وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

كتاب الجنايات .
القتل على ثلاثة أضرب : عمد محض وخطأ محض وعمد خطأ فالعمد المحض أن يعمد إلى ضربه بما يقتل غالبا فيقصد قتله بذلك : فيجب القود .
الجنايات جمع جناية والجناية مصدر والمصدر لا يثنى ولا يجمع إلا إذا قصد التنويع والجناية كذلك لتنوعها إلى عمد وخطأ عمد خطأ كما ذكره الشيخ فالعمد المحض أن يقصد الفعل والشخص المعين بشئ يقتل غالبا فقولنا أن يقصد الفعل احترازا عما إذا لم يقصد الفعل كما إذا زلق فسقط على غيره فمات فإنه لا يجب القصاص وقولنا أن يقصد الشخص المعين احترازا عما إذا لم يقصد شخصا معينا كما إذا رمى إلى جماعة ولم يقصد واحدا بعينه فإنه لا يجب القصاص على الراجح وقولنا بشئ يقتل غالبا أعم من أن يكون بآلة أو غيرها والآلة أعم من أن تكون محددة أو مثقلة فالآلة المحددة كالسكين وما في معناها والمثقلة كالدبوس وما في معناها وكذا لو حرقه أو غرقه أو صلبه أو هدم عليه حائطا أو سقفا أو داسه بدابة أو دفنه حيا أو عصر خصيتيه عصرا شديدا فمات وجب القصاص وغير الآلة أنواع منها لو حبسه ومنعه من الطعام والشراب والطلب حتى مات وجب القصاص ولو حبسه وعراه حتى مات بالبرد فهي كما لو حبسه ومنعه الأكل ذكره القاضي حسين بخلاف ما لو أخذ طعامه وشرابه أو ثيابه في مفازة فمات جوعا أو عطشا أو بردا فلا ضمان لأنه لم يحدث فيه صنعا ومنها إذا شهدوا على رجل بما يوجب قتله قصاصا أو ردة أو زنا وهو محصن فحكم القاضي بشهادتهم وقتله بمقتضاها ثم رجعوا وقالوا تعمدنا وعلمنا أنه يقتل بشهادتنا لزمهم القصاص وكذا لو شهدوا بما يوجب القطع سواء كان قصاصا أو سرقة يجب عليهم القطع ومنها أن يقدم الشخص إلى شخص طعاما مسموما فأكله ومات وجب القصاص إن كان مجنونا أو صبيا وكذا حكم الأعجمي الذي يعتقد أنه لا بد من الطاعة في كل ما يشار عليه به لأنه والحالة هذه بمنزلة الصغير والمجنون وإن كان المقدم إليه بالغا عاقلا فإن علم حال الطعام فلا شئ على المقدم والآكل هو القاتل نفسه وإلا ففي وجوب القصاص قولان جاريان فيما لو غطى رأس بئر في دهليز ودعاه إلى داره ضيفا وكان الغالب أنه يمر على ذلك الموضع فهلك بالبئر والأظهر لا قصاص وإذا كان لا قصاص وجبت الدية على الأظهر فإن هذا أقوى من حفر البئر وقيل لا تجب الدية تغليبا للمباشرة ومنها لو سحر رجلا فمات سألناه فإن قال : قتلته بسحري وسحري يقتل غالبا لزمه القصاص .
إذا عرفت هذا فقتل النفس بغير حق من أكبر الكبائر قاله الرافعي والنووي وقاله البغوي : هو أكبر الكبائر بعد الكفر وكذا نص عليه الشافعي والله أعلم والآيات والأخبار في التحذير منه كثيرة : منها قوله تعالى { ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم } الآية فانظر إلى جزاء من قتل بغير حق جعل جزاءه جهنم مع الخلود والغضب والبعد والعذاب الموصوف بالعظمة عافانا الله من ذلك وفي صحيح مسلم [ لا يحل قل امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث : كفر بعد إيمان وزنا بعد إحصان وقتل نفس بغير حق ظلما وعدوانا ] .
