وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

كتاب التفليس .
ومن لزمه دين مؤجل لم يجز مطالبته به لأنه لايلزمه أداؤه قبل أجله ولا يجوز الحجر عليه به لأنه لا يستحق المطالبة به فلم يملك منعه من ماله بسببه فإن أراد سفرا يحل دينه قبل قدومه منه فلغريمه منعه إلا برهن أو ضمين مليء لأنه ليس له تأخير الحق عن محله وفي السفر تأخيره وإن لم يكن كذلك ففيه روايتان : .
إحداهما : له منعه لأن قدومه عند المحل غير متيقن ولا ظاهر فملك منعه منه كالأول .
والثانية : ليس له منعه لأنه لا يملك المطالبة به في الحال ولا يعلم أن السفر مانع منها عند الحلول فأشبه السفر القصير وإن كان الدين حالا والغريم معسرا لم تجز مطالبته لقول الله تعالة : { وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة } ولا يملك حبسه ولا ملازمته لأنه دين لا يملك المطالبة به فلم يملك به ذلك كالمؤجل فإن كان ذا صنعة ففيه روايتان : .
إحداهما : يجبر على إجارة نفسه لما روي أن رجلا دخل المدينة وذكر أن وراءه مالا فداينه الناس ولم يكون وراءه مال فسماه النبي A سرقا وباعه بخمسة أبعر وروى الدارقطني نحوه وفيه أربعة أبعرة والحر لا يباع فعلم أنه باع منافعه ولأن الأجارة عقد معاوضة فجاز أن يجبر عليه كبيع ماله وإجارة أم ولده .
والثانية : لا يجبر لما روى أبو سعيد : أن رجلا أصيب في ثمار ابتاعها فكثر دينه فقال النبي ( ص ) [ تصدقوا عليه ] فتصدقوا عليه فلم يبلغ وفاء دينه فقال النبي A [ خذوا ما وجدتم وليس لكم إلا ذلك ] رواه مسلم ولأنه نوع تكسب فلم يجز عليه كالتجارة .
فصل .
وإن كان موسرا فلغريمه مطالبته وعليه قضاؤه لقول النبي A [ مطل الغني ظلم ] متفق عليه فإن أبى فله حبسه لقول النبي ( ص ) [ لي الواجد يحل عقوبته وعرضه ] من المسند فإن لم يقضه باع الحاكم ماله وقضى دينه لما روي أن عمر Bه قال : إن أسيفع جهينة رضي من دينه وأمانته أن يقال : سابق الحاج فادان معرضا فمن كان له عليه مال فليحضر فإنا بائعو ماله وقاسموه بين غرمائه رواه مالك في الموطأ بنحوه فإن غيب ماله حسبه وعزره حتى يظهره ولا يجوز الحجر عليه مع إمكان الوفاء لعدم الحاجة إليه وإن تعذر الوفاء وخيف من تصرفه في ماله حجر عليه إذا طلبه الغرماء لئلا يدخل الضرر عليهم .
فصل .
فإن ادعى الإعسار من لم يعرف له مال فالقول قوله مع يمينه لأن الأصل عدمه وإن عرف له مال أو كان الحق لزمه في مقابلة مال كثمن مبيع أو قرض لم يقبل قوله إلا ببينة لأن الأصل بقاء المال ويحبس حتى يقيم البينة فإن قال : غريمي يعلم إعساري فعلى غريمه اليمين أنه لايعلم ذلك وإن أقام البينة على تلف المال فعليه اليمين معها أنه معسر لأنه صار بهذه البينة كمن لم يعرف له مال وإن شهدت بإعساره فادعى غريمه أن له مالا باطنا لم يلزمه يمين لأنه أقام البينة على ما ادعى وتسمع البينة على التلف وإن لم يكن ذا خبرة باطنة لأنه أمر يعرف بالمشاهدة ولا تسمع على الإعسار إلا من أهل الخبرة بحاله لأنه من الأمور الباطنة فإن كان في يده مال فأقر به لغيره سئل المقر له فإن كذبه بيع في الدين وإن صدقه سلم إليه فإن قال الغريم : أحلفوه أنه صادق لم يستحلف لأنه لو رجع عن الإقرار لم يقبل منه وإن طلب يمين المقر له لأنه لو رجع قبل رجوعه .
فصل .
