وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

فصل : في الشهادة : ولا تقبل الشهادة إلا ممن اجتمعت فيه خمسة أو صاف : الاسلام والبلوع والعقل والحرية والعدالة .
الشهادة : الاخبار بما شوهد والأصل فيها الكتاب والسنة وإجماع الأمة قال الله تعالى { وأشهدوا إذا تبايعتم } وهو أمر إرشاد [ وسئل رسول الله A عن الشهادة فقال ترى الشمس قال : نعم فقال على مثلها فاشهد أو دع ] والآيات والأخبار فيها كثيرة ثم للشاهد صفات معتبرة في قبول شهادته منها الاسلام فلا تقبل شهادة كافر ذميا كان أو حربيا سواء شهد على مسلم أو كافر واحتج له الرافعي A [ لا تقبل شهادة أهل دين على غير دين أهلهم إلا المسلمون فإنهم عدول على أنفسهم وعلى غيرهم ] وهذا الحديث رواه عبد الرزاق بمعناه مرسلا ورواهه البيهقي وضعفه ويحتج بذلك بأن الشهادة نفوذ قول على الغير وذلك ولاية والكافر ليس من أهل الولايات ومنها البلوغ : فلا تقبل شهادة الصبي وإن كان مراهقا .
ومنها العقل : فلا تقبل شهادة المجنون لأن الصبي والمجنون إذا لم ينفذ قولهما في حق أنفسهما إذا أقرا ففي حق غيرهما أولى ويحتج أيضا بقوله تعالى { واستشهدوا شهيدين من رجالكم } و - { ممن ترضون من الشهداء } فالصبي ليس من الرجال وهو والمجنون ممن لا يرضون للشهادة ومنها الحرية : فلا تقبل شهادة الرقيق قنا كان أو مدبرا أو مكاتبا أو أم ولد لقوله تعالى { وأشهدوا ذوي عدل منكم } والخطاب للأحرار لأنهم المشهود في حقهم وأيضا فقوله { منكم } ليس لاخراج الكافر لأنه خرج بقوله : { ذوي عدل منكم } فتعين أنه لإخراج العبد ولأن الشهادة صفة كمال وتفضيل بقوله : { ذوي عدل منكم } فتعين أنه لإخراج العبد ولأن الشهادة صفة كمال وتفضيل بدليل نقص شهادة النساء فوجب أن لا يدخل فيه العبد ولأنها نفوذ قول على الغير فهي ولاية العبد ليس أهلا للولايات .
ومنها العدالة : لقوله تعالى { وأشهدوا ذوي عدل منكم } ولقوله تعالى { إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا } وقال E : [ لا تقبل شهادة خائن ولا خائنة ولا زان ولا زانية ] ثم معرفة العدل تحتاج إلى معرفة أمور بها يتميز العدل من غيره فلهذا ذكر الشيخ لها شروطا قال : .
وللعدالة خمس شرائط : أن يكون مجتنبا للكبائر غير مصر على الصغائر .
لا تقبل الشهادة من صاحب كبيرة ولا من مدمن على صغيرة لأن المتصف بذلك فاسق وإنما قلنا إنه فاسق لأن الفسق لغة : الخروج ولهذا يقال فسقت الرطبة إذا خرجت من قشرها والفسق في الشرع : الميل عن الطريق وهو كذلك والمراد بإدمان الصغيرة أن تكون الغالب من أفعاله لا أن يفعلها أحيانا ثم يقلع عنها ولهذا قال الشافعي Bه : إذا كان الأغلب الطاعة والمروءة قبلت الشهادة وإن كان الأغلب المعصية وخلاف المروءة ردت شهادته وهل المراد بالادمان السالب للعدالة المداومة على نوع واحد من الصغائر أم الاكثار منها سواء كانت من نوع أو أنواع ؟ قال الرافعي : منهم من يفهم كلامه الأول ومنهم من يفهم كلامه الثاني ويوافقه قول الجمهور : من غلبت معاصيه طاعته رد شهادته ولفظ المختصر قريب منه قلت : ومتقضى ترجيحه الثاني أن المداومة على الصغيرة لا تسلب العدالة وليس كذلك فقد صرح هو نفسه في غير موضع أن المداومة على الصغيرة تصير كبيرة فاعرفه والله أعلم .
