وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

باب الفوات والإحصار .
من أحرم بالحج ولم يقف بعرفة حتى طلع الفجر من يوم النحر فقد فاته الحج وعليه أن يتحلل بعمل عمرة وهي الطواف والسعي والحلق ويسقط عنه المبيت والرمي .
وقال المزني : لا يسقط المبيت والرمي كما لا يسقط الطواف والسعي وهذا خطأ لما روى الأسود عن عمر Bه أنه قال لمن فاته الحج : تحلل بعمل عمرة وعليك الحج من قابل وهدي ولأن المبيت والرمي من توابع الوقوف ولهذا لا يجب على المعتمر حين لم يجب عليه الوقوف وقد سقط الوقوف ههنا فسقطت توابعه بخلاف الطواف والسعي فإنهما غير تابعين للوقوف فبقي فرضهما ويجب عليه القضاء لحديث عمر Bه ولأن الوقوف معظم الحج والدليل عليه قوله A : [ الحج عرفة ] وقد فاته ذلك فوجب قضاؤه وهل يجب القضاء على الفور أم لا ؟ فيه وجهان كما ذكرناه فيمن أفسد الحج ويجب هدي لقول عمر Bه ولأنه تحلل من الإحرام قبل التمام فلزمه الهدي كالمحصر ومتى يجب الهدي فيه وجهان : أحدهما يجب مع القضاء لقول عمر Bه ولأنه كالمتمتع ودم التمتع لا يجب إلا إذا أحرم بالحج والثاني يجب في عامه كدم الإحصار فإن أخطأ الناس فوقفوا في اليوم الثامن أو في اليوم العاشر لم يجب عليهم القضاء لأن الخطأ في ذلك إنما يكون بأن يشهد اثنام برؤية الهلال قبل الشهر بيوم فوقفوا يوم الثامن بشهادتهما ثم بان كذبهما أو غم عليهم الهلال فوقفوا يوم العاشر ومثل هذا لا يؤمن في القضاء فسقط .
فصل : ومن أحرم فأحصره عدو نظرت فإن كان العدو من المسلمين فالأولى أن يتحلل ولا يقاتله لأن التحلل أولى من قتال المسلمين وإن كان من المشركين لم يجب عليه القتال لأن قتال الكفار لا يجب إلا إذا بدءوا بالحرب وإن كان بالمسلمين ضعف وفي العدو قوة فالأولى أن لا يقابلهم لأنه ربما انهزم المسلمون فيلحقهم وهن وإن كان في المسلمين قوة وفي المشركين ضعف فالأفضل أن يقاتلهم ليجمع بين نصرة الإسلام وإتمام الحج فإن طلبوا مالا لم يجب إعطاء المال لأن ذلك ظلم ولا يجب الحج مع احتمال الظلم فإن كانوا مشركين كره أن يدفع إليهم لأن في ذلك صغارا على الإسلام فلا يجب احتماله من غير ضرورة وإن كانوا مسلمين لم يكره .
فصل : وإن أحصره العدو عن الوقوف أو الطواف أو السعي فإن كان له طريق آخر يمكنه الوصول منه إلى مكة لم يجز له التحلل قرب أو بعد لأنه قادر على أداء النسك فلا يجوز له التحلل بل يمضي ويتم النسك وإن سلك الطريق الآخر ففاته الحج تحلل بعد عمرة وفي القضاء قولان : أحدهما يجب عليه لأنه فاته الحج فأشبه إذا أخطأ العدد والثاني لا يجب عليه لأنه تحلل من غير تفريط فلم يلزمه القضاء كما لو تحلل بالإحصار فإن أحصر ولم يكن له طريق آخر جاز له أن يتحلل لقوله D : { فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي } [ البقرة : 196 ] ولأن النبي A أحصره المشركون في الحديبية فتحلل ولأنا لو ألزمناه البقاء على الإحرام ربما طال الحصر سنين فتلحقه المشقة العظيمة في البقاء على الإحرام وقد قال الله D : { وما جعل عليكم في الدين من حرج } [ الحج : 78 ] فإن كان الوقت واسعا فالأفضل أن لا يتحلل لأنه ربما زال الحصر وأتم النسك وإن كان الوقت ضيقا فالأفضل أن يتحلل حتى لا يفوته الحج فإن اختار التحلل نظرت فإن كان واجدا للهدي لم يجز له أن يتحلل حتى يهدي لقوله تعالى : { فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي } [ البقرة : 196 ] فإن كان في الحرم ذبح الهدي فيه وإن