وفي الخبر [ لقتل مؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا ] رواه الترمذي والنسائي واسنادهما صحيح ورواه غير واحد بألفاظ مختلفة وقال E [ من أعان على قتل مسلم ولو بشطر كلمة لقي الله وهو مكتوب بين عينيه آيس من رحمة الله ] هذا كله في العمد وقد ذكره الشيخ بقوله [ أن يعمد إلى ضربه ] وهو قصد الفعل إلى الشخص والهاء في ضربه عائد إليه وقوله [ بما يقتل غالبا ] ما بمعنى شئ وهو أعم من الآلة وغيرها كالسبب كما مر وقوله [ غالبا ] احترز به عما لا يقتل غالبا وسيأتي إن شاء الله تعالى وقوله [ فيقصد قتله ] هذه الزيادة طريقة ضعيفة شرطها بعض الأصحاب والصحيح أن قصد القتل غير شرط لوجوب القصاص بل الحد المعتبر قصد الفعل والشخص بما يقتل غالبا والله أعلم قال : .
فإن عفا عنه وجبت دية مغلظة حالة في مال القاتل .
مستحق القود وهو القصاص بالخيار بين أن يقتص وبين أن يعفو لقوله A [ ثم أنتم معشر خزاعة قد قتلتم هذا القتيل من هذيل وأنا والله عاقله فمن قتل بعده قتيلا فأهله بين خيرتين : إن أحبوا قتلوا وإن أحبوا أخذوا الدية ] .
خرجه أبو داود والترمذي وقوله [ من قتل قتيلا ] إلى آخره خرجه البخاري ووجه الدلالة أنه E خير الورثة بين الدية والقتل فإن اقتص المستحق فلا كلام وإن عفا على الدية وجبت فتجب بقتل الحر المسلم مائة من الإبل ثم إن كان القتل عمدا تغلظت من ثلاثة أوجه : أحدها أنها تجب على الجاني ولا تحملها العاقلة والثاني أنها تجب حالة بلا تأجيل والثالث أنها تتغلظ بالسن والتثليث فتجب ثلاثون حقة وثلاثون جذعة وأربعون خلفة والخلفة الحامل وسواء كان العمد موجبا للقصاص فعفا على الدية كما ذكره الشيخ أم لو يوجب العمد القود كقتل الوالد ولده واحتج لما ذكرناه بقوله E [ من قتل متعمدا دفع إلى أولياء المقتول فإن شاؤوا قتلوا وإن شاؤوا أخذوا الدية وهي ثلاثون حقة وثلاثون جذعة وأربعون خلفة وما صالحوا عليه فهو لهم وذلك لتشديد القتل ] رواه الترمذي وقال : حديث حسن غريب قال : .
والخطأ المحض هو أن يرمي إلى شئ فيصيب رجلا فيقتله ولا قود عليه بل تجب دية مخففة على العاقلة مؤجلة ثلاث سنين .