وللأصحاب اختلاف في حد الكبيرة وليس هذا الكتاب من متعلقات البسط فلنذكر حدين مما ذكره الرافعي : أحدهما ذكره البغوي فقال : الكبيرة ما توجب الحد وقال غيره : ما يلحق صاحبها وعيد شديد بنص كتاب أو سنة قال الرافعي : وهم إلى ترجيح الأول أميل يعني إلى ما قاله البغوي لكن الثاني أوفق لما ذكروه عند تفصيل الكبائر قلت : وقال الماوردي : الكبيرة ما أوجبت الحد أو توجه إلى الفاعل الوعيد والصغيرة ما قل فيها الاثم والله أعلم قال : .
وأن يكون سليم السريرة مأمونا عند الغضب محافظا على مروءة مثله .
قوله [ سليم السريرة ] احترز به عن سيئها من أهل البدع والأهواء .
وللناس خلاف منتشر في تكفيرهم وإن كانوا من أهل القبلة ولا شك أن منهم من هو كافر قطعا ومنهم من ليس بكافر قطعا ومنهم من فيه خلاف وليس هذا موضع بسطه والكلام فيمن تقبل شهادته منهم ومن لا تقبل قال النووي في أصل الروضة : من كفر من أهل البدع لا تقبل شهادته وأما من لم يكفر من أهل البدع والأهواء فقد نص الشافعي في الأم والمختصر على قبول شهادتهم إلا الخطابية وهم قوم يرون جواز شهادة أحدهم لصاحبه إذا سمعه يقول : لي عند فلان كذا فيصدقه بيمين أو غيرها ثم يشهد له اعتمادا على أنه لا يكذب هذا نصه والأصحاب فيه على ثلاث فرق : فرقة جرت على ظاهر نصه وقبلت شهادة جميعهم وهذه طريقة الجمهور واستدلوا بأنهم مصيبون في زعمهم ولم يظهر منهم ما يسقط الثقة بقوله حتى قبل هؤلاء شهادة من سب الصحابة والسلف Bهم لأنه يقدم عليه عن اعتقاد لا عن عداوة وعناد قالوا : لو شهد خطابي وذكر في شهادته ما يقطع احتمال الاعتماد على قول المدعي بأن قال : سمعت فلانا يقر بكذا لفلان أو رأيته أقر به قبلت شهادته وفرقة منهم الشيخ أبو حامد ومن بتعه حملوا النص على المخالفين في الفروع وردوا شهادة أهل الأهواء كلهم وقالوا : هم بالرد أولى من الفسقة وفرقة ثالثة توسطوا فردوا شهادة بعضهم دون بعض فقال أبو إسحاق : من أنكر إمامة أبي بكر الصديق Bه ردت شهادته لمخالفة الاجماع ورد الشيخ أبو محمد شهادة الذين يسبون الصحابة ويقذفون أم المؤمنين عائشة Bها وعن الصحابة أجمعين فإنها محصنة كما نطق به القرآن العظيم وعلى هذا جرى الامام والغزالي والبغوي واستحسنه الرافعي .