كان في غير الحرم ولم يقدر على الوصول إلى الحرم ذبح الهدي حيث أحصر لأن النبي A نحر هديه بالحديبية وهي خارج الحرم وإن قدر على الوصول إلى الحرم ففيه وجهان : أحدهما إنه يجوز أن يذبح في موضعه لأنه موضع تحلله فجاز فيه الذبح كما لو أحصر في الحرم والثاني لا يجوز أن يذبح إلا في الحرم لأنه قادر على الذبح في الحرم فلا يجوز أن يذبح في غيره كما لو أحصر فيه ويجب أن ينوي بالهدي التحلل لأن الهدي قد يكون للتحلل وقد يكون لغيره فوجب أن ينوي ليميز بينهما ثم يحل لما روى ابن عمر Bهما أن رسول الله A خرج معتمرا فحالت كفار قريش بينه وبين البيت فنحر هديه وحلق رأسه بالحديبية فإن قلنا إن الحلق نسك حصل له التحلل بالهدي والنية والحلق وإن قلنا إنه ليس بنسك حصل له التحلل بالنية والهدي وإن كان عادما للهدي ففيه قولان : أحدهما لا بدل للهدي لقوله D : { فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي } فذكر الهدي ولم يذكر له بدلا ولو كان بدل لذكره كما ذكره في جزاء الصيد والقول الثاني له بدل لأنه دم يتعلق وجوبه بالإحرام فكان له بدل كدم التمتع فإن قلنا لا بدل للهدي فهل يتحلل فيه قولان : أحدهما لا يتحلل حتى يجد الهدي لأن الهدي شرط في التحلل فلا يجوز التحلل قبله والثاني أنه يتحلل لأنا لو ألزمناه البقاء على الإحرام إلى أن يجد الهدي أدى ذلك إلى المشقة فإن قلنا له بدل ففي بدله ثلاثة أقوال : أحدها الإطعام والثاني الصيام والثالث أنه مخير بين الصيام والإطعام وإن قلنا إن بدله الإطعام ففي الإطعام وجهان : أحدهما إطعام التعديل كالإطعام في جزاء الصيد لأنه أقرب إلى الهدي ولأنه يستوفي قيمة الهدي والثاني إطعام فدية الأذى لأنه وجب للترفه فهو كفدية الأذى وإن قلنا إن بدله الصوم ففي صومه ثلاثة أوجه أحدها صوم التمتع لأنه وجب للتحلل كما وجب صوم التمتع للتحلل بين الحج والعمرة في أشهر الحج والثاني صوم التعديل لأن ذلك أقرب إلى الهدي لأنه يستوفي قيمة الهدي ثم يصوم عن كل مد يوما والثالث صوم فدية الأذى لأنه وجب للترفه فهو كصوم فدية الأذى فإن قلنا أنه مخير فهو بالخيار بين صوم فدية الأذى وبين إطعامها لأنا بينا أنه في معنى فدية الأذى فإن أوجبنا عليه الإطعام - وهو واجد - أطعم وتحلل وإن كان عادما له فهل يتحلل أم لا يتحلل حتى يجد الطعام على القولين كما قلنا في الهدي وإن أوجبنا الصيام فهل يتحلل قبل أن يصوم ؟ فيه وجهان : أحدهما لا يتحلل كما لا يتحلل بالهدي حتى يهدي والثاني يتحلل لأنا لو ألزمناه البقاء على الإحرام إلى أن يفرغ من الصيام أدى إلى المشقة لأن الصوم يطول فإذا تحلل نظرت فإن كان في حج تقدم وجوبه بقي الوجوب في ذمته وإن كان في تطوع لم يجب القضاء لأنه تطوع أبيح له الخروج منه فإذا خرج لم يلزمه القضاء كصوم التطوع وإن كان الحصر خاصا بأن منعه غريمه ففيه قولان : أحدهما لا يلزمه القضاء كما لا يلزمه في الحصر العام والثاني يلزمه لأنه تحلل قبل الإتمام بسبب يختص به فلزمه القضاء كما لو ضل الطريق ففاته الحج وإن أحصر فلم يتحلل حتى فاته الوقوف نظرت فإن زال العذر وقدر على الوصول تحلل بعمل عمرة ولزمه القضاء وهدي للفوات وإن فاته والعذر لم يزل تحلل ولزمه القضاء وهدي للفوات وهدي للإحصار فإن أفسد الحج ثم أحصر تحلل لأنه إذا تحلل من الحج الصحيح فلأن يتحلل من الفاسد أولى فإن لم يتحلل حتى فاته الوقوف لزمه ثلاثة دماء : دم الفساد ودم الفوات ودم الإحصار ويلزمه قضاء واحد لأن الحج واحد .
