وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

باب إحياء الموات .
وهي الأرض الداثرة التي لا يعرف لها مالك وهي نوعان : .
أحدهما : ما لم يجر عليه ملك فهذا يملك بالإحياء لما روى جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله A : [ من أحيا أرضا ميتة فهي له ] رواه أحمد و الترمذي وصححه ولا يفتقر لإذن الإمام للخبر ولأنه تملك مباح فلم يفتقر إلى إذن كالصيد .
الثاني : ما جرى عليه ملك وباد أهله ولم يعرف له مالك ففيه روايتان : .
إحداهما : يملك بالإحياء للخبر ولما روى طاوس أن النبي A قال : [ عادي الأرض لله ولرسوله ثم هي لكم بعده ] رواه أبو عبيد في الأموال ولأنه في دار الإسلام فيملك كاللقطة .
والثانية : لا يملك لأنه إما لمسلم أو لذمي أو بيت المال فلم يجز إحياؤه كما لو تعين مالكه ويجوز إحياء ما قرب من العامر إذ لم تتعلق بمصالحه للخبر والمعنى .
وعنه : لا يملك لأنه لا يخلو من مصلحة فأشبه ما تعلق بمصالحه للخبر والمذهب الأول .
فصل : .
وما تعلقت به مصلحة العامر كحريم البئر وفناء الطريق ومسيل الماء ويملك بالإحياء ولا يجوز لغير مالك العامر إحياؤه لأنه تابع للعامر مملوك لصاحبه ولأن تجويز إحيائه إبطال للملك في العامر على أهله وكذلك ما بين العامر من الرحاب والشوارع ومقاعد الأسواق لا يجوز تملكه بالإحياء لأنه ليس بموات و تجويز إحيائه تضييق على الناس في أملاكهم و طرقهم وهذا لا يجوز .
فصل : .
ويجوز الإحياء من كل من يملك المال للخبر ولأنه فعل يملك به فجاز ممن يملك المال كالصيد ويملك الذمي بالإحياء في دار الإسلام لذلك وقال ابن حامد : لا يملك فيها بالإحياء لخبر طاوس وليس للمسلم إحياء أرض في بلد صولح الكفار على المقام فيه لأن الموات تابع للبلد فلم يجز تمليكه عليهم كالعامر .
فصل : .
وفي صفة الإحياء روايتان : .
إحداهما : أن يعمر الأرض لما يريدها له ويرجع في ذلك إلى العرف لأن النبي A أطلق الإحياء ولم يبين فحمل على المتعارف فإن كان يريدها للسكنى فإحياؤها بحائط جرت عادتهم بالبناء به وتسقف فإنها لا تصلح للسكنى إلا بذلك وإن أرادها حظيرة لغنم أو حطب فبحائط جرت العادة بمثله وإن أرادها للزرع فبسوق الماء إليها من نهر أو بئر ولا يعتبر حرثها لأنه يتكرر على عام فأشبه السكنى لا يحصل الإحياء به لذلك وإن كانت أرضا يكفيها المطر فإحياؤها بتهيئتها للغرس والزرع إما بقلع أشجارها أو أحجارها أو تنقيتها ونحو ذلك مما يعد إحياء وإن كانت من أرض البطائح فإحياؤها بحبس الماء عنها لأن إحياءها بذلك ولا يعتبر في الإحياء للسكنى نصب أبواب لأن السكنى ممكنة بدونه والرواية الثانية : التحويط إحياء لكل الأرض لما روى سمرة أن النبي A قال : [ من أحاط حائطا على أرض فهي له ] رواه أبو داود ولأن الحائط حاجز منيع فكان إحياء كما لو أرادها حظيرة .
فصل : .
وإذا أحياها ملكها بما فيها من المعادن والأحجار لأنه تملك الأرض بجميع أجزائها وطبقاتها وهذا منها وإن ظهر فيها معدن جاز كالقير والنفط والماء ففيه روايتان : .
إحداهما : لا يملكه لقول النبي A : [ الناس شركاء في ثلاث : في الماء والكلأ والنار ] رواه الخلال وكذلك الحكم في الكلأ والشجر لقول البني A : [ لا حمى في الأراك ] .
والثانية : يملك ذلك كله لأنه نماء ملكه فملكه كشعر غنمه .
فصل : .
ومن حفر بئرا في موات ملك تحريمها والمنصوص عن أحمد Bه : أن حريم البئر البديء خمس وعشرون ذراعا من كل جانب ومن سبق إلى بئر عادية فاحتفرها فحريمها خمسون ذراعا من كل جانب لما روي عن سعيد بن المسيب أنه قال : السنة في حريم البئر العادي خمسون ذراعا و البديء خمسة وعشرون ذراعا رواه أبو عبيد في الأموال وروى الخلال و الدارقطني عن النبي A نحوه وقال القاضي : حريمها ما تحتاج إليه من ترقية الماء منها كقدر مدار الثور إن كان بدولاب وقدر طول البئر إن كان بالسواني وحمل التحديد بالحديث وكلام أحمد Bه على المجاز والظاهر خلافه فإنه قد يحتاج إلى حريمها لغير ترقية الماء لموقف الماشية وطعن الإبل ونحوه وأما العين المستخرجة فحريمها ما يحتاج إليها صاحبها ويستضر بتمليكه عليه وإن كثر وحريم النهر : ما يحتاج إليه لطرح كرايته وطريق شاويه وما يستضر صاحبة بتملكه عليه وإن كثر .
