وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

باب ما نهى عنه من بيع الغرر وغيره .
ولا يجوز بيع المعدوم كالثمرة التي لم تخلق لما روى أبو هريرة Bه أن النبي ( ص ) نهى عن بيع الغرر والغرر ما انطوى عليه أمره وخفيت عليه عاقبته ولهذا قالت عائشة Bها في وصف أبو بكر Bه : فرد نشر الإسلام على غره أي على طيه والمعدوم قد انطوى عنه أمره وخفي عليه عاقبته فلم يجز بيعه وروى جابر Bه أن النبي ( ص ) نهى عن المعاومة وفي بعضها بيع السنون .
فصل : ولايجوز بيع مالا يملكه من غير إذن مالكه لما روى حكيم بن حزام أن النبي ( ص ) قال : [ لا تبع ماليس عندك ] ولأن مالا يملكه لا يقدر على تسليمه فهو كالطير في الهواء أو السمك في الماء .
فصل : ولا يجوز بيع ما لم يستقر ملكه عليه كبيع الأعيان المملوكة بالبيع والإجازة والصداق وماأشبهها من المعاوضات قبل القبض لما روي أن حكيم بن حزام قال يا رسول الله إني أبيع بيوعا كثيرة فما يحل لي منها مما يحرم قال : [ لاتبع ما لم تقبضه ] ولأن ملكه عليه غير مستقر لأنه بما هلك فانفسخ العقد وذلك غرر من غير حاجة فلم يجز وهل يجوز عتقه ؟ فيه وجهان : أحدهما أنه لايجوز لما ذكرناه والثاني يجوز لأن العتق له سراية فصح لقوته فأما ماملكه بغير معاوضة كالميراث والوصية أو عاد إليه بفسخ عقد فإنه يجوز بيعه وعتقه قبل القبض لأن ملكه مستقر فجاز التصرف فيه كالمبيع بعد القبض وأما الديون فينظر فيها فإن كان الملك مستقرا كغرامة المتلف وبدل القرض جاز بيعه ممن عليه قبل القبض لأن ملكه مستقر عليه فجاز بيعه كالمبيع وهل يجوز من غيره فيه وجهان : أحدهما لا يجوز لأن ما جاز بيعه ممن عليه جاز بيعه من غيره كالوديعه والثاني لا يجوز لأنه لا يقدر على تسليمه إليه لأنه ربما منعه أوجحده وذلك غرر لاحاجة به إليه فلم يجز والأول أظهر لأن الظاهر أنه يقدر على تسليمه إليه من غير منع ولاجحود وإن كان الدين غير مستقر نظرت فإن كان مسلما فلم يجز بيعه لما روي أن ابن عباس Bه سئل عن رجل أسلف في حلل دقاق فلم يجد تلك الحلل فقال : آخذ منك مقام كل حلة من الدقاق حلتين من الجل فكرهه ابن عباس وقال خذ برأس المال علفا أو غنما ولأن الملك في المسلم فيه غير مستقر لأنه ربما تعذر فانفسخ البيع فيه فلم يجز بيعه كالمبيع قبل القبض وإن كان ثمنا في بيع ففيه قولان : قال في الصرف يجوز بيعه قبل القبض لما روى ابن عمر قال : كنت أبيع الإبل بالبقيع بالدنانير فآخذ الدراهم وأبيع بالدراهم فآخذ الدنانير فقال رسول اله ( ص ) : [ لابأس ما لم تتفرقا وبينكما شيء ] ولأنه لا يخشى انفساخ العقد فيه بالهلاك فصار كالمبيع بعد القبض وروى المزني في جامعه الكبير أنه لا يجوز لأن ملكه غير مستقر عليه لأنه قد ينفسخ البيع فيه بتلف المبيع أو بالرد بالعيب فلم يجز بيعه كالمبيع قبل القبض وفي بيع نجوم المكاتب قبل القبض طريقان : أحدهما أنه على قولين بناء على القولين في بيع رقبته والثاني انه لايصح ذلك قولا واحدا وهو المنصوص في المختصر لأنه لايملكه ملكا مستقرا فلم يصح بيعه كالمسلم فيه والقبض فيما بنقل النقل لما روى زيد بن ثابت أن رسول الله ( ص ) نهى عن أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يجوزها التجار إلى رحالهم وفيما لا ينقل كالعقار والثمر قبل أوان الجداد التخلية لأن القبض ورد به الشرع وأطلقه فحمل على العرف والعرف فيما ينقل النقل وفيما لا ينقل التخلية .