قد علمت أن الجناية على ثلاثة أضرب وقد تقدم الكلام على العمد والكلام الآن على الخطأ وله تفسيران : أحدهما ما ذكره الشيخ أن يرمي إلى الشئ سواء كان صيدا أو رجلا أو غيرهما فيصيب رجلا وهذا ما ذكره القاضي أبو الطيب والقاضي حسين وقال غيرهما : إن الخطأ هو ما لم يقصد فيه الفعل كمن زلق فوقع على غيره فمات أو تولد الهلاك من يد المرتعش ثم الخطأ لا قصاص فيه لقوله تعالى { ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله } أوجب الله الدية ولم يتعرض للقصاص وفي الخبر أنه E كتب إلى أهل اليمن [ إن في دية النفس مائة من الإبل ] ثم الدية في الخطأ تخفف إلى ثلاثة أوجه أحدها بإعتبار التخميس فتجب عشرون بنت مخاض وعشرون بنت لبون وعشرون ابن لبون وعشرون حقة وعشرون جذعة قال الرافعي : واحتج الأصحاب بما روي عن ابن مسعود Bه أن النبي A قضى في دية الخطأ مائة من الإبل وفصلها على ما ذكرنا وقوله وفصلها أي ابن مسعود ولهذا روى بعضهم أن ابن مسعود رفعه إلى النبي A واعلم أن جمهور الصحابة على تخميسها قال سليمان بن يسار : كانوا يقولون دية الخطأ مائة من الإبل وذكر ما ذكرناه وسليمان تابعي فدل على أنه اجماع الصحابة الوجه الثاني كونها على العاقلة فإذا جنى الحر على نفس حر آخر خطأ أو عمد خطأ وجبت الدية على عاقلة الجاني والأصل في ذلك أن امرأتين من هذيل اقتتلتا فرمت احداهما الأخرى بحجر ويروى بعمود فسطاط فقتلتها وأسقطت جنينها فقضى رسول الله A بالدية على عاقلة القاتلة وفي الجنين بغرة عبد أو أمة وهذه صورة شبه العمد وإذا جرى التحمل في شبه العمد ففي بدل الخطأ أولى قال العلماء : وتغريم غير الجاني خارج عن الأقيسة الظاهرة إلا أن القبائل في الجاهلية كانوا يقومون بنصرة من جنى منهم ويمنعون أولياء القتيل من أن يدركوا بثأرهم ويأخذوا من الجاني حقهم فجعل الشارع A بدل تلك النصرة بذلك المال وخصص العاقلة بهما لأن الخطأ وشبه العمد مما يكثر فحسنت إعانة القاتل لئلا يفتقر الذي هو معذور فيه بخلاف العمد إذا لا عذر له فلا يليق به الرفق وأجلت على العاقلة لئلا يشق عليهم الأداء وادعى الإمام الاجماع على تحمل العاقلة في الخطأ وشبه العمد وقيل لا تحمل العاقلة دية شبه العمد والمذهب الأول لورود النص فيه والله أعلم .
الوجه الثالث كون الدية في ثلاث سنين روي عن عمر وعلي وابن عمر وابن عباس Bهم قال الشافعي : ولم أعلم مخالفا أن رسول الله A قضى بالدية على العاقلة في ثلاثة سنين فإن ورد النص بذلك كما ذكره الشافعي فلا كلام وإلا فقد ضربها عمر وعلي وابن عباس كذلك ولم ينكر عليهم فكان إجماعا ولا يقولون ذلك إلا توقيفا فإن قلت : قال ابن المنذر : وما ذكره الشافعي لا نعلم له أصلا من كتاب الله ولا سنة وقال الإمام أحمد لما سئل عن ذلك قال : لا أعرف فيه شيئا فالجواب أن من عرف حجة على من لا يعرف وكيف يرد قول الشافعي بذلك وهو أعلم القوم بالأخبار والتاريخ بمثل ذلك والله أعلم قال : .
وعمد الخطأ أن يقصد ضربه بما لا يقتل غالبا فيموت فلا قود عليه بل تجب دية مغلظة على العاقلة مؤجلة .
