وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

فصل : وللقراض أربعة شرائط : أن يكون على ناض من الدراهم والدنانير وأن يأذن رب المال للعامل في التصرف مطلقا فيما لا ينقطع غالبا .
القراض والمضاربة بمعنى واحد والقراض مشتق من القرض وهو القطع لأن المالك قطع قطعة من ماله ليتجر فيها وقطعة من ربحه وحده في الشرع عقد على نقد ليتصرف فيه العامل بالتجارة فيكون الربح بينهما على حسب الشرط من مساواة أو مفاضلة والأصل فيه أن E ضارب لخديجة بمالها إلى الشام وغير ذلك وأجمعت الصحابة عليه ومنهم من قاسه على المساقاة بجامع الحاجة إذ قد يكون للشخص نخل ومال ولا يحسن العمل وآخر عكسه وما رواه ابن ماجه أنه E قال : [ ثلاثة فيهن البركة : البيع إلى أجل والمقارضة واختلاط البر بالشعير لا للبيع ] قال البخاري : إنه موضوع إذا عرفت هذا فلعقد القراض شروط أحدها : اشترطوا لصحته كون المال دراهم أو دنانير فلا يجوز على حلي ولا على تبر ولا على عروض وهل يجوز على الدراهم والدنانير المغشوشة ؟ فيه خلاف الصحيح أنه لا يصح لأن عقد القراض مشتمل على غرر لأن العمل غير مضبوط والربح غير موثوق به وهو عقد يعقد لينفسخ ومبنى القراض على رد رأس المال وهو مع الجهل متعذر بخلاف رأس مال السلم فإنه عقد وضع للزوم وقيل يجوز إذا راج رواج الخالص قال الإمام : محله إذا كانت قيمته قريبة من المال الخالص قلت : العمل على هذا إذ المعنى المقصود من القراض يحصل به لا سيما وقد تعذر الخالص في أغلب البلاد فلو اشترطنا ذلك لأدى إلى إبطال هذا الباب في غالب النواحي وهو حرج فالمتجه الصحة لعمل الناس عليه بلا نكير ويؤيده أن الشركة تجوز على المغشوش على ما صححه النووي في زيادته مع أنه عقد فيه غرر من الوجوه المذكورة في القراض من جهة أن عمل كل من الشريكين غير مضبوط والربح غير موثوق به وهو عقد عقد لينفسخ وعلة الحاجة موجودة والله أعلم الشرط الثاني أن لا يكون العامل مضيقا عليه ثم التضييق تارة يكون بمنع التصرف مطلقا بأن يقول : لا تشتر شيئا حتى تشاورني وكذلك لا تبع إلا بمشورتي لأن ذلك يؤدي إلى فوات مقصود القراض وهو الربح وتارة يكون التضييق بأن يشترط عليه شراء متاع معين كهذه الحنطة أو هذه الثياب أو يشترط عليه شراء نوع يندر وجوده كالخيل العتاق أو البلق ونحو ذلك أو فيما لا يوجد صيفا وشتاء كالفواكه الرطبة ونحو ذلك أو يشترط عليه معاملة شخص معين كأن لا تشتر إلا من فلان أو لا تبع إلا منه فهذه الشروط كلها مفسدة لعقد القراض لأن المتاع المعين قد لا يبيعه مالكه وعلى تقدير بيعه قد لا يربح وأما الشخص المعين فقد لا يعامله وقد لا يجد عنده ما يظن فيه ربحا وقد لا يبيع إلا بثمن غال وكل هذه الأمور تفوت مقصود عقد القراض فلا بد من عدم اشتراطها حتى لو شرط رب المال أن يكون رأس المال معه ويوفي الثمن إذا اشترى العامل فسد القراض لوجود التضييق المنافي لعقد القراض نعم لو شرط عليه أن لا يبيع ولا يشتري إلا في سوق صح بخلاف الدكان المعين لأن السوق المعين كالنوع العام الموجود بخلاف الحانوت فإنه كالشخص المعين كذا قال الماوردي ولا يشترط بيان مدة القراض بخلاف المساقاة لأن الربح ليس له وقت معلوم بخلاف الثمرة وأيضا فهما قادران على فسخ القراض متى شاء لأنه عقد جائز فلو ذكر مدة ومنعه التصرف بعدها فسد العقد لأنه يخل بالمقصود وإن منعه الشراء بعدها فلا يضر على الأصح لأن المالك متمكن من منعه من الشراء في كل وقت فجاز أن يتعرض له في العقد والله أعلم .