فصل : ومن أحرم فأحصره غريمه وحبسه ولم يجد ما يقضي دينه فله أن يتحلل لأنه يشق البقاء على الإحرام كما يشق بحبس العدو وإن أحرم وأحصره المرض لم يجز له أن يتحلل لأنه لا يتخلص بالتحلل من الأذى الذي هو فيه فلا يتحلل كمن ضل الطريق .
فصل : وإن أحرم العبد بغير إذن المولى جاز للمولى أن يحلله لأن منفعته مستحقة له فلا يملك إبطالها عليه بغير رضاء فإن ملكه السيد مالا وقلنا إنه يملك تحلل بالهدي وإن لم يملكه أو ملكه وقلنا إنه لا يملك فهو كالحر المعسر وهل يتحلل قبل الهدي أو الصوم على ما ذكرناه من القولين في الحر ومن أصحابنا من قال يجوز للعبد أن يتحلل قبل الهدي والصوم قولا واحدا لأن على المولى ضررا في بقائه على الإحرام لأنه ربما يحتاج أن يستخدمه في قتل صيد أو إصلاح طيب وإن أحرم بإذن المولى لم يجز له أن يحلله لأنه عقد لازم عقده بإذن المولى فلم يملك إخراجه منه كالنكاح وإن أحرم المكاتب بغير إذن المولى ففيه طريقان : أحدهما أنه على قولين بناء على القولين في سفره للتجارة ومن أصحابنا من قال له أن يمنعه قولا واحدا لأن في سفر الحج ضررا على المولى من غير منفعة وسفر التجارة فيه منفعة للمولى .
فصل : وإن أحرمت المرأة بغير إذن الزوج فإن كان في تطوع جاز له أن يحللها لأن حق الزوج واجب فلا يجوز إبطاله عليه بتطوع وإن كان في حجة الإسلام ففيه قولان : أحدهما أن له أن يحللها لأن حقه على الفور والحج على التراخي فقدم حقه والثاني أنه لا يملك لأنه فرض فلا يملك تحليلها منه كالصوم والصلاة وإن أحرم الولد بغير إذن الأبوين فإن كان في حج فرض لم يجز لهما تحليله لأنه حج فرض فلم يجز إخراجه منه كالصوم والصلاة وإن كان في حج تطوع ففيه قولان : أحدهما يجوز لهما تحليله لأن النبي A قال لمن أراد أن يجاهد وله أبوان قال : [ ففيهما فجاهد ] فمنع من الجهاد لحقهما وهو فرض فدل على أن المنع من التطوع لحقهما أولى والثاني لا يجوز لأنها قربة لا مخافة عليه فيها فلا يجوز لهما تحليله منها كالصوم .
فصل : إذا أحرم وشرط التحلل لغرض صحيح مثل إن شرط أنه إذا مرض تحلل أو إذا ضاعت نفقته تحلل ففيه طريقان : أحدهما أنه لا يثبت الشرط لأنه عبادة لا يجوز الخروج منها بغير عذر فلم يجز التحلل منها بالشرط كالصلاة المفروضة والثاني أنه يثبت الشرط لما روى ابن عباس Bهما أن ضباعة ابنة الزبير بن عبد المطلب قالت : يا رسول الله إني امرأة ثقيلة وإني أريد الحج فكيف تأمرني أن أهل ؟ قال أهلي واشترطي أن تحلي حيث حبستني فدل على جواز الشرط ومنهم من قال : يصح الشرط قولا واحدا لأنه علق أحد القولين على صحة حديث ضباعة وقد صح حديث ضباعة فعلى هذا إذا شرط أنه إذا مرض تحلل لم يتحلل إلا بالهدي وإن شرط أنه إذا مرض صار حلالا فمرض صار حلالا ومن أصحابنا من قال لا يتحلل إلا بالهدي لأنه مطلق كلام الآدمي يحمل على ما تقرر في الشرع والذي تقرر بالشرع أنه لا يتحلل إلا بالهدي وأما إذا شرط أنه يخرج منه إذا شاء أو يجامع فيه إذا شاء لم يجز لأنه خروج من غير عذر فلم يصح شرطه .
فصل : إذا أحرم ثم ارتد ففيه وجهان : أحدهما أنه يبطل إحرامه لأنه إذا بطل الإسلام الذي هو الأصل فلأن يبطل الإحرام الذي هو فرع أولى والثاني أنه لا يبطل كما لا يبطل بالجنون والموت فعلى هذا إذا رجع إلى الإسلام بنى عليه