وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

كتاب الصيام .
وشرائط وجوب الصوم ثلاثة أشياء : الإسلام والبلوغ والعقل .
الصوم في اللغة : الإمساك عن الشيء قال الله تعالى { إني نذرت للرحمن صوما } أي إمساكا وهو في الشرع إمساك مخصوص من شخص مخصوص في وقت مخصوص بشرائط ثم وجوب الصوم ثابت بالكتاب والسنة وإجماع الأمة قال الله تعالى { فمن شهد منكم الشهر فليصمه } وفي الحديث الصحيح [ بني الإسلام على خمس ] وذكر صوم رمضان وانعقد الإجماع على وجوبه ثم وجوبه يتعلق بالمسلم البالغ العاقل القادر فلا يجب على الكافر الأصلي لأنه لا يصح منه إذ ليس هو من أهل العبادة وكذا لا يجب على الصبي والمجنون لقوله E [ رفع القلم عن ثلاثة منهم الصبي والمجنون والنائم ] وأما من لا يقدر على الصوم أصلا أو لو صام لأضر به ضررا غير محتمل لكبر أو مرض لا يرجى برؤه فلا يجب عليه الصوم نعم يلزمه عن كل يوم مد من الطعام في الأصح إن كان موسرا فلو كان معسرا حينئذ ثم أيسر فهل يلزمه ؟ فيه قولان ككفارة الجماع إذا كان معسرا ثم أيسر والله أعلم قال : .
وفرائض الصوم خمسة أشياء : النية والإمساك عن الأكل والشرب والجماع .
لا يصح الصوم إلا بالنية للخبر وحلها القلب ولا يشترط النطق بها بلا خلاف وتجب النية لكل ليلة لأن كل يوم عبادة مستقلة ألا ترى أن لا يفسد بقية الأيام بفساد يوم منه فلو نوى صوم الشهر كله صح له اليوم الأول على المذهب ويجب تعيين النية في صوم الفرض وكذا يجب أن ينوي ليلا ولا يضر النوم والأكل والجماع بعد النية ولو نوى مع طلوع الفجر لا تصح له لأنه لم يبيت وأكمل النية أن ينوي صوم غد عن أداء فرض رمضان هذه السنة لله تعالى واعلم أن نية الأداء أو القضاء ونحو ذلك على الخلاف المذكور في الصلاة وقد مر ويجب أن تكون النية جازمة فلو نوى الخروج من الصوم لا يبطل على الصحيح واعلم أنه لا بد للصائم من الإمساك عن المفطرات وهو أنواع : منها الأكل والشرب وإن قل عند العمد وكذا ما في معنى الأكل والضابط أنه يفطر بكل عين وصلت من الظاهر إلى الباطن في منفذ مفتوح عن قصد مع ذكر الصوم وشرط الباطن أن يكون جوفا وإن كان لا يحيل وهذا هو الصحيح حتى أنه لو قطر في أذنه شيئا أو أدخل ميلا أو قشة فيها أفطر أو حشا في ذكره قطنا أفطر على الأصح بخلاف الاكتحال وإن وجد طعم الكحل لأن العين ليست بجوف ولا منفذ لها إلى الجوف وكذا لو غرز سكينا في لحم الساق لا يفطر لأنه لا يعد جوفا بخلاف ما لو طعن في بطنه فإنه جوف وابتلاع الريق لا يفطر فلو اختلط بغيره سواء كان طاهرا كمن فتل خيطا مصبوغا أو نجسا كمن دميت لثته وهي لحم أسنانه وتغير الريق بالدم فإنه يفطر بلا خلاف فلو ذهب الدم وابيض الريق فالصحيح أنه يفطر أيضا وينجس فمه ولا يطهره إلا الماء فيتمضمض ولو خرج الريق إلى شفته فرده بلسانه وابتلعه أفطر وكذا لو فتل خيطا كما لو بله بريقه ثم أدخله فمه وهو رطب وحصل من ريق الخيط مع ريقه الذي في فمه فابتلعه فإنه يفطر بخلاف ما لو أخرج لسانه وعلى رأسه ريق ولم ينفصل وابتلعه فإنه لا يفطر على الأصح ولو نزلت نخامة من رأسه وصصارت فوق الحلقوم نظر إن لم يقدر على إخراجها ثم نزلت إلى الجوف لم يفطر وإن قدر على إخراجها وتركها حتى نزلت بنفسها أفطر أيضا لتقصيره ولو تمضمض واستنشق فإن بالغ أفطر وإلا فلا وهذا إذا كان ذاكرا للصوم فإن كان ناسيا فلا وسبق الماء عند غسل النجاسة كالمضمضة .
