وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

باب حكم القذف .
و هو الرمي بالزنا و هو محرم و كبيرة لقول الله تعالى : { إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا و الآخرة و لهم عذاب عظيم } و قول النبي صلى الله عليه و سلم : [ اجتنبوا السبع الموبقات ] قالوا : يا رسول الله ما هي ؟ قال : [ الشرك بالله و السحر و قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق و أكل الربا و أكل مال اليتيم و التولي يوم الزحف و قذف المحصنات ] متفق عليه .
فصل .
ويجب الحد على القاذف بشروط أربعة : .
أحدهما : أن يكون مكلفا لما تقدم .
و الثاني : أن يكون المقذوف محصنا لقول الله تعالى : { و الذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة } مفهومه أن لا يجلد بقذف غير المحصن و المحصن : هو الحر المسلم العاقل العفيف عن الزنا الذي يجامع مثله فلا يجب الحد على قاذف الكافر و المملوك و الفاجر لأن حرمتهم ناقصة فلم تنتهض لإيجاب الحد و لا يجب على قاذف الجنون لأن زناه لا يوجب الحد عليه فلم يجب الحد بالقذف به كالوطء دون الفرج و لا يجب الحد على قاذف الصغير الذي لا يجامع مثله كذلك و لأنه يتيقن كذب القاذف فيلحق العار به دون المقذوف و هل يشترط البلوغ ؟ فيه روايتان : .
إحداهما : يشترط لما ذكرنا في المجنون .
و الثانية لا يشترط بل متى قذف من يجامع مثله فعليه الحد لأنه عاقل حر عفيف يتعير بالقذف أشبه البالغ و إن قذف محبوبا أو رتقاء فعليه الحد لعموم الآية و لأن تعذر الوطء في حقهما بأمر خفي لا يعلم به فلا ينتفي العار عنه .
فصل .
الثالث : أن يكون القاذف والدا فإن قذف والد ولده و إن سفل فلا حد عليه أبا كان أو أما لأنها عقوبة تجب لحق الآدمي فلم تجب لولد على والده كالقصاص و لو قذف زوجته فماتت و له منها ولد أو قذفت زوجها و لها منه ولد سقط الحد لأنه لما لم يثبت له على والده بقذفه فلم يثبت له عليه بالإرث و إن كان للميت ولد آخر من غيره ثبت الحد لأنه يثبت لكل واحد من الورثة على انفراد .
فصل .
الرابع : أن يقذف بالزنا الموجب للحد فإن قذف بالوطء دون الفرج و القبلة لم يجب الحد به لما تقدم .
و القذف صريح و كناية : فالصريح أن يقول : زنيت أو يا زاني أو زنى فرجك أو دبرك أو ذكرك و نحوه مما لا يحتمل غير القذف فهذا يجب به الحد و لا يقبل تفسيره بما يحيله لأنه صريح فيه أشبه التصريح بالطلاق و إن قال : يا لوطي فقال أكثر أصحابنا : هو صريح و قال الخرقي : إذا قال : أردت أنك من قوم لوط فلا حد عليه و هذا بعيد لأن قوم لوط أهلكهم الله فلم يبق منهم أحد و إن قال : زنى فلان و أنت أزنى منه فهو قاذف لهما لأنه وصف هذا بالزنى على وجه المبالغة لأن لفظة أفعل للتفضيل و إن قال : أنت أزنى من فلان أو أزنى الناس فهو قاذف للمخاطب كذلك و ليس بقاذف لفلان لأن لفظة أفعل يستعمل للمنفرد بالفعل كقوله تعالى : { أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع } و إخباره عن قوم لوط : { هؤلاء بناتي هن أطهر لكم } و قال القاضي : هو قذف لهما لأن لفظة أفعل يقتضي اشتراكهما في الفعل و انفرد أحدهما بمزية و إن قال : زنأت بالهمزة فهو قذف في قول أبي بكر و أبي الخطاب لأن العامة لا تفهم منه إلا القذف و قال ابن حامد : إن كان القاذف عاميا فهو قاذف و إن كان يعلم العربية ؟ فليس بقاذف لأن معناه طلعت كما قال الشاعر : .
( وارق إلى الخيرات زنأ في الجبل ) .
