وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

كتاب الأيمان والنذور .
لا تنعقد اليمين إلا بالله تعالى أو باسم من أسمائه أو صفة من صفات ذاته .
اليمين في أصل اللغة اليد اليمنى وأطلقت على الحلف لأنهم كانوا إذ تحالفوا أخذ كل بيمين صاحبه وقيل لأن اليمين تحفظ الشيء كما تحفظه اليد واليمين والحلف والإيلاء والقسم ألفاظ مترادفة وهي في الشرع : تحقيق الأمر أو توكيده بذكر الله تعالى أو صفة من صفاته كذا ذكره الرافعي والنووي هنا وقال بعضهم : تحقيق ما يحتمل المخالفة أو تأكيده وأظنه ابن الرفعة وهو معنى ما ذكراه وأوضح من هذه العبارة ما ذكره الرافعي والنووي في الطلاق أن الحلف ما تعلق به حنث أو منع أو تحقيق خبر والأصل في الأيمان الآيات والأخبار قال الله تعالى { لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان } وقوله تعالى { إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا } وقوله تعالى { واحفظوا أيمانكم } وغيرها ومن السنة أحاديث كثيرة جدا منها حلفه A [ والله لأغزون قريشا ] وقول ابن عمر Bهما أنه E كان كثيرا ما يحلف فيقول [ لا ومقلب القلوب ] وغير ذلك من الأخبار ثم اليمين لا تنعقد إلا بما ذكره الشيخ ولا شك أن الأسماء على ثلاثة أنواع : أحدها ما يختص بالله تعالى ولا يطلق في حق غيره كالله ورب العالمين ومالك يوم الدين وخالق الخلق والحي الذي لا يموت ونحو ذلك فهذا تنعقد به اليمين سواء أطلق أم نوى الله تعالى أو غيره وإذا قال : قصدت غيره لم يقبل ظاهرا قطعا وكذا لا يقبل فيما بينه وبين الله تعالى على الصحيح الثاني ما يطلق على الله تعالى وعلى غيره إلا أن الأغلب استعماله في حق الله تعالى ويقيد في حق غيره بضرب من التقييد كالجبار والحق والرب والمتكبر والقادر والقاهر ونحو ذلك فإذا حلف باسم منها ونوى الله سبحانه وتعالى أو أطلق فيمين فإذا نوى غير الله تعالى فليس بيمين .
الثالث ما يطلق على الله تعالى وعلى غيره على السواء كالحي والموجود والغني والكريم ونحو ذلك فإن نوى غير الله أو أطلق فليس بيمين وإن نوى الله تعالى ففيه خلاف الأصح في الرافعي وبه أجاب الشيخ أبو حامد وابن الصباغ وسائر العراقيين والإمام والغزالي لا يكون يمينا لأن اليمين إنما تنعقد باسم معظم وهذه الأسماء التي تطلق في حق الخالق والمخلوق إطلاقا واحدا ليس لها حرمة ولا عظمة وقال النووي : الأصح أنه يمين وبه قطع الرافعي في المحرر وصاحب التنبيه والجرجاني وغيرهما من العراقيين لأنه اسم يطلق على الله تعالى وعلى غيره وقد نواه وقولهم ليس له حرمة ممنوع والله أعلم قلت : وبه قطع البغوي وصاحب التقريب وأبو يعقوب ونقلوه عن شيوخ الأصحاب وقال الماوردي : إن أكثر استعماله في الله تعالى وقل في غيره فيكون يمينا ظاهرا لا باطنا واعلم أن السميع والبصير والعليم والحكيم من هذا النوع على الأصح لا من الثاني والله أعلم قال : .
ومن حلف بصدقة ماله فهو مخير بين الصدقة والكفارة ولا شيء في لغو اليمين .
هذه المسألة لها شبه باليمين من حيث إن فيها حثا أو منعا ولهذا ذكرها الرافعي في كتاب الأيمان ولها شبه بالنذر من حيث الالتزام ولهذا ذكرها في الروضة في باب النذر وللأصحاب فيها فيما يلزمه خلاف منتشر حاصله يرجع إلى ثلاثة أقوال : أحدها يلزمه الوفاء بما التزم لأنه التزم عبادة في مقابلة شرط فيلزمه عند وجود الشرط والثاني يلزمه كفارة يمين لقوله A [ كفارة النذور كفارة اليمين ] رواه مسلم وروي أن رجلا قال لعمر Bه : إني جعلت مالي في رتاج الكعبة إن كلمت أخي فقال : إن الكعبة لغنية عن مالك كلم أخاك وكفر عن يمينك وروي نحوه عن عائشة وحفصة وأم سلمة Bهن وكذا عن ابن عباس وابن عمر وأبي هريرة Bهم ولم يظهر لهم مخالف وهذا ما صححه الرافعي وقطع به جماعة لأنه في المعنى يمين والوجه الثالث أن يتخير بين الوفاء بما التزم وبين أن يكفر كفارة يمين لأنه يشبه النذر من حيث إنه التزام قربة واليمين من حيث إن مقصوده مقصود اليمين فلا سبيل إلى الجمع بين موجبيهما ولا إلى تعطيلهما فوجب التخيير وهذه المسألة يعبر عنها تارة بنذر اللجاج والغضب ويقال لها أيضا نذر الغلق ويمين الغلق لأنه يغلق عنه ما يريد فعله أو تركه وصورتها كأن يقول : إن كلمت فلانا أو دخلت داره أو إن لم أسافر أو إن سافرت ونحو ذلك فلله علي صوم شهرين أو صلاة أو اعتاق رقبة أو أتصدق بمال أو أجح ونحو ذلك ثم يفعل المعلق عليه وقيل يلزمه الحج أو العمرة تفريعا على قول التخيير لأن الحج أو العمرة لما كانا يلزمان بالدخول فيهما لقوتهما دون غيرهما لزما بالنذر وهو ضعيف جدا لأن العتق أيضا يلزم اتمامه بالتقويم وهو لا يلزم بالنذر والله أعلم .
