وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

باب ما يفسد الماء من النجاسة وما لا يفسده .
إذا وقعت في الماء نجاسة لا يخلو إما أن يكون راكدا أو جاريا أو بعضه راكدا وبعضه جاريا فإن كان راكدا نظرت في النجاسة فإن كانت نجاسة يدركها الطرف من خمر أو بول أو ميتة لها نفس سائلة نظرت فإن تغير أحد أوصافه من طعم أو لون أو رائحة فهو نجس لقوله A [ الماء طهور لا ينجسه شيء إلا ما غير طعمه أو ريحه ] فنص على الطعم والريح وقسنا اللون عليهما لأنه في معناهما وإن تغير بعضه دون بعض نجس الجميع لأنه ماء واحد فلا يجوز أن ينجس بعضه دون بعض وإن لم يتغيرنظرت فإن كان الماء دون القلتين فهو نجس وإن كان قلتين فصاعدا فهو طاهر لقوله A [ إذا كان الماء قلتين فإنه لا يحمل الخبث ] ولأن القليل يمكن حفظه من النجاسة في الظروف والكثير لا يمكن حفظه من النجاسة فجعل القلتين حدا فاصلا بينهما والقلتان خمسمائة رطل بالبغدادي لأنه روي في الخبر [ بقلال هجر ] قال ابن جريج : رأيت قلال هجر فرأيت القلة منها تسع قربتين أو قربتين وشيئا فجعل الشافعي C الشيء نصفا احتياطا وقرب الحجاز كبار تسع كل قربة مائة رطل فصار الجميع خمسمائة رطل وهل ذلك تحديد أو تقريب فيه وجهان : أحدهما أنه تقريب فإن نقص منه رطل أو رطلان لم يؤثر لأن الشيء يستعمل فيما دون النصف في المادة والثاني أنه تحديد فلو نقص منه ما نقص نجس لأنه لما وجب أن يجعل الشيء نصفا احتياطا وجب استيفاؤه كما أنه لما وجب غسل شيء من الرأس احتياطا لغسل الوجه صار ذلك فرضا فإن كانت النجاسة مما لا يدركها الطرف ففيه ثلاث طرق : من أصحابنا من قال لا حكم لها لأنها لا يمكن الاحتراز منها فهي كغبار السرجين ومنهم من قال حكمها حكم سائر النجاسات لأنها نجاسة متيقنة فهي كالنجاسة التي يدركها الطرف ومنهم من قال فيه قولان : أحدهما لا حكم لها والثاني لها حكم وجهها ما ذكرناه وإن كانت النجاسة ميتة لا نفس لها سائلة كالذباب والزنبور وما أشبههما ففيه قولان : أحدهما أنها كغيره من الميتات لأنه حيوان لا يؤكل بعد موته لا لحرمته فهو كالحيوان الذي له نفس سائلة والثاني أنه لا يفسد الماء لما روي أن النبي A قال : [ إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فامقلوه فإن في أحد جناحيه داء والآخر دواء ] وقد يكون الطعام حارا فيموت بالمقل فيه فلو كان يفسده لما أمر بمقلة ليكون شفاء لنا إذا أكلناه فإن كثر من ذلك ما غير الماء فيه وجهان : أحدهما أنه ينجس لأنه ماء تغير بالنجاسة والثاني لا ينجس لأن ما لا ينجس الماء إذا وقع فيه وهو دون القلتين لم ينجسه وإن تغير به كالسمك والجراد .
فصل : إذا أراد تطهير الماء النجس نظرت فإن كانت نجاسته بالتغير وهو أكثر من قلتين طهر بأن يزول التغير بنفسه أو بأن يضاف إليه ماء آخر أو بأن يؤخذ بعضه لأن النجاسة بالتغير وقد زال وإن طرح فيه تراب أو جص فزال التغير ففيه قولان : قال في الأم : لا يطهر كما لو يطهر إذا طرح فيه كافور أو مسك فزالت رائحة النجاسة وقال في حرملة يطهر وهو الأصح لأن التغير قد زال فصار كما لو زال بنفسه أو بماء آخر ويفارق الكافور والمسك لأن هناك يجوز أن تكون الرائحة باقية وإنما لم تطهر لغلبة رائحة الكافور والمسك وإن كان قلتين طهر بجميع ما ذكرناه إلا بأخذ بعضه فإنه لا يطهر لأنه ينقص عن قلتين وفيه نجاسة وإن كانت نجاسته بالقلة بأن يكون دون القلتين طهر بأن يضاف إليه ماء آخر حتى يبلغ قلتين ويطهر بالمكاثرة من غير أن يبلغ قلتين كالأرض النجسة إذا طرح عليها ماء حتى غمر النجاسة ومن أصحابنا من قال لا يطهر لأنه دون القلتين وفيه نجاسة والأول أصح لأن الماء إنما ينجس إذا وردت عليه النجاسة وههنا ورد الماء على النجاسة فلم ينجس إذا لو نجس لم يطهر الثوب النجس إذا صب عليه الماء .