و سواء قال في الجبل أو لم يقل لأن معناها لا يختلف بذلك و عدمه و إن قال لرجل : يا زانية أو لامرأة يا زاني فهو قاذف لهما لأن اللفظ صريح في الزنا و زيادة هاء التأنيث في المذكر و حذفها من المؤنث خطأ لا يغير المعنى فلم يمنع الحد كاللحن هذا قول أبي بكر و قال ابن حامد : ليس بقذف يوجب الحد لأنه يحتمل أن يريد بذلك أنك علامة في الزنا كالراية و الحفظة و إن قال لامرأة : زنيت بفتح التاء و لرجل زنيت بكسرها فهو قاذف لهما لأنه خاطبهما بنسبة الزنا إليهما فأشبه ما لو لم يلحن و إن قذف رجلا فقال آخر : صدقت ففي المصدق وجهان : .
أحدهما : يكون قاذفا لأن تصديقه ينصرف إلى الكلام الذي قبله كما لو قال لي عليك ألف قال صدقت .
و الثاني : لا يكون قذفا لأنه يحتمل بتصديقه في غير هذا و إن قال : أخبرني فلان أنك تزني فكذبه الآخر فليس بقاذف لأنه إنما أخبر عن غيره فأشبه ما لو صدقه الآخر و يحتمل أنه قاذف ذكره أبو الخطاب لأنه نسب إليه الزنا و إن قال رجل لامرأة : زنيت فقالت : بك فلا حد عليهما لأنها صدقته فسقط الحد عنه و لا حد عليها لأنها لم تقذفه لأنه يتصور زناها به من غير أن يكون زانيا بأن تكون عالمة بأنه أجنبي و هو يظنها زوجته أو نائما استدخلت ذكره و نحو ذلك و إن قال : زنت يداك أو رجلاك لم يكن قاذفا في ظاهر المذهب و هو قول ابن حامد لأن زنا هذه الأعضاء لا يوجب الحد بدليل قول النبي صلى الله عليه و سلم : [ لعينان تزنيان و زناهما النظر و اليدان تزنيان و زناهما البطش و الرجلان تزنيان و زناهما المشي يصدق ذلك الفرج أو يكذبه ] و يحتمل أن يكون قاذفا لأنه أضاف الزنا إلى عضو منه فأشبه مل لو قال : زنى فرجك و إن قال زنى بدنك ففيه وجهان : .
أحدهما : هو كقوله : زنت يداك لأن الزنا بجميع البدن يكون بالمباشرة فلم يكن قذفا .
و الثاني : عليه الحد لأنه أضاف الزنا إلى جميع البدن و الفرج منه .
فصل .
و أما الكتابة : فنحو قوله : يا قحبة يا فاجرة يا خبيثة أو يقول للرجل : يا مخنث أو يا نبطي يا فارسي و ليس هو كذلك أو يقول لزوجة رجل : قد فضحتيه و جعلت له قرونا و نكست رأسه أو يقول لمن يخاصمه : يا حلال ابن الحلال ما يعرفك الناس بالزنا ما أنا بزان و لا أمي بزانية فهذا ليس صريح في القذف لأنه يحتمل الفجور و الخبث بغير الزنا و القحبة المتعرضة للزنا و إن لم تفعله و المخنث المتطبع بطباع التأنيث و سائر ما ذكرنا يحتمل غير الزنا فلم يجب به الحد مع الاحتمال و عنه : أن الحد يجب بذلك كله لما روى سالم عن أبيه : أن رجلا قال : ما أنا بزان و لا أمي بزانية فجلده عمر الحد و روى الأثرم : أن عثمان جلد رجلا قال لآخر ي ابن شامة الوذر يعرض بزنا أمه و لأن هذه الألفاظ يراد بها القذف عزفا فجرت مجرى الصريح ولأن الكناية مع القرينة كالصريح في إفادة الحكم بدليل الطلاق و العتاق كذا هاهنا و فيما إذا قال : يا نبطي قد نفاه عن نسبه فيكون قاذفا لأمه أو لإحدى جداته و إن قال لثابت النسب : لست بابن فلان فهو قذف لأمه في الظاهر من المذهب لما روي عن ابن مسعود أنه قال : لا حد إلا في اثنين قذف محصنة أو نفي رجل عن أبيه لأنه لا يكون لغير أبيه إلا بزنا أمه و يحتمل ألا يكون قذفا لأنه يحتمل أنه لا تشبهه في كرمه و أخلاقه .
و إن كان الولد منفيا باللعان فليس بقذف لأن الشرع نفاه و إن قال لابنه : لست بابني فقال القاضي : ليس بقذف لأن الإنسان يغلظ لولده في القول تأديبا .
فصل .
