وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

فصل : ويصح السلم حالا ومؤجلا فيما تكاملت فيه خمسة شروط : أن يكون مضبوطا بالصفة .
السلم والسلف بمعنى واحد وسمي بذلك لتسليم رأس المال في المجلس وسلفا لتقديم رأس المال وحده عقد على موصوف في الذمة ببدل عاجل بأحد اللفظين والأصل فيه قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه } الآية قال ابن عباس Bهما : أراد به السلم وفي الصحيح أن النبي A قدم المدينة وهم يسلفون في التمر السنة والسنتين وربما قال السنتين والثلاث فقال : [ من أسلف فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم ] وفيه من جهة المعنى الرفق بالمتعاقدين لأن أصحاب الحرف قد يحتاجون إلى ما ينفقون على حرفهم من الغلال ولا مال معهم وأرباب النقود ينتفعون بالرخص فجوز ذلك رفقا بهما وإن كان فيه غرر كالإجارة على المنافع المعدومة لمسيس الحاجة إلى ذلك ثم عقد السلم إن كان مؤجلا فلا نزاع في صحته وفي بعض الشروح حكاية الاتفاق على صحته ولأنه مورد النص وإن كان حالا فهل يصح ؟ قال الأئمة الثلاثة : لا يصح ومذهبنا أنه يصح وحجتنا أنه إذا جاز في المؤجل مع الغرر فهو في الحال أجوز لأنه أبعد عن الغرر فلو أطلق العقد حمل على الحال كالثمن في المبيع بجامع ثبوت كل منهما في الذمة وقيل لا ينعقد ثم إذا عقد فلا بد من وجوب شروط لصحة العقد : منها ضبطه بالصفة التي تنفي الجهالة على ما يأتي في كلام الشيخ لأن السلم عقد غرر وعدم الضبط بما ينفي الجهالة غرر ثان وغرران على شئ واحد غير محتمل فلهذا لا يصح والله أعلم قال : .
وأن يكون جنسا لم يختلط بغيره ولم تدخله نار لاحالته .
شرط صحة عقد السلم أن يكون المسلم فيه منضبطا سواء اتحد جنسه أو تعدد كما لو أسلم في ثوب قطن سداه إبريسم وكل منهما معلوم لانتفاء الغرر في ذلك ونحوه وإن تعدد المختلط وجهل مقادير المختلطات فلا يصح كما إذا أسلم في الغالية والأدهان المطيب والثياب المصبوغة على ما صححه النووي وقال في المحرر : الأقيس الجواز وكذا لا يصح السلم في الأقواس العجمية لأنها مشتملة على أجناس مقصودة وكل منها غير معلوم وكذا لا يصح السلم في الترياق المخلوط كالغالية واعلم أن الاختلاط ليس من شرطه التركيب من الآدامي كما مثلناه بل لو كان خلقيا فإنه أيضا لا يصح فلو أسلم في الرؤوس فإن كان قبل التنقية من الشعر فلا يصح جزما وإن كان بعد التنقية من الشعر ففيه خلاف والصحيح أنه لا يصح أيضا لاشتمالها على المناخر والمشافر وغيرهما وهي لا تنضبط ولأن معظمها عظم وهو غير مقصود فيكثر الغرر وحكم الأكارع حكم الرؤوس ثم من قال بالجواز قال : يكون بالوزن واقتصر عليه الرافعي وقال الماوردي : هو بالوزن والعد ولا يكفي أحدهما ويقاس غير ما ذكرناه بما ذكرناه والله أعلم وأما ما دخله النار لغير التمييز كالنار القوية فلا يصح السلم فيه كالخبز والشواء وما أشبه ذلك لأن تأثير النار فيها لا ينضبط وفي وجه يجوز السلم في الخبر وصححه الإمام والغزالي وحكاه الروياني عن مشايخ خراسان وفي العسل المصفى والسكر والفانيذ والدبس وجهان في أصل الروضة بلا ترجيح واستبعد الإمام عدم الصحة في هذه الأشياء واختار الغزالي والمتولي الصحة وحكى الرافعي طريقة قاطعة بالصحة في هذه الأشياء وقضية كلام الرافعي عدم الصحة لكن النووي صحح في تصحيح التنبيه الصحة في هذه الأشياء وعلله بأن نار هذه الأشياء لينة وجعل هذه العلة ضابطا قلت : وفي كون نار هذه الأشياء لينة نظر ظاهر والحس يدفعه إذ نار السكر في غاية القوة ولعل العلة الصحيحة كون نار هذه الأشياء منضبطة ولهذا تردد صاحب التقريب في صحة السلم في الماورد ولم يصحح الرافعي ولا النووي فيه شيئا قال الاسنائي : والراجح الجواز فقد فقال الروياني : إنه لا يصح عندي وعند عامة الأصحاب وتصحيح الصحة في هذه الأشياء يقوي تصحيح جواز السلم في الخبز بل هو أولى لأن ناره ألين من نار هذه الأشياء بلا شك فإن علل صحة هذه الأشياء بكون النار لها حد مضبوط عند أربابها قلنا كذا الخبز والله أعلم قال : .
