وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

باب الغصب .
وهو استيلاء الإنسان على مال غيره بغير حق وهو محرم بالإجماع وقد روى جابر : أن رسول الله A قال في خطبته يوم النحر : [ إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا ] رواه مسلم ومن غصب شيئا لزمه رده لما روى سمرة عن النبي A أنه قال : [ على اليد ما أخذت حتى ترده ] وإن نقصت لتغير الأسعار لم يضمنها لأن حق المالك في العين وهي باقية لم تتغير صفتها فلا حق له في القيمة مع بقاء العين وإن نقصت القيمة لنقص المغصوب نقصا مستقرا كثوب استخلق أو تخرق وإناء تكسر أو تشقق وشاة ذبحت وحنطة طحنت فعليه رده وأرش نقصه لأنه نقص عين نقصت به القيمة فوجب ضمانه كذراع من الثوب وإن طالب المالك ببدله لم يملك ذلك لأن عين ماله باق فلم يملك المطالبة ببدله كما لو قطع من الثوب جزءا وإن كان النقص غير مستقر كطعام ابتل أو عفن فله بدله في قول القاضي لأنه يتزايد فساده إلى أن يتلف وقال أبو الخطاب : يخير بين ذلك وبين تركه حتى يستقر فيه الفساد ويأخذه مع أرشه لأن عين ماله باقية فلا يمنع من أخذها مع أرشها كالثوب الذي تخرق .
فصل : .
فإن كان النقص في الرقيق مما لا مقدر فيه كنقصه لكبر أو مرض أو شجة دون الموضحة ففيه ما نقص مع الرد لذلك وإن كان أرشه مقدرا كذهاب يده فكذلك في إحدى الروايتين لأنه ضمان مال أشبه ضمان البهيمة والأخرى : يرده وما يجب بالجناية لأنه ضمان في الرقيق فوجب فيه المقدر كضمان الجناية فإن قطع الغاصب يده فعلى هذه الرواية الواجب نصف قيمته كغير المغصوب وعلى الأولى عليه أكثر الأمرين من نصف قيمته أو قدر نصفه لأنه قد وجد اليد والجناية فوجب أكثرهما ضمانا وإن غصب عبدا فقطع أجنبي يده فللمالك تضمين أيهما شاء فعلى الأولى : إن ضمن الغاصب ضمنه أكثر الأمرين ويرجع الغاصب على القاطع بنصف قيمته لا غير لأن ضمانه ضمان الجناية وإن ضمن الجاني ضمنه نصف القيمة وطالب الغاصب بتمام النقص وعلى الثانية : يطالب أيهما شاء ويستقر الضمان على القاطع لأنه المتلف فيكون الرجوع عليه .
فصل : .
وروي عن أحمد فيمن قلع عين فرس : أنه يضمنها بربع قيمتها لأنه يروى عن عمر Bه والصحيح أن يضمنها بنقصها لأنها بهيمة فلم يكن فيها مقدر كسائر البهائم أو كسائر أعضائها ويحمل ما روي عن عمر Bه على أن عين الدابة التي قضى فيها نقصها ربع القيمة ولو غصب دابة قيمتها مائة فزادت فصارت قيمتها ألفا ثم جنى عليها جناية نقصت نصف قيمتها لزمه خمسمائة لأن الواجب قيمة ما أتلف يوم التلف وقد فوت نصفها فضمن خمسمائة .
فصل : .
فإن نقصت العين دون القيمة وكان الذاهب يضمن بمقدر كعبد خصاه وزيت أغلاه فذهب نصفه ولم تنقص قيمته فعليه قيمة العبد ومثل ما نقص من الزيت مع ردهما لأن الواجب فيهما مقدر بذلك فإن لم يكن مقدرا كعبد سمين هزل فلم تنقص قيمته لم يلزمه أرش هزاله لأن الواجب فيه ما نقص من القيمة ولم تنقص فإن أغلى عصيرا فنقص فهو كالزيت لأنه في معناه ويحتمل أنه لا يضمن لأن الغليان عقد أجزائه وجمعها وأذهب مائيته فقط بخلاف الزيت فإن نقصت عينه وقيمته فعليه مثل ما نقص من العين وأرش نقص الباقي في العصير والزيت لأن كل واحد من النقصين مضمون منفرد فكذلك إذا اجتمعا ولو شق ثوبا ينقصه الشق نصفين ثم تلف أحدهما رد الباقي وتمام قيمة الثوب قبل قطعه وإن غصب خفين فتلف أحدهما فكذلك في أحد الوجهين لأن نقص الباقي بسبب تعديه والآخر لا يلزمه إلا رد الباقي وقيمة التالف لأنه لم يتلف إلا أحدهما .
فصل : .
إذا غصب عبدا مرض أو ابيضت عينه ثم برئ لم يلزمه إلا رده لأن نقصه زال فأشبه ما لو انقلعت سنه ثم عادت وإن هزل ثم سمن أو نسي صناعته ثم علمها فكذلك في أحد الوجهين لأن نقصه زال فأشبهت التي قبلها والآخر : يضمن النقص لأن السن الثاني غير الأول فلا يسقط به ما وجب بزوال الأول فعلى هذا الوجه لو سمن ثم هزل ضمنهما معا لأن الثاني غير الأول وعلى الوجه الأول يضمن أكثر السمنين قيمة لأن عود السمن أسقط ما قابله من الأرش فإن كانت الزيادة الثانية من غير جنس الأولى كعبد هزل فنقصت قيمته ثم تعلم فعادت قيمته ضمن الأولى لأن الثانية من غير جنس الأولى فلا تنجبر بها وإن نسي الصناعة أيضا ضمن النقصين جميعا لما ذكرنا .
