وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

فصل : وشرائط الصلاة قبل الدخول فيها خمسة أشياء .
اعلم أن الشرط في اللغة العلامة ومنه أشراط الساعة وفي الاصطلاح ما يلزم من عدمه عدم الصحة وليس بركن هذا هو المراد هنا كذا ذكره بعض الشراح وهو صحيح إن عددنا عدم الصحة وليس بركن هذا هو المراد هنا كذا كذلك ثم إن الصلاة لها شروط وأركان وأبعاض وهيئات فالشروط كما ذكره الشيخ خمسة وعدها النووي في المنهاج أيضا خمسة إلا أنهما اختلفا في الكيفية واحترز الشيخ ب قبل الدخول فيها عما وجد فيها وهو مبطل فإنه لا يغد شرطا بل يعد مانعا وهو اصطلاح جماعة منهم النووي في شرح المهذب والوسيط وقال : الصواب أنها مبطلات لا شروط وعد في الروضة المبطلات شروطا فذكر خمسة ثم قال : السادس السكوت عن الكلام السابع الكف عن الأفعال الكثيرة الثامن الإمساك عن الأكل فصارت ثمانية ولهذا قال في أصل الروضة : شروطها ثمانية واعلم أن الشرط والركن لا بد منهما في صحة الصلاة ولكن يفترقان بأن الشرط ما كان خارجا عن ماهية الصلاة والركن ما كان داخلها وأما الأبعاض فتجبر بسجود السهو بخلاف الهيئات وسيأتي ذلك إن شاء الله تعالى قال : .
طهارة الأعضاء من الحدث والنجس .
يشترط لصحة الصلاة الطهارة عن الحدث سواء في ذلك الأصغر والأكبر عند القدرة لأن فاقد الطهورين يجب أن يصلي على حسب حاله وتجب الإعادة وتوصف صلاته بالصحة على الصحيح والدليل على اشتراط الطهارة الكتاب والسنة وإجماع الأمة : قال الله تعالى { إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم } الآية وغيرها وقال A : [ لا يقبل الله صلاة بغير طهور ] والأحاديث في ذلك كثيرة جدا فلو صلى بغير طهارة وكان محدثا عند إحرامه لم تنعقد صلاته عامدا كان أو ناسيا وإن أحرم متطهرا ثم أحدث باختياره بطلت صلاته سواء علم أنه في الصلاة أم لا وإن أحدث لا باختياره بطلت طهارته بلا خلاف وتبطل صلاته أيضا على المشهور الجديد لانتفاء شرطها وفيه حديث رواه أبو داود وحسنه الترمذي وفي قول قديم يبني إذا تطهر واحتجوا له بحديث ضعيف الشرط الثاني الطهارة عن النجاسة في البدن والثوب والمكان أما البدن فلقوله تعالى { والرجز فاهجر } والرجز النجس وفي الصحيحين أحاديث منها قوله A لعائشة Bها [ إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم وصلي ] ومنها حديث القبرين [ إنهما ليعذبان أما أحدهما فكان لا يستتر من البول ] وفي إضافة عذاب القبر إلى البول خصوصية تخصه دون بقية المعاصي وقد جاء [ تنزهوا من البول فإن عامة عذاب القبر منه ] عافانا الله الحليم من عذابه وأما الثوب فللآية الكريمة وفي الحديث في دم الحيض يصيب الثوب قال [ ثم اغسليه بالماء ] حديث صحيح وأما المكان فلقوله A لما بال الأعرابي في المسجد [ صبوا عليه ذنوبا من ماء ] حديث صحيح متفق عليه إذا عرفت هذا فاعلم أن النجاسة قسمان نجاسة واقعة في مظنة العفو ونجاسة لا يعفى عنها فالنجاسة غير المعفو عنها يجب اجتنابها في الثوب والبدن والمكان فلو أصاب الثوب نجاسة وعرف موضعها غسلها فلو قطع موضعها أجزأه ويلزمه ذلك إذا عجز عن الغسل وكان الباقي يستر العورة بشرط أن لا ينقص من قيمته بالقطع أكثر من أجرة الثوب وإن لم يعرف موضعها من البدن والثوب وجب غسله كله ولا يجزيه الاجتهاد ولو أصاب طرف ثوبه أو عمامته نجاسة بطلت صلاته سواء كان الصائب يتحرك بحركته أم لا ولو قبض طرف حبل أو شدة في وسطه وطرفه الآخر نجس أو ملقى على نجاسة ففيه خلاف الراجح في الشرح الكبير والروضة البطلان كالعمامة والثاني لا تبطل والله أعلم قال الرافعي في الشرح الصغير : وهو أو جه الوجهين لو كان الحبل في يده أو شده في وسطه وطرفه الآخر مربوط في عنق حمار وعلى الحمار حمل نجاسة ففيه الخلاف والأولى عدم البطلان لأن بين الحبل والنجاسة واسطة ولو صلى على بساط تحته نجاسة أو على طرفه نجاسة أو على سرير قوائمه على نجاسة لم يضر ولو كانت نجاسة تحاذي صدره في حال سجوده أو غيره : فوجهان الأصح لا تبطل صلاته لأنه غير حامل للنجاسة ولا مصل عليها ولو صلى وهو حامل نشابا لم تصح صلاته لأجل الريش وكذا لو كان في إبهامه كشتوان غير طاهر وما أشبه ذلك والله أعلم .