وألا يكون معينا ولا من معين .
من شروط صحة عقد السلم أن يكون المسلم فيه دينا أي في الذمة لأن وضع المسلم إنما هو على ما في الذمم فلو قال : أسلمت إليك هذا في هذا الثوب أو في هذا الحيوان ونحو ذلك لم ينعقد سلما لانتفاء الدينية وهل ينعقد بيعا ؟ قولان : الأظهر لا ينعقد لاختلال اللفظ ومعنى الاختلال أن السلم يقتضي الدينية والدينية مع التعيين يتنفاقضان ولو قال : اشتريت منك ثوبا صفة كذا بهذه الدراهم فقال : بعتك انعقد بيعا على الراجح نظرا إلى اللفظ وهذا إذا لم يذكر بعده لفظ السلم فإن ذكره فقال : اشتريته سلما كان سلما ذكره الرافعي في تفريق الصفقة عند ذكر الجمع بين عقدين مختلفي الحكم فاعرفه ولو قال : أسلمت إليك هذا الدرهم في كيل من هذا القمح لا يصح أيضا لما ذكرناه وهذا معنى قول الشيخ [ ولا من معين ] والله أعلم قال : .
ثم لصحة السلم ثمانية شروط : أن يصفه بعد ذكر جنسه ونوعه بالصفات التي يختلف بها الثمن ويذكر قدره بما ينفي الجهالة عنه .
قد علمت أن السلم عقد غرر جوز للحاجة وأنواع المسلم فيه وصفاته بعد ذكر الجنس مختلفة بحسب ذلك الجنس والأغراض تختلف في ذلك باعتبار المقاصد ولهذا اختلفت القيمة باختلاف الصفات المقصودة فلا بد من ذكر تلك الصفات لينتفي الغرر وينقطع النزاع وصور المسلم فيه كثيرة فنذكر منها ما يستدل به على غيره منها إذا أسلم في الثياب فيذكر بعد ذكر الجنس والجنس القطن أو الكتان النوع والبلد الذي ينسج فيه إن اختلف به الغرض ويذكر الطول والعرض وهما من صفات الثوب والرقة والغلظ وهما من صفات الغزل ويذكر الصفاقة وهي صفة الصنعة ويذكر النعومة والخشونة لأن الأغراض تختلف بذلك ويجوز السلم في المقصور كالخام فإن أطلق العقد حمل على الخام لأن القصارة صفة زائدة فلا بد من ذكره ولا يجوز السلم في الملبوس لأنه لا ينضبط ويجوز في الثياب التي صبغ غزلها قبل النسج كالبرود بخلاف المصبوغة بعد النسج فإن المعروف أنه لا يصح السلم فيها لعدم الضبط ومنها إذا أسلم في الرقيق فلا بد من ذكر نوعه كتركي وكذا يذكر صفة النوع إن اختلف كونه أبيض ويصف بياضه بسمرة أو شقرة ويصف السواد إن ذكره بالصفاء والكدورة وهذا إذا اختلف لون الصنف فإن لم يختلف كالزنج لم يجب التعرض لألوانهم ولا بد مع هذا من ذكر الذكورة والأنوثة والسن في الكبر والصغر والطول والقصر ولو ضبطه بالأشبار صح وكل ذلك على التقريب حتى لو شرط رنة ابن عشرين لا يزيد ولا ينقص لا يصح السلم لندوره وهل يشرط مع ذلك التعرض للكحل والسمن ونحو ذلك ؟ وجهان الأصح لا لتسامح الناس بإهمال ذلك والثاني يجب لأن الأغراض تختلف بذلك قلت : وهو قوي لأن هذه الأوصاف مطلوبة مقصودة وتختلف القيمة باختلافها لأن كثيرا من الناس يهوون السمان وتمج أنفسهم الرقاق وهو لا يتقاعد عن ذكر بعض الصفات المتقدمة وقد اشترط ذلك الماوردي في الحاوي والله أعلم ويجب ذكر الثيوبة والبكارة في الأصح ولو أسلم في جارية مغنية فإن كان غناؤها بغير آلة محرمة صح وإن كان بعود أو زمر فلا يصح ولو أسلم في جارية زانية فوجهان ولو شرط كونها قوادة لم يصح ومنها التمر فيذكر لونه ونوعه وبلده وصغر الجرم وكبره وكونه عتيقا أو جديدا والحنطة وسائر الحبوب كالتمر ومنها العسل فيذكر كونه جبليا أي لأن الجبلي أطيب أو بلديا أو أنه صيفي لأن الخريفي أجود أو