فصل : ولا يجوز بيع مالا يقدر على تسليمه كالطير في الهواء أو السمك في الماء والجمل الشارد والفرس العائر والعبد الآبق والمال المغصوب في يد الغاصب لحديث أبي هريرة Bه أن النبي ( ص ) نهى عن بيع الغرر وهذا غرر ولهذا قال ابن مسعود لا تشتروا السمك في الماء فإنه غرر ولأن القصد بالبيع تمليك التصرف وذلك لايمكن فيما لايقدر على تسليمه فإن باع طيرا في برج مغلق الباب أو السمك في بركة لاتتصل بنهر نظرت فإن قدر على تناوله إذا أراد من غير تعب جاز بيعه وإن كان في برج عظيم أو بركة عظيمة لايقدر على أخذه إلا بتعب لم يجز بيعه لأنه غير مقدور عليه في الحال وإن باع العبد الآبق ممن يقدر عليه أو المغصوب من الغاصب أو ممن يقدر على أخذه منه جاز لأنه لاغرر في بيعه منه .
فصل : ولايجوز بيع عين مجهولة كبيع عبد من عبيد وثوب من أثواب لأن ذلك غرر من غير حاجة ويجوز أن يبيع قفيزا من صبرة لأنه إذا عرف الصبرة عرف القفيز منها فزال الغرر .
فصل : ولا يجوز بيع العين الغائبة إذا جهل جنسها أو نوعها لحديث أبي هريرة Bه أن النبي ( ص ) نهى عن بيع الغرر وفي بيع ما لايعرف جنسه أو نوعه غرر كبير فإن علم الجنس والنوع بأن قال بعتك الثوب المروي الذي في كمي أو العبد الزنجي الذي في داري أو الفرس الأدهم الذي في اصطبلي ففيه قولان : قال في القديم والصرف يصح ويثبت له الخيار إذا رآه لما روي ابن أبي مليكة أن عثمان Bه ابتاع من طلحة أرضا بالمدينة ناقله بأرض له بالكوفة فقال عثمان بعتك ما لم أره فقال طلحة : إنما النظر لأني ابتعت مغيبا وأنت قد رأيت ما ابتعت فتحاكما إلى جبير بن مطعم فقضي على عثمان أن البيع جائز وأن النظر لطلحة لأنه ابتاع مغيبا ولأنه عقد على عين فجاز مع الجهل بصفته كالنكاح وقال في الجديد لايصح لحديث أبي هريرة أن رسول الله ( ص ) نهى عن بيع الغرر وفي هذا البيع غرر ولأنه نوع بيع فلم يصح مع الجهل بصفة المبيع كالسلم فإذا قلنا بقوله القديم فهل تفتقر صحة البيع إلى ذكر الصفات أم لا فيه ثلاثة أوجه : أحدها أنه لايصح حتى تذكر جميع الصفات المسلم فيه والثاني لا يصح حتى تذكر الصفات المقصودة والثالث أنه لايفتقر إلى ذكر شيء من الصفات وهو المنصوص في الصرف لأن الاعتماد على الرؤية ويثبت له الخيار إذا رآه فلا يحتاج إلى ذكر الصفات فإن وصفه ثم وجده على خلاف ما وصف ثبت له الخيار وإن وجده على ما وصف أو أعلى ففيه وجهان : أحدهما لاخيار له لأنه وجده على ما وصف فلم يكن له خيار كالمسلم فيه والثاني أن له الخيار لأنه يعرف ببيع خيار الرؤية فلا يجوز أن يخلو من الخيار وهل يكون له الخيار على الفور أم لا ؟ فيه وجهان : قال ابن أبي هريرة هو على الفور لأنه خيار تعلق بالرؤية فكان على الفور كخيار الرد بالعيب وقال أبو إسحاق يتقدر الخيار بالمجلس لأن العقد إنما يتم بالرؤيا فيصير كأنه عقد عند الرؤية فيثبت له خيار كخيار المجلس وأما إذا رأى المبيع قبل العقد ثم غاب عنه ثم اشتراه فإن كان مما لايتغير كالعقار وغيره جاز بيعه وقال أبو القاسم الأنماطي : لايجوز في قوله الجديد لأن الرؤية شرط في العقد فاعتبر وجودها في حال العقد كالشهادة في النكاح والمذهب الأول لأن الرؤية تراد للعلم بالمبيع وقد حصل العلم بالرؤية المتقدمة فعلى هذا إذا اشتراه ثم وجده على الصفة الأولى أخذه وإن وجده ناقصا فله الرد لأنه ماالتزم العقد فيه إلا على تلك الصفة وإن اختلفا فقال البائع لم يتغير وقال المشتري تغير فالقول قول المشتري لأنه يؤخذ منه الثمن فلا يجوز من غير رضاه وإن كان مما يجوز أن يتغير ويجوز أن لا يتغير أو يجوز أن يبني ويجوز أن لا يبقى ففيه وجهان : أحدهما أنه لايصح لأنه مشكوك في بقائه على صفته والثاني يصح وهو المذهب لأن الأصل بقاؤه على صفته فصح بيعه قياسا على ما لا يتغير .
