا الكفارة على العالم ففي وجوبها على الجاهل روايتان وقيل : وجهان قال القاضي و ابن عقيل عن هذه الرواية : بناء على الصوم والإحرام قال في الفروع : وبأن بهذا : أن من كرر الوطء في حيضة أو حيضتين : أنه في تكرار الكفارة كالصوم .
الرابعة : يلزم الصبي كفارة بوطئه فيه على الصحيح من المذهب وقدمه في المغني و الشرح و ابن عبيدان قال في مجمع البحرين : انبنى على وطء الجاهل واختاره ابن حامد وقيل : لا يلزمه وهو احتمال المصنف في المغنى وقدمه ابن رزين في شرحه .
قلت : وهو الصواب .
وصححه ابن نصر الله في حواشي الفروع وأطلقهما في الفروع و ابن تميم و الرعاية الكبرى و القواعد الأصولية و الفائق وحكاهما روايتين .
الخامسة : لا يلزمه كفارة بالوطء في الدبر على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب وعنه يلزمه ذكرها ابن الجوزي واختاره ابن عقيل .
السادسة : لو وطئها وهي طاهرة فحاضت في أثناء وطئه فإن استدام : لزمه الكفارة وإن نزع في الحال : انبنى على أن النزاع هل هو جماع أو لا ؟ فيه وجهان ويأتي بيانهما في أثناء باب ما يفسد الصوم محررا .
فعلى القول بأنه جماع : تلزمه الكفارة بناء على القول بها في المعذور والجاهل والناسي ونحوهما كما تقدم وعلى القول الذي اختاره ابن أبي موسى : لا كفارة عليه لأنه معذور .
وعلى القول بأن النزاع جماع أيضا : لو قال لزوجته : أنت طالق ثلاثا إن جامعتك : لم يجز له أن يجامعها أبدا في إحدى الروايتين خشية أن يقع النزاع في غير زوجته ذكره ابن عبيدان .
قلت : فيعايي بها .
وعلى القول بأن النزاع ليس بجماع : لا كفارة عليه مطلقا .
السابعة : لو لف على ذكره خرقة ثم وطئ فهو كالوطء بلا خرقة جزم به في الفروع و الرعاية و ابن تميم وغيرهم .
الثامنة : ظاهر قوله فعليه نصف دينار كفارة أن المحرج كفارة فتصرف مصرف سائر الكفارات وهو صحيح قال في الفروع : وهو كفارة قال اكثر الأصحاب : يجوز دفعها إلى مسكين واحد كنذر مطلق وذكر الشيخ تقي الدين وجها : أنه يجوز صرفه أيضا إلى من له أخذ الزكاة للحاجة قال في شرحه العمدة : وكذا الصدقة المطلقة .
التاسعة : لو عجز عن التكفير لم تسقط عنه على الصحيح من المذهب وقدمه ابن تميم وفي الرعايتين و الحاويين وهو ظاهر ما قدمه في الفروع في باب ما يفسد الصوم فإنه قال : وتسقط كفارة الوطء في رمضان بالعجز ولا تسقط غيرها بالعجز مثل كفارة الظهار واليمين وكفارات الحج ونحو ذلك نص عليه قال المجد وغيره وعليه أصحابنا انتهى ويأتي ذلك هناك أيضا وعنه تسقط اختارها ابن حامد وصححه في التلخيص و المجد في شرحه وصاحب مجمع البحرين وقدمه ابن تميم قال في الفروع هناك : وذكر غير واحد تسقط كفارة وطء الحائض بالعجز على الأصح وأطلقهما في الفروع هنا و ابن عبيدان و الفائق وعنه تسقط بالعجز عنها كلها لا عن بعضها لأنه لا يدرك فيها ويأتي ذلك أيضا في باب ما يفسد الصوم .
العاشرة : يجزئه أن يخرج الكفارة من أي ذهب كان إذا كان صافيا خاليا من الغش تبرا كان أو مضروبا على الصحيح من المذهب وعليه الجمهور منهم المصنف و المجد والشارح وغيرهم وقال بعض الأصحاب : ويتوجه انه لا يجزئه إلا المضروب لأن الدينار اسم للمضروب خاصة واختاره الشيخ تقي الدين قال في الفروع : وهو أظهر .
الحادية عشر : لا يجزئ إخراج القيمة على الصحيح من المذهب قال ابن تميم و صاحب البحرين : هو في إخراج القيمة كالزكاة وقدمه في الرعاية الكبرى قال ابن نصر الله : الأظهر لا يجزئ كزكاة وقيل : يجزئ كالخراج والجزية صححه في الفائق وقدمه ابن رزين في شرحه وأطلقهما في المغني و الشرح و ابن عبيدان والفروع فعلى الأولى : يجزئ إخراج الفضة عن الذهب على الصحيح من المذهب صححه في المغني و الشرح و الفائق وقدمه ابن رزين في شرحه وقطع به القاضي محب الدين بن نصر الله في حواشيه وقال : محل الخلاف في غيرهما وليس كما قال وقيل : لا يجزئ حكاه في المغنى وغيره وقال في الرعاية : هل الدينار هنا عشرة دراهم أو اثنا عشر ؟ يحتمل وجهين قال في الفروع : ومراده إذا أخرج دراهم : كم يخرج ؟ وإلا فلو أخرج ذهبا لم تعتبر قيمته بلا شك انتهى