القسم الثاني من النجاسة الواقعة في مظنة العفو وهي أنواع منها الأثر الباقي على محل الاستنجاء بعد الاستنجاء بالحجر يعفى عنه ولو حمل ثوبا عليه نجاسة معفو عنها لم تصح صلاته كما لو حمل مستجمرا بالحجر ولو انتشرت بالعرق عن محل الاستنجاء فالأصح العفو لعسر الاحتراز ولو حمل حيوانا تنجس منفذه بالخارج منه ففي بطلان صلاته وجهان الأصح عند إمام الحرمين البطلان وقطع به المتولي والأصح عند الغزالي صحة صلاته ولو حمل بيضة مذرة حشوها دم وظاهرها طاهر فالأصح بطلان الصلاة ومنها طين الشوارع المتيقن النجاسة يعفى عما يتعذر الاحتراز منه غالبا ويختلف بالوقت فيعفى في الشتاء دون الصيف وبموضع النجاسة من البدن فيعفى عن الأذيال دون الاكمام والاكتاف والرأس وكل ذلك في القليل دون الكثير فالقليل ما لا ينسب صاحبه فيه إلى قلة تحفظ بخلاف الكثير فإنه ينسب صاحبه فيه إلى قلة الحفظ ولو أصاب أسفل الخف أو النعل نجاسة فدلكه بالأرض حتى ذهب أجزاؤها ففي صحة صلاته قولان الصحيح لا تصح مطلقا لأن النجاسة لا يطهرها إلا الماء كما مر في الأحاديث الصحيحة ومنها دم البراغيث فيعفى عن قليله في الثوب والبدن لمشقة الاحتراز وكذا يعفى عن كثيره في الأصح عند النووي والأصح عند الرافعي لا يعفى والقمل كالبراغيث وبول الذباب كالبراغيث وكذا بول الخفاش وفي ضبط القليل والكثير خلاف : والأصح الرجوع فيه إلى العرف ويختلف ذلك باختلاف الأوقات والبلاد ولو شك هل هو قليل أو كثير فالراجح أنه قليل لأن الأصل عدم الكثرة ولو قتل قمله أو برغوثا في ثوبه أو بدنه أو بين أصابعه فتلوث به أو بسط الثوب الذي عليه الدم المعفو ونقله في شرح المهذب عن المتولي وأقره ولو كان الثوب زائدا على لباسه لم تصح صلاته لأنه غير مضطر إليه والله أ‘لم ومنها دم البثرات وقيحها وصديدها كدم البراغيث فيعفى عن قليله وعن كثيره في الأصح ولو عصره على الراجح والبثرات جمع بثرة وهو خراج صغير ولو أصابه شيء من دم نفسه لا من البثرات بل من الدماميل والقروح وموضع الفصد والحجامة ففيه خلاف والأصح عند النووي أنه كدم البثرات ثم ماء القروح والنفاطات إن كان له رائحة فهو نجس وإلا فالمذهب أنه طاهر ولو أصابه دم من غيره فإن كان كثيرا لم يعف عنه لأنه لا يشق الاحتراز منه وإن كان قليلا فقولان : الأحسن عند الرافعي عدم العفو والأصح عند النووي العفو ويستثنى دم الكلب والخنزير لغلظ نجاستهما .
فرع إذا صلى بنجاسته لا يعفى عنها وهو جاهل بها حال الصلاة سواء كانت في بدنه أو ثوبه أو موضع صلاته فإن لم يعلم بها ألبتة فقولان : الجديد الأظهر يجب عليه القضاء لأنها طهارة واجبة فلا تسقط بالجهل كطهارة الحدث والقديم أنه لا يجب ونقله ابن المنذر عن خلائق واختاره وكذا النووي اختاره في شرح المهذب وإن علم بالنجاسة ثم نسيها فطريقان : أحدهما على القولين والمذهب القطع بوجوب القضاء لتقصيره ثم إذا أوجبنا الإعادة فيجب عليه إعادة كل صلاة صلاها مع النجاسة يقينا فإن احتمل حدوثها بعد الصلاة فلا شيء عليه لأن الأصل عدم وجدانها في ذلك الزمن ولو رأى شخصا يريد الصلاة وفي ثوبه نجاسة والمصلي لا يعلم بها لزمها العالم إعلامه بذلك لأن الأمر بالمعروف لا يتوقف على العصيان بل هو لزوال المفسدة قاله الشيخ عز الدين بن عبد السلام وهي مسألأة حسنة والله أعلم قال : .