ومن قال لامرأة : أكرهت على الزنا فلا حد عليه لأنه لم يقذفها بالزنا و عليه التعزير لأنه ألحق بها العار و كل موضع لا يجب فيه الحد مما ذكرنا يوجب التعزير لأنه أذى لمن لا يحل أذاه و إذا تقاصر عن الحد أوجب التعزير كالزنا فيما دون الفرج .
فصل .
و حد القذف ثمانين جلدة إن كان القاذف حرا لقول الله تعالى : { فاجلدوهم ثمانين جلدة } وإن كان عبدا فأربعون لما روى يحيى بن سعيد الأنصاري قال : ضرب أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حازم مملوكا افترى على حر ثمانين فبلغ عبد الله ابن عامر بن ربيعة فقال : أدركت الناس زمن عمر بن الخطاب Bه إلى اليوم فما رأيت أحد ضرب المملوك المفتري ثمانين قبل أبي بكر بن محمد بن عمرو و لأنه حد يتبعض فكان المملوك على النصف من الحر كحد الزنا و إن كان القاذف بعضه حر فعليه بالحساب لما ذكرنا .
فصل .
و الحد في القذف و التعزير الواجب بما دونه حق للمقذوف يستوفى إذا طالب و يسقط إذا عفا عنه لما روى عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : [ أيعجز أحدكم أن يكون كأبي ضمضم كان إذا خرج يقول تصدقت بعرضي ] و الصدقة بالعرض لا تكون إلا بالعفو عما يجب له و لأنه جزاء جناية عليه لا يستوفى إلا بمطالبته فكان له كالقصاص و عنه : أنه حق لله تعالى أنه حد فكان حقا لله كسائر الحدود فعلى هذا لا يستوفى إلا بمطالبة الآدمي و لا يسقط بعد وجوبه بالعفو كالقطع في السرقة و لو قال لغيره : اقذفني فقذفه لم يجب الحد لأنه إذن في سبه فلم يوجب الحد كالقصاص و القطع في السرقة .
فصل .
و إن جن من له الحد لم يكن لوليه المطالبة به لأنه يجب للتشفي و درك الغيظ فأخر إلى الإفاقة كالقصاص و إن قذف مملوكا فالطلب بالتعزير و العفو عنه له دون سيده لأنه ليس بمال و لا بدل مال فأشبه فسخ النكاح للمعتقة تحت العبد و إن مات العبد سقط لأنه لو ملكه السيد بحق الملك لملكه في حياته و العبد لا يورث و إن سمع الإمام رجلا يقذف آخر في حضرته أو غيبته لم يلزمه أن يسأل عن ذلك و يحققه لأن القذف لا يوجب حدا حتى يطالب به صاحبه و لأن الحدود تدرأ بالشبهات فلا يجب المبالغة في إثباتها .
فصل .
ومن قذف جماعة لا يتصور الزنا من جميعهم كأهل البلدة الكبيرة فلا حد عليه لأنه لا عار على المقذوف بذلك للقطع بكذب القاذف و إن قذف جماعة يمكن زناهم بكلمات فعليه لكل واحد حد و إن قذفهم بكلمة واحدة ففيه ثلاث روايات : .
إحداهن : عليه حد واحد لأن كلمة القذف واحدة فلم يجب بها أكثر من حد واحد كما لو كان المقذوف واحدا و لأنه بالحد الواحد يظهر كذبه و يزول عار القذف عن جميعهم فعلى هذا إن طلبه الجميع أقيم لهم و إن طلبه واحد أقيم له أيضا و لا مطالبة لغيره و إن أسقط أحدهم حقه لم يسقط حق غيره لأنه ثابت لهم على سبيل البدل فأشبه ولاية النكاح .
و الثاني : عليه لكل واحد حد لأنه قذفه فلزمه الحد له كما لو قذفه بكلمة مفردة .
و الثالث : إن طلبوه جملة فحد واحد لأنه يقع استيفاؤه لجميعهم و إن طلبوه متفرقا أقيم لكل مطالب مرة لأن استيفاء المطالب الأول له خاصة فلم يسقط به حق الباقين و إن قال لامرأة : زنى بك فلان فهي كالتي قبلها لأنه قذفهما بكلمة واحدة و يحتمل ألا يجب إلا حد واحد وجها واحدا لأن القذف لهما بزنا واحد يسقط حده ببينة واحدة و لعان واحد إن كانت المرأة زوجته .
فصل .