فصل : وإن باع الأعمى أو اشترى شيئا لم يره فإن قلنا أن بيع مالم يره البصير لا يصح لم يصح بيع الأعمى وشراؤه وإن قلنا يصح ففي بيع الأعمى وشرائه وجهان : أحدهما يصح كما يصح من البصير فيما لم يره ويستنيب في القبض والخيار كما يستنيب في شرط الخيار والثاني لا يصح لأن بيع مالم يره يتم بالرؤية وذلك لا يوجد في حق الأعمى و لايمكنه أن يوكل في الخيار لأنه خيار ثبت بالشرع فلا يجوز الاستنابة به كخيار المجلس بخلاف خيار الشرط .
فصل : إذا رأى بعض المبيع دون بعض نظرت فإن كان مما لايختلف أجزاؤه كالصبرة من الطعام والجرة من الدبس جاز بيعه لأن برؤية البعض يزول غرر الجهالة لأن الظاهر أن الباطن كالظاهر وإن كان مما يختلف نظرت فإن كان مما يشق رؤية باقيه كالجوز في القشر الأسفل جاز بيعه لأن رؤية الباطن تشق فسقط اعتبارها كرؤية أساس الحيطان وإن لم تشق رؤية الباقي كالثوب المطوي ففيه طريقان : من أصحابنا من قال فيه قولان كبيع مالم ير شيئا منه ومنهم من قال يبطل البيع قولا واحدا لأن ما رآه لا خيار فيه ومالم يره فيه الخيار وذلك لا يجوز في عين واحدة .
فصل : واختلف أصحابنا في بيع الباقلا في قشره فقال أبو سعيد الإصطخري يجوز لأنه يباع في جميع البلدان من غير إنكار ومنهم من قال لا يجوز وهو المنصوص في الأم لأن الحب قد يكون صغارا وقد يكون كبارا وقد يكون في بيوته ما لا شيء فيه وقد يكون فيه حب متغير وذلك غرر من غير حاجة فلم يجز واختلفوا أيضا في بيع نافجة المسك فقال أبو العباس : يجوز بيعها لأن النافجة فيها صلاح للمسك لأن بقاءه فيها أكثر فجاز بيعه فيها كالجوز في القشر الأسفل ومن أصحابنا من قال لا يجوز وهو ظاهر النص لأنه مجهول القدر مجهول الصفة وذلك غرر من غير حاجة فلم يجز واختلفوا في بيع الطلع في قشره فقال أبو اسحاق : لا يجوز بيعه لأن المقصود مستور بما لا يدخر فيه فلم يصح بيعه كالتمر في الجراب وقال أبو علي عن أبي هريرة يجوز لأنه مستور بما يؤكل معه من القشر فجاز بيعه فيه كالقثاء والخيار واختلف قوله في بيع الحنطة في سنبلها فقال في القديم : يجوز لما روى أنس أن النبي ( ص ) [ نهى عن بيع العنب حتى يسود وعن بيع الحب حتى يشتد ] وقال في الجديد : لا يجوز لأن لا يعلم قدر ما فيه من الحب ولا صفة الحب وذلك غرر لاتدعو الحاجة إليه فلم يجز .