فصل : .
فإن جنى العبد المغصوب لزم الغاصب ما يستوفي من جنايته لأنه بسبب كان في يده وإن أقيد منه في الطرف فحكمه حكم ذهابه بفعل الله تعالى لكونه ضمانا وجب باليد لا بالجناية فإن القطع قصاصا ليس بجناية وأن تعلق الأرش برقبته فعليه فداؤه لأنه حق تعلق برقبته في يده فلزمه تخليصه منه وإن جنى على سيده ضمن الغاصب جنايته لأنها من جملة جناياته فأشبه الجناية على أجنبي .
فصل : .
وإن زاد المغصوب في يده كجارية سمنت أو ولدت أو كسبت أو شجرة أثمرت أو طالت فالزيادة للمالك مضمونه على الغاصب لأنها حصلت في يده بالغصب فأشبهت الأصل وإن ألقت الولد ميتا ضمنه بقيمته يوم الوضع لو كان حيا لأنه غصب بغصب الأم وإن صاد العبد والجارية صيدا فهو لمالكهما لأنه من كسبهما وهل تجب أجرة العبد الكاسب أو الصائد في مدة كسبه أو صيده ؟ فيه وجهان : .
أحدهما : لا تجب لأن منافعه صارت إلى سيده فأشبه ما لو كان في يده .
والثاني : تجب لأن الغاصب أتلف منافعه وإن أغصب فرسا أو قوسا أو شركا فصاد به ففيه وجهان : .
أحدهما : هو لصاحبه لأن صيده حصل به أشبه صيد الجارحة .
والثاني : للغاصب لأنه الصائد وهذه آلة وإن غصب منجلا فقطع به حطبا أو خشبا أو حشيشا فهو للغاصب لأن هذا آلة فهو كالحبل يربطه به .
فصل : .
وإن غصب أثمانا فاتجر بها فالربح لصاحبها لأنه نماء ماله وإن اشترى في ذمته ثم نقدها فيه فكذلك في إحدى الروايتين والأخرى : هو للغاصب لأن الثمن ثبت في ذمته فكان الشراء له والمبيع ربحه له لأنه بذل ما وجب عليه وقياس المذهب : إنه إذا اشترى بعينه كان الشراء باطلا والسلعة للبائع .
فصل : .
وإن غصب عينا فاستحالت كبيض صار فرخا وحب صار زرعا وزرع صار حبا ونى صار شجرا وجب رده لأنه عين ماله فإن نقصت قيمته ضمن أرش نقصه لحدوثه في يده وإن زاد فالزيادة لمالكه ولا شيء للغاصب بعمله فيه لأنه غير مأذون فيه وإن غصب عصيرا فتخمر ضمن العصير بمثله لأنه تلف في يده فإن عاد خلا رده وما نقص من قيمة العصير لأنه عين العصير أشبه النوى يصير شجرا .
فصل : .
فإن عمل فيه عملا كثوب قصره أو فصله وخاطه أو قطن غزله أو غزل نسجه أو خشب نجره أو ذهب صاغه أو ضربه أو حديد جعله إبرا فعليه رده لأنه عين ماله ولا شيء للغاصب لأنه عمل في ملك غيره بغير إذنه فلم يستحق شيئا كما لو أغلى الزيت وإن نقص بذلك فعليه ضمان نقصه لأنه حدث بفعله وعنه : أنه إن زاد يكون شريكا للمالك بالزيادة لأن منافعه أجريت مجرى الأعيان أشبه ما لو صبغ الثوب والأول أصح .
فصل : .
فإن غصب شيئا فخلطه بما يتميز منه كحنطة بشعير أو زبيب أحمر بأسود فعليه تمييزه ورده لأنه أمكن رده فوجب كما لو غصب عينا فبعدها وإن خلطه بمثله مما لا يتميز كزيت بزيت لزمه مثل كيله منه لأنه قدر على دفع بعض ماله إليه فلم ينتقل إلى البدل في الجميع كما لو غصب شيئا فتلف بعضه وهذا ظاهر كلام أحمد Bه لأنه نص على أنه شريك إذا خلطه بغير جنسه فنبه على الشركة إذا كان مثله وقال القاضي : قياس المذهب أنه يلزمه مثله إن شاء الغاصب منه أو من غيره لأنه تعذر رد عينه أشبه ما لو أتلفه وإن خلط بأجود منه لزمه مثله من حيث شاء الغاصب فإن دفع إليه منه لزمه أخذه لأنه أوصل إليه خيرا من حقه من جنسه وإن خلطه بدونه لزمه مثله فإن اتفقا على أخذ المثل منه جاز وإن أباه المالك لم يجبر لأنه دون حقه وإن طلب ذلك فأباه الغاصب ففيه وجهان : .
أحدهما : لا يجبر لأن الحق انتقل إلى ذمته فكانت الخيرة إليه في التعيين .
