وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

فصل : والحجر على ستة : الصبي والمجنون والسفيه المبذر لماله .
الحجر في اللغة المنع ولهذا يقال للدار المحوطة محجرة لأن بناءها يمنع وفي الاصطلاح : المنع من التصرف في المال وهو نوعان كما أشار إليه الشيخ : حجر لمصلحة المحجور عليه وحجر لمصلحة الغير النوع الأول الحجر لمصلحة الشخص نفسه فمن ذلك الصبي وألحق به من له أدنى تمييز ولم يكمل عنده ومنه المجنون وألحق به النائم فإن تصرفه باطل ومنه حجر السفيه وألحق به السكران والأصل في ذلك قوله تعالى : { فإن كان الذي عليه الحق سفيها } أي مبذرا ولو كان كبيرا { أو ضعيفا } أي صغيرا أو كبيرا مختلا { أو لا يستطيع أن يمل هو } أي مجنونا { فليملل وليه } أخبر سبحانه وتعالى أن هؤلاء تنوب عنهم الأولياء وقال الله تعالى : { وابتلوا اليتامى } قال : .
والملفس الذي ارتكبته الديون والمريض المخوف عليه فيما زاد على الثلث والعبد الذي لم يؤذن له في التجارة .
هذا هو النوع الثاني وهو الحجر لمصلحة الغير فحجر المفلس لحق أصحاب الديون فلا يصح بيعه وإعاقته وكتابته وهبته على الأظهر وكذا جميع التصرفات المفوتة المال الموجود حال التصرف لأنه تصرف يفوت حق الغير فلا ينفذ فيه تصرفه وإلا لأبطل فائدة الحجر وأما حجر المريض فإنه لحق الورثة فيما زاد على الثلث بعد الديون ولا حجر عليه في ثلث ماله والاعتبار بحالة الموت على الصحيح لا بوقت الوصية فلو أوصى بأكثر من ثلث ماله ولا وارث له فهي باطلة بالنسبة إلى الزائد على الثلث وتصح في الثلث لقوله A [ إن الله أعطاكم عند وفاتكم ثلث أموالكم زيادة في أعمالكم ] وإن كان له وارث فسيأتي في محله إن شاء الله تعالى وأما كون المرض مخوفا فلا بد منه وبيانه يأتي في الوصية إن شاء الله تعالى وأما الحجر في العبد فلسيده فلا يصح منه بغير إذن مولاه لأنه لا مال له ولا ولاية فلهذا لا يصح تصرفه وأهمل الشيخ أشياء منها : حجر المرتد لأجل المسلمين ومنها حجر الرهن لأجل المرتهن ومنها الحجر على السيد في العبد الجاني لحق المجني عليه ومنها الحجر على الورثة في التركة لحق الميت وحق أصحاب الحقوق ومنها الحجر على الممتنع من إعطاء الديون إذا كان ماله زائدا على قدر الديون وطلبه المستحقون ذكره الرافعي في باب الفلس ومنها إذا فسخ المشتري بعيب كان له حبس المبيع إلى قبض الثمن ويحجر على البائع في بيعه والحالة هذه ذكره الرافعي في حكم المبيع قبل القبض عن المتولي وأقره ومنها الدار التي استحقت المعتدة أن تعتد فيها لا يجوز بيعها لتعلق حق المرأة بها إذا كانت عدتها بالحمل أو الأقراء لأن المدة غير معلومة قال الأصحاب ومنها الحجر على من اشترى عبدا بشرط الإعتاق فإنه لا يصح بيعه لأن العتق مستحق عليه ومنها الحجر على المستأجر في العين التي استأجر شخصا على العمل فيها ذكره الرافعي في حكم المبيع قبل القبض وبقي غيره ذلك ذكره غير لائق بالكتاب والله أعلم قال : .
وتصرف الصبي والمجنون والسفيه غير صحيح .