قد مر ذكر العمد والخطأ وبقي شبه العمد وهو أن يقصد الفعل والشخص معا بما لا يقتل غالبا كما إذا ضربه بسوط أو عصى ضربة خفيفة أو رماه بحجر صغير ولم يوال به الضرب ولم يشتد الألم بسبب ذلك ولم يكن وقت حر ولا برد شديدين أو لم يكن المضروب ضعيفا أو صغيرا فهو شبه عمد وإن كان شئ من ذلك وجب القصاص لأنه قصد الفعل والشخص بما يقتل غالبا ولو ضربه اليوم ضربة وغدا ضربة وهكذا فرق الضربات حتى مات فوجهان لأن الغالب السلامة عند تفريق الضرب قال المسعودي : ولو ضربه ضربة وقصد أن لا يزيد عليها فشتمه فضربه ثانية ثم شتمه فضربه ثالثة حتى قتله فلا قصاص لعدم الموالاة قال الرافعي : وينبغي أن لا ينظر إلى صورة الموالاة ولا إلى قدر مدة التفريق بل يعتبر أثر الضربة السابقة والألم الحاصل بها فإن تيقن ثم ضربه أخرى فهو كما لو والى ولو طبق كفه ولكمه فهو كالضرب بالعصا الخفيفة فيفصل وقول الشيخ [ فلا قود عليه بل تجب دية مغلظة ] دليله حديث المرأتين من هذيل وقوله [ مغلظة ] يعني من وجه وقوله [ على العاقلة مؤجلة ] يعني مخففة من وجهين لأن جناية الخطأ مخففة من ثلاثة جوه : كونها على العاقلة ومؤجلة ومخمسة وجناية العمد مغلظة من ثلاثة أوجه : كونها على الجاني حالة مثلثة وجناية شبه العمد تنزع إلى العمد من وجه كونها فيها قصد الفعل والشخص وتنزع إلى الخطأ بكون الآلة لا تقتل غالبا فلهذا خففت بكونها على العاقلة وبالتأجيل وغلظت بكونها مثلثة والله أعلم قال : .
وشرائط وجوب القصاص أربعة : أن يكون القاتل بالغا عاقلا وأن يكون والدا للمقتول وأن لا يكون المقتول انقض من القاتل بكفر أو رق .
لما ذكر الشيخ C الجناية ونوعها باعتبار ما يجب فيها القصاص وما لا يجب شرع الآن في ذكر ما يجب عليه القصاص ومن لا يجب ولا شك أن القصاص هو المماثلة كما قاله الأزهري وهو مأخوذ من اقتصاص الأثر وهو تتبعه لأنه تتبع الجناية فيأخذ مثلها والمثلية تعتبر في الجناية وكما تعتبر في الجناية كذلك تعتبر المساواة بين القتيل والقاتل وليس المراد المساواة في كل خصلة لأن بعض الخصال لم يعتبرها الشارع قطعا كنضو الخلقة مع كبير الضخامة ونحو ذلك كالقوة والضعف وغيرهما ومدار ذلك على صفات تذكر فمتى فضل القاتل على المقتول بخصلة منها فلا قود فمنها الإسلام والحرية والولادة فلا يقتل مسلم بكافر ولا حر بعبد ولا والد بولد ولنا عودة إلى ذلك ويشترط مع ذلك كون القاتل مكلفا فلا يجب القصاص على صبي ولا مجنون لأن القلم مرفوع عنهما كما مر في الخبر فلا يجب عليهما كما لا قصاص على النائم فيما إذا انقلب على إنسان فقتله ولا على البهيمة لعدم التكليف ولأن القصاص عقوبة فلا يجب عليهما كالحد نعم من زال عقله بمحرم كالسكران ومن تعدى بشرب دواء مزيل العقل هل يجب عليه القصاص ؟ قيل لا كمعتوه والمذهب القطع بوجوب القصاص لتعديه بفعل ما يحرم عليه كما نوقع عليه الطلاق وغيره من المؤاخذات ولأنا لو لم نوجب القصاص بذلك لأدى إلى تركه بذلك فإن من رام قتل شخص لا يعجز أن يسكر حتى لا يقتص منه فيؤدي ذلك إلى سفك الدماء والله أعلم .
فرع لو قال القاتل : كنت يوم القتل صغيرا صدق بيمينه بشرط إمكان ما يدعيه ولو قال : أنا الآن صغير صدق بلا يمين على الأصح ولو قال : كنت مجنونا عند القتل وعهد له جنون صدق على الأصح وقيل يصدق الوارث لأن الأصل السلامة والله أعلم ويشترط أن لا يكون المقتول أنقص من القاتل بصفة الكفر فلا يقتل مسلم بكافر حربيا كان المقتول أو ذميا أو معاهدا لقوله A [ لا يقتل مسلم بكافر ] رواه البخاري والله أعلم ويشترط في وجوب القصاص أيضا أن لا يكون المقتول أنقص من القاتل بصفة الرق فلا يقتل حر بعبد قنا كان أو مدبرا أو مكاتبا أو أم ولد لقوله تعالى { الحر بالحر والعبد بالعبد } فظاهره عدم قتل حر بعبد وعن علي Bه قال : من السنة ألا يقتل حر بعبد ولأنه لا يقطع طرفه بطرفه فأولى ألا يقتل به والله أعلم .