فإن كان ماله لا يفي بدينه فسأل غرماؤه الحاكم الحجر عليه لزمته إجابتهم لما روى كعب بن مالك : [ أن رسول الله A حجر على معاذ وباع ماله ] رواه سعيد بن منصور بنحوه عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك ولأن فيه دفعا للضرر عن الغرماء فلزم ذلك كقضائهم ويستحب الإشهاد على الحجر ليعلم الناس حاله فلا يعاملوه إلا على بصيرة ويتعلق بالحجر عليه أربعة أحكام : .
أحدها : منع تصرفه في ماله فلا يصح بيعه ولا هبته ولا وقفه ولا غير ذلك لأنه حجر ثبت بالحاكم فمنع تصرفه كالحجر للسفه وفي العتق روايتان : .
إحدهما : لا يصح لذلك ولأن حق الغرماء تعلق بماله فمنع صحة عتقه كما لو كان مريضا .
والثانية : يصح لأنه عتق من مالك رشيد صحيح أشبه عتق الراهن وإن أقر بدين أو عين في يده كالقصار والحائك يقر بثوب لم يقبل إقراه لذلك ويلزم في حقه يتبع به بعد فك الحجر عنه وإن توجهت عليه يمين فنكل عنها فهو كإقراره وإن تصرف في ذمته بشراء أو اقتراض أو ضمان أو كفالة صح لأنه أهل للتصرف والحجر إنما تعلق بماله دون ذمته ولا يشارك أصحاب هذه الديون الغرماء لأن من علم منهم بفلسه فقد رضي بذلك ومن لم يعلم فهو مفرط ويبيعونه بعد فك الحجر عنه كلمقر له وهل للبائع والمقرض الرجوع في أعيان أموالهما إن وجداها ؟ على وجهين : .
أحدهما : لهما ذلك للخبر ولأنه باعه في وقت الفسخ فلم يصقط حقه منه كما لو تزوجت المرأة معسرا بنفقتها .
والثاني : لا فسخ لهما لأنهما دخلا على بصيرة بخراب الذمة أشبها من اشترى معيبا يعلم عيبه .
وإن جنى المفلس جناية توجب مالا لزمه وشارك صاحبه الغرماء لأنه حق ثبت بغير رضى مستحقه فوجب قضاؤه من المال كجناية عبده وإن ثبت عليه حق بسبب قبل الفلس ببينة شارك صاحبه الغرماء لأنه غريم قدديم فهو كغيره .
فصل .
الحكم الثاني : أنه يتعلق حقوق الغرماء بعين ماله فليس لبعضهم الاختصاص بشيء منه سوى ما سنذكره ولو قضى المفلس أو الحاكم بعضهم وحده لم يصح لأنهم شركاؤه فلم يجز اختصاصه دونهم ولو جنى عليه جناية أوجبت مالا أو ورث مالآ تعلقت حقوقهم به وإن أوجبت قصاصا لم يملكوا إجباره على العفو إلى مال لأن فيه ضررا بتفويت القصاص الواجب لحكمة الإحياء ولا يجبر على قبول هبة ولا صدقة ولا قرض عرض عليه ولا الرأة على التزوج لأنه فيه ضررا بلحوق المنة أو التزوج من غير رغبة ولو باع بشرط الخيار لم يجز على ما فيه الحظ من رد أو إمضاء لأن الفلس يمنعه إحداث العقود لا إمضاؤها وليس للغرماء الخيار لأن الخيار لم يشرط لهم وإن وهب هبة بشرط الثواب لزم قبوله لأنه عوض عن مال فلزم قبوله كثمن المبيع ولا يملك إسقاط ثمن مبيع ولا أجرة ولا أخذه رديئا ولا قبض المسلم فيه صفة إلا بإذن الغرماء لما ذكرناه وإن ادعى مالا له به شاهد حلف وثبت المال وتعلقت حقوقهم به وإن نكل لم يكن للغرماء أن يحلفوا لأن دعواهم لهذا المال غير مسموعة فلا يثبت بأيمانهم كالأجانب ولأنهم لو حلفوا لحلفوا على إثبات مال لغيرهم وكذلك الحكم في غرماء الميت إذا لم يحلف الوارث لم يحلفوا لما ذكرنا .
فصل .
