وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

باب القرض .
القرض قربة مندوب إليه لما روى أبوهريرة Bه أن النبي ( ص ) قال : [ من كشف عن مسلم كربة كشف الله عنه كربة من كرب يوم القيامة والله في عون العبد مادام العبد في عون أخيه ] وعن أبي الدرداء Bه أنه قال : لأن أقرض دينارين ثم يردا ثم أقرضهما أحب إلي من أن أتصدق بهما وعن ابن مسعود وابن عباس Bهما أنهما قالا : قرض مرتين خير من صدقة مرة .
فصل : ولا يصح إلا من جائز التصرف لأنه عقد على المال فلا يصح إلا من جائز التصرف كالبيع ولا ينعقد إلا يالإيجاب والقبول لأنه تمليك آدمي فلا يصح من غير إيجاب وقبول كالبيع والهبة ويصح بلفظ القرض والسلف لأن الشرع ورد بهما ويصح بما يؤدي معناه وهو أن يقول ملكتك هذا على أن ترد علي بدله فإن قال ملكتك ولم يذكر البدل كان هبة فإن اختلفا فيه فالقول قول الموهوب له لأنه الظاهر معه فإن التمليك من غير ذكر عوض هبة في الظاهر وإن قال أقرضتك ألفا وقبل وتفرقا ثم دفع إليه ألفا فإن لم يطل الفصل جاز لأن الظاهر أنه قصد الإيجاب وإن طال الفصل لم يجز حتى يعيد لفظ القرض لأنه لا يمكن البناء على العقد مع طول الفصل .
فصل : وإن كتب إليه وهو غائب أقرضتك هذا أو كتب إليه بالبيع ففيه وجهان : أحدهما ينعقد لأن الحاجة مع الغيبة داعية للكتابة والثاني لا ينعقد لأنه قادر على النطق فلا ينعقد عقده بالكتابة كما لو كتب وهو حاضر وقول القائل الأول إن الحاجة داعية إلى الكتابة لا يصح لأنه يمكنه أن يوكل من يعقد العقد بالقول .
فصل : ولا يثبت فيه خيار المجلس وخيار الشرط لأن الخيار يراد للفسخ وفي القرض يجوز لكل واحد منهما أن يفسخ إذا شاء فلا معنى لخيار المجلس وخيار الشرط ولا يجوز شرط الأجل فيه لأن الأجل يقتضي جزءا من العوض والقرض لا يحتمل الزيادة والنقصان في عوضه فلا يجوز شرط الأجل فيه ويجوز شرط الرهن فيه لأن النبي ( ص ) رهن درعه على شعير أخذه لأهله ويجوز أخذ الضمين فيه لأنه وثيقة فجاز في القرض كالرهن .
فصل : وفي الوقت الذي يملك فيه وجهان : أحدهما أنه يملكه بالقبض لأنه عقد يقف التصرف فيه على القبض فوقف الملك فيه على القبض كالهبة فعلى هذا إذا كان القرض حيوانا فنفقته بعد القبض على المستقرض فإن اقترض أباه وقبضه عتق عليه والثاني أنه لا يملكه إلا بالتصرف بالبيع والهبة والإتلاف لأنه لو ملك قبل التصرف لما جاز للمقرض أن يرجع فيه بغير رضاه فعلى هذا تكون نفقته على المقرض فإن اقترض أباه لم يعتق عليه قبل أن يتصرف فيه واختلف أصحابنا فيمن قدم طعاما إلى رجل ليأكله على أربعة أوجه : أحدهما أنه يملكه بالأخذ والثاني أنه يملكه بمركه في الفم والثالث أنه يملكه بالبلع والرابع أنه لا يملكه بل يأكله على ملك صاحب الطعام .
فصل : ويجوز قرض كل مال يملك بالبيع ويضبط بالوصف لأنه عقد تمليك يثبت العوض فيه في الذمة فجاز أن يملك ويضبط بالوصف كالسلم فأما ما لا يضبط بالوصف كالجواهر وغيرها ففيه وجهان : أحدهما لا يجوز لأن القرض يقتضي رد المثل وما لا يضبط بالوصف لا مثل له والثاني يجوز لأن ما لا مثل له يضمنه المستقرض بالقيمة والجواهر كغيرها في القيمة و لا يجوز إلا في مال معلوم القدر فإن أقرضه دراهم لا يعرف وزنها أو طعاما لا يعرف كيله لم يجز لأن القرض يقتضي رد المثل فإذا لم يعلم القدر لم يمكن القضاء .
فصل : ويجوز استقراض الجارية لمن لا يحل له وطؤها كالبيع والهبة والمنصوص هو الأول لأنه عقد إرفاق جائز من الطرفين فلا يستباح الوطء كالعارية ويخالف البيع والهبة فإن الملك فيهما تام لأنه لو أراد كل واحد منهما أن ينفرد بالفسخ لم يملك والملك في القرض غير تام لأنه يجوز لكل واحد منهما أن ينفرد بالفسخ فلو جوزنا فيمن يحل له وطؤها أدى إلى الوطء في ملك غير تام وذلك لا يجوز وإن أسلم جارية في جارية ففيه وجهان : قال أبو إسحاق لا يجوز لأنا لا نأمن أن يطأها ثم يردها عن التي تستحق عليه فيصير كمن اقترض جارية فوطئها ثم ردها ومن أصحابنا من قال : يجوز وهو المذهب لأن كل عقد صح في العبد بالعبد صح في الجارية بالجارية كالبيع .