فرع قتل الحر المسلم شخصا لا يعلم أنه مسلم أو كافرا ولا يعلم أنه حر أو عبد فلا قصاص للشبهة ذكره الروياني في البحر والله أعلم ويشترط في وجوب القصاص ألا يكون القاتل أبا أو جدا وإن علا وإن نزل المقتول لقول عمر Bه في قصة وقعت : [ لولا أني سمعت رسول الله A يقول لا يقاد الأب من ابنه لقتلتك هلم ديته ] فأتاه بها فدفعها إلى ورثته رواه البيهقي وقال : إسناده صحيح وقال الحاكم : صحيح الإسناد ولأن الوالد سبب في وجوده فلا يحسن أن يصير الولد سببا في إعدامه وقيل يقتص من الأجداد والجدات والصحيح الأول والله أعلم .
فرع لو حكم قاض بقتل الوالد لقتل الولد قال ابن كج : ينقض حكمه والله أعلم .
فرع قتل مسلم مرتدا فلا قصاص عليه ولو قتل زانيا محصنا فالأصح المنصوص وبه قطع المراوزة أنه لا قصاص وظاهر كلام الرافعي أنه لا فرق في عدم وجوب القصاص بين أن يثبت زناه بالببينة أو بالاقرار وقد ذكره كذلك في حد الزنا وفي الأطعمة وتبعه النووي على ذلك : لكنه صحح في تصحيح التنبيه وجوب القصاص إذا ثبت بالإقرار ويجري الخلاف فيما لو قتل محاربا هل فيه قصاص أم لا ؟ والله أعلم قال : .
وتقتل الجماعة بالواحد .
إذا اشترك جماعة في قتل واحد قتلوا به بشرط أن يكون فعل كل واحد لو انفرد لقتل لعموم قوله تعالى { ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا } يعني القصاص وقتل عمر Bه سبعة أو خمسة من أهل صنعاء اليمن بواحد وقال : لو توالى عليه أهل صنعاء لقتلتهم به وقتل علي Bه ثلاثة بواحد وقتل المغيرة سبعة بواحد وقال ابن عباس Bهما : إذا قتل جماعة واحدا قتلوا به ولو كانوا مائة ولم ينكر عليهم أحد فكان ذلك اجماعا وأيضا فالتشفي لا يحصل إلا بقتل الكل وكذا الزجر وإذا آل الأمر إلى المال فهل يلزمهم على عدد الضربات أم بالسوية ؟ الراجح الثاني لأن الجراحة الواحدة قد يكون لها نكاية ما لا يكون للجراحات ثم كيف الاستحقاق ؟ قال الجمهور : يستحق روح كل واحد إذ الروح لا يتجزأ ولا استحق بعضها لم يقتل وقال الحليمي : إذا كانو عشرة مثلا لم يستحق إلا عشر روح كل واحد بدليل أنه لو آل الأمر إلى الدية لم يلزمه إلا عشرها غير أنه لا يمكن استيفاء العشر إلا بالكل فاستوفى لتعذره وصار هذا بمثابة ما إذا أدخل الغاصب المغصوب في مكان ضيق واحتيج في رده إلى قلع الباب وهدم الجدار ورد الإمام ذلك بأنه لو قطع يد غيره من نصف الساعد لا يجزي القصاص فيه خوفا من استيفاء الزيادة على الجناية بجزء يسير فكيف يريق تسعة أعشار الدم بلا استحقاق لاستيفاء عشر واحد واعتبار القصاص بالدية ممنوع ألا ترى أن الرجل يقتل بالمرأة وإذا آل الأمر إلى المال لم يلزمه إلا نصف دية نفسه ولو ضربه كل واحد بسوط أو بعصى خفيفة فمات ففي وجوب القصاص عليهم أوجه : أصحها ثالثها وبه قطع البغوي وشيخه القاضي حسين أنه إذا صدر ذلك عن تواطىء منهم لزمهم القصاص وإلا فلا والله أعلم قال : .