فصل : .
ومن تحجر مواتا وشرع في إحيائه ولم يتم فهو أحق به لقول رسول الله A : [ من سبق إلى ما لم يسبق إليه مسلم فهو أحق به ] رواه أبو داود فإن نقله إلى غيره صار الثاني أحق به لأن صاحب الحق آثره به فإن مات انتقل إلى وارثه لقول النبي A : [ من ترك حقا أو مالا فهو لوارثه ] وإن باعه ولم يصح لأنه لم يملكه فلم يصح بيعه كحق الشفعة ويحتمل جواز بيعه لأنه صار أحق به فإن بادر إليه غيره فأحياه لم يملكه في أحد الوجهين لمفهوم قوله عليه السلام : [ من سبق إلى ما لم يسبق إليه مسلم فهو أحق به ] ولأن حق المتحجر أسبق فكان أولى كحق الشفيع في المشتري .
والثاني : يملكه لأنه أحيا أرضا ميتة فيدخل في عموم الحديث ولأن الإحياء يملك به فقدم على التحجر الذي لا يملك به وإن شرع في الإحياء وترك قال له السلطان : إما أن تعمر وإما أن ترفع يدك لأنه ضيق على الناس في حق مشترك فم يمكن منه كالوقوف في طريق ضيق فإن سأل الإمهال أمهل مدة قريبة كالشهرين ونحوهما فإن انقضت ولم يعمر فلغيره إحياؤها وتملكها كسائر الموات .
فصل : .
وإذا كان في الموات معدن ظاهر ينتفع به المسلمون كالملح وعيون الماء والكبريت والكحل والقار ومعادن الذهب والفضة والحديد ومقالع الطين ونحوها لم يجز لأحد إحياؤها ولا تملك بالإحياء لأن النبي A أقطع أبيض بن حمال معدن الملح فلما قيل له إنه بمنزلة الماء العد رده رواه أبو داود وقال : يا رسول الله : ما يحمى هذا الأراك ؟ فقال : [ ما لم تنله أخفاف الإبل ] رواه أبو داود و الترمذي ولأن هذا مما يحتاج إليه فلو ملك بالاحتجار ضاق على الناس وغلت أسعاره وكذلك ما نضب عنه الماء من الجزائر عند الأنهار الكبار قال أحمد Bه يروى عن عمر Bه : أنه أباح الجزائر وأنا آخذ به يعني : ما ينبت فيها ولأن البناء فيما يرد الماء إلى الجانب الآخر فيضر بأهله ولأنها منبت الكلأ والحطب فأشبهت المعادن .
فصل : .
وكل بئر ينتفع بها المسلمون أو عين نابعة فليس لها احتجارها لأنها بمنزلة المعادن الظاهرة ومن حفر بئرا لغير قصد التملك إما لينتفع بها المسلمون أو لينتفع بها مدة ثم يتركها لم يملكها وكان أحق بها حتى يرحل عنها ثم تكون للمسلمين ومن حفر بئرا للتملك فلم يظهر ماؤها لم تملك به لأنه ما تم إحياؤها وكان كالمحتجر الشارع في الإحياء .
فصل : .
وإن أحيا أرضا فظهر فيها معدن ملكه لأنه لم يضيق على الناس به لأنه الذي أخرجه ولو كان في الموات أرض يمكن فيها إحداث معدن ظاهر كشط البحر إذا حصل فيه ماؤه صار ملحا ملكه بالإحياء لأنه توسيع على المسلمين لا تضييق .
فصل : .
ومن سبق إلى معدن ظاهر وهو الذي يوصل إلى ما فيه من غير مؤنة كالماء والملح والنفط أو باطن لا يوصل إلى ما فيه إلا بالعمل كمعادن الذهب والحديد كان أحق به للخبر فإن أقام بعد قضاء حاجته منع منه لأنه يضيق على الناس بغير نفع فأشبه الوقوف في مشرعة ماء لا يستقي منها وإن طال مقامه للأخذ ففيه وجهان : .
أحدهما : لا يمنع لأنه سبق فكان أحق كحالة الابتداء .
والثاني : يمنع لأنه يضر كالمتحجر فإن سبق إليه اثنان يضيق المكان عنهما أقرع بينهما لأنه لا مزية لأحدهما على صاحبه وقال بعض أصحابنا : إن كانا يأخذان للتجارة هايأه الإمام بينهما وإن كانا يأخذان للحاجة ففيه أربع أوجه : .
أحدها : يهايئاه بينهما .
والثاني : يقرع بينهما .
والثالث : يقدم الإمام من يرى منهما .
والرابع : ينصب الإمام من يأخذ لهما ويقسم بينهما .
