وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

فصل : وإذا رمى الرجل زوجته بالزنا فعليه حد القذف إلا أن يقيم البينة أو يلاعن فيقول عند الحاكم على المنبر في جماعة من المسلمين : أشهد بالله إنني لمن الصادقين فيما رميت به زوجتي فلانة من الزنا وأن هذا الولد من زنا وليس مني أربع مرات ويقول في الخامسة بعد أن يعظه الحاكم : وعلي لعنة الله إن كنت من الكاذبين .
هذا فصل اللعان وهو مصدر لاعن وهو مشتق من اللعن وهو الإبعاد وسمي المتلاعنان بذلك لما يعقب اللعان من الإثم والإبعاد ولأن أحدهما كاذب فيكون ملعونا وقيل لأن كل واحد منهما يبعد عن صاحبه بتأبيد التحريم وهو في الشرع عبارة عن كلمات معلومة جعلت حجة للمضطر إلى قذف من لطخ فراشه وألحق به العار واختير لفظ اللعان على الغضب والشهادة لأن اللعان لفظة غريبة والشئ يشتهر بالغريب وقيل لأنه في لعان الرجل وهو متقدم والأصل فيه قوله تعالى { والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم } الآيات وسبب نزولها أن هلال بن أمية قذف زوجته عند رسول الله A بشريك بن السمحاء فقال له النبي A : [ البينة أو حد في ظهرك فقال : يا رسول الله إذا رأى أحدنا على امرأته رجلا ينطلق يلتمس البينة فجعل النبي A يقول : البينة أو حد في ظهرك فقال هلال : والذي بعثك بالحق إني لصادق ولينزلن الله ما يبرىء ظهري من الحد ] فنزلت هذه الآيات وقيل غير ذلك فإذا قذف الرجل زوجته وجب عليه الحد كما جاء به النص وله ملخصان عنه إما البينة أو اللعان كما نص عليه الخبر ثم متى تيقن الزوج أنها زنت بأن رآها تزني جاز له قذفها وكذا لو أقرت به عنده ووقع في قلبه صدقها أو أخبره به ثقة أو شاع أن رجلا زنى بها ورآه خارجا من عندها في أوقات الريبة فلو شاع ولم يره أو رآه ولم يشع لم يجز في الأصح وقال الإمام : لو رآه معها تحت شعارها على هيئة منكرة أو رآها معه مرات كثيرة في محل ريبة كان كالاستفاضة مع الرؤية وتبعه الغزالي وغيره ولا يجوز القذف عند عدم ما ذكرنا وهذا كله إذا لم يكن ولد قال النووي قال أصحابنا : وإذا لم يكن ولد فالأولى أن لا يلاعن بل يطلقها إن كرهها والله أعلم .
وإن كان ولد يتيقن أنه ليس منه وجب عليه نفيه باللعان هكذا قطع به الجمهور حتى ينتفي عنه من ليس منه وفي وجه لا يجب النفي قال البغوي وغيره : فإن تيقن مع ذلك أنها زنت قذفها ولاعن وإلا فلا يقذفها لجواز أن يكون الولد من زوج قبله أو من وطء شبهة قال الأئمة : وإنما يحصل اليقين إذا لم يطأها أصلا أو وطئها وأتت به لأكثر من أربع سنين من وقت الوطء أو لأقل من ستة أشهر فإذا انتهى الأمر إلى اللعان فيأتي بخمس كلمات كما ذكره الشيخ ويكون ذلك بأمر الحاكم أو نائبه ويسمى امرأته إن كانت غائبة عن البلد أو المجلس ويرفع في نسبها حتى تتميز عن غيرها وإن كانت حاضرة تكفي الإشارة إليها على الصحيح لأن بها يحصل التمييز فلا يحتاج مع ذلك إلى ذكر النسب والاسم وقيل يجمع بين الاسم والإشارة ويقول في الخامسة : [ إن لعنة الله علي إن كنت من الكاذبين فيما رميتها به من الزنا ] للنص وإن كان هناك ولد ذكره في الكلمات الخمس لأن كل مرة بمنزلة شهادة فيقول : إن هذا الولد أو الحمل من زنا وليس مني فلو اقتصر على قوله من زنا هل يكفي ؟ قال الأكثرون : لا لاحتمال أن يعتقد وطء الشبهة زنا فلا ينتفي به الولد وأصحهما أنه يكفي ولو اقتصر على قوله : ليس مني لم يكف ولو أغفل ذكر الولد في بعض الكلمات احتاج إلى إعادة اللعان لنفيه وقول الشيخ [ فيقول عند الحاكم ] هذا لا بد منه في الاعتداد بصحة اللعان لأن اللعان يمين فلا بد فيه من أمر الحاكم كسائر الإيمان .
