وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

فصل : ونفقة الأهل واجبة للوالدين والمولودين فأما الوالدون فتجب نفقتهم بشرطين : الفقر والزمانة والفقر والجنون وأما المولودون فتجب نفقتهم بشروط : الفقر والصغر والفقر والزمانة والفقر والجنون .
النفنقة مأخوذة من الإنفاق والإخراج ويوجبها ثلاثة أسباب : القرابة والملك والزوجية أما السببان الأخيران فيوجبان للمملوك على المالك وللزوجة على الزوج ولا عكس وأما السبب الأول وهو القرابة فيوجب لكل منهم على الآخر لشمول البعضية والشفقة ولهذا إنما تجب بقرابة البعضية وهي الأصول والفروع فيجب للوالد على الولد وإن علا وللولد على الوالد وإن سفل لصدق الأبوة والبنوة ولا فرق في ذلك بين الذكور والإناث ولا بين الوارث وغيره ولا فرق بين اتفاق الدين والاختلاف فيه وفي وجه لا تجب على مسلم نفقة كافر والدليل على وجوب الإنفاق على الوالدين قوله تعالى : { وصاحبهما في الدنيا معروفا } وقوله تعالى : { ووصينا الإنسان بوالديه حسنا } وقوله A [ أطيب ما يأكل الرجل من كسبه ] وولده من كسبه يدل عليه قوله تعالى : { ما أغنى عنه ماله وما كسب } يعني ولده وقد روي [ إن أولادكم هبة من الله وأموالهم لكم إذا احتجتم إليها ] والأجداد والجدات ملحقون بالأبوين إن لم يدخلوا في عموم الأبوة كما ألحقوا بهما في العتق وسقوط القصاص وغيرهما لوجود البعضية وإنما تجب نفقة الوالدين بشروط : منها يسار الولد والموسر من فضل عن قوته وقوت عياله في يومه وليلته ما يصرفه إليهما فإن لم يفضل فلا شئ عليه لاعساره ويباع في نفقة القريب ما يباع في الدين من العقار وغيره لأنه حق مالي لا بدل له فأشبه الدين ولو كان الولد لا مال له إلا أنه يقدر على الاكتساب ويحصل ما يفضل عن كفايته فهل يكلف الكسب ؟ فيه خلاف : قيل لا كما لا يكلف الكسب لقضاء الديون والصحيح أنه يكلف وبه قطع الجمهور لأنه يلزمه إحياء نفسه بالكسب ومنها : أي من الشروط أن لا يكون لهما مال فإن كان ويكفيهما فلا تجب سواء كانا زمنين أو مجنونين أو بهما مرض وعمى أم لا لعدم الحاجة ومنها أن لا يكونا مكتسبين فإن كانا مكتسبين فهل يكلفان الكسب ؟ فيه قولان : أصحهما في التنبيه لا تجب للقدرة على الكسب والثاني أنها تجب لقوله تعالى : { وصاحبهما في الدنيا معروفا } وليس من المصاحبة بالمعروف تكليفهما الكسب وهذا هو الصحيح عند الرافعي والنووي ومنهم من قطع به فإن فقدت هذه الشروط وكانا فقيرين زمنين أو مجنونين أو بهما عجز من مرض أو عمى كما قاله البغوي وجبت نفقتهما لتحقق الحاجة والله أعلم .
فرع حسن لو كانت الأم تقدر على النكاح لكثرة الطلاب فلا تسقط نفقتها عن الابن فلو تزوجت سقطت فلو نشزت لم يلزم الولد نفقتها قاله الماوردي والله أعلم .