والثاني : يلزمه لأنه قدر على دفع بعض ماله إليه من غير ضرر فلزمه كما لو كان مثله وإن خلطه بغير جنسه كزيت بشيرج لزمه مثله من غيره وأيهما طلب الدفع منه فأبى الآخر لم يجبر وقد قال أحمد في رجل له رطل زيت اختلط برطل شيرج لآخر : يباع الدهن كله ويعطى كل واحد منهما قدر حصته فيحتمل أن يختص هذا بما لم يخلطه أحدهما ويحتمل أن يعم سائر الصور لأنه أمكن أن يصل إلى كل واحد بدل عين ماله فأشبه ما لو غصب ثوبا فصبغه فإن نقص ما يخصه من الثمن عن قيمته مفردا ضمن الغاصب نقصه لأنه بفعله وإن خلطه بما لا قيمة له كزيت بماء وأمكن تخليصه وجب تخليصه ورده مع أرش نقصه وإن لم يمكن تخليصه أو كان ذلك يفسده وجب مثله لأنه أتلفه ولو أعطاه بدل الجيد أكثر منه رديئا أو أقل منه وأجود صفة لم يجز لأنه ربا إلا أن يكون اختلاطه بغير جنسه فيجوز لأن الربا لا يجوز في جنسين .
فصل : .
فإن غصب ثوبا فصبغه فلم تزد قيمة الثوب والصبغ ولم تنقص فهما شريكان يباع الثوب ويقسم ثمنه بينهما لأن الصبغ عين مال له قيمة فلم يسقط حقه فيها باتصالها بمال غيره وإن زادت قيمتهما لأنها نماء مالهما وإن نقصت القيمة ضمنها الغاصب لأن النقص حصل بسببه وإن زادت قيمة أحدهما لزيادة قيمته في السوق فالزيادة لمالك ذلك لأنها نماء ماله وإن بقيت للصبغ قيمة فأراد الغاصب إخراجه وضمان النقص فله ذلك لأن عين ماله أشبه ما لو غرس في أرض غيره ويحتمل أن لا يملك ذلك لأنه يضر بملك المغصوب منه لنفع نفسه فمنع منه بخلاف الأرض فإنه يمكن إزالة الضرر بتسوية الحفر ولأن قلع الغرس معتاد بخلاف قلع الصبغ وإن أراد المالك قلعه ففيه وجهان : .
أحدهما : يملكه ولا شيء عليه كما يملك قلع الشجر من أرضه .
والآخر : لا يملكه لأن الصبغ يهلك به أشبه قلع الزرع وإن بذل المالك قيمة الصبغ ليملكه لم يجبر الغاصب عليه لأنه بيع ماله ويحتمل أن يجبر كما يملك أخذ زرع الغاصب بقيمته وكالشفيع يأخذ غرس المشتري وإن وهبه الغاصب لمالكه ففيه وجهان : .
أحدهما : يلزمه قبوله لأنه صار صفة للعين فأشبه قصارة الثوب .
والآخر : لا يلزمه لأن الصبغ عين يمكن إفرادها فأشبه الغراس فإن أراد المالك بيع الثوب فله ذلك لأنه ملكه فلم يمنع بيعه وإن طلب الغاصب بيعه فأباه المالك لم يجبر لأن الغاصب متعد فلم يستحق بتعديه إزالة ملك صاحب الثوب عنه كما لو طلب الغارس في أرض غيره بيعها ويحتمل أن يجبر ليصل الغاصب إلى ثمن صبغه وإن غصب ثوبا وصبغا من رجل فصبغه به فعليه رده وأرش نقصه إن نقص لأنه بفعله والزيادة للمالك لأنه عين ماله ليس للغاصب فيه إلا أثر الفعل وإن صبغه بصبغ غصبه من غيره فهما شريكان في الأصل والزيادة وإن نقص فالنقص من الصبغ لأنه تبدد ويرجع صاحبه على الغاصب لأنه بدده وإن غصب عسلا ونشاء فعمله حلواء فحكمه كحكم غصب الثوب وصبغه سواء .
فصل : .
وإن غصب أرضا فغرسها أو بنى فيها لزمه قلعه لما روى سعيد بن زيد أن النبي A قال : [ ليس لعرق ظالم حق ] قال الترمذي : هذا حديث حسن ولأنه شغل ملك غيره بملك لا حرمة له في نفسه فلزمه تفريغه كما لو ترك فيها قماشا وعليه تسوية الحفر ورد الأرض إلى ما كانت عليه وضمان نقصها إن نقصت لأنه حصل بفعله وإن بدل له المالك قيمة غرسه وبنائه ليملكه فأبى إلا القلع فله ذلك لأنها معاوضة فلم يجبر عليها وإن وهبه الغاصب الغراس أو البناء لم يجبر على قبوله إن كان له غرض في القلع لأنه يفوت غرضه وإن لم يكن فيه غرض احتمل أن يجبر لأنه يتخلص كل واحد منهما من صاحبه بغير ضرر واحتمل أن لا يجبر لأن ذلك عين يمكن إفرادها فلم يجبر على قبولها كما لو يكن في أرضه وإن غرسها من ملك صاحب الأرض فطالبه بالقلع وله فيه غرض لزمه لأنه فوت عليه غرضا بالغرس فلزمه رده كما لو ترك فيها حجرا ولم يكن فيها حجرا وإن لم يكن فيه غرض لم يجبر عليه لأنه سفه ويحتمل أن يجبر لأن المالك محكم في ملكه وإن أراد الغاصب قلعه فللمالك منعه لأنه ملكه وليس للغاصب فيه إلا أثر الفعل .