وكل شخصين جرى القصاص بينهما في النفس يجري بينهما في الأطراف وشرائط وجوب القصاص في الأطراف بعد الشرائط المذكور اثنان الاشتراك في الاسم الخاص اليمنى باليمنى واليسرى باليسرى وأن لا يكون بأحد الطرفين شلل .
قد علمت أن القصاص هو المماثلة وكما تعتبر في النفس كذلك تعتبر في الأطراف لأن الاعتداء به يقابل بمثله فمن لا يقتل بشخص لا يقطع طرفه بطرفه لانتفاء المماثلة المرعية شرعا وإذا تقرر هذا فلا يقابل طرفه بغير جنسه كاليد بالرجل ونحوه وكما لا يقابل العضو بغير جنسه كذلك لا يقابل عند اختلاف المحل فلا تقطع اليمنى باليسرى وبالعكس وكذا بقية الأعضاء فلا تؤخذ العين اليمنى باليسرى وبالعكس ولا السفلى بالعليا من الشفتين وبالعكس كما لا يؤخذ خنصر بإبهام ولا أنملة بأخرى لاختلاف محلهما ومنافعهما كما لا يؤخذ أنف بعين وكما يؤثر اختلاف المحل في منع القصاص لعدم المماثلة كذلك يؤثر تفاوت الصفات المعتبرة فلا تؤخذ اليد الصحيحة بالشلاء وإن رضي لأن الشلاء مسلوبة المنفعة فلا تؤخذ بها كاملة كما لا تؤخذ العين البصيرة بالعمياء بخلاف الأذن الشلاء حيث تؤخذ بها الصحيحة على الراجح لأن منفعتها من جميع الصوت ودفع الهوام باقية ولأن الشلل موت كما نص عليه الشافعي فلا يقتص من حي بحز رقبة ميت وكما لا تقطع الصحيحة بالشلاء كذلك لا تقطع الصحيحة بيد فيها أصبع شلاء نعم له لقط الأصابع الصحيحة وأخذ الأرش عن الأشل وهل تجب حكومة جميع الكف أو حكومة ما قابل الأصابع الصحيحة التي اقتص منها وتسقط حكومة الأشل الذي أخذ حكومته ؟ وجهان جزم العراقيون بالثاني وصحح ابن الرفعة في الكفاية الأول وبه جزم القاضي حسين واعلم أنه إذا اتحد الجنس والمحل والمنفعة فلا اعتبار بالتفاوت في الصغر والكبر والطول والقصر والقوة والضعف والضخامة والنحافة كما لا يعتبر مماثلة النفس في هذه الأمور ولهذا انقطع يد الصانع بالأخرق كما يقتل العالم بالجاهل والله أعلم قال : .
وكل عضو أخذ من مفصل ففيه القصاص ولا قصاص في الجراح إلا في الموضحة .
