وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

باب الرهن .
وهو المال يجعل وثيقة بالدين المستوفى منه إن تعذر وفاؤه من المدين ويجوز في السفر لقول الله تعالى : { وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة } وفي الحضر لما روت عائشة Bها أن رسول الله A اشترى من يهودي طعاما ورهنه درعه متفق عليه ولأنه وثيقة جازت في السفر فتجوز في الحضر كالضمان والشهادة .
فصل : .
ويجوز الرهن بعوض القرض للآية وبثمن المبيع للخبر وكل دين يمكن استيفاؤه منه كالأجرة والمهر وعوض الخلع ومال الصلح وأرش الجناية والعيب وبدل المتلف قياسا على الثمن وعوض القرض وفي دين السلم روايتان : .
إحداهما : يصح الرهن به للآية والمعنى .
والأخرى : لا يجوز لأنه لا يأمن هلاك الرهن بعدوان فيصير مستوفيا حقه من غير المسلم فيه وقد قال النبي A : [ من أسلم من شيء فلا يصرفه إلى غيره ] .
فصل : .
ولا يجوز الرهن بمال الكتابة لأنه غير لازم فإن للعبد تعجيز نفسه ولا يمكن استيفاؤه من الرهن لأنه لو عجز صار هو والرهن لسيده ولا يجوز بما يحمل العاقلة من الدية قبل الحول لأنه لم يجب ولا يعلم أن مآله إلى الوجوب فإنه يحتمل حدوث ما يمنع وجوبه ويجوز الرهن به بعد الحول لأنه دين مستقر ولا يجوز بالجعل في الجعالة قبل العمل لعدم الوجوب ويجوز بعده .
وقال القاضي : يحتمل جواز الرهن به قبل العمل لأن مآله إلى الوجوب ولا يصح الزهن بما ليس بثابت في الذمة كالثمن المتعين والأجرة المتعينة والمنافع المعينة نحو أن يقول : أجرتك داري هذه شهرا لأن العين لا يمكن استيفاؤها من الرهن ويبطل العقد بتلفها وقياس هذا أنه لا يصح الرهن بالأعيان المضمونة كالمغصوب والعارية والمقبوض على وجه السوم لتعذر استيفاء العين من الرهن وإن جعله بقيمتها كان رهنا بما لم يجب ولا يعلم أن مآله إلى الوجوب .
وقال القاضي : قياس المذهب صحة الرهن بها لصحة الكفالة بها .
فصل : .
ويصح الرهن بالحق بعد ثبوته لقول الله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين } إلى قوله : { فرهان مقبوضة } ومع ثبوته وهو أن يشترط الرهن في عقد البيع أو القرض لأن الحاجة داعية إليه فإنه لو لم يشترطه لم يلزم الغريم الرهن وإن رهن قبل الحق لم يصح في ظاهر المذهب اختاره أبو بكر و القاضي لأنه تابع للدين فلا يجوز قبله كالشهادة واختار أبو الخطاب : صحته فإذا دفع إليه رهنا على عشرة دراهم يقرضه إياه ثم أقرضه لزم الرهن لأنه وثيقة بحق فجاز عقدها قبله كالضمان .
فصل : .
ولا يلزم الرهن من جهة المرتهن لأن العقد لحظه وحده فكان له فسخه كالمضمون له ويلزمه من جهة الراهن لأن الحظ لغيره فلزمه من جهته كالضمان في حق الضامن ولأنه وثيقة فأشبه الضمان ولا يلزمه بالقبض لقول الله تعالى : { فرهان مقبوضة } ولأنه عقد إرفاق فافتقر إلى القبض كالقرض وعنه في غير المكيل والموزون : أنه يلزم بمجرد العقد قياسا على البيع والأول : المذهب لأن البيع معاوضة وهذا إرفاق فهو أشبه بالقرض وإذا كان الرهن في يد الراهن لم يجز قبضه إلا بإذنه لأنه له قبل القبض فلا يملك المرتهن إسقاط حقه بغير إذنه كالموهوب وإن كان في يد المرتهن فظاهر كلامه لزومه بمجرد العقد لأن يده ثابتة عليه وإنما يعتبر الحكم فقط فلم يحتج إلى قبض كما لو منع الوديعة صارت مضمونة وقال القاضي وأصحابه : لا يلزمه حتى تمضي مدة يتأتى قبضه فيها ولو كان غائبا ولا يصير مقبوضا حتى يوافيه هو أو وكيله ثم تمضي مدة يمكن قبضه فيها لأن العقد يفتقر إلى القبض ولا يحصل القبض إلا بفعله أو إمكانه ثم هل يفتقر إلى إذن الراهن في القبض على وجهين : .