وستر العورة بلباس طاهر والوقوف على مكان طاهر .
أما طهارة اللباس والمكان عن النجاسة فقد مر وأما ستر العورة فواجب مطلقا حتى في الخلوة والظلمة على الراجح لأن الله تعالى أحق أن يستحيا منه : سواء كان في الصلاة وغيرها والعورة في اللغة النقص والخلل وما يستحيا منه وهي هنا ما يجب ما يجب ستره في الصلاة والدليل على أن سترها شرط لصحة الصلاة قوله A [ لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار ] قال الترمذي : حديث حسن وقال الحاكم : هو على شرط مسلم والمراد بالحائض البالغ والإجماع منعقد على ذلك عند القدرة فإن عجز عن السترة صلى عريانا ولا إعادة عليه على الراجح لأنه عذر عام وربما يدوم فلو أوجبنا الإعادة لشق ثم شرط السترة أن تمنع لون البشرة : سواء كان من ثياب أو جلود أو ورق أو حشيش ونحو ذلك حتى الطين والماء الكدر وصورة الصلاة في الماء على الجنازة والأصح وجوب التطين لأنه قادر على السترة ولا يكفي الثوب الرقيق مثل غزل النبات ونحوه لأنه لا يمنع لون البشرة وكذا الكرباس الذي له أبخاش ولو كانت عورته ترى من جيبه في ركوعه أو سجوده لم يكف فيجب إما زره أو وضع شد عليه ونحوه ولو لم يجد إلا ثوبا نجسا ولا يجد ماء يغسله به ؟ فقولان الأظهر أنه يصلي عريانا ولا إعادة عليه والثاني يصلي فيه ويعيد ولو كان محبوسا في موضع نجس ومعه ثوب واحد لا يكفي للعورة والنجاسة ؟ فقولان أيضا أظهرهما يبسطه للنجاسة ويصلي عاريا بلا إعادة والثاني يصلي فيه على النجاسة ويعيد ولو لم يجد العاري إلا ثوبا لغيره حرم عليه لبسه بل يصلي عاريا ولا يعيد وليس له أخذه منه قهرا ولو وهبه لم يلزمه قبوله في الأصح للمنة ولو أعاره لزمه قبوله لضعف المنة فإن لم يقبل وصلى عاريا لم تصح صلاته لقدرته على السترة ولو باعه إياه أو أجره فهو كالماء في التيمم ويكره أن يصلي في ثوب فيه صورة وتمثيل والمرأة متنقبة إلا أن تكون في مسجد وهناك أجانب لا يحترزون عن النظر فإن خيف من النظر إليها ما يجر إلى الفساد حرم عليها رفع النقاب وهذا كثير في مواضع الزيارة كبيت المقدس زاده الله تعالى شرفا فليجتنب ذلك ويستحب أن يصلي الشخص في أحسن ثيابه والله أعلم قال : .
والعلم بدخول الوقت .