فصل : .
فإن حفر فيها بئرا فطالبه المالك بطمها لزمه لأنه نقل ملكه وهو التراب من موضعه فلزمه رده وإن طلب الغاصب طمها لدفع ضرر مثل إن جعل ترابها في غير أرض المالك فله طمها لأنه لا يجبر على إبقاء ما يتضرر به كإبقاء غرسه وإن جعل التراب في أرض المالك لم يبرئه من ضمان ما يتلف بها فله طمها لأنه يدفع ضرر الضمان عنه وإن أبرأه من ضمان ما يتلف بها ففيه وجهان : .
أحدهما : يبرأ لأنه لما سقط الضمان بالإذن في حفرها سقط بالإبراء منها فعلى هذا لا يملك طمها لأنه لا غرض فيه .
والثاني : لا يبرأ بالإبراء لأنه إنما يكون من واجب ولم يجب بعد شيء فعلى هذا يملك طمها لغرضه فيه .
فصل : .
وإن زرعها وأخذ زرعه فعليه أجرة الأرض وما نقصها والزرع له لأنه عين بذره نما وإن أدركها ربها والزرع قائم فليس له إجبار الغاصب على القلع ويخير بين تركه إلى الحصاد بالأجرة وبين أخذه ويدفع إلى الغاصب نفقته لما روى رافع بن خديج قال : قال رسول الله A : [ من زرع في أرض قوم بغير إذنهم فليس له من الزرع شيء و له نفقته ] قال الترمذي : هذا حديث حسن ولأنه أمكن الجمع في الحقين بغير إتلاف فلم يجز الإتلاف كما لو غصب لوحا فرقع به سفينة ملججة في البحر وفارق الغراس لأنه لا غاية له ينتظر إليها وفيما يرد في النفقة روايتان : .
إحداهما : القيمة لأنه بدل عنه فتقدرت به كقيم المتلفات .
والثانية : ما أنفق من البذر و مؤنة الزرع من الحرث وغيره لظاهر الحديث ولأن قيمة الزرع زادت في أرض المالك فلم يكن عليه عوضها وإن أدرك رب الأرض شجر الغاصب مثمرا فقال القاضي : للمالك أخذه وعليه ما أنفقه الغاصب من مؤنة الثمر كالزرع لأنه في معناه وظاهر كلام الخرقي : أنه للغاصب لأنه ثمر شجره فكان له كولد أمته .
فصل : .
وإن جصص الدار وزوقها فالحكم فيه كالحكم في البناء سواء وإن وهب ذلك لمالكها ففي إجباره على قبول الهبة وجهان كالصبغ في الثوب .
فصل : .
وإن غصب عينا فبعدت بفعله أو بغيره فعليه ردها وإن غرم أضعاف قيمتها لأنه بتعديه وإن غصب خشبة فبنى عليها فبليت لم يجب ردها ووجب قيمتها لأنها هلكت فسقط ردها وإن بقيت على جهتها لزم ردها وإن انتقض البناء لأنه مغصوب يمكن رده فوجب كما لو بعدها وإن غصب خيطا فخاط به ثوبا فهو كالخشبة في البناء وإن أخاط به جرحه أو جرح حيوان يخاف التلف بقلعه أو ضررا كثيرا لم يقلع لأن حرمة الحيوان آكد من حرمة مال الغير ولهذا جاز أخذ مال الغير بغير إذنه لحفظ الحيوان دون غيره إلا أن يكون الحيوان مباح القتل كالمرتد والخنزير فيجب رده لأنه لا حرمة للحيوان وإن كان الحيوان مأكولا للغاصب فيجب رده لأنه يمكن ذبح الحيوان الانتفاع بلحمه ويحتمل ألا يقلع لنهي النبي A عن ذبح الحيوان لغير مأكله وإن كان الحيوان لغير الغاصب لم يقلع بحال لأن فيه ضررا بالحيوان وبصاحبه وإن مات الحيوان وجب رد الخيط إلا أن يكون آدميا لأن حرمته باقية بعد موته والحكم فيما إذا بلع الحيوان جوهرة كالحكم في الخيط سواء .
فصل : .
وإن غصب لوحا فرقع به سفينة وخاف الغرق بنزعه لم ينزع لأنه يمكنه رده بغير إتلاف ماله بأن تخرج إلى الشط فلم يجز إتلافه سواء كان فيما ماله أو مال غيره .
فصل : .
وإن ادخل فصيلا أو غيره إلى داره فلم يمكن إخراجه إلا بنقض الباب نقض كما ينقض البناء لرد الخشبة وإن دخل الفصيل من غير تفريطه فعلى صاحب الفصيل ما يصلح به الباب لأنه نقض لتخليص ماله من غير تفريط من صاحب الباب وهكذا الحكم إن وقع الدينار في محبرة إنسان بتفريط أو غيره .
فصل : .