أحدهما : لا يفتقر إليه لأن إقراره عليه كإذنه فيه .
والثاني : يفتقر لأنه قبض يلزم به عقد غير لازم فافتقر إلى الإذن كما لو لم يكن في يده .
فصل : .
وإذا أذن في القبض ثم رجع عنه قبل القبض قبل مضي مدة يتأتى القبض فيها لما .
في يده فهو كمن لم يأذن لأن الإذن قد زال وإن أذن فيه ثم جن أو أغمي عليه .
زال الإذن لخروجه عن كونه من أهله ويقوم ولي المجنون مقامه إن رأى الحظ في القبض أذن فيه وإلا فلا وإن تصرف الراهن في الرهن قبل قبضه بعتق أو هبة أو بيع أو جعله مهرا بطل الرهن لأن هذه التصرفات تمنع الرهن فانفسخ بها وإن رهنه بطل الأول لأن المقصود منه ينافي الأول وإن دبره أو أجره أو زوج الأمة لم يبطل الرهن لأن هذه التصرفات لا تمنع البيع فلا تمنع صحة الرهن وإن كاتب العبد ـ وقلنا : يصح رهن المكاتب لم يبطل بكتابه لأنه لا ينافيها وإن قلنا : لا يصح رهنه بطل بها لتنافيها .
فصل : .
وإن مات أحد المتراهنين لم يبطل الرهن لأنه عقد لا يبطله الجنون أو مآله إلى اللزوم فلم يبطله الموت كبيع الخيار ويقوم وارث الميت مقامه في الإقباض والقبض فإن لم يكن على الراهن دين سوى دين الرهن فلورثه إقباضه وإن كان عليه دين سواه فليس له إقباضه لأنه لا يملك تخصيص بعض الغرماء برهن وعنه : له إقباضه لأن المرتهن لم يرض بمجرد الذمة بخلاف غيره والأول أولى لأن حقوق الغرماء تعلقت بالتركة قبل لزوم حقه فلم يجز تخصيصه بغير رضاهم كما لو أفلس الراهن فإن أذن الغرماء في إقباضه جاز لأن الحق لهم فإذا قبضه لزم سواء مات قبل الإذن في القبض أو بعده .
فصل : .
وإن حجرعلى الراهن قبل القبض لم يملك إقباضه فإن كان الحجر لسفه قام وليه مقامه كما لو جن وإن كان لفلس لم يجز لأحد إقباضه إلا بإذن الغرماء لأن فيه تخصيص المرتهن بثمنه دونهم .
فصل : .
ومتى امتنع الراهن من إقباضه وقلنا : إن القبض ليس بشرط في لزومه أجبره الحاكم وإن قلنا : هو شرط لم يجبره وبقي الدين بغير رهن وهكذا إن انفسخ الرهن قبل القبض إلا أن يكون مشروطا في بيع فيكون للبائع الخيار بين فسخ البيع وإمضائه لأنه لم يسلم له ما شرط فأشبه ما لو شرط صفة في المبيع فبان بخلافها وإن قبض الرهن فوجد معيبا فله الخيار لأنه لم يسلم له ما شرطه فإن رضيه معيبا فلا أرش له لأن الرهن إنما لزم فيما قبض دون الجزء الفائت وإن حدث العيب أو تلف الرهن في يد المرتهن فلا خيار له لأن الراهن وفى له بما شرط فإن تعب عنده ثم أصاب به عيبا قديما فله رده وفسخ البيع لأن العيب الحادث عنده لا يجب ضمانه على المرتهن وخرجه القاضي على الروايتين في البيع وإن علم بالعيب بعد تلفه لم يملك فسخ البيع لأنه قد تعذر عليه رد الرهن لهلاكه .