لا شك أن دخول الوقت شرط في صحة الصلاة فإن علم ذلك فلا كلام وإن جهله وجب عليه الاجتهاد لأنه مأمور به ولا فرق في الجهل بين أن يكون لغيم أو حبس في موضع مظلم أو غير ذلك فلو قدر على الخروج من البيت المظلم لرؤية الشمس فهل يلزمه ذلك ؟ فوجهان : أصحهما في شرح المهذب له الإجتهاد ولو أخبره عدل عن معاينة بأن قال : رأيت الفجر طالعا والشفق غاربا أو أخبرني فلان برؤيته امتنع عليه الاجتهاد كما لو أخبره شخص بنص من كتاب أو سنة في مسألة لا يجوز الاجتهاد مع وجود النص ثم الاجتهاد يكون بورد من قراءة أو درس علم وبناء ونسخ ونحو ذلك وسواء كان منه أو من غيره كما قاله ابن الرفعة ومن الأمارات صياح الديك المجرب والمؤذن الواحد إن لم يكن ثقة فلا يأخذ أحد بأذانه وإن كان ثقة وهو غير عالم بالوقت فكذا وإن كان ثقة عالما بالوقت فوجهان قال الرافعي : لا يؤخذ بقوله لأنه يخبر عن اجتهاده والمجتهد لا يقلد مجتهدا بخلاف ما إذا أذن في يوم الصحو فإنه يخبر عن مشاهدة وقال النووي : يأخذ بقوله ونقله عن نص الشافعي فإنه لا يتقاعد عن صياح الديك ثم حيث أمرناه بالاجتهاد نظر إن كان عاجزا عن الأدلة فالأصح في شرح المهذب أنه يقلد وإن كان يحسنها نظر إن صلى بلا اجتهاد لم تصح صلاته ووجب عليه أن يعيد وإن كان يحسنها نظر إن صلى بلا اجتهاد لم تصح صلاته ووجب عليه أن يعيد وإن صلى في الوقت وإن اجتهد نظر إن لم يغلب على ظنه شيء أخر إلى حصول الظن والاحتياط أن يؤخر إلى زمن يغلب على ظنه أنه لو أخر لخرج الوقت وإن غلب على ظنه دخول الوقت صلى ثم إن لم يتبين له الحال فلا شيء عليه وإن بان وقوعها في الوقت فلا كلام وإن بان بعده صحت وإن نوى الأداء صرح به الرافعي في كتاب الصيام وإن بان أنها قبل الوقت قضى على المذهب ولو علم المنجم دخول الوقت بالحساب قال في البيان : المذهب أنه يعمل به بنفسه ولا يعمل به غيره والمنجم الموقت لا المنجم في عرف الناس كهؤلاء الذين يضربون بالرمل فإنهم فسقة ومنهم من يكون سيىء الاعتقاد وهو زنديق كافر وقد صح عن رسول الله A أنه قال [ من أتى عرافا لم تقبل له صلاة أربعين يوما ] ورواية مسلم [ من أتى عرافا فسأله عن شيء فصدقه ] ولو أخبره مخبر بأن صلاته وقعت قبل الوقت نظر إن أخبره عن علم أو مشاهدة وجبت الإعادة وإن أخبره عن اجتهاد فلا والله أعلم قال : .
واستقبال القبلة .
هي الكعبة وسميت قبلة لأن المصلي يقابلها وكعبة لارتفاعها واستقبالها شرط لصحة الصلاة في حق القادر لا في شدة الخوف وفي نفل السفر المباح لقوله تعالى : { فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره } والاستقبال لا يجب في غير الصلاة فتعين أن يكون في الصلاة ولقوله A للمسيء في صلاته [ واستقبل القبلة وكبر ] ثم الفرض في حق القريب من القبلة اصابة عينها بأن يحاذيها بجميع بدنه فلو خرج بعض بدنه عن مسامتها فلا تصح صلاته على الأصح وأما البعيد ففي الفرض في حقه قولان : أظهرهما أيضا إصابة العين للآية لكن يكفي غلبة الظن بخلاف القريب فإنه يلزمه ذلك بيقين لقدرته عليه بخلاف البعيد والقول الثاني أن الفرض في حق البعيد الجهة واعلم أنه يشترط أيضا أن يكون مصلي الفرض مستقرا فلا يصح من الماشي وان استقبل القبلة ولا من الراكب الذي تسير به دابته لعدم استقراره فلو كانت الدابة واقفة واستقبل ولم يخل بالقيام صحت على الأصح وقطع به الجمهور نعم تصح في السفينة السائرة بخلاف الدابة والفرق أن الخروج من السفينة في أوقات الصلاة إلى البر متعذر أو متعسر بخلاف الدابة ولو خاف من النزول عن الدابة انقطاعا عن رفقته أو كان يخاف على نفسه أو ماله صلى عليها وأعاد واعلم أن القادر على يقين القبلة لا يجوز له الاجتهاد وأما غير القادر على اليقين فإن وجد من يخبره عنها عن علم ولم يجتهد بشرط عدالة المخبر فيستوي في ذلك الرجل والمرأة والحر والعبد فلا يقبل قول الكافر قطعا وكذا الفاسق كقضاة الرشا وأئمة الظلم وشهود قسم الجور وكذا لا يقبل قول الصبي المميز على الصحيح ثم المخبر قد يكون اللفظ وقد يكون دلالة