والحكم الثالث : أن للحاكم بيع ماله وقضاء دينه ويستحب أن يحضره عند البيع لأنه أعرف بثمن ماله وجيده ورديئه فيتكلم عليه وهو أطيب لقلبه ويحضر الغرماء لأنه أبعد من التهمة ربما رغب بعضهم بشراء شيء فزاد في ثمنه أو وجد في عين ماله فأخذها فإن لم يفعل جاز لأن ذلك موكول إليه ويقيم مناديا ينادي على المتاع فإن عين المفلس والغرماء مناديا ثقة أمضاه الحاكم وإن لم يكن ثقة رده لأن للحاكم نظرا فإنه ربما ظهر غريم آخر وإن اختلفوا في المنادي قدم الحاكم أوثقهما وأعرفهما فإن تطوع بالنداء ثقة لم يستأجر لأن فيه بذل الأجرة من غير حاجة وإن عدم بذلك الأجرة من مال المفلس لأن االبيع حق عليه ويقدم على الغرماء بها لأنه لو لم يعط لم يناد وكذلك أجرة من يحفظ المتاع والثمن ويحمله ويباع كل شيء في سوقه لأن أهل السوق أعرف بقيمة المتاع وأرغب وطلابه فيه أكثر فإن باعه في غيره بثمن مثله جاز لأنه ربما أداه اجتهاد إلى ذلك لمصلحة فيه ويبدأ ببيع ما يسرع إليه الفساد لأن في تأخيره هلاك ثم بالحيوان لأنه يحتاج إلى العلف ويخشى عليه التلف ثم بالأثاث لأنه يخشى تلفه وتناله اليد ثم بالعقار لأنه أبعد تلفا وتأخيره أكثر لطالبيه فيزداد ثمنه ومن وجد من الغرماء عين ماله فهو أحق بها ومن اكترى من المفلس دارا أو ظهرا بعينه قبل الحجر عليه فهو أحق به لأنه استحق عينه قبل إفلاسه فأشبه ما لو اشترى منه عبدا وإن اكترى منه ظهرا في الذمة فهو أسوة الغرماء لأن دينه في الذمة أشبه سائر الغرماء وإن كان في المتاع رهن أو جان قدم الراهن والمجني عليه بثمنه لأن المرتهن لم يرض بمجرد الذمة بخلاف سائر الغرماء وحق المجني عليه يقدم على حق المرتهن فعلى غيره أولى وإن فضل منه فضل رده على التركة وإن لم يف بحقهما فلا شيء للمجني عليه لأنه لا حق في غير الجاني ويضرب المرتهن مع الغرماء بباقي دينه لأن حقه متعلق بالذمة مع تعلقه بالعين وإن بيع له متاع فهلك ثمنه أو استحق المبيع رجع المشتري بثمنه وهل يقدم على الغرماء ؟ فيه وجهان : .
أحدهما : يقدم لأن في تقديمه مصلحة فإنه لو لم يقدم تجنب الناس شراء ماله خوفا من الاستحقاق فيقل ثمنه فقدم به كأجرة المنادي .
والثاني : لا يقدم لأنه حق لزمه بغير رضى صاحبه أشبه أرش جنايته ثم يقسم ما اجتمع من ماله بين الغرماء على قدر ديونهم فإن ظهر غريم بعد القسمة نقضت وشاركهم لأنه غريم لو كان حاضرا لشاركهم فإذا ظهر بعد ذلك قاسمهم كما لو ظهر للميت غريم بعد قسم ماله وإن أكرى داره عاما وقبض أجرتها فقسمت ثم انهدمت الدار رجع المكتري على المفلس بأجرة ما بقي وشاركهم فيما اقتسموه لأنه دين وجب بسبب قبل الحجر فشارك به الغرماء كما لو انهدمت قبل القسمة .
فصل .
الحكم الرابع : أن من وجد عين ماله عنده فهو أحق به لما روى أبو هريرة أن النبي A قال : [ من وجد متاعه بعينه عند إنسان قد أفلس فهو أحق به ] متفق عليه وله الخيار بين أخذه أو تركه وله أسوة الغرماء سواء كانت السلعة مساوية لثمنها أو أقل أو أكثر لأن الإعسار ثبت للفسخ فلا يوجبه كالعيب ولا يفتقر إلى حاكم للخبر ولأنه فسخ ثبت بنص السنة فلم يفتقر إلى حاكم كفسخ النكاح بالعتق تحت العبد وفيه وجهان : .