ومن وجبت عليه حدود قذف لجماعة فأيهم طالب بحده استوفي له ثم إذا طالب غيره استوفي له كالديون فإن اجتمعا في الطلب قدم أسبقهما حقا لأن السابق أولى فإن تساويا أقرع بينهما إن تشاحا و لو قال : يا زاني ابن الزانية كان قاذفا لهما بكلمتين فأيهما طالب حد له فإن اجتمعا وتشاحا حد للابن أولا لأنه بدأ بقذفه ثم يحد لأمه و متى حد مرة لم يحد لآخر حتى يبرأ ظهره لأنه لا يؤمن مع الموالاة التلف فإن كان القاذف عبدا فكذلك لأنهما حدان فأشبها حدي الحر و يحتمل أن لا يوالى بينهما و لأنهما جميعا كحد حر فيوالى بينهما كما يوالى بينه .
فصل .
و إن قذف واحدا مرات و لم يحد فحد واحد لأنها من جنس واحد لمستحق واحد فإذا كانت قبل الإقامة تداخلت كسائر الحدود و إن حد مرة ثم قذفه بذلك الزنا عزر و لم يحد لأن أبا بكرة شهد على المغيرة بالزنا فجلده عمر ثم أعاد أبو بكرة القذف فأراد عمر جلده فقال علي : إن كنت تريد أن تجلده فارجم صاحبه فترك عمر جلده يعني : إن نزلته منزلة أجنبي شهد بزناه فقد كملت شهادة أربعة فإن لم تجعله كشاهد آخر فلا تحده و لأنه قد حصل التكذيب بالحد فاستغني عما سواه و إن قذفه بزنا آخر عقيب الحد ففيه روايتان : .
إحداهما : يحد لأنه قذف بعد الحد لم يظهر كذبه فيه بحد فلومه الحد كما لو قذفه بعد زمن طويل .
و الثانية : لا حد عليه لأنه قد حد له مرة فلا يحد له ثانيا كما لو قذفه بالزنا الأول و إن قذفه بعد طول فصل حد لأنه لا تسقط حرمة عرض المقذوف بإقامة الحد له و ذكر القاضي فيها روايتين كالتي قبلها : .
فصل .
و إذا قال الرجل : يا ولد الزنا أو ي ابن الزانية فهو قاذف لأمه فإن كانت حية فهو قاذف لها دونه لأن الحق لها و يعتبر فيها شروط الإحصان لأنها المقذوفة وإن كانت أمه ميتة فالقذف له لأنه قدح في نسبه و على سياق هذا لو قذف جدته ملك المطالبة بالحد لما روى الأشعث بن قيس عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : [ لا أوتى برجل يقول : إن كنانة ليست من قريش إلا جلدته ] لقول ابن مسعود : لا حد إلا في قذف محصنة أو نفي رجل عن أبيه فعلى هذا يعتبر الإحصان في الرجل دون أمه فلو كانت أمه ميتة أو مشركة أو أمة و هو محصن لوجب له و هذا اختيار الخرقي و قال أبو بكر : لا حد على قاذف ميت لأنه لا يطالب فلم يحد قاذفه كما لو قذف غير الأم و لا خلاف في أنه لو قذف أباه أو أخاه لم يلزمه حد لأنه لم يقدح في نسبه بخلاف مسألتنا و لو مات المقذوف قبل المطالبة بالحد لم يجب و إن مات بعد المطالبة به قام وارثه مقامه لأنه حق له يجب بالمطالبة فأشبه رجوع الأب فيما وهب لولده .
فصل .
و إذا شهد على إنسان بالزنا دون الأربعة فعليهم الحد لقول الله تعالى : { و الذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة } و لأن أبا بكرة و نافعا و شبل بن معبد شهدوا على المغيرة بن شعبة و لم يكمل زياد شهادته فحد عمر Bه الثلاثة بمحضر من الصحابة فكان ذلك إجماعا و كذلك إن لم يكمل الرابع شهادته فعليهم الحد كذلك و إن شهد ثلاثة و زوج المرأة حد الثلاثة لأن الزوج غير مقبول الشهادة على زوجته بالزنا لإقراره على نفسه بعداوتها لجنايتها عليه بإفساد فراشه و إلحاق العار به و عل الزوج الحد إلا أن يسقط عنه بلعانه وإن شهد أربعة فبانوا فساقا أو عبيدا أو عميانا أو بعضهم ففيهم ثلاث روايات : .
إحداهن : عليهم الحد لأن شهادتهم بالزنا لم تكمل فلزمهم الحد كما لو شهد ثلاثة .