فصل : وإذا أراد الطهارة بالماء الذي وقعت فيه نجاسة وحكم بطهارته نظرت فإن كان دون القلتين وطهر بالمكاثرة بالماء لم تجز الطهارة به لأنه وإن كان طاهرا فهو غير مطهر لأن الغلبة للماء الذي غمره وهو ماء أزيل به النجاسة فلم يصلح للطهارة وإن كان أكثر من قلتين نظرت فإن كانت النجاسة جامدة فالمذهب أنه تجوز الطهارة منه لأنه لا حكم للنجاسة القائمة فكان وجودهما كعدمها وقال أبو إسحاق و أبو العباس بن القاص : لا تجوز حتى يكون بينه وبين النجاسة قلتان فإن كان بينه وبين النجاسة أقل من قلتين لم يجز لأنه لا حاجة به إلى استعمال ماء فيه نجاسة قائمة وإن كان الماء قلتين وفيه نجاسة قائمة ففيه وجهان قال أبو إسحاق : لا تجوز الطهارة به لأنه ماء واحد فإذا كان ما يبقى بعد ما غرف منه نجسا وجب أن يكون الذي غرفه نجسا والمذهب أنه يجوز لأن ما يغرف منه ينفصل منه قبل أن يحكم بنجاسته فبقي على الطهارة وإن كانت النجاسة ذائبة جازت الطهارة به ومن أصحابنا من قال لا يتطهر بالجميع بل يبقى منه قدر النجاسة كما قال الشافعي C فيمن حلف لا يأكل تمرة فاختلطت بتمر كثير أنه ياكل الجميع إلا تمرة وهذا لا يصح لأن النجاسة لا تتميز بل تختلط بالجميع فلو وجب ترك بعضه لوجب ترك جميعه بخلاف التمرة .
فصل : فإن كان الماء جاريا وفيه نجاسة جارية كالميتة والجرية المتغيرة فالماء الذي قبلها طاهر لأنه لم يصل إلى النجاسة فهو كالماء الذي يصب على النجاسة من إبريق والذي بعدها طاهر أيضا لأنه لم تصل إليه النجاسة وأما ما يحيط بالنجاسة من فوقها وتحتها ويمينها وشمالها فإن كان قلتين ولم يتغير فهو طاهر وإن كان دونهما فهو نجس كالراكد وقال أبو العباس بن القاص فيه قول آخر قاله في القديم أنه لا ينجس الماء الجاري إلا لتغير لأنه ماء ورد على النجاسة فلم ينجس من غير تغير كالماء المزال به النجاسة وإن كانت النجاسة واقفة والماء يجري عليها فإن ما قبلها وما بعدها طاهر وما يجري عليها إن كان قلتين فهو طاهر وإن كان دونهما فهو نجس وكذلك كل ما يجري عليها بعدها فهو نجس ولا يطهر شيء من ذلك حتى يركد في موضع ويبلغ قلتين وقال أبو إسحاق و أبو العباس بن القاص و القاضي أبو حامد : ما لم تصل إلى الجيفة فهو طاهر والماء الذي بعد الجيفة يجوز أن يتوضأ منه إذا كان بينه وبين الجيفة قلتان والأول أصح لأن لكل جرية حكم نفسها فلا يعتبر فيه القلتان .
فصل : وإن كان بعضه جاريا وبعضه راكدا بأن يكون في النهر موضع منخفض يركد فيه الماء والماء يجري بجنبه والراكد زائد عن سمت الجري فوقع في الراكد نجاسة وهو دون القلتين فإن كان مع الجرية التي يحاذيها يبلغ قلتين فهو طاهر وإن لم يبلغ قلتين فهو نجس وتنجس كل جرية بجنبها إلى أن يجتمع في موضع قلتان فيطهر