أحدهما : أن الخيار على التراخي لأنه رجوع إلى عوض كان على التراخي كالرجوع في الهبة .
والثاني : هو على الفور اختاره القاضي لأن في تأخيره إضرارا بالغرماء لتأخير حقوقهم ولأنه خيار يثبت في المبيع لنقص في العوض أشبه الرد بالعيب فإن حكم حاكم بسقوط الخيار فقال أحمد Bه : ينقض حكمه لأنه يخالف صريح السنة ويحتمل أن لا ينقض لأنه مختلف فيه ولو بذل الغرماء لصاحب السلعة ثمنها ليتركها لم يلزمه قبول للخبر ولأنه تبرع بدفع الحق من غير من هو عليه فلم يجبر المستحق على قبوله كما لو أعسر بنفقة زوجته فبذلها غيره وسواء ملكها المفلس ببيع أو قرض لعموم الخبر ولو أصدق امرأة مالا وأفلست قبل دخوله بها ثم ارتدت أو طلقها ووجد عين ماله فهو أحق بها ولو استأجر شيئا فأفلس قبل مضي شيء من المدة فللمؤجر الرجوع فيه لأنه وجد عين ماله وإن كان بعد مضي المدة فهو غريم بالأجرة وإن كان بعد مضي شيء منها فهو غريم لأن المدة كالمبيع ومضي بعضها كتلف بعضه وقال القاضي : له الفسخ فإن كان للمفلس زرع فعليه تبقيته بأجرة مثله .
فصل .
ولا يملك الرجوع إلا بشروط خمسة : .
أحدها : أن يجدها سالمة فإن تلف بعضها أو باعه المفلس أو وهبه أو وقفه فله أسوة الغرماء لقوله عليه السلام : [ من أدرك متاعه فهو أحق به ] والذي تلف بعضه لم توجد عينه فن كان المبيع عبدين أو ثوبين فتلف أحدهما أو بعضه ففي السالم منهما روايتان : .
إحداهما : له الرجوع فيه بقسطه لأنه وجده بعينه .
والثانية : لا يرجع لأنه لم يجد المبيع بعينه أشبه العين الواحدة وإن كان المبيع شجرة مثمرة فتلفت ثمرتها فله أسوة الغرماء لأنهما كالعين الواحدة إلا أن تكون الثمرة مؤبرة حين البيع فاشترطها المبتاع فهما كالعينين لأن الثمرة لا تتبع الأصل فهي كالولد المنفصل وإن نقص المبيع صفة مثل أن هزل أو نسي صناعة أو كبر أو كان ثوبا فخلق لم يمنع الرجوع لأن فقد الصفة لا يخرجه عن كونه عين المال فيتخير بين أخذه ناقصا أو يكون أسوة الغرماء بكل الثمن وإن فقئت عينه فهو كتلف بعضه وإن شج أو جرح أو اقتضت البكر فكذلك في قول أبي بكر لأنه نقص جزء ينقص قيمته فأشبه ما لو فقئت عينه وقال القاضي : قياس المذهب أن له الرجوع لأنه فقد صفة فهو كالهزال ثم إن كان لا أرش له لكونه حصل بفعل الله تعالى أو فعل المفلس فلا شيء للبائع مع الرجوع وإن كان له أرش فللبائع إذا رجع أن يضرب مع الغرماء بحصة ما نقص من ثمنه فينظر ما نقص من قيمته فيرجع بقسطه من الثمن لأنه مضمون على المشتري للبائع بالثمن والأرش للمفلس على الجاني .
فصل .
فإن كان المبيع زيتا فخلطه بزيت آخر أو لت به سويقا أو صبغا فصبغ به ثوبا أو مسامير فسمر بها بابا أو حجرا فبنى به أو لوحا فجعله في سفينة أو سقف أو نحو ذلك لم يكن له الرجوع لأنه لا يقدر على أخذ عين ماله في بعض الصور ولا بقدر في بعضها إلا بإتلاف مال المفلس ولا يزال الضرر بالضرر وإن كانت حنطة فطحها أو زرعها أو دقيقا فخبزه أو زيتا فعمله صابونا أو عزلا فنسجه أو ثوبا فجعله قميصا أو حبا فصار زرعا أو بيضا فصار فرخا أو نوى فنبت شجرا أو نحوه مما يزيل اسمه فلا رجوع له لأنه لم يجد متاعه بعينه لتعذر اسمه وصفته .