وإن غصب عبدا فأبق أو دابة فشردت فللمغصوب منه المطالبة بقيمته لأنه تعذر رده فوجب بدله كما لو تلف فإذا أخذ البدل ملكه لأنه بدل ماله كما يلمك بدل التالف ولا يملك الغاصب المغصوب لأنه لا يصح تمليكه بالبيع فلا يملكه بالتضمين كالتالف فإذا قدر عليه رده وأخذ القيمة لأنها استحقت بالحيلولة وقد زالت فوجب ردها وزيادة القيمة المتصلة للغاصب لأنها تتبع الأصل والمنفصلة للمغصوب منه لأنها لا تتبع الأصل في الفسخ بالعيب وهذا فسخ فأما المغصوب فيرد بزيادته المتصلة والمنفصلة لأن ملك صاحبه لم يزل عنه .
فصل : .
وإن غصب أثمانا فطالبه مالكها بها في بلد آخر لزم ردها إليه لأن الأثمان قيم الأموال فلم يضر اختلاف قيمتها وإن كان المغصوب من المتقومات لزم دفع قيمتها في بلد الغصب وإن كان من المثليات وقيمته في البلدين واحدة أو هي أقل في البلد الذي لقيه فيه فله مطالبته بمثله لأنه لا ضرر على الغاصب فيه وإن كانت أكثر فليس له المثل لأننا لا نكلفه النقل إلى غير البلد الذي غصبه فيه وله المطالبة بقيمته في بلد الغصب وفي جميع ذلك متى قدر على المغصوب أو المثل في بلد الغصب رده وأخذ القيمة كما لو كان عبدا فأبق .
فصل : .
إذا تلف المغصوب وهو مما له مثل كالأثمان والحبوب والأدهان فإنه يضمن بمثله لأنه يماثله من حيث الصورة والمشاهدة والمعنى والقيمة مماثلة من طريق الظن والاجتهاد فكان المثل أولى كالنص مع القياس فإن تغيرت صفته كرطب صار تمرا أو سمسم صار شيرجا ضمنه المالك بمثل أيهما شاء لأنه قد ثبت ملكه على واحد من المثلين فرجع بما شاء منهما وإن وجب المثل وأعوز وجبت قيمته يوم عوزه لأن يسقط بذلك المثل وتجب القيمة فأشبه تلف المتقومات وقال القاضي : تجب قيمته يوم قبض البدل لأن التلف لم ينقل الوجوب إلى القيمة بدليل ما لو وجد المثل بعد ذلك وجب رده وإن قدر على المثل بأكثر من قيمته لزمه شراؤه لأنه قدر على أداء الوجوب فلزمه كما لو قدر على رد المغصوب بغرامة .
فصل : .
فإن كان مما لا مثل له وجبت قيمته لقول رسول الله A : [ من أعتق شركا له في عبد فكان له ما يبلغ ثمن العبد قوم وأعطى شركاؤه حصصهم ] متفق عليه فأوجب القيمة لأن إيجاب مثله من جهة الخلقة لا يمكن لاختلاف الجنس والواحد فكانت القيمة أقر إلى إبقاء حقه فإن اختلفت قيمته من حين الغصب إلى حين التلف نظرت فإن كان ذلك لمعنى فيه وجبت قيمته أكثر ما كانت لأن معانيه مضمونة مع رد العين فكذا مع تلفها وإن كان لاختلاف الأسعار فالواجب قيمته يوم تلف لأنها حينئذ ثبتت في ذمته وما زاد على ذلك لا يضمن مع الرد فكذلك في التلف كالزيادة في القيمة وتجب القيمة من نقد البلد الذي أتلف فيه لأنه موضع الضمان وإن كان المضمون سبيكة أو نقرة أو مصوغا ونقد البلد من غير جنسه أو قيمته كوزنه وجبت لأن تضمينه بها لا يؤدي إلى الربا فأشبه غير الأثمان وإن كان نقد البلد من جنسه وقيمته مخالفة لوزنه قوم بغير جنسه كي لا يؤدي إلى الربا وإن كانت الصياغة محرمة فلا عبرة بها لأنها لا قيمة لها شرعا وذكر القاضي : أن ما زادت قيمته لصناعة مباحة جاز أن يضمن بأكثر من وزنه لأن الزيادة في مقابل الصنعة فلا يؤدي إلى الربا .
فصل : .
وإذا كانت للمغصوب منفعة مباحة تستباح بالإجارة فأقام في يده مدة لمثلها أجرة فعليه الأجرة .
وعنه : إن منافع الغصب لا تضمن و المذهب الأول لأنه يطلب بدلها بعقد المعاينة فتضمن بالغصب كالعين وسواء رد العين أو بدلها لأن ما وجب مع ردها وجب مع بدلها كأرش النقص فإن تلفت العين لم تلزمه أجرتها بعد التلف لأنه لم يبق لها أجرة ولو غصب دارا فهدمها أو عرصة فبناها أو دارا فهدمها ثم بناها وسكنها فعليه أجرة عوضه لأنه لما هدم البناء لم يبق لها أجرة لتلفها ولما بنى العرصة كان البناء له فلم يضمن أجرة ملكه إلا أن يبنيها بترابها أو آلة للمغصوب منه فيكون ملكه لأنها أعيان ماله وليس للغاصب فيه إلا أثر الفعل فتكون أجرتها عليه وكل ما لا تستباح منافعه بالإجارة أو تندر إجارته كالغنم والشجر والطير فلا أجرة له ولو أطرق فحلا أو غصب كلبا لم تلزمه أجرة لذلك لأنه لا يجوز أخذ العوض من منافعه بالعقد فلا جوز بغيره .