وأما الدليل على وجوب نفقة المولودين وإن سفلوا ذكورا كانوا أو إناثا فقوله تعالى : { وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف } وقوله : { فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن } وقوله تعالى : { ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق } الآية وفي السنة الشريفة [ جاء رجل إلى رسول الله A فقال : إن معي دينارا فقال : أنفقه على نفسك فقال : معي آخر قال : أنفقه على ولدك ] وقال E لزوجة أبي سفيان في الحديث المشهور : [ خذي من ماله ما يكفيك بالمعروف ويكفي بنيك ] وإنما تجب النفقة لهم بشروط : منها يسار الوالدين كما مر في حق الولد فإن لم يكن لهما مال ولكن كانا ذا كسب لائق بهما فهل يجب عليهما أن يكتسبا لنفقة الولد ؟ فيه خلاف : الصحيح تجب وبه قطع الأكثرون والثاني لا تجب ومنها أن لا يكون للولد مال ولا كسب فإن كان لم تجب لعدم حاجته سواء كان الولد زمنا أو مجنونا أو مريضا أو به عمى فإن كان الولد أو الأولاد فقراء زمنين أو فقراء مجانين أو فقراء أطفالا لا يتهيأ منهم العمل وجبت نفقتهم للآيات الدالة على ذلك ولعجزهم وأوجب أبو ثور نفقتهم مع اليسار فلو كانت الأولاد أصحاء إلا أنهم غير مكتسبين بأيديهم فهل تجب نفقتهم والحالة هذه ؟ فيه خلاف والأحسن عند الرافعي تجب كما تجب للأب والحالة هذه والثاني هو الصحيح عدم الوجوب لأن الطفل محل النص والصحيح المتمكن من الحيلة والتكسب ليس في معناه فلا يلحق به بخلاف الزمن والمجنون والله أعلم .
فرع لو كان للابن مال غائب لزم الوالد أن ينفق عليه قرضا موقوفا فإن قدم ماله رجع عليه بما أنفق وإن لم يأذن الحاكم فإذا قصد الرجوع وإن هلك المال لم يرجع بما أنفق من حين التلف قاله الماوردي والله أعلم واعلم أنه يؤخذ من كلام الشيخ : أن غير الأصول والفروع لا تجب نفقتهم وهو كذلك وقال أبو ثور : يلزم الوارث النفقة لقوله تعالى : { وعلى الوارث مثل ذلك } وأوجيب عن ذلك بأن النفقة لو كانت على الوارث للزم الأب ثلثا النفقة والأم ثلثها وليس كذلك والله أعلم .
فرع نفقة القريب لا تقدر بل هي بقدر الكفاية وتختلف بالكبر والصغر والزهادة والرغبة لأنها لتجزية الوقت ولا يشترط انتهاء المنفق عليه إلى حد الضرورة ويعطيه ما يستقل به دون ما يسد الرمق وتجب له الكسوة والسكنى ولو احتاج إلى خادم وجب ولو اندفعت هذه الأمور بضيافة وتبرع سقطت ولا يجب عليه بدلها فلو سلم النفقة إلى القريب فتلفت في يده أو أتلفها وجب الإبدال لكن إذا أتلفها لزمه الإبدال إذا أيسر فلو ترك الإنفاق على قريبه حتى مضى زمان لم تصر دينا سواء تعدى أم لا لأنها شرعت على سبيل المواساة بخلاف نفقة الزوجة لأنها عوض والله أعلم قال : .
ونفقة الرقيق والبهائم واجبة بقدر الكفاية ولا يكلف من العمل ما لا يطيق .
هذا هو السبب الثاني مما يوجب النفقة وهو ملك اليمين فمن ملك عبدا أو أمة لزمه نفقة رقيقه قوتا وأدما وكسوة وسائر المؤن سواء كان قنا أو مدبرا أو أم ولد وسواء كان صغيرا أو كبيرا وسواء كان زمنا أو أعمى أو سليما وسواء كان مرهونا أو مستأجرا أو غير ذلك لوجود السبب الموجب لذلك وهو ملك اليمين وروى أبو هريرة Bه أن رسول الله A قال : [ للمملوك طعامه وكسوته ولا يكلف من العمل إلا ما يطيق ] رواه مسلم وفي رواية [ كفى بالمرء إثما أن يحبس عمن يملكه قوته ] ولأن السيد يملك كسبه وتصرفه فلزمته مؤنته وقد اتفق العلماء على ذلك فيلزمه إطعامه ومؤنته بقدر الكفاية ويعتبر في ذلك رغبته وزهادته ولا يكلف من العمل ما لا يطيق وإذا استعمله ليلا أراحه نهارا وبالعكس ويريحه في الصيف في وقت القيلولة وما خفف عنه فله أجره ففي الحديث [ ما خففت عن خادمك من عمله كان لك أجر في موازينك ] رواه ابن حبان في صحيحه من حديث عمرو بن حريث وعلى المملوك ذكرا كان أو أنثى بذل المجهول وترك الكسل والله أعلم .