كالمحراب المعتمد وسواء في العمل بالخبر أهل الاجتهاد وغيرهم حتى إن الأعمى يعتمد المحراب بالمس حيث يعتمد البصير وكذا البصير في الظلمة ولو اشتبه عليه مواضع فلا شك أنه يصبر حتى يخبره غيره صريحا فإن خاف فوات الوقت صلى على حسب حاله وأعاد هذا كله إذا وجد من يخبره عن علم وهو ممن يعتمد قوله أما إذا لم يجد العاجز من يخبره فتارة يقدر على الاجتهاد وتارة لا يقدر فإن قدر لزمه الاجتهاد واستقبل ما ظنه القبلة ولا يصح الاجتهاد إلا بأدلة القبلة وهي كثيرة وأضعفها الرياح لاختلافها وأقواها القطب وهو نجم صغير في بنات نعش الصغرى بين الفرقدين والجدي إذا جعله الواقف خلف أذنه اليمنى كان مستقبل القبلة إن كان بناحية الكوفة وبغداد وهمدان وجرجان وما والاها ويكون على عاتقه الأيسر بأقليم مصر ويكون خلف ظهره بدمشق وليس للقادر على الإجتهاد تقليد غيره فإن فعل وجب قضاء الصلاة وسواء خاف خروج الوقت أم لا فإن ضاق الوقت صلى كيف كان وتجب الإعادة هذا هو الصحيح وقيل يقلد عند خوف الفوات ولو خفيت الأدلة على المجتهد لغيم أو ظلمة أو تعارضت الأدلة ففيه خلاف منتشر ملخصه قولان : أظهرهما لا يقلد قال إمام الحرمين : ومحل الخلاف عند ضيق الوقت أما إذا لم يضق فلا يقلد قطعا لعدم الحاجة هذا في القادر أما إذا لم يقدر على الاجتهاد بأن كان عاجزا عن أدلة القبلة كالأعمى والبصير الذي لا يعرف الأدلة ولا له أهلية معرفتها وجب عليه تقليد مسلم عدل بالأدلة سواء فيه الرجل والمرأة والحر والعبد واعلم أن التقليد هو قبول قول المستند إلى الاجتهاد فلو قال بصير : رأيت القطب أو رأيت الخلق الكثير من المسلمين يصلون إلى هنا كان الأخذ به قبول خبر لا تقليد لأنه لم يستند إلى اجتهاد بل إلى الرؤية ولو اختلف عليه اجتهاد مجتهدين قلد من شاء منهما على الصحيح والأولى تقليد الأوثق الأعلم وقيل يجب ذلك ورجحه الرافعي في الشرح الصغير قاله ابن الرفعة ونقله القاضي أبو الطيب عن نص الشافعي في الأم قال ابن الرفعة : لكن الأكثرون على التخيير واعلم أن المصلي بالاجتهاد إذا ظهر له الخطأ في الإجتهاد فإن كان قبل الشروع في الصلاة أعرض عنه واعتمد الجهة التي يعلمها أو يظنها فإن تساوت عنده جهتان فله الخيار فيهما على الأصح ولو تيقن الخطأ بعد الفراغ من الصلاة وجبت الإعادة على الأظهر لفوات الاستقبال وقيل لا يعيد اعتبارا بما ظنه وقت الفعل لأنه مأمور بالصلاة به والأول مذهب الفقهاء والثاني مذهب المتكلمين ولو تيقن الخطأ ولم يتيقن الصواب بل ظنه فلا إعادة عليه لأن الأول مجتهد فيه والثاني مجتهد فيه ولا ينقض الاجتهاد بالاجتهاد حتى لو صلى أربع ركعات إلى أربع جهات باجتهادات فلا إعادة عليه على الصحيح ولو تيقن الخطأ في أثناء الصلاة بطلت على الأظهر أو ظن الخطأ فالأصح أنه ينحرف ويبني على صلاته حتى لو صلى أربع ركعات إلى أربع جهات باجتهادات فلا قضاء ولو صلى باجتهاد ثم أراد صلاة فريضة أخرى حاضرة أو فائتة وجب الاجتهاد على الأصح سعيا في إصابة الحق ولا يحتاج إلى إعادة الاجتهاد للنافلة قطعا قال في الروضة : ولو اجتهد اثنان وأدى اجتهاد كل واحد منهما إلى جهة عمل كل منهما باجتهاده ولا يقتدي بصاحبه لأن كلا منهما يعتقد خطأ صاحبه كما لو اختلف اجتهادهما في الإنائين أو الثوبين المتنجس أحدهما ولو شرع في الصلاة بالتقليد فقال له عدل : أخطأ بك فلان فإن كان يخبر عن علم ومعاينة وجب الرجوع إلى قوله وإن كان يخبر عن اجتهاد فإن كان قول الأول عنده أرجح لزيادة عدالته أو هدايته للأدلة أو هو مثله أو لم يعرف أنه مثله أم لا لم يجب عليه العمل بقول الثاني ولا يجوز على الصحيح وإن كان الثاني أرجح تحول وبنى على الصحيح كتغير اجتهاده ولو قال له المجتهد الثاني ذلك بعد الفراغ من الصلاة لم تلزمه الاعادة قطعا وإن كان الثاني أرجح كما لو تغير اجتهاده بعد الفراغ ولو قال له الثاني : أنت على خطأ قطعا وجب قبوله قطعا سواء أخبره هذا القاطع بالخطأ عن الصواب متيقنا أو مجتهدا يجب قبوله لأن تقليد الأول بطل بقطع هذا والله أعلم .