وفي الرقم أن شهادة الخوارج مردودة لتكفيرهم أهل القبلة ثم قال النووي : قلت : الصواب مقالة الفرقة الأولى وهو قبول شهادة الجميع فقد قال الشافعي Bه في الأم : ذهب الناس في تأويل القرآن والأحاديث إلى أمور تباينوا فيها تباينا شديدا واستحل بعضهم من بعض ما تطول حكايته وكان ذلك متقادما منه ما كان في عهد السلف وإلى يومنا هذا ولم نعلم أحدا من سلف الأئمة يقتدى به ولا من بعدهم من التابعين رد شهادة أحد بتأويل وإن خطأه وضلله ورآه استحل ما حرم الله تعالى عليه فلا ترد شهادة أحد بشيء من التأويل إذا كان له وجه يحتمله وإن بلغ فيه استحلال المال والدم وهذا نصه بحروفه وفيه التصريح بما ذكرناه من تأويل تكفير القائل بخلق القرآن نعم قاذف عائشة Bها كافر فلا تقبل شهادته انتهى كلام النووي قلت : كلام النووي صريح في قبول شهادة من يستحل في تأويله الدم والمال وقد بالغ في ذلك فقال الصواب كذا ولا شك أن البغاة نوع من المخالفين بتأويل وقد ذكر الرافعي هنا أن الباغي إن كان يستحل دماء أهل العدل وأموالهم لا ينفذ حكم حاكمهم ولا تقبل شهادة شاهدهم ونقله عن المعتبرين وتبعه النووي على ذلك وعلله بالفسق بل جزما بذلك في المحرر والمنهاج ولفظه : وتقبل شهادة البغاة وقضاء قاضيهم فيما يقبل قضاء قاضينا إلا أن يستحل دماءنا وقد ذكر النووي قبل هذا ما يقتضي قبول شهادة المجسمة لكنه جزم في شرح المهذب بتكفيرهم ذكره في صفة الأئمة فلينتبه له والخطابية هم أصحاب ابن خطاب الكوفي وهم يعتقدون أن الكذب كفر وإن من كان على مذهبهم لا يكذب فيصدقونه على ما يقوله ويشهدون له بمجرد إخباره وهذه شهادة زور لأنها شهادة على غير مشهود عليه والله أعلم .
وقول الشيخ [ مأمونا عند الغضب ] احترز به عمن لا يؤمن عند غضبه ككثير في زماننا هذا فلا تقبل شهادته لأنه غير مأمون فسقطت الثقة به وقول الشيخ [ محافظا على مروءة مثله ] احترز به عمن ليس كذلك فلا تقبل شهادة القمام وهو الذي يجمع القمامة أي الكناسة ويحملها وكذا القيم في الحمام ومن يلعب بالحمام يعني يطيرها لينظر تقلبها في الجو وكذا المغني سواء أتى الناس أو أتوه وكذا الرقاص كهذه الصوفية الذين يسعون إلى ولائم الظلمة والمكسة ويظهرون التواجد عند رقصهم وتحريك رؤوسهم وتلويح لحاهم الخسيسة كصنع المجانين وإذا قرىء القرآن لا يستمعون له ولا ينصتون وإذا نعق مزمار الشيطان صاح بعضهم على بعض بالوسواس قاتلهم الله ما أفسقهم وأزهدهم في كتاب الله وأرغبهم في مزمار الشيطان عافانا الله من ذلك .
وكذا لا تقبل شهادة من يأكل في الأسواق ومثله لا يعتاد بخلاف من يأكل قليلا على باب دكانه لجوع كما قاله البندينجي أو كان ممن عادتهم الغذاء في الأسواق كالصباغين والسماسرة وكذا لا تقبل شهادة من يمد رجله عند الناس بلا مرض كما قاله البندنيجي وكذا لا تقبل شهادة من يلعب بالشطرنج على الطريق وكذا لا تقبل شهادة من يكشف عن بدنه ما لا يعتاد وإن لم يكن عورة وكذا لا تقبل شهادة من يكثر من الحكايات المضحكة أو يذكر أهله أو زوجته بالسخف كما ذكره ابن الصباغ ونحو ذلك ومدار ذلك كله على حفظ المروءة لأن الأصل في ذلك أن حفظ المروءة من الحياء ووفور العقل وطرح ذلك : إما لخبل بالعقل أو قلة حياء أو قلة مبالاته بنفسه وحينئذ فلا يوثق بقوله في حق غيره وهو أولى لأن من لا يحافظ على ما يشينه في نفسه فغيره أولى فإن من لا حياء فيه يصنع ما يشاء وقد اختلفت عبارات الأصحاب في حد المروءة مع تقاربها في المعنى فقيل أن يصون نفسه عن الأدناس وما يشينها بين الناس وقيل أن يسير كسير أشكاله في زمانه ومكانه وقيل غير ذلك والضابط العرف وللماوردي وغيره من الأصحاب في ذلك أمور مهمة مستكثرة لا يحتملها هذا المختصر والله أعلم قال :