قلت : لا يجوز تصرف الصبي ومن في معناه والمجنون ومن في معناه في مالهم لأن عدم صحة التصرف هو فائدة الحجر نعم يصح تدبير الصبي ووصيته في وجه لأنه يعود فائدة ذلك عليه بعد الموت وأما السفيه فكذلك لا يصح تصرفه وإلا لبطلت فائدة الحجر فلا يصح بيعه ولا هبته وكذا إنكاحه بغير إذن الولي وكذا لا يصح عتقه وكتابته وفي وجه ينفذ عتقه في مرض موته تغليبا لحجر المرض وفي وجه أنه ينفذ تصرفه في موضع لا ولي فيه ولا وصي ولا حاكم إلا أن يلحقه نظر وإلا فيضرب عليه الحجر ولو اشترى بثمن في ذمته لم يصح على الصحيح ولو طلق أو خالع صح أما الطلاق فلأن الحجر لم يتناوله لأنه ليس بمال وفيه نظر من جهة ما يلحقه من تفويت الاستمتاع وتجديد المهر وأجاب القاضي أبو الطيب عن هذا بأنه يتسرى ولا ينفذ عتقه وفيه نظر أيضا وأما الخلع فلأنه إذا صح الطلاق منه مجانا فصحته بتحصيل عوض أولى وإذا امتنع تصرف هؤلاء تصرف الأولياء للآية الكريمة وأولاهم الأب بالإجماع ثم الجد وإن علا لأنه كالأب في التزويج فكذا في المال ثم الوصي ثم وصي الوصي ثم الحاكم لقوله A [ السلطان ولي من لا ولي له ] وهل يشترط في الأب والجد العدالة ؟ قال العراقيون : لا بد من العدالة الظاهرة وفي اشتراط العدالة الباطنة وجهان قال النووي : ينبغي أن يكون أرجحهما عدم الوجوب والله أعلم قلت : نقل الإمام عن المنتمين إلى التحقيق أنه كولاية النكاح والمذهب في النكاح أنه لا يلي وفي التتمة أن العدالة معتبرة في حفظ المال بلا خلاف فلا يمكن الفاسق من حفظه وقد قال الرافعي : لو فسقا نزع المال منهما ذكره في باب الوصية وهذا كله في الأب والجد وأما الحكام فشرطهم العدالة بلا نزاع فلا يلي قضاة الرشا أموال المذكورين ومن قدر على مال يتيم وجب عليه حفظه بطريقه فلو دفعه إلى قاض من هؤلاء قضاة الرشا الذين قد تحقق منهم دفع أموال الضعفاء إلى أمراء الجور فهو عاص آثم ضامن لأنه سلط هؤلاء الفسقة على إتلافه والله أعلم قال : .
وتصرف المفلس يصح في ذمته دون أعيان ماله .
المفلس من عليه ديون حالة زائدة على قدر ماله وحجر عليه الحاكم بطريقه ومنهم من يقول بسؤال الغرماء فإذا حجر عليه لتعلق حق الغرماء بماله سواء كان المال دينا أو عينا أو منفعة فلا يصح تصرفه في المال وإلا بطلت فائدة الحجر فإذا باع سلما أو اشترى في ذمته فهل يصح ؟ قيل لا كالسفيه والصحيح الصحة إذ لا ضرر على الغرماء في ذلك وكذا يصح طلاقه وخلعه لأنه تحصيل ويصح نكاحه واقتصاصه وإسقاطه القصاص لأنه لا تعلق لذلك بمال فلا تفويت على الغرماء ولو أقر المفلس بعين أو دين قبل الحجر فالأظهر قبوله في حق الغرماء قياسا على المريض ولأن ضرره في حقه أكثر منه في حق الغرماء فلا يتهم فعلى هذا لو طلب الغرماء تحليفه على ذلك يحلف لأنه لو امتنع لم يفد امتناعه شيئا إذ لا يقبل رجوعه وقيل لا يقبل إقراره في حق الغرماء لأنه فيه ضررا بهم ولأنه ربما واطأ المقر له قلت : هذا القول قوي ويؤيده أنه لو رهن عينا ثم أقر بها فإنه لا يقبل في حق المرتهن وإلا فما الفرق ؟ والفرق بتعاطيه ضعيف والأحسن أن يقال إن كان المحجور عليه موثقا بدينه قبل وإن كان غير موثق به وقد عرف منه الخديعة وأكل الأموال بها فالمتجه عدم قبوله وتبقى القرينة مرجحة والله أعلم قال : .
وتصرف المريض فيما زاد على الثلث موقوف على إجازة الورثة من بعده .