وقوله [ على المنبر في جماعة من المسلمين ] هذا من الآداب وأقلهم أربعة وليكونوا من أعيان البلد وصلحائهم لأن في ذلك تعظيما للأمر وهو أبلغ في الردع وقوله [ أشهد ] هذا اللفظ متعين فلو بدله بقوله : أحلف بالله أو أقسم بالله ونحوه إني لمن الصادقين أو أبدل لفظ الدهن بالإبعاد أو أبدل لفظ الغضب بالسخط أو أبدل لفظ الغضب باللعن أو عكسه لم يصح على الأصح في جميع ذلك وقيل لا يصح قطعا لأنه أخل باللفظ المأمور به فأشبه الشاهد إذا أخل بلفظ الشهادة وإذا بلغ الرجل لفظ اللعن أو المرأة لفظ الغضب استحب للحاكم أن يقول : [ إن هذه الخامسة موجبة للعذاب في الدنيا وعذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة فاتق الله تعالى فإني أخشى عليك إن لم تكن صادقا أن تبوء بلعنة الله تعالى ] كي يرجع ويتلو عليه { إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم } ومعنى لا خلاق لهم : أي لا نصيب لهم في الآخرة فإن أبيا إلا اللعان تركهما وينبغي للحاكم أن يذكر هذا الحديث وهو قوله A : [ أيما امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم فليست من الله في شئ ولن يدخلها الله الجنة وأيما رجل جحد ولده وهو ينظر إليه احتجب الله منه وفضحه على رءوس الأولين والآخرين ] وفي رواية [ على رءوس الخلائق يوم القيامة ] رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه وصححه ابن حبان والحاكم وقال : إنه على شرط مسلم والله أعلم قال : .
ويتعلق بلعانه خمسة أحكام : سقوط الحد عنه ووجوب الحد عليها وزوال الفراش ونفي الولد والتحريم على الأبد .
اعلم أن الزوج لا يجبر على اللعان بعد القذف بل له الامتناع وعليه حد القذف كالأجنبي وكذا المرأة لا تجبر على اللعان بعد لعانه فإذا لاعن الزوج وأكمل اللعان ترتب عليه أحكام : منها سقوط الحد عنه للآية الكريمة فإنها أقامت اللعان في حقه مقام الشهادة ومنها وجوب الحد عليها إذا قذفها بزنا أضافه إلى حالة الزوجية وكانت مسلمة لقوله تعالى { ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين } ومنها حصول الفرقة بينهما وهو الذي عبر الشيخ عنه بزوال الفراش وهذه الفرقة تحصل ظاهرا وباطنا سواء صدقت أم صدق وقيل إن صدقت لم تحصل باطنا والصحيح الأول وحجة ذلك أن رسول الله A فرق بين رجل وامرأته تلاعنا في زمنه E وألحق الولد بالأم رواه ابن عمر Bهما أخرجه البخاري ومسلم ومنها نفي الولد عنه لحديث ابن عمر Bهما ومنها التحريم بينهما إذا كانت البينونة باللعان على التأبيد لأن العجلاني قال بعد اللعان : كذبت عليها إن أمسكتها هي طالق ثلاثا فقال رسول الله A : [ لا سبيل لك عليها ] فنفى السبيل مطلقا فلو لم يكن مؤبدا لبين غايته كما بينها في المطلقة ثلاثا وروي [ المتلاعنان لا يجتمعان أبدا ] ولو كان قد أبانها قبل اللعان ثم لاعنها فهل تتأبد الحرمة ؟ وجهان أصحهما نعم هذه الأحكام تتعلق بمجرد لعان الزوج ولا يتوقف شئ منها على لعانها ولا على قضاء القاضي ولو أقام بينة بزناها لم تلاعن المرأة لدفع الحد لأن اللعان حجة ضعيفة فلا يقاوم البينة والله أعلم .
فرع لو كانت الملاعنة أمة فملكها الزوج ففي حل وطئها طريقان والذي قطع به العراقيون المنع وقيل فيها الخلاف فيما إذا طلق زوجته الأمة ثلاثا ثم ملكها هل تحل له أم لا ؟ الأصح لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره ويطلقها بشروطه لظاهر الآية وهي قوله تعالى { فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره } وقيل تحل لأن الطلقات الثلاث لا تمنع الملك فلا تمنع الوطء فيه بخلاف النكاح الأول والله أعلم قال : .
ويسقط الحد عنها بأن تلاعن فتقول أشهد بالله أن فلانا هذا من الكاذبين فيما رماني به من الزنا أربع مرات وتقول في الخامسة بعد أن يعظها الحاكم : وعلي غضب الله إن كان من الصادقين .
قد علمت أن المرأة لا تجبر على اللعان لكن لها أن تلاعن لدرء الحد عنها لقوله تعالى { ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين } يعني زوجها وتشير إليه كما تقدم إن كان حاضرا أو تذكر ما يتميز به من اسم ونسب إن لم يكن حاضرا وتقول في الخامسة : [ إن غضب الله عليها إن كان من الصادقين ] للآية ولا تحتاج إلى ذكر الولد لأن لعانها لا يؤثر ولو تعرضت لا يؤثر وقيل تذكره ليتقابل اللعانان والله أعلم .
فرع قال شخص لآخر يا لوطي فهل هو كناية في القذف أم صريح ؟ المذهب عند الرافعي أنه كناية وليس بصريح قال النووي : قد غلب في العرب لإرادة الوطء في الدبر بل لا يفهم منه إلا هذا فينبغي أن يقطع بأنه صريح ثم قال : بل الصواب الجزم بأنه صريح وبه جزم صاحب التنبيه وإن كان المعروف في المذهب أنه كناية والعجب أنه قال في تصحيح التنبيه : الصواب أنه كناية والله أعلم .
فرع كثير من ألسنة الناس قولهم للصبي وغيره : يا ولد الزنا وهذا قذف لأم المقول له فيجب فيه الحد لأنه قذف صريح والله أعلم قال :