خريفي أبيض أو أصفر ولا يشترط ذكر العتاقة والحداثة لأنه لا غرض مقصود فيه قال الماوردي : ولا بد من بيان مراعاة قوته ورقته وإذا أطلق العسل حمل على عسل النحل قلت : هذا صحيح إذا لم يغلب استعمال عسل القصب في ناحية فإن غلب فالمعتبر عرف تلك الناحية وقد شاهدت ذلك في ناحية فكانوا إذا أطلقوا العسل لا يعرفون غير عسل القصب فإما إن يحمل العقد عليه في تلك الناحية وإلا فلا بد من البيان لصحة العقد وإلا فلا يصح لأن الإطلاق يؤدي إلى النزاع لكثرة التفاوت في القيمة بينها والله أعلم ومنها اللحم فيذكر أنه لحم ضأن أو معز ذكر خصي أو غيره معلوف أو ضده ولا بد في العلف أن يبلغ إلى حد يتأثر به اللحم فلا يكفي المرة والمرات التي لا تؤثر ويذكر أنه من فخذ أو ضلع وغير ذلك لاختلاف الغرض في ذلك ويقبل عظم على العادة عند الاطلاق فإن شرط نزع العظم جاز ويجب قبول الجلد فيما يؤكل معه على العادة كالجدي الصغير ويقاس بقية المسائل بما ذكرنا والضابط كما ذكره الشيخ أن يذكر ما ينفي الجهالة والله أعلم قال : .
وإن كان مؤجلا ذكر وقت محله وأن يكون موجودا عند الاستحقاق في الغالب وأن يذكر موضع قبضه .
بيع السلم إذا عقد مؤجلا فيشترط لصحته معرفة الأجل الذي لا غرر فيه بأن يعين فيه مستهل رمضان أو سلخه ونحو ذلك فلو أقت بقدوم زيد فلا يصح وكذا لو وقت بوقت البيدر أو الفراغ من الدراس ونحو ذلك فلا يصح للغرر ولو أقتا العقد بالميسرة ونحوهما قال ابن خزيمة من أصحابنا : يصح واحتج بأنه E [ بعث إلى يهودي أن ابعث لي بثوبين إلى الميسرة فامتنع ] رواه النسائي والحاكم وقال : إنه على شرط البخاري وهذا مردود من وجهين أحدهما قاله البيهقي بأن هذا ليس بعقد وإنما هو استدعاء فإذا جاء به عقد يشرط ولهذا لم يصف الثوبين والثاني أن الآية وهي قوله تعالى : { إلى أجل مسمى } والحديث وهو قوله E [ إلى أجل معلوم ] يردانه وأيضا ففي التأقيت بمثل هذا غرر وقد نهى رسول الله A عن الغرر وأيضا فلا يصح ذلك بالقياس على مجيء المطر وقدوم زيد ونحوهما فإنه لا يصح اتفاقا والله أعلم وكما يشترط تعيين الأجل كذلك يشترط أن كون المسلم فيه موجودا عند الاستحقاق غالبا وهذا الشرط يعبر عنه بالقدرة على تسليم المسلم فيه فلو أسلم فيما لا يوجد عند المحل كالرطب في الشتاء أو فيما يعز وجوده لم يصح لأنه غرر أو فيما يحصل بمشقة عظيمة كالسلم في قدر كثير من الباكورة فوجهان أقربهما إلى كلام الأكثرين البطلان ولو أسلم فيما يعم وجوده فانقطع عند المحل لحاجة فقولان : أظهرهما لا ينفسخ العقد بل يتخير المسلم إن شاء فسخ العقد وإن شاء صبر إلى وجود المسلم فيه فلو قال المسلم إليه : لا تصبر وخذ رأس مالك لم يلزمه على الصحيح واعلم أن الاعتياض عن المسلم فيه لا يجوز كما لا يجوز بيعه لأن الاعتياض بيع قبل القبض وهو منهي عنه والله أعلم وكما يشترط القدرة على التسليم كذلك يشترط بيان موضع التسليم إن كان الموضع لا يصلح للتسليم أو كان يصلح للتسليم ولكن لنقل المسلم فيه مؤنة لأن الأغراض تختلف بذلك وعلى ذلك يحمل قول الشيخ [ وأن يذكر موضع قبضه ] فإن كان الموضوع يصلح للقبض ولا مؤنة فلا يشترط ذكره ويحمل العقد عليه للعرف وهذا الذي ذكرناه هو الصحيح من خلاف منتشر وليس المراد المكان الذي صدر فيه العقد بل المراد المحلة فاعرفه والله أعلم .