تصرف المريض في ثلثه جائز نافذ لأن البراء بن معرور Bه أوصى للنبي A بثلث ماله فقبله ورده على ورثته قيل إنه أول من أوصى بالثلث فلو زاد على الثلث وله ورثة فهل تبطل الوصية في القدر الزائد على الثلث أو لا تبطل ؟ فيه خلاف الراجح لا تبطل وتوقف على إجازة الورثة فإن أجازوا صحت وإلا فلا لأنها وصية صادفت ملكه وإنما تعلق بها حق الغرماء فأشبه بيع الشقص المشفوع وقول الشيخ [ من بعده ] يعني موته ولا تصح الإجازة والرد إلا بعد الموت إذ لا حق للورثة قبل الموت فأشبه عفو الشفيع قبل البيع وأيضا فيجوز أن يصير الوارث الآن غير وارث عند الموت والله أعلم .
فرع حسن كثير الوقوع إذا أجاز الوارث ثم قال : أجزت لأني ظننت أن المال قليل وقد بان خلافه فالقول قوله مع يمينه أنه لم يعلم إذ الأصل عدم العلم بالمقدار : مثاله أن يوصي بالنصف فيجيز الوارث ثم يقول : ظننت أن التركة ستة آلاف فسمحت بالألف فبان أنها ستون ألفا فلم أسمح بعشرة آلاف فإذا حلف نفذت الإجازة فيما علمه وهو ألف فيأخذه الموصي له مع الثلث والباقي للوارث ووجهه أنه إسقاط حق عن عين فلم يصح مع الجهالة كالهبة فلو أقام الموصي له بينة بعلم الوارث بقدر التركة لزمت الإجازة ولو قال : ظننت أن المال كثير وقد بان خلافه فقولان وصورة المسألة أن يوصي بعبد لزيد من الثلث فيجيز الوارث ثم يقول : ظننت أن المال كثير فيكون الزائد من قيمته على الثلث يسيرا فبان المال قليلا وأن العبد أكثر من التركة ولم أرض بذلك أو قال : ظهر دين لم أعلمه ففي قول يقبل قوله كالمسألة الأولى فينفذ في الثلث وفي القدر اليسير الذي اعتقده والصحيح أنه لا يقبل هنا وتلزم الوصية في جميع العبد لأن الإجازة هنا وقعت بمقدار معلوم وإنما جعل الجهل في غيره فلم يقدح في الإجازة وفي المسألة الأولى الجهل حصل فيما حصلت فيه الإجازة فأثر فيها والله أعلم قال : .
وتصرف العبد يكون في ذمته يتبع به إذا عتق .
العبد إذا لم يأذن له سيده في المعاملة لا يصح شراؤه على الراجح ولأنه لا يمكنه ثبوت الملك له لأنه ليس أهلا للملك ولا لسيده بعوض في ذمته لأنه لم يرض به ولا في ذمة العبد لما فيه من حصول أحد العوضين لغير من يلزمه الأخذ وقيل يصح لأنه متعلق بذمة العبد ولا حجر للسيد على ذمته قال الإمام : لا احتكام للسادات على ذمم عبيدهم حتى لو أجبر عبده على ضمان أو شراء متاع في ذمته لم يصح وهذا القول نسبه الماوردي والقاضي أو الطيب إلى الجمهور فعلى الراجح يسترد البائع المبيع سواء كان في يده أو في يد السيد أو باعه العبد لأنه باق على ملك مالكه لإنه لم يصح البيع ومؤنة الرد على من في يده العين فلو تلفت في يد العبد لزمه الضمان وتعلق الضمان بذمته حتى لا يطالب إلا بعد العتق لأنه وجب برضا صاحب الحق ولم يأذن فيه السيد والقاعدة المقررة فيما يتلفه العبد أو يتلف تحت يده أن ما يلزمه بغير رضا مستحقه كالمغصوب يتعلق برقبته ولا يتعلق بذمته في الأظهر وما لزمه برضا المستحق فإن أذن فيه السيد كالصداق تعلق بالذمة والكسب وإن لم يأذن فيه السيد كمسألة الشراء تعلق بذمته فقط لا بالكسب ولا بالرقبة وعلى هذا يحمل كلام الشيخ واقتراض العبد كشرائه في جميع ما مر لأنه عقد معاوضة مالية فكان كالشراء ولو أذن له السيد في التجارة صح بالإجماع قاله الرافعي ويكون التصرف على حسب الإذن والله أعلم قال :