فرع أصبح شخص ولم ينو صوما فتمضمض ولم يبالغ فسبق الماء إلى جوفه ثم نوى صوم تطوع صح على الأصح قال النووي : وهي مسألة نفيسة وقد تطلبتها سنين حتى وجدتها ولله الحمد والله أعلم ولو أكل ناسيا للصوم لم يفطر في الصحيحين [ من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه ] فلو كثر وجهان : الأصح عند الرافعي يفطر لأن النسيان مع الكثرة نادر ولهذا قلنا تبطل الصلاة بالكلام الكثير وإن كان ناسيا والأصح عند النووي أنه لا يفطر لعموم الأخبار وليس الصوم كالصلاة والفرق أن للصلاة أفعالا وأقوالا تذكره الصلاة فيندر وقوع ذلك منه بخلاف الصوم ولو أكل جاهلا بتحريم الأكل نظر إن كان قريب عهد بالإسلام أو نشأ في بادية بعيدة لم يفطر وإلا أفطر ومنها أي من المفطرات الجماع وهو بالإجماع وكذا الاستمناء باليد وغيرها وحكمه عند النسيان كالأكل والله أعلم قال : .
وتعمد القىء وكذا عدم المعرفة بطرفي النهار .
ومن أسباب المفطرات الاستفراغ فمن تقيأ عمدا أفطر وإن غلبه القيء لم يفطر لقوله A [ من ذرعه القيء وهو صائم فليس عليه قضاء ومن استقاء فليقض ] رواه أصحاب السنن الأربعة وقال الترمذي : حسن غريب وصححه ابن حبان والدراقطني والحاكم وذرعه غلبه وهو بالذال المنقوطة وأما معرفة طرفي النهار فلا بد من ذلك في الجملة لصحة الصوم وحتى لو نوى بعد طلوع الفجر لا يصح صومه أو أكل معتقدا أنه ليل وكان قد طلع الفجر لزمه القضاء وكذا لو أكل معتقدا أنه قد دخل الليل ثم بان خلافه لزمه القضاء حتى لو أكل آخر النهار هجما بلا ظن فهو حرام بلا خلاف نعم إذا غلب على ظنه الغروب بالاجتهاد بورد ونحوه جاز له الأكل على الصحيح وقال الأستاذ أبو اسحق : لا يجوز لقدرته على اليقين بالصبر والأحوط للصائم أن لا يأكل حتى يتيقن غروب الشمس والله أعلم قال .
والذي يفطر به الصائم عشرة أشياء : ما وصل عمدا إلى الجوف أو الرأس والحقنة من أحد السبيلين والقيء عامدا والوطء في الفرج والإنزال عن مباشرة والحيض والنفاس والجنون والردة .
إذا صح الصوم بشروطه وأركانه فلبطلانه أسباب منها إدخال عين من الظاهر إلى الجوف وأراد الشيخ بالجوف البطن ولهذا ذكره معرفا فلهذا ساغ له بعد ذلك ذكر الرأس والحقنة ومنها القيء عامدا فإنه مبطل وفيه احتراز عن غير العامد وقد مر دليله ومنها الوطء في الفرج كما تقدم وكذا الإنزال يعني خروج المني بالإجماع وقوله عن مباشرة يعني سواء كان محرما كإخراجه بيده أو غير محرم كإخراجه بيد زوجته أو جاريته كذا قاله بعض الشراح وجه الإفطار : أ المقصود الأعظم من الجماع الإنزال فإذا حرم الجماع وأفطر بلا إنزال كان الإنزال أولى بذلك واحترز الشيخ بالمباشرة عما إذا أنزل بالكفر أو الاحتلام ولا خلاف أنه لا يفطر بذلك وادعى بعضهم الإجماع على ذلك وأما النقاء من الحيض والنفاس فقد نقل النووي الاجماع على أن صحة الصوم متوقفة على فقدهما فلو طرأ في أثناء الصوم بطل وكذا لو طرأ جنون أو ردة بطل الصوم للخروج عن أهلية العبادة ولو طرأ إغماء نظر إن استغرق جميع النهار فهل يصح صومه أم لا ؟ الأظهر أنه إن أفاق في لحظة من النهار صح وإلا فلا ولو نام جميع النهار فهل يصح صومه ؟ قيل لا كالاغماء بالاتفاق وطرو الردة مبطل للخروج عن أهلية العبادة والله أعلم قال : .