فرع قارض شخصا على أن يشتري حنطة فيطحن ويخبز أو يغزل غزلا فينسجه ويبيعه فسد القراض لأن القراض رخصة شرع للحاجة وهذه الأعمال مضبوطة يمكن الاستئجار عليها فلم تكن الرخصة شاملة لها فلو فعل العامل ذلك بلا شرط لم يفسد القراض على الراحج ويقاس باقي الأمور بما ذكرنا والله أعلم قال : .
وأن يشترط له جزءا معلوما من الربح وأن لا يقدره بمدة .
من شروط عقد القراض اشتراك رب المال والعامل في الربح ليأخذ هذا بماله وذاك بعمله فلو قال : قارضتك على أن الربح كله لي أو كله لك فسد العقد لأنه على خلاف مقتضى العقد وكما يشترط أن يكون الربح بينهما يشترط أن يكون معلوما بالجزئية ككون الربح بيننا نصفين أو أثلاثا ونحو ذلك فلو قال : على أن لك نصيبا أو جزءا فهو فاسد للجهل بالعوض فلو قال : على أن الربح بيننا صح ويكون نصفين ولو اشترط للعامل قدرا معلوما كمائة مثلا أو ربح نوع كربح هذه البضاعة فسد لأن الربح قد ينحصر في المائة أو في ذلك النوع فيؤدي إلى اختصاص العامل بالربح وقد لا يربح ذلك النوع ويربح غيره فيؤدي إلى أن عمله يضيع وهو خلاف مقصود العقد ولو شرط أن يلبس الثوب الذي يشتريه فسد لأنه داخل في العوض ما ليس من الربح وقياسه أنه لو اشترط عليه أن ينفق من رأس المال أنه لا يصح وهذا النوع كثير الوقوع والله أعلم وقوله [ وأن لا يقدره بمدة ] يجوز أن يراد به العقد وقد تقدم حكمه ويجوز أن يريد أن يقدر الربح بمدة بأن يقول كما يفعله كثير من الناس : اتجر وربح هذه السنة بيننا وربح السنة الآتية أختص بها دونك أو عكسه والأول أقرب والله أعلم .
فرع ليس للعامل أن ينفق على نفسه من رأس المال حضرا للعرف ولا سفرا على الراجح لأن النفقة قد تكون قدر الربح فيفوز بالربح دون رب المال ولأن له جعلا معلوما فلا يستحق معه شيئا آخر وليس له أن يسافر بغير إذن رب المال فإن أذن له فسافر ومعه مال لنفسه وقلنا له أن ينفق في السفر كما رواه المزني لأنه بالسفر قد سلم نفسه فأشبه الزوجة فتتوزع النفقة على قدر المالين والله أعلم قال : .
ولا ضمان على العامل إلا بالعدوان .
العامل أمين لأنه قبض المال بإذن مالكه فأشبه سائر الأمناء فلا ضمان عليه إلا بالتعدي لتقصيره كالأمناء فلو ادعى عليه رب المال الخيانة فالقول قول العامل لأن الأصل عدمها وكذا يصدق في قدر رأس المال لأن الأصل عدم الزيادة وكذا يصدق في قوله : لم أربح أو لم أربح إلا كذا أو اشتريت للقراض أو اشتريت لي لأنه أعرف بنيته وكذا لو ادعى عليه أنه نهاه عن كذا فالقول قول العامل لأن الأصل عدم النهي ويقبل قوله في دعوى التلف كالوكيل والمودع إلا أن يذكر شيئا ظاهرا فلا يقبل إلا ببينة لأن إقامة البينة على السبب الظاهر غير متعذرة ولو ادعى رد رأس المال فهل يقبل ؟ وجهان : الأصح نعم لأنه أمين فأشبه المودع ولو اختلفا في جنس رأس المال صدق العامل والله أعلم .