فصل : ولا يجوز بيع مجهول القدر فإن قال قد بعتك بعض هذه الصبرة لم يصح البيع لحديث أبي هريرة Bه أن النبي ( ص ) نهى عن بيع الغرر وفي بيع البعض غرر لأنه يقع على القليل والكثير ولأنه نوع بيع فلم يصح مع الجهل بقدر المبيع كالسلم وإن قال بعتك هذه الصبرة جاز وإن لم يعرف قفزانها وإن قال بعتك هذه الدار أو هذا الثوب جاز وإن لم يعرف ذرعانها لأن غرر الجهالة ينتفي عنهما بالمشاهدة قال الشافعي : وأكره بيع الصبرة جزافا لأنه يجهل قدرها على الحقية وإن قال بعتك ثلثها أو ربعها أو بعتك إلا ثلثها أو ربعها جاز لأن من عرف الشيء عرف ثلثه وربعه وما يبقى بعدهما وإن قال بعتك هذه الصبرة إلا قفيزا منها أو هذه الدار أو هذا الثوب إلا ذراعا منه نظرت فإن علما مبلغ قفزان الصبرة وذرعان الدار والثوب جاز لأن المبيع معلوم إن لم يعلما ذلك لم يجز لما روى جابر أن النبي ( ص ) نهى عن الثنيا ولأن المبيع هو الباقي بعد القفيز والذراع وذلك مجهول وإن قال بعتك عشرة أقفزة من هذه الصبرة جاز لأنها معلومة القدر والصفة فإن اختلفا فقال البائع أعطيك من أسفلها وقال المشتري من أعلاها فالخيار إلى البائع فمن أي موضع أعطاه جاز لأنه أعطاه من الصبرة وإن قال بعتك عشرة أذرع من هذه الدار أو عشرة أذرع من هذا الثوب فإن كانا يعلمان مبلغ ذرعان الدار والثوب وأنها مئة ذراع صح البيع في عشرها لأن العشرة من المئة عشرها فلا فرق بين أن يقول بعتك عشرها وبين أن يقول بعتك عشرة من مئة ذراع منها وإن لم يعلما مبلغ ذرعان الدار والثوب لم يصح لأنه إن جعل البيع في عشر أذرع مشاعة لم يعرف قدر المبيع أنه عشرها أو ثلثها أو سدسها وإن جعل البيع في عشرة أذرع من موضع بعينه لم يعرف صفة المبيع فإن أجزاء الثوب والدار تختلف وقد يكون بعضها أجود من بعض وإن قال بعتك عشرة أذرع ابتداؤها من هذا المكان ولم يبين المنتهى ففيه وجهان : أحدهما لا يصح لأن أجزاء المبيع مختلفة وقد ينتهي إلى موضع يخالف موضع الابتداء والثاني أنه يصح لأنه يشاهد السمت وإن بين الابتداء والانتهاء صح في الدار وأما في الثوب فإنه إن كان مما لا ينقص قيمته بالقطع فهو كالدار وإن كان مما ينقص لم يصح لأنه شرط إدخال نقص عليه فيما لم يبع من الثوب ومن أصحابنا من قال يصح لأنه رضي بما يدخل عليه من الضرر وإن قال بعتك هذا السمن مع الظرف كل من بدرهم نظرت فإن لم يعلما مقدار السمن والظرف لم يجز لأن ذلك غرر لأن الظرف قد يكون خفيفا وقد يكون ثقيلا وإن علما وزنهما جاز لأنه لا غرر فيه واختلف أصحابنا في بيع النحل في الكندوج فقال أبو العباس يجوز بيعه لأنه يعرف مقداره حال دخوله وخروجه ومن أصحابنا من قال لايجوز وهو قول أبي حامد الإسفرايني لأنه قد يكون في الكندوج ما لا يخرج وإن اجتمع فرخه في موضع وشوهد جميعه جاز بيعه لأنه معلوم مقدور على تسليمه فجاز بيعه .
فصل : ولا يجوز بيع الحمل في البطن لما روى ابن عمر Bه أن النبي نهى عن المجر والمجر اشتراء ما في الأرحام ولأنه قد يكون حملا وقد يكون ريحا وذلك غرر من غير حاجة فلم يجز ولأنه إن كان حملا فهو مجهول القدر مجهول الصفة وذلك غرر من غير حاجة فلم يجز وإن باع حيوانا وشرط أنه حامل ففيه قولان : أحدهما أن البيع باطل لأنه مجهول الوجود مجهول الصفة والثاني أنه يجوز لأن الظاهر أنه موجود والجهل به لايؤثر لأنه لاتمكن رؤيته فعفى عن الجهل به كأساس الدار .
فصل : ولايجوز بيع اللبن في الضرع لما روي عن ابن عباس Bه أنه قال : [ لاتبيعوا الصوف على ظهر الغنم ولاتبيعوا اللبن في الضرع ] ولأنه مجهول القدر لأنه قد يرى امتلاء الضرع في السمن فيظن أنه من اللبن ولأنه مجهول الصفة لأنه قد يكون اللبن صافي وقد يكون كدرا وذلك غرر من غير حاجة فلم يجز .