وكما يجب عليه مؤنة مملوكه كذا يجب عليه نفقة دابته سواء في ذلك العلف والسقي نعم يقوم مقام ذلك أن يخليها لترعى وترد الماء إن كانت ممن ترعى وتكتفي بذلك لخصب الأرض ونحوه ولم يكن مانع من ثلج وغيره فإن امتنع من ذلك أجبره الحاكم عليه وأثم وفي الصحيحين أنه E قال : [ عذبت امرأة في هرة حبستها حتى ماتت فدخلت فيها النار لا هي أطعمتها وسقتها إذ هي حسبتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض ] قال : والخشاش الحشرات [ ودخل رسول الله A حائط رجل من الأنصار والحائط البستان فإذا فيه جمل فلما رأى رسول الله A ذرفت عيناه فأتاه النبي A ومسح عليه فسكن ثم قال : من رب هذا الجمل ؟ فجاء فتى من الأنصار فقال : هو لي يا رسول الله صلى الله عليك فقال : ألا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها فإنها تشكو إلي أنك تجيعه وتدأبه ] رواه الإمام أحمد والبيهقي وإسناده في مسلم واستدركه الحاكم وقال : هو صحيح الإسناد وفي رواية أن الجمل حن إليه ولأن الدابة ذات روح فأشبهت المملوك ولا يكلفها من العمل إلا ما تطيق كالرقيق والله أعلم .
فرع الدابة اللبون لا يجوز نزف لبنها بحيث يضر ولدها وإنما يحلب ما فضل عن ري ولدها قال المتولي : ولا يجوز الحلب إذا كان يضر البهيمة لقلة العلف ويستحب أن لا يستقصى في الحلب ويدع في الضرع شيئا ويستحب أن يقص الحالب أظفاره لئلا تؤذيها وكذا أيضا يبقى للنحل شيئا من العسل في الكوارة والله أعلم قال : .
ونفقة الزوجة الممكنة من نفسها واجبة وهي مقدرة إذا كان الزوج موسرا فمدان من غالب قوتها ومن الأدم والكسوة ما جرت به العادة وإن كان معسرا فمد وما يتأدم به المعسرون ويكتسونه وإن كان متوسطا فمد ونصف ومن الأدم والكسوة الوسط .
قد علمت أن أسباب النفقة ثلاثة : القرابة البعضية وملك اليمين وقد تقدم وهذا هو السبب الثالث وهو ملك الزوجية ولا شك في وجوب نفقة الزوجة وقد تظاهرت الأدلة على ذلك من الكتاب والسنة وإجماع الأمة قال الله تعالى : { الرجال قوامون على النساء } والقيم على الغير هو المتكلف بأمره وقال تعالى : { وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن } والآيات في ذلك كثيرة وفي السنة الشريفة أحاديث : منها حديث هند امرأة أبي سفيان لما جاءت إلى رسول الله A وشكت إليه أمرها فقال E : [ خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف ] وفي حديث جابر الطويل [ فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف وقد تركت فيكم ما لن تضلو بعدة إن اعتصمتم به : كتاب الله ] الحديث بطوله والإجماع منعقد على وجوب نفقة الزوجة في الجملة ونفقة الزوجة أنواع : منها الطعام وهو الحب المقتات في البلد غالبا ويختلف الواجب بإختلاف حال الزوج في اليسار والإعسار ويستوي في ذلك المسلمة والذمية والحرة والأمة لأنه عوض فعلى الموسر مدان وعلى المعسر مد وعلى المتوسط مد ونصف والأعتبار بمد النبي A وهو مائة وثلاثة وسبعون درهما وثلث درهم على ما صححه الرافعي قال النووي : وهو تفريع من الرافعي على أن رطل بغداد مائة وثلاثون درهما والمختار أنه مائة وثمانية وعشرون درهما وأربعة أسباع درهم والله أعلم .