فصل .
وإن اشترى ثوبا فصبغه أو قصره و سويقا فلته بزيت فلصاحبهما الرجوع فيهما لأن عين مالهما قائمة مشاهدة لم يتغير اسمها ولا صفتها ويصير المفلس شريكهما بما زاد عن قيمتهما لأن ما حصل من زيادة القيمة بالصبغ ويغره فهي للمفلس لأنها حصلت فعله في ملكه وإن نقص الثوب لم يمنع الرجوع لأنه نقص صفة فهو كالهزال وإن لم يزد بالقصارة سقط حكمها لعدم أثرها في الزيادة وإن اشترى أرضا فزرعها ثم أفلس فللبائع الرجوع فيها لما ذكرنا ويكون الزرع مبقى إلى الحصاد بغير أجرة لأن العوض في مقابلة الأرض لا في مقابلة المنفعة فإذا فسخ عادت إليه الرقبة دون المنفعة المستثناة شرعا كما لو باعه أمة فزوجها ثم رجع فيها دون منفعة بضعها .
فصل .
الشرط الثاني : أن لا يكون البائع قبض من ثمنها شيئا فإن قبض بعضه فلا رجوع له لما روى أبو هريرة عن النبي A أنه قال : [ أيما رجل باع سلعة فأدرك سلعته بعينها عند رجل قد أفلس ولم يكن قبض من ثمنها شيئا فهي له وإن كان قد قبض من ثمنها شيئا فهو أسوة الغرماء ] رواه أبو داود ولأن في الرجوع بالباقي تبعيض الصفقة على المفلس فلم يجز كما لو لم يقبض شيئا .
فصل .
الشرط الثالث : أن لا يتعلق بها حق غير المفلس فإن خرجت عن ملكه ببيع أو غيره لم يرجع لأنه تعلق بها حق غيره أشبه ما لو أعتقها وإن رهنها سقط الرجوع لذلك وإن تعلق بها أرض جناية سقط الرجوع لأنه يقدم على حق المرتهن فهو أولى بالمنع ويتوجه أن لا يمنع لأنه لا يمنع تصرف المشتري بخلاف الرهن فعلى هذا إن شاء رجع فيه ناقصه بعيب الجناية وإن شاء فله أسوة الغرماء فإن كان دين الرهن أو أرش الجناية بقدر بعضه منع الرجوع في الجميع لأنه معنى منع الرجوع في بعضها فمنعه في جميعها كبيع بعضها وقال القاضي : يرجع في باقيها بقسطه لأنه لا مانع فيه وإن كان المبيع شقصا مشفوعا ففيه وجهان : .
أحدهما : للبائع الرجوع اختاره ابن حامد للخبر ولأنه إذا رجع فيه عاد الشقص إليه فزال الضرر عن المبيع لعدم شركه غير البائع .
والثاني : الشفيع أحق لأن حقه آكد بدليل أنه ينزع الشقص من المشتري وممن نقله إليه المشتري بخلاف البائع وإن باعه المفلس أو وهبه ثم عاد إليه ففيه وجهان : .
أحدهما : له الرجوع للخبر ولأنه وجد عين ماله خاليا عن حق غيره أشبه إذا لم يبعه .
والثاني : لا يرجع لأن هذا الملك لم ينتقل إليه منه فلم يملك فسخه وإن كان المبيع صيدا فوجده البائع بعد أن أحرم سقط الرجوع لأنه تملك للصيد فلم يجز مع الإحرام كشرائه .
فصل .
الشرط الرابع : كون المفلس حيا فإن مات فالبائع أسوة الغرماء لما روى أبو هريرة أن النبي A قال : [ فإن مات فصاحب المتاع أسوى الغرماء ] رواه أبو داود وفي لفظ [ أيما امرئ مات وعنده مال امرئ بعينه اقتضى من ثمنه شيئا أو لم يقتض فهو أسوة الغرماء ] رواه ابن ماجة ولأن الملك انتقل عن المفلس فسقط الرجوع فيه كما لو باعه .
فصل .