الشرط السادس : السكوت عن الكلام فالمتكلم إن كان غير معذور ونطق بحرف مفهم مثل ق وش تبطل وإن نقط بحرفين بطلت أفهم كقم أو لا كمن وعن وبطلانها بالثلاثة فصاعدا أولى ولا فرق في البطلان بين أن يكون لمصلحة الصلاة كقوله للإمام قم أم لا ولو نطق بحرف بعده مدة فالأصح بطلانها لأن المدة حرف وفي التنحنح خلاف الراجح أنه إن بان منه حرفان بطلت وإلا فلا هذا إذا كان بغير عذر فإن كان مغلوبا فلا بأس ولو تعذرت القراءة الواجبة إلا بالتنحنح تنحنح وهو معذور وإن تعذر الجهر فالراجح أنه ليس بعذر ولو تنحنح الامام وظهر منه حرفان فهل للمأموم أن يدوم على متابعته وجهان الراجح نعم والظاهر أنه معدود وأما الضحك والبكاء والأنين منه حرفان بطلت وإلا فلا وسواء كان البكاء للدنيا وللآخرة وإن تكلم المصلي وهو معذور كمن سبق لسانه إلى الكلام بلا قصد أو غلبه السعال أو الضحك وبان منه حرفان أو تكلم ناسيا أو جاهلا بتحريم الكلام وهو قريب عهد بالإسلام فإن كان يسيرا لم تبطل صلاته وإن كثر بطلت على الأصح والقلة والكثرة يرجع فيهما إلى العرف وضم إلى ذلك في شرح المهذب كثرة العطاس وقال : إنه يبطل ولو جهل كون التنحنح مبطلا فهو معذور لخفاء حكمه على العوام ولو أكره على الكلام بطلت صلاته على الأظهر لأنه نادر كما لو أكره على الصلاة بلا طهارة أو على أن يصلي وهو قاعد فإنه يجب الاعادة ولو أشرف إنسان على الهلاك فأراد انذاره ولم يحصل إلا بالكلام وجب وتبطل صلاته على الأصح لوجود الكلام ولو قال المصلي : آه من خوف النار بطلت صلاته على الصحيح .
الشرط السابع : الكف عن الأفعال اعلم أن الفعل الزائد على الصلاة إن كان من جنسها كالركوع والسجود وزيارة ركعة إن تعمد ذلك بطلت سواء قل الزائد أو كثر وإن كان الفعل من غير جنس الصلاة فاتفق الأصحاب على أن القليل لا يبطل والكثير يبطل وفي ضبط القليل والكثير أوجه الصحيح الرجوع فيه إلى العادة فلا يضر ما عده الناس قليلا كالإشارة برد السلام وخلع النعل ونحوهما ثم قالوا : الفعلة الواحدة كالخطوة والضربة قليل قطعا والثلاث كثيرة قطعا والاثنتان قليل على الأصح واتفق الأصحاب على أن الكثير إنما يبطل إذا توالى فإن تفرق بأن خطا خطوة ثم بعد زمن خطوة أخرى وكرر ذلك مرات فلا يضر قطعا قاله في الروضة ويشهد له حديث أمامه Bها فلو تردد في فعل هل وصل إلى حد الكثرة أم لا قال الإمام : الأظهر أنه لا يؤثر لأن الأصل عدم الكثرة وعدم بطلان الصلاة ثم حد التفريق أن يعد الثاني منقطعا عن الأول واعلم أن شرط الفعلة الواحدة التي لا تبطل أن لا تتفاحش فإن أفرطت كالوثبة الفاحشة أبطلت قطعا قاله في الروضة لأنها منافية للصلاة واعلم أن الحركات الخفيفة كتحريك الأصابع في حكة لا تضر على الأصح وإن كثرت وتوالت لأنها لا تخل بهيئة تعظيم الصلاة ولا بالخشوع أما لو حرك كفه ثلاثا على بدنه يهترش فإن صلاته تبطل قال في الكافي : إلا أن يكون به جرب لا يقدر معه على عدم الحك فيعذر واعلم أن كثير الفعل حيث أبطل عند العمد فكذا يبطل عند فعله سهوا على المذهب لأنه يقطع نظم الصلاة والله أعلم .