ودليل التفاوت قوله تعالى : { لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه } أي ضيق { فلينفق مما آتاه الله } وأما اعتبار الحب المقتات في البلد فلأن الله تعالى أوجب النفقة بالمعروف ومن المعروف أن يطعمها مما يأكل أهل البلد وأما وجوب الحب دون غيره من الدقيق والخبز فبالقياس على الكفارة وسواء في ذلك القمح والشعير والتمر وكذا الأقط في أهل البادية الذي يقتاتونه ولنا مقالة إن كان الأغلب في بلدهما أنهم لا يطحنون بأيديهم لم يفرض لها إلا الدقيق وإن اعتدن الطحن فلا بأس بفرض الحنطة وقيل لا نظر إلى الغالب بل إلى ما يليق بحال الزوج والمذهب الأول ويجب لها أجرة الطحن والخبز وقيل إن اعتادت ذلك لزمها فعله وإلا فلا ومنها أي من الأنواع الواجبة للزوجة الأدم وجنسه غالب أدم البلد من الزيت وغيره ويختلف باختلاف الفصول وقد تغلب الفواكه في أوقاتها فتجب ويجب أن يطعمها اللحم وفي كلام الشافعي أنه يطعمها في كل أسبوع رطل لحم وهو محمول على المعسر وعلى الموسر رطلان وعلى المتوسط رطل ونصف واستحب الشافعي أن يكون يوم الجمعة فإنه أولى بالتوسع فيه ثم قال الأكثرون : إنما قال الشافعي هذا على عادة أهل مصر لعزة اللحم عندهم ذلك الوقت وأما حيث يكثر اللحم فيزاد بحسب عادة البلد وقال القفال وآخرون : لا مزيد على ما قاله الشافعي في جميع البلاد لأن فيه كفاية لمن قنع ويجب على الزوج آلات الطبخ والشرب كالقدر والجرة والكوز ونحوها ويكفي كونها من خزف أو حجر أو خشب والزيادات على ذلك من رعونات الأنفس .
ومنها أي ومن الأنواع الواجبة الإخدام : فمن لا تخدم نفسها في عادة البلد فعلى الزوج إخدامها على المذهب الذي قطع به الجمهور لأنه من المعاشرة بالمعروف فإن قال الزوج : أنا أخدمها بنفسي لم يلزمها ذلك لأنها تستحي منه فتمتنع من استيفاء الخدمة ولأنه عار عليها وهذا هو الصحيح وقيل له ذلك ومنها : أي من الأنواع الواجبة الكسوة وتجب على قدر الكفاية وتختلف بطول المرأة وقصرها وهزلها وسمنها وباختلاف البلد في الحر والبرد ولا يختلف عدد الكسوة بيسار الزوج وإعساره وفي الحاوي للماوردي : أن نساء أهل القرى إذا جرت عادتهن أن لا يلبسن في أرجلهن شيئا في البيوت لم يجب لأرجلهن شئ ثم جنس الكسوة تختلف باختلاف يسار الزوج وإعساره فيجب لامرأة الموسر من رفيع ما يلبس أهل البلد من قطن أو كتان أو حرير لأن الكسوة مقدرة بالكفاية فلا يمكن فيها الزيادة فيرجع إلى تفاوت النوع لأنه العرف بخلاف النفقة ويجب لامرأة المعسر من غليظ القطن والكتان ولامرأة المتوسط ما بينهما هذا هو المذهب وقيل ينظر في الكسوة إلى حال الزوجين فيلزمه ما يكسو مثله مثلها عادة وقيل يعتبر حال الزوجة والله أعلم .
وقول الشيخ [ ونفقة الزوجة الممكنة من نفسها ] احترز به عن غير الممكنة وعدم التمكين يحصل بأمور : منها النشوز فلا نفقة لناشز وإن قدر الزوج على ردها إلى الطاعة قهرا فلو نشزت بعض النهار فوجهان أحدهما لا شئ لها والثاني يجب لها بقسط زمن الطاعة قال الرافعي : والأول أوفق بما سبق وهذا الذي أشار الرافعي إلى ترجيحه وهو عدم الوجوب تبعه النووي هنا ثم رجح في آخر النكاح القطع بعدم الوجوب ذكره في أول الباب الحاديث عشر من زيادته فقال : قلت : الصحيح الجزم في الحرة بأنه لا شئ لهما في هذه الحالة والله أعلم .
ولا يشترط النشوز الامتناع الكلي بل لو امتنعت من الوطء وحده أو من بقية الاستمتاعات حتى قبلة سقطت نفقتها فلو قالت : سلم المهر لأسلم نفسي فإن جرى دخول أو كان المهر مؤجلا فهي ناشز إذ ليس لها الامتناع والحالة هذه لأنها بالتسليم أسقطت حقها من حبس نفسها فلو حل الأجل فهل هو كالمؤجل أو كالحال ؟ وجهان لم يرجح الرافعي والنووي هنا شيئا وصحح في الروضة والمنهاج في الصداق تبعا للمحرر عدم الحبس ونقله الرافعي في الصداق عن أكثر الأئمة لكنه صحح في الشرح الصغير أن لها الحبس وعلته أن لها المطالبة بعد الحلول كما في الإبتداء لكن جزم الرافعي في نظيره من البيع أنه لا حبس للبائع إذا حل الأجل ويحتاج إلى الفرق نعم لو كانت مريضة أو كان بها قرح يضرها الوطء فهي معذورة في الامتناع عن الوطء وعليه النفقة بشرط أن تكون عنده وكذا لو كان الرجل عبلا وهو كبير الذكر بحيث لا تطيقه فليس لها الامتناع عن الزفاف بعذر عبالته ولها الامتناع بعذر المرض لأنه متوقع الزوال ولو قالت : لا أمكنه إلا في بيتي أو في موضع كذا فهي ناشز وهربها من بين الزوج وسفرها بلا إذنه نشوز قال النووي : ولو حبست ظلما أو بحق فلا نفقة كما لو وطئت بشبهة فاعتدت والله أعلم .