الشرط الخامس : أن لا يزيد زيادة متصلة كالسمن والكبر وتعلم صنعة فإن وجد ذلك منع الرجوع ذكره الخرقي لأنه فسخ بسبب حادث فمنعته الزيادة المتصلة كالرجوع في الصداق للطلاق قبل الدخول وعن أحمد Bه : له الرجوع للخبر ولأنه فسخ فلم تمنعه الزيادة كالرد بالعيب فأما الزيادة المنفصلة كالولد والثمرة الظاهرة والكسب فلا يمنع الرجوع لأنه يمكن الرجوع في العين دونها والزيادة للمفلس في ظاهر المذهب لأنها نماء ملكه المنفصل فكانت له كما لو ردها بعيب ورجعت إلى الزوج بالطلاق ولأن قول النبي A : [ الخراج بالضمان ] رواه أبو داود يدل على أن النماء للمشتري لكون الضمان عليه وقال أبو بكر : هي للبائع قياسا على المتصلة والفرق ظاهر لأن المتصلة تتبع في الفسوخ دن المنفصلة .
فصل .
فإن باعها حائلا فحملت فالحمل زيادة متصلة لأنه يتبع أمه في العقود والفسوخ ولا يمكن الرجوع فيها دونه فهو كالسمن ويحتمل أن يرجع فيها دون ولدها يتربص به حتى تضع لأنه جزء لانفصاله غاية فأشبه الثمرة وإن أفلس بعد وضعها فهو زيادة منفصلة له الرجوع في الأم دون الولد إلا أن تكون أمة فلا يجوز التفريق بينهما ويخير بين دفع قيمة الولد ليملكهما وبين بيعهما معا فيكون له من الثمن ما يخص الأم وإن باعها حاملا فلم تزد قيمتها فله الرجوع وإن زادت القيمة لكبر الحمل أو وضعه فهي زيادة متصلة وإن زاد أحدهما خرج على الروايتين فيما إذا كان المبيع عينين فتلفت إحداهما وقال القاضي : له الرجوع فيهما على كل حال ومن جعل الحمل لا حكم له جعل حكمها حكم المبيعة حائلا سواء .
فصل .
فإن باع نخلا حائلا فأطلعت ثم أفلس المشتري قبل تأبيرها فالطلع زيادة متصلة لأنها تتبع في البيع وقال ابن حامد : حكمها حكم المنفصل لأنه يمكن فصله وإفراده بالبيع بخلاف السمن وإن أفلس بعد تأبيرها فهي زيادة منفصلة تكون للمفلس متروكة إلى الجذاذ كما لو اشترى النخل وكذلك الحكم في سائر الشجر وفي الأرض ينبت فيها الزرع فإن اتفق المفلس والغرماء على تبقيته أو قطعه فلهم ذلك وإن اختلفوا وله قيمته مقطوعا قدم قول من طلب القطع لأنه أقل عذرا ولأن الطالب للقطع إما غريم يطلب حقه أو مفلس يطلب تبرئة ذمته فإن أقر المفلس للبائع بالطلع لم يقبل إقراره لأنه يسقط به حق الغرماء فلم يقبل كإقراره بغريم آخر وعلى الغرماء اليمين لأنهم لا يعلمون برجوع البائع قبل التأبير لأن اليمين تثبت في جنبهم ابتداء وإن أقر الغرماء لم يقبل لأن الملك للمفلس ويحلف المفلس ويثبت الطلع له ينفرد به دونهم لإقرارهم أنه لا حق لهم فيه وله تخصيص بعضهم به وقسمته بينهم فمن أباه قيل له : إما أن تأخذه أو تبرئه لأنه للمفلس حكما فقد قضاهم ما ثبت له فلزمهم قبوله كما لو أدى المكاتب نجومه فادعى سيده تحريمه فإن قبضوا الثمرة بعينها لزمهم ردها إلى البائع لإقرارهم له بها وإن قبضوا ثمنها لم يلزمهم رده لأنهم إنما اعترفوا له بالعين له بالثمن وإن شهد الغرماء للبائع بالطلع وهم عدول قبلت شهادتهم لأنهم غير متهمين .
فصل .