فصل : ولا يجوز بيع الصوف على ظهر الغنم لقول ابن عباس ولأنه قد يموت الحيوان قبل الجز فيتنجس شعره وذلك غرر من غير حاجة فلم يجز ولأنه لا يمكن تسليمه إلا باستئصاله من أصله ولا يمكن ذلك إلا بإيلام الحيوان وهذا لايجوز .
فصل : ولا يجوز البيع إلابثمن معلوم الصفة فإن باع بثمن مطلق في موضع ليس فيه نقد متعارف لم يصح البيع لأنه عوض في البيع فلم يجز مع الجهل بصفته كالمسلم فيه فإن باع بثمن معين تعين لأنه عوض فتعين بالتعيين كالمبيع فإن لم يره المتعاقدان أو أحدهما فعلى ما ذكرناه من القولين في بيع العين التي لم يرها المتبايعان أو أحدهما .
فصل : ولا يجوز البيع إلا بثمن معلوم القدر فإن باع بثمن مجهول كبيع السلعة برقمها وبيع السلعة بما باع به فلان سلعته وهما لا يعلمان ذلك فالبيع باطل لأنه عوض في البيع فلم يجز مع الجهل بقدره كالمسلم فيه فإن باعه بثمن معين جزافا فأجاز لأنه معلوم بالمشاهدة ويكره ذلك ما قلنا في بيع الصبرة جزافا وإن قال بعتك هذا القطيع كل شاة بدرهم أو هذه الصبرة كل قفيز بدرهم وهما لا يعلمان مبلغ قفزان الصبرة وعدد القطيع صح البيع لأن غرر الجهالة ينتفي بالعلم بالتفصيل كما ينتفي بالعلم بالجملة جاز بالعلم بالتفصيل وإن كان لرجل عبدان فباع أحدهما من رجل الآخر من رجل آخر في صفقة واحدة بثمن واحد فإن الشافعي C قال فيمن كاتب عبدين بمال واحد أنه على قولين : أحدهما يبطل العقد لأن العقد الواحد مع اثنين عقدان فإذا لم يعلم قدر العوض في كل واحد منهما بطل كما لو باع كل واحد منهما في صفقة بثمن مجهول والثاني يصح ويقسم العوض عليهما على قدر قيمتهما فمن قال في البيع أيضا قولان وهو قول أبي العباس وقال أبو سعيد الإصطخري و أبو إسحاق يبطل البيع قولا واحدا لأن البيع يفسد العوض والصحيح قول أبي العباس لأن الكتابة أيضا تفسد بفساد العوض وقد نص فيها على قولين فإن قال بعتك بألف مثقال ذهبا وفضة فالبيع باطل لأنه لم يبين القدر من كل واحد منهما فكان باطلا وإن قال بعتك بألف نقدا أو بألفين نسيئة فالبيع باطل لأنه لم يعقد على ثمن بعينه فهو كما لو قال بعتك أحد هذين العبدين .
فصل : وإن باع بثمن مؤجل لم يجز إلى أجل مجهول كالبيع إلى العطاء لأنه عوض في بيع فلم يجز إلى أجل مجهول كالمسلم فيه .
فصل : ولا يجوز تعليق البيع على شرط مستقبل كمجيء الشهر وقدوم الحاج لأنه بيع غرر من غير حاجة فلم يجز ولا يجوز بيع المنابذة وهو أن يقول إذا نبذت هذا الثوب فقد وجب البيع و لابيع الملامسة وهو أن يمس بيده ولا ينشره وإذا مسه فقد وجب البيع لما روى أبو سعيد الخدري قال : [ نهى رسول الله ( ص ) عن بيعتين المنابذة والملامسة ] والمنابذة أن يقول إذا نبذت هذا الثوب فقد وجب البيع والملامسة أن يمسه بيده ولا ينشره فإذا مسه فقد وجب البيع ولأنه إذا علق وجوب البيع على نبذ الثوب فقد علق البيع على شرط وذلك لا يجوز وإذا لم ينشر الثوب فقد باع مجهولا وذلك غرر من غير حاجة فلم يجز ولايجوز بيع الحصى وهو أن يقول بعتك ما وقع عليه الحصى من ثوب أو أرض لما روي أن النبي ( ص ) نهى عن بيع الحصى ولأنه بيع مجهول من غير حاجة فلم يجز و لا يجوز حبل الحبلة لما روي ابن عمر Bه قال [ نهى رسول الله ( ص ) عن بيع الحبلة ] واختلف في تأويله فقال الشافعي C : هو بيع السلعة بثمن إلى أن تلد الناقة ويلد حملها وقال أبو عبيد : هو بيع ما يلد حمل الناقة فإن كان على ما قال الشافعي C فهو بيع بثمن إلى أجل مجهول وقد بينا أن ذلك لايجوز وإن كان على ما قال أبو عبيد فهو بيع معدوم ومجهول وذلك لا يجوز ولا يجوز بيعان في بيعة لما روى أبو هريرة Bه قال [ نهى رسول الله عن بيعتين في بيعة ] فيحتمل أن يكون المراد به أن يقول بعتك هذا بألف نقدا أو بألفين نسيئة فلا يجوز للخبر ولأنه لم يعقد على ثمن معلوم ويحتمل أن يكون المراد به أن يقول بعتك هذا بألف على أن تبيعني دارك بألف فلا يصح للخبر ولأنه شرط في عقد وذلك لايصح فإذا سقط وجب أن يضاف إلى ثمن السلعة بإزاء ما سقط من الشرط وذلك مجهول فإذا أضيف إلى الثمن صار مجهولا فبطل .