و الثانية : لا حد عليهم لقول الله تعالى { ثم لم يأتوا بأربعة شهداء } و هؤلاء أربعة و لأنه أحرزوا ظهورهم بكمال عددهم فأشبه ما لو شهد أربعة بزناها فشهد ثقات أنها عذراء .
و الثالثة : إن كانوا عميانا فعليهم الحد و إن كانوا فساقا أو عبيدا فلا حد عليهم لأن الأعمى يشهد بما لا يره يقينا فيكون شاهد زور يقينا و غيرهم بخلاف ذلك و إن كان فيهم صبي أو مجنون أو من لا تقبل شهادته فكذلك و الأولى أصح لأن من لا شهادة له وجوده كعدمه فأشبه نقص العدد و لو شهد ثلاثة رجال و امرأتان حد الجميع لأن شهادة النساء في هذا الباب كعدمها .
فصل .
و إن شهد أربعة بالزنا ثم رجع أحدهم فعليهم الحد لأنه نقص عدد الشهود فلزمهم الحد كما لو كانوا ثلاثة و عنه : يحد الثلاثة دون الرابع اختارها أبو بكر و ابن حامد لأن رجوعه قبل الحد كالتوبة قبل تنفيذ الحكم فيسقط الحد عنه وإن رجعوا كلهم فعليهم الحد لأنهم يقرون على أنفسهم أنهم قذفة و يحتمل أن لا يجب عليهم الحد كالتي قبلها و إن شهد أربعة فلم تكمل شهادتهم لاختلافهم في المكان أو الزمان أو كونهم لم يأتوا في مجلس واحد أو لم يصفوا الزنا أو بعضهم فهم قذفة عليهم الحد لأن شهادة الأربعة لم تكمل فلومهم الحد كما لو نقص عددهم و إن شهد أربعة بالزنا على امرأة فشهد ثقات من النساء أنها عذراء فلا حد على واحد منهم لأن ثبوت عذرة المرأة دليل على براءتها فينتفي الحد عنها لظهور براءتها و صدق الشهود محتمل لجواز أن يطأها ثم تعود عذرتها فانتفى الحد عنهم لاحتمال صدقهم .
فصل .
و إذا قذف امرأة و قال : كنت زائل العقل حين قذفتها و لم يعرف له زوال عقل قبل ذلك فالقول قولها لأن الظاهر عقله فأشبه ما لو ضرب ملفوفا و ادعى أنه كان ميتا و إن عرف له زوال عقل بجنون أو تبرسم أو نحوه فالقول قوله لأن الأصل براءته من الحد و صدقه محتمل و لأن الحد يدرأ بالشبهات و إن قال : زنيت إذ كنت مشركة أو أمة و لم تكن كذلك حد لأنه يعلم كذبه في وصفها بذلك و إن كانت مشركة أو أمة لم يحد لأنه أضاف قذفها إلى حال فيها غير محصنة و عنه : يحد حكاها أبو الخطاب لأن القذف في حال لمحصنة و إن قال : زنيت أنت مشركة و قال : أردت أنك زنيت في تلك الحال فقالت : بل قذفتني و نسبتني إلى الشرك في هذه الحال فقال القاضي : يحد لأنه خاطبها بالقذف في الحال فالظاهر إرادة القذف في الحال و اختار أبو الخطاب : أنه لا يحد لأنهما اختلفا في إرادته بكلامه و هو أعلم بمراده و اللفظ محتمل لما ادعاه بأن تكون الواو للحال و إن قال لها : زنيت ثم قال : أردت في الحال التي كنت غير محصنة و قالت : أردت قذفي في الحال حد لأنه قذفها في الحال فلا يقبل قوله فيما يحيله و إن قال : إنما كان قذفي لك قبل إحصانك و قالت : بل بعده فإن ثبت أنها كانت غير محصنة فالقول قوله لأن الأصل براءة ذمته و إن لم يثبت ذلك فالقول قولها لأن الأصل في الدار الإسلام و الحرية و كذلك إن كانت مسلمة فادعى أنها ارتدت فالقول قولها لأن الأصل بقاؤها على دينها .
فصل .
وإن ادعت امرأة أو زوجها قذفها فأنكر فقامت عليه ببينة فله أن يلاعن لأن إنكار القذف لا يكذب ما يلاعن عليه من الزنا لأن القذف الكذب و هو يدعي أنه صادق فجاز أن يلاعن كما لو ادعى عليه وديعة فقال : ما لك عندي شيء ثم ادعى تلفها قبل منه لكون إنكاره لم يمنع الإيداع كذا هاهنا