فصل : .
وإن غصب ثوبا فلبسه وأبلاه فعليه أجرته وأرش نقصه لأن كل واحد منهما يضمن منفردا فيضمن مع غيره ويحتمل أن يضمن أكثر الأمرين من الجرة وأرش النقص لأن ما نقص حصل بالانتفاع الذي أخذ المالك أجرته ولذلك لا يضمن المستأجر أرش هذا النقص وإن كان الثوب مما لا أجرة له كغير المخيط فعليه أرش نقصه حسب وإن كان المغصوب عبدا فكسب ففي أجرة مدة كسبه وجهان كذلك وإن أبق العبد فغرم قيمته ثم وجده فرده ففي أجرته من حين دفع قيمته إلى رده وجهان : .
أحدهما : لا يلزمه لأن المغصوب منه ملك بدل العين فلا يستحق أجرتها .
والثاني : يلزمه لأن منافع ماله تلفت بسبب كان في يد الغاصب فلزمه ضمانها كما لو لم يدفع القيمة وإن غصب أرضا فزرعها فأخذ المالك زرعها لم تكن على الغاصب أجره لأن منافع ملكه عادت إليه إلا أن يأخذ بقيمته فتكون له الأجرة إلى وقت أخذه لأن القيمة زادت بذلك للغاصب فكان نفعها عائدا إليه .
فصل : .
إذا غصب عينا فباعها لعالم بالغصب فتلفت عند المشتري فللمالك تضمين أيهما شاء قيمتها وأجرتها مدة مقامها في يد المشتري فيضمن الغاصب لغصبه والمشتري لقبضه ملك غيره بغير إذنه فإن ضمن الغاصب رجع على المشتري وإن ضمن المشتري لم يرجع على أحد لأنه غاصب تلف المغصوب في يده فاستقر الضمان عليه كالغاصب إذا تلف تحت يده فأما أجرتها أو نقصها قبل بيعها فعلى الغاصب وحده ولا شيء على المشتري منه وإن كان جارية فوطئها لزمه الحد والمهر وردها مع ولدها وأجرتها أرش نقصها وولده رقيق لأن وطأه زنا فأشبه الغاصب وإن لم يعلم المشتري بالغصب فلا حد عليه وولده حر وعليه فداؤه بمثله يوم وضعه لأنه مغرور فأشبه ما لو تزوجها على أنها حرة وللمالك تضمين أيهما شاء لما ذكرنا فإن ضمن الغاصب رجع على المشتري بقيمة العين ونقصها وأرش بكارتها لأنه دخل وع البائع على أن يكون ضمانا لذلك بالثمن فلم يغره فيه ولا يرجع عليه ببدل الولد إذا ولدت منه ونقص الولادة لأنه دخل معه على أن لا يضمنه فغره بذلك فأما ما حصلت له به منفعة ولم تلزم ضمانه كالأجرة والمهر ففيه روايتان : .
أحدهما : لا يرجع به لأن المشتري دخل معه في العقد على أن يتلفه بغير عوض فقد غره فاستقر الضمان على الغاصب كعوض الولد .
والثانية : يرجع به لأن المشتري استوفى بدل ذلك فتقرر ضمانه عليه وإن ضمن المشتري رجع على الغاصب بما لا يرجع به الغاصب عليه لأنه استقر ضمانه على الغاصب ولم يرجع بما يرجع به الغاصب عليه لأنه لا فائدة في رجوعه عليه بما يرجع به الغاصب عليه .
فصل : .
وإن وهب المغصوب لعالم بالغصب أو أطعمه إياه استقر الضمان على المتهب ولم يرجع على أحد لما ذكرنا في المشتري وإن لم يعلم رجع بما غرم على الغاصب لأنه غره بدخوله معه على أنه لا يضمن .
وعنه : فيما إذا أكله أتلفه : لا يرجع به لأنه غرم ما أتلف فعلى هذا إن غرم الغاصب رجع على الأكل لأنه أتلف فاستقر الضمان عليه وإن أجر الغاصب العين ثم استردها المالك رجع على من شاء منهما بأجرتها ويستقر الضمان على المستأجر علم أو جهل لأنه دخل في العقد على أن يضمن المنفعة ويسقط عنه المسمى في الإجارة وإن تلف العين فغرمها رجع به على الغاصب إذا لم يعلم لأنه دخل معه على أنه لا يضمن وإن كان رجلا في بيعها أو أودعها فللمالك تضمين من شاء لما ذكرنا وإن ضمنهما رجعا بما غرما على الغاصب إلا أن يعلما بالغصب فيستقر الضمان عليهما وإن أعارها استقر الضمان على المستعير علم أو جهل لأنه دخل معه على أنها مضمونة عليه وإن غرمه الأجرة ففيه وجهان مضى توجيههما في المشتري .
فصل : .