فرع إذ قال شخص : إن فعلت كذا فعلي كفارة يمين لزمته بلا خلاف وإن قال : فلله علي يمين فالأصح أنه لغو فإنه لم يأت بنذر ولا بصيغة يمين وليست اليمين مما يثبت في الذمة وقيل يلزمه كفارة يمين والله أعلم وقول الشيخ [ ولا شيء في لغو اليمين ] صورته فيمن سبق لسانه إلى لفظ اليمين بلا قصد كقوله في حال غضبه : لا والله بلى والله وكذا في حال عجلته أو صلة كلامه فهذا لا ينعقد يمينه ولا تتعلق به كفارة واحتج له بقوله تعالى { لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم } قالت عائشة Bها : وهو قول الإنسان لا والله وبلى والله رواه البخاري موقوفا ومرفوعا وفي رواية أبي داود عنها هو قول الرجل في بيته كلا والله وبلى والله وروى ابن عباس Bهما مثل قول عائشة Bها وفي معنى اللجاج والغضب ما لو كان يحلف على شيء فسبق لسانه إلى غيره فكل هذا يسمى لغو اليمين فإذا حلف وقال : لم أقصد اليمين صدق وفي الطلاق والعتاق والإيلاء لا يصدق في الظاهر قال الإمام : والفرق أن العادة جارية بإجراء لفظ اليمين بلا قصد بخلاف الطلاق والعتاق فدعواه فيهما يخالف الظاهر فلا يقبل ولو اقترن ياليمين ما يدل على القصد لم يقبل قوله على خلاف الظاهر والله أعلم قلت : قضية هذا الفرق أن يقبل قول أهل البوادي من أجلاف الفلاحين ومن نحا نحوهم فإن الحلف بالطلاق عندهم في الكثرة أكثر من الحلف بالأيمان وينبغي أن يفرق بأن الحلف بالطلاق والعتاق أمر يتعلق بالإبضاع والحرية فاحتيط فيهما بعدم القبول لتأكد أمرهما والله أعلم .
فرع إذا قال شخص : إن فعلت كذا فهو يهودي أو نصراني أو بريء من الله أو من رسوله أو مستحل الخمر ونحوه لم يكن يمينا ولا كفارة في الحنث به ثم إن قصد بذلك تبعيد نفسه عنه يعني عن هذا اليمين لم يكفر وإن قصد به الرضا بذلك أو ما في معناه إذا فعله فهو كافر في الحال وإذا لم يكفر في الصورة الأولى فليقل : لا إله إلا الله محمد رسول الله ويستغفر الله تعالى ويستحب لكل من تكلم بقبيح أن يستغفر الله تعالى وتجب التوبة من كل كلام محرم والله أعلم قال : .
ومن حلف أن لا يفعل شيئا فأمر غيره بفعله لم يحنث ومن حلف لا يفعل شيئين ففعل أحدهما لم يحنث .
اعلم أن مدار البر أو الحنث راجع إلى مقتضى اللفظ الذي تعلقت به اليمين فإذا حلف لا يضرب عبده أو لا يبيع أو لا يشتري فوكل غيره لم يحنث لأن مقتضى اللفظ أن لا يباشر ذلك بنفسه نعم إن أراد المعنى المجازي بأن حلف أن لا يشتري الشيء الفلاني وأراد عدم دخوله في ملكه فإنه يحنث لأنه غلظ على نفسه ويقاس بما ذكرته ما يشابه ذلك ولا فرق في ذلك بين الحلف بالله أو الطلاق والله أعلم وإذا حلف على شيئين ففعل أحدهما لم يحنث لأنه لم يوجد المحلوف عليه كما إذا حلف لا يأكل هذين الرغيفين فأكل أحدهما فإنه لا يحنث ويقاس بهذه الصورة ما شابهها والله أعلم .
فرع لو حلف شخص أن لا يتزوج فوكل شخصا قبل له نكاح امرأة فهل يحنث ؟ فيه وجهان ليس في الروضة والشرحين هنا تصحيح وفي التنبيه أنه لا يحنث كالبيع وسكت النووي عليه في التصحيح والذي في المحرر والمنهاج أنه يحنث وهو الصحيح وقد جزم به الرافعي في كتاب النكاح في باب الأولياء عند توكيل الوكيل والله أعلم قال : .