فصل : ولا يجوز مبايعة من يعلم أن جميع ماله حرام لما روى أبو مسعود البدري أن النبي ( ص ) نهى عن حلوان الكاهن ومهر البغي وعن الزهري في امرأة زنت بمال عظيم قال لا يصلح لملاها أكله لأن النبي ( ص ) نهى عن مهر البغي فإن كان معه حلال وحرام كره مبايعته والأخذ منه لما روى النعمان بن بشير قال : سمعت رسول الله ( ص ) يقول : [ الحلال بين والحرام بين وبين ذلك أمور مشتبهات وسأضرب لكم في ذلك مثلا إن الله تعالى حمى حمى وإن حمى الله حرام وأن من يرعى حول الحمى يوشك أن يخالط الحمى ] وإن بايعه وأخذ منه جاز لأن الظاهر مما في يده أنه له فلا يحرم الأخذ منه ويكره بيع العنب ممن يعصر الخمر والتمر ممن يعمل النبيذ وبيع السلاح ممن يعصي الله تعالى به لأنه لا يأمن أن يكون ذلك معونة على المعصية فإن باع منه صح البيع لأنه قد لا يتخذ الخمر ولا يعصي الله تعالى بالسلاح ولا يجوز بيع المصحف ولا العبد المسلم من الكافر لأنه يعرض العبد للصغار والمصفح للابتذال فإن باعه منه ففيه قولان : أحدهما أن البيع باطل لأنه عقد منع منه لحرمة الإسلام فلم يصح كتزويج المسلمة من الكافر والثاني يصح لأنه سبب يملك به العبد الكافر فجاز أن يملك به العبد المسلم كالإرث فإذا قلنا بهذا أمرناه بإزالة ملكه لأن في تركه ملكه صغارا على الإسلام فإن باعه أو أعتقه جاز وإن كاتبه ففيه قولان : أحدهما يقبل لأن بالكتابة يصير كالخارج من ملكه في التصرفات والثاني لايقبل لأنه عقدة لا يزيل الملك فلا يقبل منه كالتزويج والإجارة فإن ابتاع الكافر أباه المسلم ففيه طريقان : أحدهما أنه على القولين والثاني أنه يصح قولا واحدا لأنه يحصل له من الكمال بالحرية أكثر مما يحصل له من الصغار بالرق .
فصل : ولا يجوز بيع الجارية إلا حملها لأنه يتبعها في البيع والعتق فلا يجوز بيعها دونه كاليد والرجل ولا يجوز أن يفرق بين الجارية وولدها في البيع قبل سبع سنين لما روى أبو سعيد الخدري أن النبي ( ص ) قال : [ لاتوله والدة بولدها ] وقال عليه السلام : [ من فرق بين والدة وولدها فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة ] وإن فرق بينهما بالبيع بطل البيع لأنه تفريق محرم فأفسد البيع كالتفريق بين الجارية وحملها وهل يجوز بعد سبع سنين إلى البلوغ ؟ فيه قولان : أحدهما لا يجوز لعموم الأخبار ولأنه غير بالغ فلا يجوز التفريق بينه وبين أمه في البيع كما لو كان دون سبع سنين والثاني يجوز لأنه لأنه مستغن عن حضانتها فجاز التفريق بينهما كالبالغ