وإن اشترى أرضا فغرسها أو بنى فيها ثم أفلس فللبائع الرجوع في الأرض ثم إن طلب المفلس والغرماء قلع الغراس والبناء فلهم ذلك وعليهم ضمان ما نقصها القلع وتسوية الحفر لأنه نقص حصل بفعلهم لتخليص ملكهم فأشبه المشتري مع الشفيع وإن أبوا القلع فللبائع دفع قيمته ويملكه لأنه حصل لغيره في ملكه بحق فملك ذلك كالشفيع فإن أبى ذلك سقط الرجوع لأن فيه ضررا على المشتري ولأن عين ماله مشغولة بملك غيره أشبه الحجر المبني عليه هذا قول ابن حامد .
وقال القاضي : يحتمل أن له الرجوع لأن شغل ملكه بملك غيره لا يمنع الرجوع إذا كان أصلا كالثوب إذا صبغ فإذا رجع فاتفق الجميع على البيع بيع وأعطي كل واحد حقه وإن أبى بعضهم احتمل أن يجبر عليه لأنه معنى ينفصل به أحدهما عن صاحبه أشبه بيع الثوب المصبوغ واحتمل أن لا يجبر صاحب الأرض ويباع الشجر وحده لأنه ممكن بخلاف الصبغ .
فصل .
وإن اشترى غراسا فغرسه ثم أفلس فلم يزد فللبائع الرجوع فيه ويقلعه ويضمن النقص فإن أتى قلعه فبذل المفلس والغرماء قيمته ليملكوه فلهم ذلك كالتي قبلها وإن أرادوا قلعه فلهم ذلك ولا ضمان عليهم لأن المفلس اشتراه مقلوعا فلم يلزمهم مع رده لذلك شيء آخر ولا إبقاء في أرضهم بغير استحقاق وإن زاد سقط الرجوع في قول الخرقي وعلى رواية الميموني يحتمل ذلك أيضا لأن النماء فيه قد حصل من أرض المفلس فلم يملك البائع أخذه ويحتمل أن له الرجوع كما لو سمن العبد من طعامه وإن اشترى من رجل أرضا ومن آخر غرسا فغرسه فيها فلصاحب الأرض الرجوع وفي صاحب الغرس التفصيل الذي ذكرناه فإن رجعا معا فالحكم فيهما كما لو كان الغرس في أرض المفلس .
فصل .
وإن أفلس وعليه دين مؤجل لم يحل لأنه التأجيل حق له فلم يبطل بفلسه كسائر حقوقه قال القاضي : لا يحل رواية واحدة وقال أبو الخطاب : فيه رواية أخرى أنه يحل لأن الفلس معنى يوجب تعلق الدين بماله فأسقط الأجل كالموت فإن قلنا : لا يحل اختص أصحاب الديون الحالة بماله دونه لأنه لا يستحق استيفاء حقه قبل أجله وإن حل دينه قبل القسمة شاركهم لمساواته إياهم في استيفائه فأشبه من تجدد له دين بجناية المفلس عليه وإن أدرك بعض المال شاركهم فيه لذلك فإن كان المؤجل برهن خص به لأن حقه تعلق بعينه فإن وجد عين ماله فقال أحمد : يكون موقوفا إلى أن يحل فيختار الفسخ أو الترك لأن حقه تعلق بالعين فقدم على غيره كالمرتهن فإن كان ماله سلما فأدرك عين ماله رجع فيها وإن لم يدركها وحل دينه قبل القسمة ضرب بالمسلم فيه وأخذ بقسطه من جنس حقه إن كان في المال وإلا اشترى به من جنس حقه ودفع إليه ولا يجوز أن يأخذ غير ما أسلم فيه لقول النبي A : [ من أسلم في شيء فلا يصرفه إلى غيره ] رواه ابن ماجة و أبو داود .
فصل .
فإن مات إنسان وعليه دين مؤجل ففيه روايتان : .
إحداهما : لا يحل اختارها الخرقي لقول النبي A : [ من ترك حقا فلورثته ] والتأجيل حق له فينتقل إلى ورثته لأنه لا يحل له ماله فلا يحل ما عليه كالجنون .