ومنها الصغر : فإذا كانت صغيرة وهو كبير أو صغير فلا نفقة لها على الأظهر وإن كانت كبيرة وهو صغير وجبت النفقة على الأظهر إذ لا عذر منها ومنها العبادات فإذا أحرمت بحج أو عمرة فإذا أحرمت بإذنه وخرجت فقد سافرت في غرض نفسها فإن سافر الزوج معها لم تسقط نفقتها على المذهب وإلا سقطت على الأظهر وإن أحرمت بغير إذنه فله أن يحللها من حجة التطوع قطعا وكذا الفرض على الأظهر لأن حقه على الفور فإن لم يحللها فلها النفقة ما لم تخرج لأنها في قبضته وهو قادر على تحليلها والاستمتاع بها وقيل لا نفقة لأنها ناشز بالاحرام ولو صامت في رمضان فلا تمنع منه ولا تسقط النفقة بحال وأما قضاء رمضان فإن تعجل لتعديها بالافطار لم تمنع منه ولا تسقط به النفقة على الأصح وفي جواز إلزامها الإفطار إذا شرعت فيه وجهان مخرجان من القولين في التحليل من الحج فإن قلنا لا يجوز ففي سقوط النفقة وجهان : صحح في زيادة الروضة السقوط وأما صوم التطوع فلا تشرع فيه إلا بإذنه فإن أذن لم تسقط نفقتها وإن شرعت فيه بغير إذنه فله قطعه فإن أفطرت فلها النفقة وإن أبت فلا نفقة على الأصح وقيل تجب لأنها في داره وقبضته قلت : وهو قوي لأنه متمكن من وطئها والاستمتاع بها وإلا فما الفرق بين الصوم والحج إلا أن تفرض الصورة في امتناعها من التمكين وفيه نظر لأن السقوط والحالة هذه إنما هو لأجل عدم التمكين وحينئذ فلا مدخل للصوم والله أعلم .
ولو كان الصوم نذرا فإن كان نذرا مطلقا فللزوج منعها منه على الصحيح لأنه موسع وإن كان أياما معينة نظر إن نذرتها قبل النكاح أو بعده بإذنه فليس له منعها وإلا فله وحيث قلنا له المنع فشرعت فيه وأبت أن تفطر فكصوم التطوع وأما صوم الكفارة فهو على التراخي فللزوج منعها وحيث قلنا إن الصوم يسقط فهل يسقط كل النفقة أم لا لتمكنه من الاستمتاع ليلا ؟ وجهان : صحح النووي سقوط الجميع والله أعلم قال : .
وإن أعسر بنفقتها فلها الفسخ وكذا إن أعسر بالصداق قبل الدخول .
إذا عجز الزوج عن القيام بمؤن الزوجية الموظفة عليه فالذي نص عليه الشافعي قديما وجديدا أنها بالخيار إن شاءت صبرت وأنفقت من مالها أو افترضت وأنفقت على نفسها ونفقتها في ذمته إلى أن يوسر وإن شاءت طلبت فسخ النكاح وقال في موضع آخر : وقيل لا خيار لها وللأصحاب خلاف في ذلك وبالجملة فالمذهب أن لها أن تفسخ وبه قال مالك وأحمد Bهما روي أنه E سئل عمن يعسر بنفقة امرأته فقال : [ يفرق بينهما ] رواه الدارقطني وسئل ابن المسيب عن ذلك فقال : يفرق بينهما فقيل له : سنة فقال : سنة قال الشافعي : الذي يشبه قول ابن المسيب أنه سنة رسول الله A وأيضا فالجب أو العنة يثبت حق الفسخ فالعجز عن النفقة أولى لأن الصبر عن الاستمتاع أسهل من الصبر عن النفقة فربما عدم النفقة يوقع الزوجة في الزنا ولو كان الرجل حاضرا وله مال غائب فإن كان دون مسافة القصر فلا فسخ ويؤمر بتعجيل الاحضار وإن كان على مسافة القصر فما فوقها فلها الفسخ ولا يلزمها الصبر لشدة الضرر وإن كان له دين على زوجته فأمرها بالانفاق منه فإن كانت موسرة فلا خيار كما لو كان له دين على موسر حاضر وإن كانت معسرة فلها الفسخ لأنها لا تصل إلى حقها والمعسر ينطر ولو تبرع شخص بأداء النفقة عن المعسر فلها الفسخ ولا يلزمها القبول كما لو كان له دين على إنسان فتبرع غيره بقضائه لا يلزمه القبول لأن فيه منة للمتبرع .