الشرط الثامن : الامساك عن الأكل فإن أكل المصلي شيئا بطلت صلاته وإن قل لأنه ينافي الخشوع وفي وجه لا تبطل بالقليل وهو غلط ولو كان بين أسنانه شيء فابتلعه أو نزلت من رأسه نخامة فابتلعها عامدا بطلت صلاته فإن كان مغلوبا بأن جرى الريق بباقي الطعام أو نزلت النخامة ولم يمكنه امساكها لم تبطل صلاته لأن معذور وإن أكل ناسيا أو جاهلا بالتحريم فإن قل لم تبطل وإن كثر بطلت صلاته على الأصح واعلم أن المضغ وحده فعل يبطل كثيره الصلاة وإن لم يصل شيء إلى الجوف ولو كان بفمه عقيدة فذابت ونزل إلى جوفه منها شيء بطلت صلاته وإن لم يحصل منه فعل لوصول المفطر إلى جوفه ويعبر عن هذا بأن الامساك شرط في الصلاة ليكون حاضر الذهن تاركا للأمور العادية فعلى هذا تبطل الصلاة بكل ما يبطل به الصوم فلو نكش أذنه بشيء وأدخله باطن أذنه بطلت صلاته والله أعلم قال : .
ويجوز ترك الاستقبال في حالتين : في شدة الخوف .
إذا التحم القتال ولم يتمكنوا من تركه بحال لقلتهم وكثرة العدو أو اشتد الخوف ولم يلتحم القتال ولم يأمنوا أن يركب العدو أكتافهم لو ولوا انقسموا وصلوا بحسب الامكان وليس لهم التأخير عن الوقت للآية الشريفة الدالة على إقامة الصلاة في وقتها ويصلون ركبانا ومشاة مستقبلي القبلة وغير مستقبليها لقوله تعالى { فإن خفتم فرجالا أو ركبانا } قال ابن عمر Bهما في تفسيرها : مستقبلي القبلة وغير مستقبليها كذا رواه مالك عن نافع قال نافع : لا أراه قال ذلك إلا عن رسول الله A قال الماوردي : وقد رواه الشافعي بسنده عنه عن رسول الله A ولأن الضرورة قد تدعو إلى الصلاة على هذه الحالة ولا يجب الاستقبال لا في حال التحريم ولا في غيره وإن كان راجلا قاله البغوي وغيره ولا إعادة عليه واعلم أنه إنما يعفى عن ترك الاستقبال إذا كان بسبب العدو فلو انحرف عن القبلة لجماح الدابة وطال الزمن بطلت الصلاة ولو لم يتمكن من اتمام الركوع والسجود اقتصر على الإيماء ويجعل السجود أخفض من الركوع ويجب الاحتراز عن الصياح بكل حال لعدم الحاجة إليه ولو احتاج إلى الفعلات الكثيرة كالطعنات والضربات المتوالية فعل ولا تبطل صلاته على الصحيح كما لو اضطر إلى المشي وقيل تبطل ونص عليه الشافعي وقوله في شدة الخوف يشمل كل ما ليس بمعصية من أنواع القتال فيجوز في قتال الكفار ولأهل العدل في قتال البغاة وفي قتال قطاع الطريق ولا يجوز للبغاة ولا لقطاع الطريق ذلك لعصيانهم فلا يخفف عنهم ولو قصد شخص نفس شخص أو حريمه أو نفس غيره أو حريمه واشتغل بالدفع عن ذلك صلى على هذه الحالة ولو قصد ماله نظر إن كان حيوانا صلى كذلك وإن لم يكن حيوانا فقولان والأظهر الجواز ويشمل مطلق الخوف ما لو هرب من سيل أو حريق ولم يجد معدلا عنه ولو كان على شخص دين وهو معسر وعاجز عن بينة الاعسار ولا يصدقه المستحق ولو ظفر به حبسه فله أن يصلي هاربا على المذهب ولو كان عليه قصاص ويرجو العفو إذا سكن الغضب قال الأصحاب : له الهرب وله أن يصلي صلاة شدة الخوف في هربه واستبعد الامام جواز هربه بهذا التوقع ولو ضاق الوقت على المحرم وخاف إن صلى مستقرا فات الوقوف بعرفة ففيه أو جه : الذي رجحه الرافعي أنه يصلي مستقرا وإن فات الوقوف والثاني يصلي صلاة شدة الخوف جمعا بينهما والثالث يؤخر الصلاة ويحصل الوقوف لأن قضاء الحج صعب قال النووي : إن الثالث هو الصواب وما رجحه الرافعي ضعيف والله أعلم قال : .
وفي النافلة في السفر على الراحلة .