فرع أحضر المسلم إليه المسلم فيه قبل المحل فهل يجبر المسلم على قبوله ؟ ينظر إن كان له غرض صحيح في الامتناع لم يجبر وإلا أجبر فمن الأغراض أن يكون المسلم فيه حيوانا ويحتاج إلى مؤنة إلى وقت المحل فلا يجبر على القبض للضرر ومن الأغراض أن يكون وقت غارة ونهب فلا يجبر على القبض ومن الأغراض أن يكون المسلم فيه ثمرة أو لحما وهو يريد أكله طريا في وقت المحل فلا يجبر ومن الأغراض أن يكون المسلم فيه كثيرا ويحتاج إلى مؤنة في الخزن وغيره فإن لم يكن غرض وكان للمسلم إليه غرض صحيح كفك الرهن أجبر المسلم على القبول لأن امتناعه ولا غرض تعنت وفي معنى غرض فك الرهن غرض براءة ذمة المسلم إليه في الأظهر وكذا قصد براءة ذمة الضامن وفي غرض خوف انقطاع الجنس عند الحلول وجهان : أصحهما في الروضة أنه غرض صحيح فلو اجتمع غرض المسلم والمسلم إليه فوجهان الأصح تقديم غرض المستحق والله أعلم قال : .
وأن يكون الثمن معلوما وأن يتقايضاه قبل التفرق وأن يكون العقد ناجزا ولا يدخله خيار شرط .
يشترط أن يكون الثمن معلوما إما بالقدر أو بالمشاهدة على الأظهر فلا يصح بالمجهول لأنه غرر ويشترط أيضا لصحة عقد السلم تسليم رأس المال في مجلس العقد لأنه لو لم يقبض في المجلس لكان في معنى بيع الدين بالدين وهو باطل للنهي عنه ولأن السلم عقد غرر احتمل للحاجة فجبر بتأكد قبض العوض الآخر وهو الثمن فلو تفرقا قبل القبض بطل العقد ولو قبض المسلم إليه بعض الثمن وتفرقا بطل العقد فيما لم يقبض وسقط بقسطه من المسلم فيه ولا يشترط تعيين الثمن في العقد حتى لو قال : أسلمت إليك دينارا في كذا ووصفه بالصفات المعتبرة ثم أحضر الدينار في المجلس وسلمه إلى المسلم إليه صح لأن المجلس هو حريم العقد ولهذا يصح في الصرف وبيع الطعام بالطعام مع أنه ربوي واعلم أنه لا بد من القبض الحقيقي فلو أحال المسلم المسلم إليه فلا يصح العقد وإن قبض المسلم إليه من المحال عليه لأنه ليس بقبض حقيقي لأن المحال عليه يؤدي عن نفسه لا عن المحيل بل الطريق في صحة العقد أن يقبضه المسلم ثم يسلمه إلى المسلم إليه كذا قاله بعض الشراح ولو أحال المسلم إليه أجنبيا برأس المال على المسلم فهو باطل أيضا فلو أحضر المسلم رأس المال فقال المسلم إليه : سلمه إليه ففعل صح ويكون المحتال وكيلا عن المسلم إليه في القبض ولو صالح عن رأس المال على مال لم يصح وإن قبض ما صالح عليه ولو قبض المسلم إليه رأس المال وأودعه المسلم جاز ولو قبض المسلم إليه ورده إلى المسلم عن دين عليه فنقل الرافعي عن الروياني أنه لا يصح وأقره قال الاسنائي : وليس الحكم كذلك بل يصح العقد لأن التصرف في الثمن مع البائع في مدة الخيار صحيح على الأصح ويكون إجازة وكذا تصرف المشتري في المبيع صحيح فيكون إقباضه عن الدين صحيحا وإلزاما للعقد والله أعلم وقول الشيخ [ وأن يكون ناجزا لا يدخله خيار شرط ] وذلك لأن الشرع اعتبر فيه قبض رأس المال ليتمكن المسلم إليه من الصرف ويلزم العقد كما في باب الربا وشرط الخيار ينافي ذلك والله أعلم قال :