فصل : .
ومن شرع في حفر معدن ولم يبلغ النيل به فهو أحق به كالشارع في الإحياء ولا يملكه وإن بلغ النيل لأن الإحياء العمارة وهذا تخريب فلا يملك به ولأنه يحتاج في كل جزء إلى عمل فلا يملك منه إلا ما أخذ لكن يكون أحق به ما دام يأخذ وإن حفر إنسان من جانب آخر فوصل إلى النيل لم يكن له منعه لأنه لم يملكه .
فصل : .
ويجوز الارتفاق بالقعود في الرحاب والشوارع والطرق الواسعة للبيع والشراء لاتفاق أهل الأمصار عليه من غير إنكار ولأنه ارتفاق بمباح من غير إضرار فلا يمنع منه كالاجتياز ومن سبق إليه كان أحق به لقوله A : [ منى مناخ من سبق ] وله أن يظلل عليه بما لا يضر بالمارة لأن الحاجة تدعو إليه من غير ضرر بغيره وليس له أن يبني دكة ولا غيرها لأنها تضيق ويعثر بها العابر فإن قام وترك متاعه لم يجز لغيره أن يقعد لأن يده لم تزل وإن كال القعود ففيه وجهان سبق توجيههما وإن سبق إليه اثنان ففيه وجهان : .
أحدهما : يقرع بينهما لتساويهما .
والثاني : يقدم الإمام أحدهما لأن له نظرا واجتهادا .
فصل : .
في القطائع هي ضربان : إقطاع وإرفاق وهي مقاعد الأسواق والرحاب فللإمام إقطاعها لمن يجلس فيها فيصير كالسابق إليها إلا أنه أحق بها وإن نقل متاعه لأن للإمام النظر الاجتهاد فإن أقطعه ثبتت يده عليه بالإقطاع فلم يكن لغيره أن يقعد فيه .
الضرب الثاني : موات الأرض فللإمام إقطاعها لمن يحييها لما روى وائل بن حجر أن رسول الله A أقطعه أرضا فأرسله معاوية : [ أن أعطه إياها أو أعلمها إياه ] حديث صحيح وأقطع بلال بن الحارث المزني وأبيض بن حمال المازني وأقطع الزبير حضر فرسه رواه أبو داود .
وأقطع أبو بكر وعمر وعثمان أصحاب رسول الله A ومن أقطعه الإمام شيئا لم بملكه لكن يصير كالمتحجر في جميع ما ذكرناه ولا يقطع من ذلك إلا ما قدر على إحيائه لأن إقطاعه أكثر منه إدخال ضرر على المسلمين بلا فائدة وقد روي أن النبي A أقطع بلال بن الحارث العقيق فلما كان زمن عمر قال : إن رسول الله A لم يقطعك لتحتجره على الناس فخذ ما قدرت على عمارته ودع باقيه رواه أبو عبيد في الأموال .
فصل : .
وليس للإمام إقطاع المعادن الظاهرة لما ذكرنا في إحيائها وقال أصحابنا : وكذلك المعادن الباطنة لأنها في معناها ويحتمل جواز إقطاعها لما روي أن النبي A : أقطع بل بن الحارث معادن القبيلة جلسيها وغوريها رواه أبو داود ولأنه يفتقر في الانتفاع بها إلى المؤن فجاز إقطاعه كالموات .
فصل في الحمى : .
لا يجوز لأحد أن يحمي لنفسه مواتا يمنع الناس الرعي فيها لما روى الصعب بن جثامة قال : سمعت رسول الله ( ص ) يقول : [ لا حمى إلا لله ولرسوله ] متفق عليه رواه أبو داود وقال : [ الناس شركاء في ثلاث : الماء والكلأ والنار ] وللإمام أن يحمي مكانا لترعى فيه خيل المجاهدين ونعم الجزية وإبل الصدقة وضوال الناس التي يقوم بحفظها لأن النبي ( ص ) حمى النقيع لخيل المسلمين لأن عمر وعثمان Bهما حميا واشتهر في الصحابة فلم ينكر فكان إجماعا وقال عمر Bه : والله لولا ما أحمل عليه في سبيل الله ما حميت من الأرض شبرا في شبر رواه أبو عبيد وليس له أن يحمي قدرا يضيق به على الناس لأنه إنما جاز للمصلحة فلا يجوز ذلك بضرر أكثر منها وما حماه النبي ( ص ) فليس لأحد نقضه ولا يملك بالإحياء لأن ما حماه النبي ( ص ) نص فلم يجز نقضه بالاجتهاد وما حماه غيره من الأئمة جاز لغيره من الأئمة تغييره في أحد الوجهين وفي الآخر ليس له ذلك لئلا ينقض الاجتهاد بالاجتهاد والأول أولى لأن الاجتهاد في حماها في تلك المدة دون غيرها ولهذا ملك الحامي لها تغييرها وإن أحياه إنسان ملكه لأن حمى الأئمة اجتهاد وملك الأرض بإحيائها نص فيقدم على الاجتهاد