فرع اختلف رب المال والعامل في القدر المشروط تحالفا وللعامل أجرة المثل ويفوز المالك بالربح كله وبمجرد التخالف ينفسخ العقد صرح به النووي في زيادة الروضة عن البيان بلا مخالفة وكلام المنهاج يقتضيه وصرح به الروياني أيضا والله أعلم قال : .
وأن حصل خسران وربح جبر الخسران بالربح .
القاعدة المقررة في القراض أن الربح وقاية لرأس المال ثم الخسران تارة يكون برخص السعر في البضاعة وتارة يكون بنقص جزء من مال التجارة بأن يتلف بعضه وقد يكون بتلف بعض رأس المال فإذا دفع إليه مائتين مثلا وقال : اتجر بهما فتلفت إحداهما فتارة تتلف قبل التصرف وتارة بعده فإذا تلفت قبل التصرف فوجهان : أحدهما أنها خسران ورأس المال مائتان لأن المائتين بقبض العامل صارتا مال قراض فتجبر المائة التالفة بالربح وأصحهما تتلف من رأس المال ويكون رأس المال مائة لأن العقد لم يتأكد بالعمل فلو اشترى بالمائتين شيئين فتلف أحدهما فقيل يتلف من رأس المال لأنه لم يتصرف بالبيع لأن به يظهر الربح فهو المقصود الأعظم والمذهب أنه يجبر من الربح لأنه تصرف في مال القراض بالشراء فلا يأخذ شيئا حتى يرد ما تصرف فيه إلى مالكه فلو أتلف أجنبي أو بعضه أخذ منه بدله واستمر القراض والله أعلم .
فرع عقد القراض جائز من الطرفين لأن أوله وكالة وبعد ظهور الربح شركة وكلاهما عقد جائز فلكل من المالك والعامل الفسخ فإذا فسخ أحدهما ارتفع القراض وإن لم يحضر صاحبه ولو مات أحدهما أو جن أو أغمى عليه انفسخ أيضا فإذا انفسخ لم يكن للعامل أن يشتري ثم ينظر إن كان المال دينا لزم العامل استيفاؤه سواء ظهر الربح أم لا لأن الدين ملك ناقص وقد أخذ من رب المال ملكا تاما فليرد مثل ما أخذ وإن لم يكن دينا نظر إن كان نقدا من جنس رأس المال ولا ربح أخذه رب المال وإن كان هناك ربح اقتسماه بحسب الشرط فإن كان نقدا من غير جنس رأس المال أو عرضا نظر إن كان هناك ربح لزم العامل بيعه إن طلبه المالك وللعامل بيعه وإن أبى المالك لأجل الربح وليس للعامل تأخير البيع إلى موسم رواج المتاع لأن حق المالك معجل فلو قال العامل : تركت حقي لك فلا تكلفني البيع لم تلزمه الإجابة على الأصح لأن التنضيض كلفة فلا تسقط عن العامل ولو قال رب المال : لا تبع ونقتسم العرض أو قال : أعطيك قدر نصيبك ناضا ففي تمكن العامل من البيع وجهان والذي قطع به الشيخ أبو حامد والقاضي أبو الطيب أنه لا يمكن لأنه إذا جاز للمعير أن يتملك غراس المستعير بقيمته لدفع الضرر فالمالك هناك أولى لأنه شريك هذا إذا كان في المال ربح فإن لم يكن ربح فهل للمالك تكليف للعامل البيع ؟ وجهان : الراجح نعم ليرد كما أخذ فإن لم يكن ربح فهل للمالك تكليف العامل البيع إن رضي المالك بامساكها ؟ وجهان الصحيح أن له ذلك إذا توقع ربحا بأن ظفر براغب أو بسوق يتوقع فيه الربح واعلم أنه حيث لزم البيع للعامل قال الامام : فالذي قطع به المحققون أن الذي يلزمه بيعه وتنضيضه قدر رأس المال وأما الزائد فحكمه حكم عرض مشترك بين اثنين فلا يكلف واحد منهما بيعه وما ذكره الامام سكت عليه الرافعي في الشرح والنووي في الروضة وجزما بذلك في المحرر والمنهاج نعم كلام التنبيه يقتضي بيع الجميع والله أعلم قال :