فصل : ولا يجوز قرض جر منفعة مثل أن يقرضه ألفا على أن يبني داره أو على أن يرد عليه أجود منه أو أكثر منه أو على أن يكتب له بها سفتجة يربح فيها خطر الطريق والدليل عليه ما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي ( ص ) نهى عن سلف وبيع والسلف هو القرض في لغة أهل الحجاز وروي عن أبي كعب وابن مسعود وابن عباس Bهم أنهم نهوا عن قرض جر منفعة ولأنه عقد إرفاق فإذا شرط فيه منفعة خرج عن موضوعه فإن شرط أن يرد عليه دون ما أقرضه ففيه وجهان : أحدهما لا يجوز لأن مقتضى القرض رد المثل فإذا شرط النقصان عما أقرضه فقد شرط ما ينافي مقتضاه فلم يجز كما لو شرط الزيادة والثاني يجوز لأن القرض جعل رفقا بالمستقرض وشرط الزيادة يخرج به عن موضوعه فلم يجز وشرط النقصان لا يخرج به عن موضوعه فجاز فإن بدأ المستقرض فزاده أو رد عليه ما هو أجود منه أو كتب سفتجة أو باع منه داره جاز لما روى أبو رافع Bه قال : استسلف رضي رسول الله ( ص ) من رجل بكرا فجاءته إبل الصدقة فأمرني أن أقضي الرجل بكرا فقلت : لم أجد في الإبل إلا جملا خيارا رباعيا فقال النبي ( ص ) [ أعطه فإن خياركم أحسنكم قضاء ] وروى جابر بن عبد الله Bه قال : كان لي على رسول الله ( ص ) حق فقضاني وزادني فإ عرف لرجل عادة أنه إذا استقرض زاد في العوض ففي إقراضه وجهان : أحدهما لا يجوز إقراضه إلا أن يشترط رد المثل لأن المتعارف كالمشروط ولو شرط الزيادة لم يجز فكذلك إذا عرف بالعادة والثاني أنه يجوز وهو المذهب وإن الزيادة مندوب إليها فلا يجوز أن يمنع ذلك صحة العقد فإن شرط في العقد شرطا فاسدا بطل الشرط وفي القرض وجهان : أحدهما أنه يبطل لما روي أن النبي ( ص ) قال [ كل قرض جر منفعة فهو ربا ] ولأنه إنما أقرضه بشرط ولم يسلم الشرط فوجب أن لا يسلم القرض والثاني أنه يصح لأن القصد منه الإرفاق فإذا زال الشرط بقي الإرفاق .
فصل : ويجب على المستقرض رد المثل فيما له مثل لأن مقتضى القرض رد المثل ولهذا يقال الدنيا قروض ومكافأة فوجب أن يرد المثل وفيما لا مثل له وجهان : أحدهما يجب عليه القيمة لأن ما ضمن بالمثل إذا كان له مثل ضمن بالقيمة إذا لم يكن له مثل كالمتلفات والثاني يجب عليه مثله في الخلقة والصورة لحديث أبي رافع أن النبي ( ص ) أمره أن يقضي البكر بالبكر ولأن ما ثبت في الذمة بعقد السلم ثبت بعقد القرض قياسا على ماله مثل ويخالف المتلفات فإن المتلف متعد فلم يقبل منه إلا القيمة لأنها أحصر وهذا عقد أجيز للحاجة فقبل فيه مثل ما قبض كما قبل في السلم مثل ما وصف فإن اقترض الخبز وقلنا يجوز إقراض ما لا يضبط بالوصف ففي الذي يرد وجهان : أحدهما مثل الخبز والثاني ترد القيمة فعلى هذا إذا أقرضه الخبز وشرط أن يرد عليه الخبز ففيه وجهان : أحدهما يجوز لأن مبناه على الرفق فلو منعناه من رد الخبز شق وضاق والثاني لا يجوز لأنه إذا شرط صار بيع خبز بخبز وذلك لا يجوز .
فصل : إذا أقرضه دراهم بمصر ثم لقيم بمكة فطالبه بها لزمه دفعها إليه فإن طالبه المستقرض بأن يأخذها وجب عليه أخذها لأنه لا ضرر عليه في أخذها فوجب أخذها فإن أقرضه طعاما بمصر فلقيه بمكة فطالبه به لم يجبر على دفعه إليه لأن الطعام بمكة أغلى فإن طالبه المستقرض بالأخذ لم يجبر على أخذه لأن عليه مؤنة في حمله فإن تراضيا جاز لأن المنع لحقهما وقد رضيا جميعا فإن طالبه بقيمة الطعام بمكة أجبر على دفعها لأنه بمكة كالمعدوم وماله مثل إذا عدم وجبت قيمته ويجب قيمته بمصر لأنه يستحقه بمصر فإن أراد أن يأخذ عن بدل القرض عوضا جاز لأن ملكه عليه مستقر فجاز أخذ العوض عنه كالأعيان المستقرة وحكمه في اعتبار القبض في المجلس حكم ما يأخذه بدلا عن رأس مال السلم بعد الفسخ وقد بيناه والله أعلم