يجوز للمسافر التنفل راكبا وماشيا إلى جهة مقصده في السفر الطويل على المذهب أما في الراكب فلما رواه الشيخان عن ابن عمر Bهما قال كان رسول الله A [ يصلي على راحلته في السفر حيثما توجهت به ] وفي رواية البخاري [ يصلي على راحلته حيث توجهت به ] وإذا أراد الفريضة نزل عن راحلته فاستقبل والسبب في ذلك أن الناس محتاجون إلى الأسفار ولهم أوراد وقصد في النافلة فلو شرط الاستقبال في التنفل لأدى إلى ترك أورادهم أو ترك مصالح معايشهم وأما الماشي فبالقياس على الراكب لوجود المعنى ثم هذا في الراكب الذي لا يمكنه إتمام الركوع والسجود فإن أمكن بأن كان في مرقد كالمحارة ونحوها لزمه ذلك لأنه لا مشقة عليه كراكب السفينة وأما من لا يمكنه ذلك ففي وجوب الاستقبال وقت التحرم أو جه : الصحيح إن سهل عليه ذلك بأن كان الزمام في يده وهي سهلة الانقياد أو كانت قائمة وأمكن انحرافه عليها أو تحريفها لزمه ذلك وغير السهلة بأن تكون مقطورة أو صعبة الانقياد واحتج لذلك بأنه E [ كان إذا سافر وأراد أن يتطوع استقبل بناقته القبلة وكبر وصلى حيث وجه ركابه ] رواه أبو داود من رواية أنس بإسناد حسن والمعنى فيه وقوع أول العبادة بالشروط والباقي يقع تبعا كالنية يجب ذكرها في أول الصلاة ويكفي دوامها حكما لا ذكرا للعسر وإذا شرطنا الاستقبال عند الاحرام لم يشترط عند السلام على الراجح كما في سائر الأركان ثم مهما أمكنه الاستقبال في الصلاة وجب بأن وقفت الدابة لحاجة سواء في ذلك وقت التحرم أو غيره فاعرفه واعلم أن صوب مقصد المسافر هو قبلته فلو انحرف عنه بطلت صلاته لأنه لا حاجة له في ذلك وإن انحرف ناسيا وعاد عن قرب لم تبطل صلاته وكذا لو غلط في الطريق ولو انحرف بجماح الدابة وطال الزمان بطلت صلاته على الصحيح كما لو أماله شخص عن صوب مقصده وإن قصر لم تبطل صلاته لعموم الجماح وإذا لم تبطل في صورة النسيان فإن طال الزمان سجد للسهو وإلا فلا واعلم أنه لا يجب على الراكب وضع جبهته على عرف الدابة ولا على السرج وإلاكاف بل ينحني للركوع والسجود أخفض ليحصل التمييز بينهما وهو واجب عند التمكن نعم الراكب في مرقد ونحوه مما يسهل فيه الاستقبال وكذا إتمام الأركان فيجب عليه الاستقبال في جميع الصلاة وكذا اتمام الأركان لقدرته هذا في الراكب أما الماشي ففيه أقوال أظهرها أنه يركع ويسجد على الأرض وله التشهد ماشيا لطوله كالقيام ويشترط أن يكون ما يلاقي بطن المصلي على الراحلة طاهرا فلو وطئت الدابة النجاسة لم يضر وكذا لو أوطأها على الأصح ولو وطىء الماشي نجاسة عمدا بطلت صلاته نعم لا يكلف التحفظ والاحتياط في المشي للمشقة واعلم أنه يشترط في جواز التنفل راكبا وماشيا دوام السفر والسير فلو وصل المنزل في خلال الصلاة اشترط اتمامها إلى القبلة متمكنا وينزل إن كان راكبا وكذا لو وصل مكان اقامته وجب عليه النزول واتمام الصلاة مستقبلا بأول دخول البنيان وحكم نية الاقامة كحكم من وصل منزل اقامته والله أعلم .
فرع يشترط في حق الراكب والماشي الاحتراز عن الأفعال التي لا يحتاج إليها فلو ركض الدابة لحاجة فلا بأس ولو أجراها بلا عذر أو كان ماشيا فقعد بلا عذر بطلت على الراجح والله أعلم .
فرع راكب التعاسيف وهو الهائم الذي ليس له مقصد معين بل يستقبل القبلة مرة ويستدبرها أخرى ليس له ترك الاستقبال في شيء من نافلته .
فرع راكب السفينة لا يجوز له التنفل فيها إلى غير القبلة لتمكنه من ذلك نص عليه الشافعي كالراكب في المحفة وهل يستثنى الملاح ويتنفل حيث توجه لحاجته إلى ذلك ؟ رجح الرافعي عدم استثنائه صرح بذلك في الشرح الصغير وقال : لا فرق بينه وبين غيره ورجح النووي بأنه يستثنى قال : ولا بد من استثنائه لحاجته لأمر السفينة والله أعلم