واعلم أن القدرة بالكسب كالقدرة بالمال فلو كان يكتسب كل يوم قدر النفقة فلا خيار فلو عجز عن العمل لمرض فلا فسخ إن رجى زواله في ثلاثة أيام وإن كان يطول فلها الفسخ للضرر والله أعلم .
فرع لو لم يعطها الموسر إلا نفقة المعسر فلا فسخ ويصير الباقي دينا عليه والقادر على الكسب إذا امتنع من الانفاق عليها فهو كالموسر إذا امتنع والأصح أنها لا تفسخ إذا منع الموسر النفقة سواء كان حاضرا أو غائبا والاعسار بالكسوة كالاعسار بالنفقة وكذا الاعسار بالمسكن وهل لها أن تفسخ بالعجز عن الأدم ؟ فيه خلاف الأصح عند الرافعي نعم والأصح عند النووي لا فسخ لأنه غير ضروري والله أعلم .
فرع كثير الوقوع شرط الفسخ تحقق اعسار الزوج أو غلبة الظن بالبينة المقبولة شرعا سواء كان الزوج حاضرا أو غائبا فلو غاب ولم يعلم اعساره فلا فسخ في الأصح كما لو كان الزوج موسرا وهو غائب ولو ضمن النفقة ضامن بإذنه فقيل لها الفسخ وجزم القاضي حسين والمتولي بالمنع إن كان مليئا وإن ضمن بغير إذنه فوجهان والله أعلم والاعسار بالمهر فيه خلاف منتشر حاصل المذهب ما ذكره الشيخ إن كان قبل الدخول فلها الفسخ وإلا فلا والفرق أن بالدخول قد تلف المعوض فصار العوض دينا في الذمة ولأن تسليمها يشعر برضاها بذمته بخلاف ما قبل الدخول واعلم أن حيث جوزنا الفسخ فشرطه أن لا تكون المرأة قبضت شيئا من الصداق وإن قبضت شيئا منه امتنع عليها الفسخ بخلاف البائع إذا قبض بعض الثمن فإنه يجوز له الفسخ بإفلاس المشتري عن باقيه والفرق أن الزوج باقباض بعض المهر قد استقر له بعض البضع فلو جاز للمرأة الفسخ لعاد إليها البضع بكماله لأنه لا يمكن فيه التشريك فيؤدي إلى الفسخ فيما استقر بخلاف البيع فإنه وإن استقر بعضه بقبض بعض الثمن إلا أن الشركة فيه ممكنة فجوزنا الفسخ في الباقي خاصة كذا ذكره ابن الصلاح وتوقف ابن الرفعة في المسألة ذكره في المطلب والله أعلم .
فرع الصحيح المشهور أن المرأة لا تستقل بالفسخ بل لا بد من الرفع إلى الحاكم كما في العنة لأنه أمر مجتهد فيه وقيل لها أن تفسخ بنفسها كالرد بالعيب فعلى الصحيح إذا ثبت عنده الاعسار تولى الفسخ بنفسه أو أذن لها أن تفسخ فلو لم ترفع إلى القاضي وفسخت بنفسها لعلمها بعجزه لم ينفذ في الظاهر وهل ينفذ باطنا ؟ وجهان قال الإمام : الذي يقتضيه كلام الأئمة أنه لا ينفذ باطنا واعلم أن القاضي إنما يفسخ أو يإذن لها فيه بعد إمهاله ثلاثة أيام من اعساره في الأصح والله أعلم .
فرع له أم ولد وعجز عن نفقتها فعن أبي زيد أنه يجبر على عتقها وتزويجها إن وجد خاطبا راغبا وقال غيره : لا يجبر عليه بل يخليها لتكتسب وتنفق على نفسها كذا ذكره الرافعي وصحح النووي في زيادة الروضة الثاني والله أعلم قال :