وإن أطعم المغصوب لمالكه فأكله عالما به برئ الغاصب لأنه أتلف ماله برضاه عالما به وإن لم يعلم فالمنصوص أنه يرجع قيل لأحمد Bه في رجل له قبل رجل تبعة فأوصلها إليه على سبيل صدقة أو هدية ولم يعلم فقال : كيف هذا ؟ هذا يرى أنه هدية ويقول : هذا لك عندي هدية لأنه بالغصب أزال سلطانه وبالتقديم إليه لم يعد ذلك السلطان فإنه إباحة لا يملك بها التصرف في غير ما أذن له فيه ويتخرج أنه يبرأ لأنه رد إليه ماله فبرئ كما لو وهبه إياه ويحتلم كلام أحمد Bه على أنه أوصل إليه بدله فأما إذا وهبه إياه فالصحيح أنه يبرأ لأنه قد تسلمه تسليما صحيحا ورجع إليه سلطانه به وزالت يد الغاصب بالكلية وكذلك إن باعه إياه وسلمه إليه فأما إن أودعه إياه أو أعاره أو أجره إياه فإن علم أنه ماله برئ الغاصب لأنه عاد إلى يده وسلطانه وإن لم يعلم لم يبرأ لأنه لم يعد إليه سلطانه وإنما قبضه على الأمانة وقال بعض أصحابنا : يبرأ لأنه عاد إلى يده .
فصل : .
وأم الولد تضمن بالغصب لأنها تضمن في الإتلاف بالقيمة فتضمن في الغصب كالقن ولا يضمن الحر بالغصب لأنه ليس بمال فلم يضمن باليد وإن حبس حرا فمات لم يضمنه لذلك إلا أن يكون صغيرا ففيه وجهان : .
أحدهما : لا يضمن لأنه حر أشبه الكبير .
والثاني : يضمنه لأنه تصرف له في نفسه أشبه المال فإن قلنا لا يضمنه فكان عليه حلي فهل يضمن الحلي ؟ فيه وجهان : .
أحدهما : لا يضمنه لأنه تحت يده أشبه ثياب الكبير .
والثاني : يضمنه لأنه استولى عليه فأشبه ما لو كان منفردا وإن استعمل الكبير مدة كرها فعليه أجرته لأنه أتلف عليه ما يتقوم فلزمه ضمانه كإتلاف ماله وإن حبسه مدة لمثلها أجرة ففيه وجهان : .
أحدهما : تلزمه الأجرة لأنها منفعة تضمن بالإجارة فضمنت بالغصب كنفع المال .
والثاني : لا يلزمه لأنها تلفت تحت يده فلم تضمن كأطرافه .
فصل : .
وإن غصب كلبا يجوز اقتناؤه لزمه رده لأن فيه نفعا مباحا وإن غصب خمر ذمي لزمه ردها إليه لأنه يقر على اقتنائها وشربها وإن غصبها من مسلم وجبت إراقتها لأن النبي A أمر بإراقة خمر الأيتام وإن أتلفها لمسلم أو ذمي لم يضمنها لما روى ابن عباس أن النبي A قال : [ إن الله إذا حرم شيئا حرم ثمنه ] ولأنها يحرم الانتفاع بها فلم تضمن كالميتة وإن غصبه منهما فتخلل في يده لزمه رده إلى صاحبه لأنها صارت خلا على حكم ملكه فإن تلف ضمنه لأنه مال تلف في يد الغاصب فإن أراقه صاحبه فجمعه إنسان فتخلل لم يلزمه رده لأن صاحبه أزال ملكه عنه بتبديده .
فصل : .
فإن غصب جلد ميتة ففي وجوب رده وجهان مبنيان على طهارته بالدباغ وإن قلنا : يطهر وجب رده لأنه يمكن التوصل إلى تطهيره أشبه الثوب النجس وإن قلنا : لا يطهر لم يجب رده ويحتمل أن يجب إذا قلنا : يجوز الانتفاع به في اليابسات ككلب الصيد وإن أتلفه لم يضمنه لأنه لا قيمة له .
فصل : .
وإن كسر صليبا أو مزمارا لم يضمنه لأنه لا يحل بيعه فأشبه الميتة وإن كسر أواني الذهب والفضة لم يضمنها لأن اتخاذها محرم وإن كسر آنية الخمر ففيه روايتان : .
إحداهما : يضمنها لأنه مال غير محرم ولأنها تضمن إذا كان فيها خل فتضمن إذا كان فيها خمر كالدار .
والثانية : لا تضمن لما روى ابن عمر ( أن النبي A أمره بتشقيق زقاق الخمر ) رواه أحمد Bه في المسند .
فصل : .
ومن أتلف مالا محترما لغيره ضمنه لأنه فوته عليه فضمنه كما لو غصبه فتلف عنده وإن فتح قفص طائر فطار أو حل دابة فشردت أو قيد عبد فذهب أو رباط سفينة فغرقت ضمن ذلك كله لأنه تلف بسبب فعله فضمنه كما لو نفر الطائر أو الدابة وإن فعل ذلك فلم يذهب حتى جاء آخر فنفرهما فالضمان على المنفر لأن فعله أخص فاختص الضمان به كالدافع مع الحافر وإن وقف طائر على جدار فنفره إنسان فطار لم يضمنه لأن تنفيره لم يكن سبب فواته لأنه كان فائتا قبله وإن طار في هواء داره فرماه فقتله ضمنه لأنه لا يملك منع الطائر الهواء فأشبه ما لو قتله في غير داره .