لا شك في جريان القصاص في الجراحات في الجملة قال الله تعالى { والجروح قصاص } ثم الجراحة تارة تحصل معها إبانة وتارة لا تحصل فإن حصل معها إبانة فتارة تكون الإبانة من مفصل وتارة لا تكون فإن لم تكن من مفصل فلا قصاص لعدم الوثوق بالمماثلة كما لو قطع يده من نصف الكف فلا قصاص في الكف وله التقاط الأصابع وله حكومة نصف الكف على الأصح ولو قطع نصف الساعد قطع من الكوع وأخذ حكومة نصف الساعد فلو عفا فله دية الكف وحكومة نصف الساعد وكذا لا قصاص في كسر العظام لعدم الوثوق بالمماثلة وإن كانت الإبانة من مفصل وجب القصاص بشرط إمكان المماثلة ومن استيفاء الزيادة ويحصل ذلك بأن يكون العضو مفصل توضع الحديدة عليه ثم اتصال العضو بالعضو قد يكون بمجاورة محضة وقد يكون مع دحول عظم في عظم كالمرفق والركبة فمن المفاصل الأنامل والكوع والركبة ومفصل القدم فإذا وقعت الجناية على بعضها اقتص من الجاني لإمكان المماثلة بلا زيادة ومن المفاصل الفخذ والمنكب فإن أمكن القصاص بلا إجافة اقتص وإلا فلا سواء كان الجاني أجاف أم لا لأن الجوائف لا تنضبط ولهذا لا يجري فيها القصاص وفي وجه شاذ أن القصاص يجري إذا كان الجاني أجاف وقال أهل الخبرة : يمكن أن يقطع ويجاف مثل ذلك الجائفة وإن كانت الجراحة لا إبانة معها فلا قصاص في شئ إما قطعا وإما على الراجح إلا في الموضحة سواء كانت في الرأس أو الوجه أو الصدر أو غيرها كالساعد والأنامل وسميت بذلك لأنها أوضحت العظم ووجب القصاص فيها لإمكان المماثلة بالمساحة فتذرع موضحة المشجوج بخشبة أو بخيط ويحلق ذلك الموضع من رأس الشاج إن كان عليه شعر ويخط عليه بسواد أو حمرة ويضبط الشاج حتى لا يضطرب ويوضح بحديدة حادة كالموسى ولا يوضح بالسيف وإن كان أوضح به لأنه لا تؤمن معه الزيادة وكذا لو أوضحه بحجر أو دبوس أو عصا بل يقتص منه بالحديدة كذا ذكره القفال وغيره وتردد فيه الروياني ثم يفعل ما هو أسهل عليه من الشق دفعة واحدة أو شيئا فشيئا ولا عبرة بتفاوت الجلد في الغلظ واللحم بين الجاني والمجني عليه كما لا عبرة بالضخامة والنحافة في قصاص النفس والطرف والله أعلم .
أو قوله [ ولا قصاص إلا في الموضحة ] هذا استثناء من الشجاج والمنقلة وهي تسعة غير الموضحة فمنها الخارصة وهي التي تشق الجلد قليلا نحو الخدش وفيها الحكومة ولا يبلغ بها أرش الموضحة الثانية الدامية وهي التي يدمي موضعها من الشق والخدش ولا يقطر منها دم كذا نص عليه الشافعي وأهل اللغة وقال أهل اللغة : إن سال منها دم فهي الدامعة بالعين المهملة وفيها حكومة أيضا الثالثة الباضعة وهي التي تقطع اللحم بعد الجلد وفيها حكومة أيضا الرابعة المتلاحمة وهي التي تغوص في اللحم ولا تبلغ الجلد بين اللحم والعظم وفيها حكومة أيضا الخامسة السمحاق وهي التي تبلغ تلك الجلدة وتسمى تلك الجلدة السمحاق وفيها حكومة أيضا كالتي قبلها السادسة الهاشمة وهي التي تكسر العظم وفيها خمس من الإبل فإن أوضح مع الهشم وجب عشرة من الإبل السابعة المنقلة وهي التي تنقل العظم من موضع إلى موضع وفيها مع الهشم والإيضاح خمسة عشر الثامنة المأمومة وهي التي تبلغ أم الرأس وهي خريطة الدماغ المحيطة به وفيها ثلث الدية التاسعة الدامغة وهي التي تخرق الخريطة وتصل إلى أم الدماغ وفيها ثلث الدية العاشرة الموضحة ومحلها بعد السمحاق وهي الجلدة لأن الموضحة تزيلها فيظهر العظم فتوضحه وفيها خمس من الإبل عند عدم وجوب القصاص وقد ذكر الشيخ ما يجب فيها من الدية وفي الجائفة ثلث الدية وهي الجناية التي تصل إلى الجوف والله أعلم قال :