فصل : .
ولا ينفك شيئ من الرهن حتى يقضي جميع ديونه لأنه وثيقة به فكان وثيقة بكل جزء منه كالضمان فإن رهن شيأ من رجلين أو رهن رجلان رجلا شيئا فبرئ أحدهما أو برئ الراهن من دين أحدهما انفك نصف الراهن لأن الصفقة التي في أحد طرفيها عقدان فلا يقف انفكاك أحدهما على فكاك الآخر كما لو فرق بين العقدين وإن أراد الراهن مقاسمة المرتهن في الأولى أو أراد الراهنان القسمة في الثانية ولا ضرر فيها كالحبوب والأدهان أجبر الممتنع عليها وإن كان فيها ضرر لم يجبر عليها كغير الرهن ويبقى الرهن مشاعا .
فصل : .
واستدامة القبض كابتدائه في الخلاف في اشتراطه للآية ولأنها إحدى حالتي الرهن فأشبهت الابتداء فإن قلنا باشتراطه فأخرجه المرتهن عن يده باختياره إلى الراهن زال لزومه وبقي كالذي لم يقبض مثل أن أجره إياه أو أودعه أو أعاره أو غير ذلك فإن رده الراهن إليه عاد اللزوم بحكم العقد السابق لأنه أقبضه باختياره فلزم به كالأول وإن أذيلت يد المرتهن بعدوان كغضب ونحوه فالراهن بحاله لأن يده ثابتا حكما فكأنها لم تزل .
فصل .
والرهن أمانة في يد المرتهن إن تلفت من غير تعد منه لم يضمنه ولم يسقط شيء من دينه لما روى الأثرم عن سعيد بن المسيب قال : قضى رسول الله A أن الرهن لا يغلق والرهن ممن رهنه ولأنه وثيقة بدين ليس بعوض عنه فلم يسقط بهلاكه كالضامن وإن كان الرهن فاسدا لم يضمنه لأن ما لا يضمن بالعقد الصحيح لا يضمن بالعقد الفاسد وإن وقت الرهن فتلف بعد الوقت ضمنه لأنه مقبوض بغير عقد وإن رهنه مغصوبا لم يعلم به المرتهن فهل للمالك تضمين المرتهن ؟ فيه وجهان : .
أحدهما : لا يضمنه لأنه دخل على أنه أمين .
والثاني : يضمنه لأنه قبضه من يد ضامنه فإذا ضمنه رجع على الراهن في أحد الوجهين لأنه غره والثاني : لا يرجع لأن التلف حصل في يده فاستقر الضمان عليه وإن ضمن الراهن فهل يرجع على المرتهن ؟ على وجهين إن قلنا : يرجع المرتهن لم يرجع الراهن وإن قلنا : لا يرجع ثم رجع هاهنا وإن انفك الرهن بقضاء أو إبراء بقي الرهن أمانة لأن قبضه حصل بإذن مالكه لا لتخصيص القابض بنفعه فأشبه الوديعة .
فصل : .
إذا حل الدين فوفاه الرهن انفك الرهن وإن لم يوفه وكان قد أذن في بيع الرهن بيع واستوفي الدين من ثمنه وما بقي فله وإن لم يأذن طولب بالإيفاء أو ببيعه فإن أبى أو كان غائبا فعلى الحاكم ما يراه من إجباره على البيع أو القضاء أو بيع الرهن بنفسه أو بأمينه والله أعلم