فصل : .
وإن حل زقاق فاندفق أو خرج منه شيء بل أسفله فسقط أو سقط بريح أو زلزلة أو كان جامدا فذاب في الشمس فاندفق ضمنه لأنه تلف بسببه فضمنه كما لو دفعه وقال القاضي : لا يضمنه إذا سقط بريح أو زلزلة لأن فعله عير ملجئ فلا يضمنه كما لو دفعه إنسان آخر ولنا أنه لم يتخلل بين فعله وتلفه مباشرة يمكن إحالة الضمان عليه فيجب أن يضمنه كما لو جرح إنسانا فأصابه الحر فمات به فأما إن بقي واقفا فجاء إنسان فدفعه ضمن الثاني لأنه مباشر وإن كان يخرج قليلا قليلا فجاء إنسان فنكسه فاندفق ضمن الثاني ما خرج بعد التنكيس لأنه مباشر له فهو كالذابح بعد الجارح ويحتمل أن يشتركا فيما بعد التنكيس وإن فتح زقا فيه جامد فجاء آخر فقرب إليه نارا فأذابه فاندفق ضمنه الثاني لأنه باشر الإتلاف وإن أذابه الأول ثم فتحه الثاني فالضمان على الثاني لأن التلف حصل بفعله .
فصل : .
وإن أجج في سطحه نارا فتعدت فأحرقت شيئا لجاره وكان ما فعله يسيرا جرت العادة به لم يضمن لأنه غير متعد وإن أسرف فيه لكثرته أو كونه في ريح عاصف ضمن وكذلك إن سقى أرضه فتعدى إلى حائط آخر .
فصل : .
وإن أطارت الريح إلى داره ثوبا لزمه حفظه لأنه أمانة حصلت في يده فلزمه حفظها كاللقطة فإن عرف صاحبه لزمه إعلامه فإن لم يفعل ضمنه كاللقطة إذا ترك تعريفها وإن دخل طائر داره لم يلزمه حفظه ولا إعلام صاحبه لأنه محفوظ بنفسه فإن أغلق عليه بابا ليمسكه ضمنه لأنه أمسكه لنفسه فضمنه كالغاصب فإن لم ينو ذلك لم يضمنه لأنه يملك التصرف في داره فلم يضمن ما فيها .
فصل : .
إذا اختلف المالك والغاصب في تلف المغصوب فالقول قول الغاصب مع يمينه لأنه يعتذر إقامة البينة على التلف ويلزمه البدل لأنه يمينه تعذر الرجوع إلى العين فوجب بدلها كما لو أبق العبد المغصوب وإن اختلفا في قيمة المغصوب فالقول قول الغاصب لأن الأصل براءة ذمته من الزيادة المختلف فيها فأشبه من ادعى عليه بدين فأقر ببعضه وجحد باقيه وإن قال المالك : كان كاتبا قيمته ألف وقال الغاصب : كان أميا قيمة مائة فالقول قول الغاصب لما ذكرناه وإن قال الغاصب : كان سارقا فقيمته مائة وقال المالك : لم يكن سارقا فقيمته ألف فالقول فقول المالك لأن الأصل عدم السرقة وإن غصبه طعاما وقال : كان عتيقا فلا يلزمني حديث وأنكره المالك فالقول قول الغاصب لأن الأصل براءة ذمته من الحديث ويأخذ المغصوب منه العتيق لأنه دون حقه وإن اختلفا في الثياب التي على العبد المغصوب هل هي للغاصب أو للمالك ؟ فهي للغاصب لأنها والعبد في يده فكان القول قوله فيها وإن غصبه خمرا فقال المالك : استحالت خلا فأنكره الغاصب فالقول قول الغاصب لأن الأصل عدم الاستحالة .
فصل : .
إذا اشترى رجل عبدا فادعى رجل أن البائع غصبه إياه فأنكره المشتري وصدقه البائع حلف المشتري والعبد له وعلى البائع قيمته ولا يملك مطالبة المشتري بالثمن لأنه لا يدعيه أما أن يغرم قيمته مطالبته بأقل الأمرين من قيمته أو ثمنه لأنه يدعي القيمة والمشتري يقر بالثمن فيكون له أقلهما وللمالك مطالبة المشتري لأنه مقر بالثمن للبائع والبائع يقر به لمالكه فإن قلنا بصحة تصرف الغاصب فله مطالبته بجميع الثمن وإن قلنا : لا يصح فله أقل الأمرين لما تقدم وإن صدقه المشتري فأنكره البائع حلف البائع وبرئ ويأخذ المدعي عبده لما روى سمرة عن النبي A أنه قال : [ من وجد متاعه عند رجل فهو أحق به ] وإن كان المشتري أعتق العبد فصدق البائع والمشتري المالك غرم أيهما شاء قيمته ويستقر الضمان على المشتري لأنه أتلف العبد بعتقه وإن وافقهما العبد على التصديق فكذلك ولم يبطل العتق لأنه حق الله تعالى فلا يقبل قولهم في إبطاله وفيه وجه آخر : أنه يبطل العتق إذا صدقوه كلهم ويعود العبد رقيقا للمدعي لأنه إقرار بالرق على وجه لا يبطل به حق أحد فقبل كإقرار مجهول الحال