ويستحب في الصوم ثلاثة أشياء : تعجيل الفطر وتأخير السحور وترك الهجر من الكلام .
يسن للصائم أن يعجل الفطر عند تحقق غروب الشمس لقوله E [ لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر ] رواه الشيخان ويكره له التأخير إن قصد ذلك ورأى أن فيه فضيلة قاله الشافعي في الأم وإلا فلا بأس به ولا يستحب وقد روى ابن حبان بإسناد صحيح أنه E [ كان إذا كان صائما لم يصل حتى يؤتى برطب أو ماء فيأكل أو يشرب وإذا كان في الشتاء لم يصل حتى نأتيه بتمر أو ماء ] ويستحب أن يفطر على تمر وإلا فعلى ماء للحديث ولأن الحلو يقوي والماء يطهر وقال الروياني : إن لم يجد التمر فعلى حلو لأن الصوم ينقص البصر والتمر يرده فالحلو في معناه وإن كان بمكة فعلى ماء زمزم وقال القاضي حسين : الأولى في زماننا أن يفطر على ماء يأخذه بكفه من النهر لأنه أبعد عن الشبهة وقال النووي في شرح المهذب : وما قاله شاذ مخالف للحديث وأما استحباب تأخير السحور ففي الحديث [ إن تأخير السحور من سنن المرسلين ] رواه ابن حبان في صحيحه وفي الحديث أيضا أنه E قال : [ لا تزال أمتي بخير ما عجلوا الفطر وأخروا السحور ] رواه الإمام أحمد في مسنده ولأن في التأخير حكمة مشروعيته وهي التقوي على العبادة والله أعلم واعلم أن استحباب السحور مجمع عليه ويحصل بقليل الأكل وبالماء في صحيح ابن حبان [ تسحروا ولو بجرعة ماء ] وذكر ذلك النووي في شرح المهذب ويدخل وقت السحور بنصف الليل .
ذكره الرافعي في آخر كتاب الإيمان واعلم أن الصائم يتأكد في حقه صون لسانه عن الكذب والغيبة وغير ذلك من الأمور المحرمة ففي صحيح البخاري [ من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه ] وفي الحديث [ رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع ورب قائم ليس له من قيامه إلا السهر ] رواه الحاكم وقال : إنه على شرط البخاري ولأن الكلام الهجر أي الفحش يحبط الثواب وقد صرح بذلك الماوردي والروياني قلت : ومن المصائب العظيمة ما يصنعه الظلمة من تقليد الظالم وأخذ الأموال بالباطل ثم يصنعون بذلك شيئا من الأطعمة يتصدقون به فيتعدى شؤمهم إلى الفقراء وأعظم من ذلك مصيبة تردد فقهاء السوء وصوفية الرجس إلى أسمطة هؤلاء الظلمة ثم يقولون هو يشترى في الذمة وأيضا تركه معاملة من أكثر ماله حرام والذي في شرح مسلم أنه حرام وفرض المسألة في جائزة الأمراء ولا فرق في المعنى فاعرفه ولا يعلم هؤلاء الحمقى أن في ذلك إغراء على تعاطي المحرمات ويتضمن مجالسة الفسقة وهي حرام على وجه المؤانسة بلا خلاف وقد عدها جمع من العلماء من الكبائر ونسبه القاضي عياض إلى المحققين وهم هلاكهم ولعنهم على لسان الأنبياء وقد نص على ذلك القرآن العظيم ولهذا تتمة مهمة في كتابنا [ قمع النفوس ] والله أعلم قال : .
ويحرم صيام خمسة أيام : العيدين وأيام التشريق الثلاثة د .