وكفارة اليمين هو مخير فيها بين ثلاثة أشياء : عتق رقبة أو إطعام عشرة مساكين كل مسكين مدا أو كسوتهم ثوبا ثوبا فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام .
سميت الكفارة كفارة لأنها تكفر الذنب أي تستره ولهذا سمي الاكار كافرا أي الفلاح لأنه يستر البذر ومنه الكافر لأنه يغطي نعمة الله تعالى لا يحصي ثناء على الله تعالى هو كما أثنى على نفسه فإذا حلف الشخص وحنث وجبت الكفارة لقوله تعالى { ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان } إلى قوله { ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم } أي وحنثتم وفي سبب وجوبها خلاف : الصحيح أنه اليمين والحنث معا ثم كفارة اليمين أولها تخيير وآخرها ترتيب فيتخير أولا بين الخصال الثلاث التي ذكرها الشيخ لقوله تعالى { فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة } فلا يجوز أن يطعم خمسة ويكسو خمسة كما لا يجوز أن يعتق نصف رقبة ويطعم خمسة لأن الله تعالى إنما خير بين ثلاثة أشياء فلو جوزنا إخراج جنسين لأثبتنا تخييرا رابعا فإن أراد اعتاق رقبة أعتق رقبة كما في الظهار والجامع التكفير وإن أراد الإطعام أطعم كل مسكين رطلا وثلثا لأنه سداد الرغيف وكفاية المقتصد ونهاية الزهيد وإن أراد الكسوة دفع إلى كل مسكين ما يقع عليه اسم الكسوة من قميص وسراويل ومئزر بالهمز وهو الازار الذي يتزر به المحرم ومثل ذلك العمامة والجبة والمقنعة والخمار والكساء لأن الشرع أطلق الكسوة ولا عرف له فيها ولا يجب لكل مسكين بدلة اتفاقا فاكتفى بما ينطلق عليه الاسم وهو الصحيح وقيل يكفي ستر العورة وهل يشترط تمكن الآخذ من لبسه حتى لا يجزي دفع ثوب طفل لكبير ؟ فيه وجهان : أصحهما لا يشترط كما يجوز أن يدفع ثوب الرجل إلى المرأة وبالعكس ولا يشترط أن يكون مخيطا والله أعلم .
فرع أعطى عشرة ثوبا طويلا هل يكفي ؟ قال الماوردي : إن أعطاهم بعد قطعه أجرأه أو قبله فلا لأنه ثوب واحد والله أعلم ولا تجزئ القلنسوة أي الطاقية على الأصح ولا الغزل قبل النسج ولا البسط ولا الانطلاع ويجزىء ما يلبس من الجلود واللبود ولا يجزى الخف والمكعب والتبان ولا يجزئ الثوب البالي كما لا يجزى ما يلبس من الجلود واللبود ولا يجزى الخف والمكعب والتبان ولا يجزى الثوب البالي كما لا يجزى الطعام المسوس والعبد الزمن والله أعلم فإن لم يجد المال الذي يصرفه في الكفارة كفر بالصوم للآية الكريمة قال البندنيجي والمحاملي : والمراد من يفضل عن كفايته على الأبد وقال ابن الصباغ والرافعي : المراد من له الأخذ من الزكاة بصفة الفقر والمسكنة أو من الكفارة فله الصوم حتى لو ملك نصابا ولا تحصل به الكفاية لزمته الزكاة وله الصوم لأنا لو أسقطنا الزكاة عنه لخلا النصاب عنها وهنا ينتقل إلى البدل وهو الصوم وهذا هو المنصوص وفي الحاوي للماوردي لا يصوم من فضلت الكفارة عن كفاية وقته لقدرته على المال وإن حل له أخذ الزكاة وأبدى الرافعي احتمالا أن يكون فاضلا عن كفاية سنة وهذا الاحتمال صرح به البغوي ويجوز صوم الثلاثة متفرقة على الراجح لاطلاق الآية الكريمة ووجه التتابع قراءة ابن مسعود Bه { ثلاثة أيام } والله أعلم .
فرع لو كان الحانث كافرا لم يكفر بالصوم لأنه ليس من أهله ويكفر بالمال والله أعلم .
مسألة حلف شخص لا يفعل شيئا كأن حلف لا يدخل هذه الدار فدخلها ناسيا لليمين أو جاهلا أنها الدار المحلوف عليها هل يحنث ؟ فيه قولان : سواء كان الحلف بالله تعالى أو بالطلاق أو غير ذلك ووجه الحنث قوله تعالى { ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان } وهي عامة في جميع الأحوال ووجه عدم الحنث وهو الراجح لقوله تعالى { وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به } الآية وقوله A [ إن الله تعالى تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ] واليمين داخلة في هذا العموم والجواب عن قوله تعالى { ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان } إن فيها إضمارا أي وحنثتم فلا نسلم الحنث وكان الماوردي والصيمري وأبو الفياض لا يفتون في يمين الناسي بشيء والله أعلم قال :