والثاني : يحل لأن بقاءه ضرر على الميت لبقاء ذمته مرتهنة به وعلى الوارث لمنعه التصرف في التركة وعلى الغريم تأخير حقه وربما تلفت التركة وعلى كلتا الروايتين يتعلق الحق بالتركة كتعلق الأرش بالجاني ويمنع الوارث التصرف فيها إلا برضى الغريم أو توثيق الحق بضمين مليء أو رهن يفيء بالحق إن كان مؤجلا فإنهم قد يكونون أملياء فيؤدي تصرفهم إلى فوات الحق فإن تصرفوا قبل ذلك صح تصرفهم كتصرف السيد في الجاني ويلزمهم أقل الأمرين من قضاء الدين أو قيمة التركة لأنه لا يلزمهم أكثر من وفاء الدين ولا أكثر من التركة ولهذا لو كانت باقية لم يلزمهم أكثر من تسليمها وإن تلفت التركة قبل التصرف فيها والتوثيق منها سقط الحق كما لو تلف الجاني وإن قضى الورثة الدين من غير التركة أو منها جاز وإن أبى الجميع باع الحاكم من التركة ما يقضي به الدين وإن مات المفلس وعليه دين مؤجل فوثق الورثة للمؤجل اختص أصحاب الحالة بالتركة وإن أبوا ذلك حل دينه فشاركهم لئلا يفضي إلى إسقاط دينه بالكية .
فصل .
وإذا حجر على المفلس وهو ذو كسب يفيء بمؤنته ومؤنة من تلزمه مؤنته فلذلك في كسبه لأن ماله لا يخرج فيما لا حاجة إلى إخراجه فيه وإن لم يف كسبه بمؤنته كملناها من ماله وإن لم يكن ذا كسب أنفق عليه وعلى من تلزمه مؤنته من ماله بالمعروف في مدة الحجر لقول النبي A : [ ابدأ بنفسك ثم بمن تعول ] وفيمن يعوله من تكون نفقته دينا كالزوجة وإذا قدما نفقة نفسه على نفقة الزوجة وجب تقديمها على سائر الديون ولأن تجهيز الميت يقدم على دينه اتفاقا فنفقة الحي أولى لأن حرمته آكد من حرمة الميت ويقدم نفقة من تلزمه مؤنته من أقاربه لأنهم جروا مجراه وكذلك عتقوا عليه إذا ملكهم وكذلك نفقة زوجته لأنها آكد من نفقة أقاربه وتجب كسوتهم أيضا لأن ذلك مما لا بد منه ويكون ذلك من أدنى ما ينفق على مثلهم أو يكتسي مثلهم فإن كانت له ثياب هي أرفع من كسوة مثله بيعت واشتري لهم كسوة مثلهم ورد الفضل على الغرماء وإن مات منهم ميت كفن من ماله لأنه يجري مجرى كسوة الحي ويكفن في ثلاثة أثواب كغيره ويحتمل أن يكفن في ثوب واحد لأن الزائد فضل يستغنى عنه ولا تباع داره التي لا غناء له عن سكناها لأنه لا بد منه أشبه الكسوة فإن كانت واسعة يكفيه بعضها بيع الفاضل منها إن أمكن وإلا بيعت كلها واشتر له مسكن مثله وإن لم يكن له مسكن استؤجر له مسكن لأن ذلك مما لا بد منه ورد الفضل على الغرماء ولا باع خادمه الذي لا يستغني عن خدمته وإن كان مسكنه وخادمه وثيابه أعيان أموال الناس أفلس بها ووجدوها فلهم أخذها للخبر ولأن حقوقهم تعلقت بالعين فكانت أقوى من غيرها ويحتمل أن من لم يكن له مسكن ولا خادم فاستدان ما اشتراهما به وأفلس بذلك الدين أن يباع مسكنه وخادمه لأنهما بأموال الغرماء فتبقيتهما له إضرار بهم وفتح باب الحيلة للمفاليس في استدانة ما يشترون به ذلك فيبقى لهم .
فصل .
وإذا قسم ماله بين غرمائه ففيه وجهان : .
أحدهما : يزول الحجر عنه لأن المعنى الذي حجر عليه من أجله حفظ المال وقد زال ذلك فيزول الحجر لزوال سببه .
والثاني : لا يزول إلا بفك الحاكم له لأنه حجر ثبت بالحاكم فلا يزول إلا به كالحجر على السفيه وإذا فك الحجر عنه فلزمته ديون ثم حجر عليه ثانيا شارك غرماء الحجر الأول غرماء الحجر الثاني إلا أن الأولين يضربون ببقية ديونهم والآخرون يضربون بجميع ديونهم