لا يصح صوم عيد الفطر والأضحى بالاجماع ويحرم عليه ذلك وهو آثم لأن نفس العبادة عين المعصية وفي الصحيحين [ نهى رسول الله A عن صيام يومين يوم الفطر ويوم الأضحى ] ولا فرق بين أن يصومهما تطوعا أو عن واجب أو عن نذر ولو نذر صومهما لم ينعقد نذره حتى نقل الامام عن القفال أن الأوقات المنهي عنها لا بد أن يأتي فيها بمناف للصوم وكما يحرم صوم العيدين يحرم صوم أيام التشريق وهي ثلاثة أيام بعد يوم النحر وهذا هو الجديد الصحيح لأن النبي A [ نهى عن صيامها ] رواه أبو داود بإسناد صحيح وفي صحيح مسلم [ إنها أيام أكل وشرب وذكر الله تعالى ] وفي القديم أنه يجوز للمتمتع العادم للهدي أن يصوم أيام التشريق وهي المشار إليها في قوله تعالى { فصيام ثلاثة أيام في الحج } وفي البخاري عن عائشة وابن عمر Bهما أنهما قالا : لم يرخص في أيام التشريق أن يضمن إلا لمن يجد الهدي وأختار الننوي هذا القول وصححه ابن الصلاح قبله والمذهب أنه لا يجوز فإن قلنا بالقول القديم فهل يجوز لغير المتمتع صومها ؟ فيه وجهان الصحيح التحريم والله أعلم قال : .
ويكره صوم يوم الشك إلا أن يوافق عادة له أو يصله بما قبله .
يحرم صوم يوم الشك تطوعا بلا سبب وكذا يحرم صومه تحريا لأجل رمضان قاله البندنيجي لقول عمار بن ياسر Bه [ من صام يوم الشك فقد عصى أبا القاسم ] صححه الترمذي وابن حبان والحاكم ورواه البخاري تعليقا ولو صام يوم الشك لم يصح في الأصح قياسا على صوم العيد بجامع التحريم وقيل يصح لأنه قابل للصوم في الجملة بخلاف يوم العيد ولو نذر صوم يوم الشك لم يصح على الأصح ويستثنى ما ذكره الشيخ وهو أن يوافق يوم الشك ما يعتاد صومه تطوعا بأن كان يسرد الصوم أو يصوم يوما معينا كالاثنين والخميس أو يصوم يوما ويفطر يوما وحجته قوله A [ لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين إلا رجل كان يصوم صوما فليصمه ] رواه الشيخان وقوله E [ لا تقدموا ] هو بفتح التاء لأنه مضارع أصله تتقدموا ولكن حذف منه إحدى التاءين ويستثنى ما إذا وصله بما قبله لأنه بالوصل ينتفي قصد التحري لرمضان وقول الشيخ أو يصله بما قبله يصدق ذلك على ما لو وصله بيوم وفيه نظر من جهة الحديث وينبغي أن يحمل كلام الشيخ على ما إذا وصله بأكثر من يوم وقد صرح بذلك البندنيجي فقال : لا يتقدم الشهر بيوم أو يومين إلا أن يوافق ما كان أبدا يصومه أو كان يسرد الصوم ويستثنى أيضا ما إذا صامه عن نذر أو قضاء مسارعة إلى براءة الذمة أو كان له سبب فجاز كنظيره من الصلوات في الأوقات المكروهة وليس من الأسباب الاحتياط لرمضان بلا خلاف والله أعلم قال : .
ومن وطيء عامدا في الفرج فعليه القضاء والكفارة والكفارة عتق رقبة مؤمنة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا .
قول الشيخ ومن وطىء أي وهو مكلف بالصوم وقد نوى من الليل وكان الوطء في النهار من رمضان من غير عذر والشيخ C لم يستوف الحد وكان ينبغي أن يقول تجب الكفارة على من أفسد يوما من رمضان بجماع تام آثم به لأجل الصوم وفي هذا الضابط قيود : منها الافساد فمن جامع ناسيا لم يفطر على المذهب فلا كفارة حينئذ وهذا هو الذي احترز الشيخ عنه بقوله عامدا وقولنا بجماع احترز به عن الأكل والشرب وغيرهما فإنه لا يلزمه الكفارة وقولنا تام وقد ذكره الغزالي احترازا عن المرأة فإنها لا يلزمها الكفارة لأنها تفطر بمجرد دخول بعض الحشفة وقولنا آثم به احترازا عن المسافر فيما إذا جامع بنية الترخص فإنه لا يأثم وكذا لا كفارة على من ظن بقاء الليل فبان نهارا لانتفاء الاثم وقولنا لأجل الصوم احتراز عن مسافر أفطر بالزنا مترخصا فإن الفطر جائز وإثمه بسبب الزنا لا بسبب الصوم فإذا وجدت القيود كلها وجبت الكفارة وحجة ذلك ما رواه الشيخان [ أن رجلا جاء إلى رسول الله A فقال : هلكت فقال : وما أهلكك ؟ فقال : وقعت على امرأتي في رمضان فقال : هل تجد ما تعتق رقبة ؟ قال : لا فقال : هل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين ؟ قال : لا فقال : هل تجد ما تطعم ستين مسكينا ؟ قال : لا ثم جلس فأتى النبي A بعرق فيه تمر فقال : تصدق بهذا فقال : على أفقر منا فوالله ما بين لابتيها أهل بيت أحوج إليه منا فضحك رسول الله A حتى بدت أنيابه ثم قال : اذهب فأطعمه أهلك ] .
وفي رواية البخاري [ فأعتق رقبة ] على الأمر وفي رواية لأبي داود [ فأتى بعرق فيه تمر قدر خمسة عشر صاعا ] قال البيهقي : وهو أصح من رواية فيه عشرون صاعا واعلم أنه كما تجب الكفارة يجب التعزير أيضا وادعى البغوي الاجماع على ذلك والكفارة ما ذكره وهي كفارة ترتيب فإن عجز عن الجميع استقرت في ذمته ولو شرع في الصوم أو الاطعام ثم قدر على المرتبة المقدمة لم تلزمه على الأصح ولو كان من تلزمه الكفارة فقيرا فهل يجوز له صرفها إلى أهله ؟ فيه وجهان أحدهما نعم للحديث والصحيح أنه لا يجوز كالزكاة وسائر الكفارات والجواب عن الحديث من أوجه : أحدها أنه ليس في الحديث ما يدل على وقوع التمليك وإنما أراد أن يملكه ليكفر به فلما أخبره بحاله تصدق به عليه الثاني يحتمل أنه ملكه أياه أي أمره أن يتصدق به فلما أخبره بحاجته أذن له في إطعامه لأهله لأن الكفارة بالمال إنما تكون بعد الكفاية الثالث يحتمل أن النبي A تطوع بالتكفير عنه وسوغ له صرفه إلى أهله وتكون فائدة الخبر أنه يجوز للغير التطوع بالكفارة عن الغير بلإذنه وأنه يجوز للمتطوع صرفها إلى أهل الكفر وهذه الأجوبة ذكرها الشافعي في الأم والله أعلم قال : .
ومن مات وعليه صوم من رمضان أطعم عنه لكل يوم مد والشيخ الفاني إن عجز عن الصوم يفطر ويطعم عن كل يوم مدا .
من فاته صيام من رمضان ومات نظر إن مات قبل تمكنه من القضاء بأن مات وعذره قائم كاستمرار المرض فلا قضاء ولا فدية ولا إثم عليه وإن مات بعد التمكن وجب تدارك ما فاته وفي كيفية التدارك قولان : الجديد ونص عليه الشافعي في أكثر كتبه القديمة أنه يخرج من تركته لكل يوم مد من طعام أفتت بذلك عائشة Bها وابن عباس Bه وفي حديث رواه الترمذي والصحيح وقفة على ابن عمر والمد ربع صاع الفطرة وهو رطل وثلث بالعراقي والقول الآخر وينسب إلى القديم ونص عليه أيضا في الأمالي فقال : إن صح الحديث قلت به والأمالي من كتبه الجديدة بل قال القاضي أبو الطيب : قال الشافعي في القديم : يجب أن يصام عنه وأنه لا يتعين الإطعام بل يجوز للولي أن يصوم عنه بل يستحب له ذلك كما نقله النووي في شرح مسلم قال النووي : القديم هنا أظهر بل الصواب الذي ينبغي الجزم به لصحة الأحاديث فيه وليس للجديد حجة والحديث الوارد في الإطعام ضعيف والله أعلم فعلى القديم لو أمر الولي أجنيا فصام عنه بأجرة أو بغيرها جاز كالحج ولو استقل الأجنبي لم يجز على الأصح وهل المعتبر على القديم القريب الوارث أم العصبة أم مطلق القرابة ؟ قال الرافعي : الأشبه اعتبار الارث وقال النووي : المختار مطلق القرابة قال : ففي صحيح مسلم أن النبي A قال [ لا مرأة تصوم عن أمها ] وهذا يبطل احتمال العصوبة ويضعف قول الارث فإنها غير مستغرقة للمال ولم يستفسر منها النبي A عن ذلك والله أعلم وأما الشيخ الهرم الذي لا يطيق الصوم أو يلحقه به مشقة شديدة فلا صوم عليه وتجب عليه الفدية على الأظهر ويجري القولان في المريض الذي لا يرجى زوال مرضه والله أعلم قال : .
والحامل والمرضع إن خافتا على أنفسهما أفطرتا وعليهما القضاء وإن خافتا على ولديهما أفطرتا وعليهما القضاء والكفارة عن كل يوم مد .
إذا خافت الحامل أو المرضع على أنفسهما ضررا بينا من الصوم مثل الضرر الناشىء للمريض من المرض أفطرتا وعليهما القضاء كالمريض وسواء تضرر الولد أم لا كما قاله القاضي حسين ولا فدية كالمريض وإن خافتا على ولديهما بسبب إسقاط الولد في الحامل وقلة اللبن في المرضع أفطرتا وعليهما القضاء للإفطار والفدية على أظهر الأقوال لكل يوم مد من طعام لقوله تعالى { وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين } وبذلك قال ابن عمر وابن عباس Bهما ولا مخالف لهما وقال القاضي حسين : يجب الافطار إن أضر الصوم بالرضيع ولو أرادت واحدة أن ترضع صبيا تقربا إلى الله جاز الفطر لها ثم هذا فيما إذا كانتا مقيمتين صحيحتين أما لو كانتا مسافرتين وأفطرتا بنية الترخص بالسفر أو المرض فلا فدية عليهما وإن لم تنويا الترخص ففي وجوب الفدية وجهان كالوجهين في فطر المسافر بالاجماع والأصح أنه لا كفارة هناك قال : .
والمريض والمسافر سفرا طويلا يفطران ويقضيان .
يباح للمريض والمسافر الافطار في رمضان قال الله تعالى { فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر } .
تقدير الآية فأفطر فعدة من أيام أخر ثم يشترط في المريض أن يجد ألما شديدا ثم إن كان المرض مطبقا فله ترك النية من الليل وإن كان متقطعا كمن يحم وقتا دون وقت نظر إن كان محموما وقت الشروع جاز أن يترك النية من الليل وإلا فعليه أن ينوي من الليل فإن احتاج إلى الإفطار أفطر ثم هذا إذا لم يخش الهلاك فإن خشية وجب عليه الفطر قاله الجرجاني والغزالي فإن صام ففي انعقاده احتمالات قاله الغزالي واعلم أن غلبة الجوع والعطش كالمرض وأما المسافر فشرط الإباحة له أن يكون سفره طويلا مباحا فلا يترخص في القصر لعدم المبيح ولا في السفر بالمعصية لأن الرخص لا تناط بالمعاصي فلو أصبح مقيما ثم سافر فلا يفطر لأنها عبادة اجتمع فيها السفر والحضر فغلبنا الحضر وقال المزني : يجوز له الفطر قياسا على من أصبح صائما فمرض نعم لو أصبح المسافر والمريض صائمين فلهما الفطر لأن السبب المرخص موجود وقيل لا يجوز ولو أقام المسافر أو شفي المريض حرم الفطر على الصحيح لزوال سبب الاباحة ثم إن الأفضل في حق المسافر ينظر إن لم يتضرر فالصوم أفضل وإن تضرر فالفطر أفضل قال في التتمة : ولو لم يتضرر في الحال لكنه يخاف الضعف لو صام وكان في سفر حج أو عزو فالفطر أولى والله أعلم